خاص هيئة علماء فلسطين

         

10/12/2025

مقترح خطبة الجمعة

إعداد: قسم القدس في هيئة علماء فلسطين

الخطبة الأولى

الحمد لله العدل الذي حرّم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرّماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد، عباد الله…

فمن أعظم السنن الإلهية في الأمم: بقاء الحق، وزوال الظلم مهما طال، فإن الله تعالى يقول: ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، ويقول سبحانه: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، ويقول جلّ شأنه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾،

وقد قال ربنا في مواضع كثيرة من كتابه يبين حقيقة الظالمين: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، ﴿وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾

أيها المؤمنون… إن الله تعالى أعلن قاعدة عظيمة في الحديث القدسي الصحيح، فقال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا» (رواه مسلم)  هذا أصلٌ عظيم، يوجب على كل فردٍ وحاكمٍ ومسؤولٍ ألا يظلم أحداً، فإن الظلم سبب هلاك الأمم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» ثم تلا: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾.

وفي الحديث الصحيح: «اثنان يعجّل الله لهما العقوبة في الدنيا: البغي، وقطيعة الرحم» (رواه الحاكم وصححه الألباني)

وهذه سنّة مطّردة: البغي والظلم لا يبقيان دولة، ولا يخلدان سلطاناً.

وقد قال الشاعر قديماً:

لا تَظلِمَنّ إذا ما كنتَ مُقتدِراً … فالظُلمُ ترجع عُقباهُ إلى الندَمِ

تَنامُ عَينُكَ والمَظلومُ مُنتَبِهٌ … يَدعو عليكَ، وعَينُ اللهِ لم تَنَمِ

أيها الأحبة…

إن تاريخ الأمم كلّه شاهد بأن الظلم يُسقط الطغاة مهما علا شأنهم، بينما يبقى أهل الحق وإن قلّوا. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ وقال ابن تيمية رحمه الله: “إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة.”

البشارة بالشام وأهلها:

لقد جاءت بشارات عظيمة عن الشام، قال النبي ﷺ: «طوبى للشام» قالوا: لِمَ؟ قال: «لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق… وهم بالشام»، فهذه البشارات ليست مرتبطة بحاكم ولا نظام، بل هي لأرض مباركة، ولأهل حقّ ثابتين عبر العصور.

تحذيرٌ للمستبدين جميعاً:

إن الرسالة القرآنية ليست موجهة لنظامٍ بعينه، بل لكل ظالم في الدنيا: إذا ظلم، وبغى، واستكبر، كان هلاكه بقدر ظلمه.  وهذا التحذير يشمل أي سلطة جديدة في أي بلد، فالمعيار واحد: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾، والظلم لا يدوم، ولو تجمّل بألف وجه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أيها المسلمون… إن الإصلاح الحقيقي لا يكون بالعنف ولا بالفوضى، بل بالعدل، والنصيحة، وإقامة الحقوق، واحترام كرامة الإنسان. قال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة… لأئمة المسلمين وعامتهم» والعدل أساس كل نهضة، وهو شرط بقاء الأمم إلى يوم القيامة.

اللهم اجعلنا من أهل الحق والعدل. اللهم ارفع الظلم عن المظلومين، واشفِ جرحى المسلمين، وارحم موتاهم، وألّف بين قلوبهم. اللهم بارك في الشام وأهله، واحفظهم بحفظك. اللهم أصلح حكام المسلمين، واجعلهم مفاتيح خير مغاليق شر.  اللهم اجعل هذا البلد وسائر بلاد العالم آمنة مطمئنة. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.