خاص هيئة علماء فلسطين
21/8/2024
المعادلة الصهيونية انتقلت من تكامل الأدوار بين المتطرفين والحكومة إلى التبني الرسمي التام لمحاولات تأسيس الهيكل في مكان الأقصى وعلى كامل مساحته
مؤسسة القدس: هذا التطور التاريخي جعل المسجد الأقصى والقدس المركز المتجدد للصراع والعنوان الذي لا بد أن يستنهض قوى الأمة ويوحدها
مؤسسة القدس: على النظام الرسمي العربي أن يوقف نهج التطبيع الكارثي الذي يشجع الاحتلال على تغيير هوية الأقصى
تمر اليوم الأربعاء 21-8-2024 الذكرى الـ55 لإحراق الجامع القبلي من المسجد الأقصى المبارك، الحريق الذي أتى على ثلثي مساحة الجامع القبلي بسقوفه وزخارفه، وأحرق المنبر التاريخي الذي أعده القائد العظيم نور الدين زنكي وأدخله صلاح الدين الأيوبي إلى المسجد الأقصى بعد تحريره؛ الحريق الذي أشعلته يد التطرف الديني الصهيوني وتواطأت معه في حينه الحكومة الصهيونية بقطع الماء عن المسجد وعرقلة وصول فرق الإطفاء إليه، ومحاولة تعمية أسباب الحريق بالادعاء أنه نجم عن تماسٍ كهربائي.
اليوم وإذ تحل الذكرى الخامسة والخمسون لإحراق المسجد فقد تبدلت الوقائع، ولم تعد المعادلة قائمة على تبادل الأدوار فحسب بين عناصر التطرف الديني والحكومة الصهيونية، بل باتت الصهيونية الدينية هي القوة القائدة في الحكومة الصهيونية، وباتت محاطة باصطفاف يميني قومي واسع يسندها ويدعم مقولاتها، وبات الإحلال الديني في المسجد الأقصى بإزالته من الوجود وتأسيس الهيكل المزعوم في مكانه وعلى كامل مساحته هدفاً مركزياً تتبناه الحكومة الصهيونية، وبات الوزير المسؤول عن سلوك شرطة الاحتلال ومخابراته تجاه الأقصى هو أحد المنتمين للصهيونية الدينية وأحد المعتقدين بضرورة إزالة الأقصى من الوجود وهو يكرس لذلك جل جهده السياسي ويراه عماد برنامجه السياسي.
في مقابل هذا التحول التاريخي على مدى ستة عقود، وقفت مقاومة الشعب الفلسطيني وقواه المتجددة بالمرصاد، فكانت مجزرة الأقصى 1990 عنوان الانطلاقة الثانية للانتفاضة الأولى وتعزيز عملياتها العسكرية، لتتالى من بعدها المحطات ما بين هباتٍ وانتفاضاتٍ كبرى وحروب، كان الأقصى عنوانها وسبب تفجرها وصولاً إلى معركة طوفان الأقصى التي تحل الذكرى الخامسة والخمسون لإحراق الأقصى في ظلالها.
لقد أصبح المسجد الأقصى اليوم عنوان الوهم الصهيوني بحسم الصراع وتصفية الوجود الفلسطيني والعربي والإسلامي انطلاقاً من بوابة المقدس، وبات في الوقت عينه العنوان الاستراتيجي لمقاومة الأمة بأسرها لتبديد أوهام الحسم والتصفية، والانطلاق منها إلى فرض التراجعات المتتالية على المحتل والمضي في طريق التحرير رغم الجراح والآلام، وهذا ما يدفع المحتل اليوم إلى أن يخوض حربه بعقلية الإلغاء والإبادة، ويوجب على الأمة بالتالي أن تخوض حربها الشاملة لتجتث هذا الخطر السرطاني الإلغائي وتزيله عن صدرها إلى غير رجعة.
إن هذا المسار التاريخي يجعل المسجد الأقصى والقدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبهويتها العربية في مواجهة محاولات التهويد والعبرنة مركز الصراع المتجدد، وعنوان توحيد الأمة واستجماع قواها لتجابه الاحتلال الصهيوني والغرب الاستعماري من خلفه صفاً واحداً، وهذا يوجب على علماء الأمة ومفكريها وقواها الحية أن تبذل كل جهد في استنهاض الأمة من بوابة معركة القدس والأقصى، ويوجب على كل مكونات الشعب الفلسطيني أن تنهض إلى الدفاع عنه وخوض معركته كعهدها، ويوجب على النظام الرسمي العربي أن يوقف نهج التطبيع الكارثي الذي يشجع الصهاينة على المزيد من تهويد المسجد الأقصى المبارك، وأن تعود قياداته إلى الموقع الصحيح الذي يمثل تطلعات شعوبها بمقاطعة الاحتلال وعزله ودعم جهود المقاومة في مواجهته، فهو الحد الأدنى الذي يحقق مسؤوليتها التاريخية أمام هذا التحدي الحضاري.
نقلاً عن: