خاص هيئة علماء فلسطين

         

4/3/2024

د. عبد الرحمن حمد عضو هيئة علماء فلسطين وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

إنزال السكينة في أوقات الشدائد والأزمات هو أعظم إكرام وهو بداية النصر.

تأمل آيات إنزال السكينة في القرآن ستجد عجبا، وستدرك قيمة هذا الأمر وأثره في الثبات، وتأمل التعبير بلفظ أنزل، وليس جعل أو أعطى أو أوجد، لتدلك على أنه أمرٌ سماوي ومنحٌ إلهي خارج حدود النفس والمادة.

وتأمل الدعاء النبوي: اللهم لولا أنت ما اهتدينا، وانظر إلى أول طلب بعد هذا الثناء كما جاء عند البخاري ومسلم: “فأنزلن سكينة علينا”🤲.

وأما عن كيفية استمطار السكينة، فتتبع وتأمل الآيات تجد عجبا👇

(فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة)

(إن الله معنا فأنزل الله سكينته)

(ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته) أي بعد بدء رجوعكم وتوبتكم.

(هو الذي أنزل السكينة ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) أي بعد وجود الإيمان ونية الثبات أيدهم الله بذلك.

فاستمطار السكينة يكون بصدق الإيمان وتجديد التوبة واليقين والثقة والتوكل على الله.

 فالمعركة في الأصل معركة قلوب ثم تتبعها الأجساد.

سبحان الله كل مسألة نتأمل ونتدبر فيها نجد فيها عجبا.

قرأتُ هذه الآيات كثيرا قبل ذلك، ولم يخطر ببالي أن أتأمل معنى وقيمة السكينة من قبل، ولكن الأحداث فاتحة وملهمة، والله الموفق.

اللهم علمنا وفهمنا وأنزل السكينة على قلوبنا وثبتنا عند الشدائد🤲

قال تعالى:(وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين) سورة البقرة:١٥٥

“البلاءُ مِلْحُ المُؤمنِ، إذا عدم البلاء فسَدَ حالُه”. ذو النون المصري (توفي ٢٤٥ هجري).

اللهم صبرا على بلاء الدنيا، ورضا بأقدارك، واحتسابا للأجر، وعوض خير في الدنيا والآخرة، وثباتا حتى نلقاك، وعفوا وعافية وجنة ونعيما مقيما🤲🤲

🖋

قال تعالى: (ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْض) سورة محمد: ٤

تأملوا هذه الآية وسياقها تجدوا شيئا عجيبا.

فبعد أن أكّد الله سبحانه أنه لو شاء لنصر المؤمنين من غير قتال، بيّن بعدها قدره وحكمته في ذلك فقال: (ولكن ليبلو بعضكم ببعض)، أي عليكم أن تجتهدوا وتجاهدوا وتصبروا وتصابروا لتستحقوا أن يتنزل عليكم النصر، وعند قراءة هذه الآية كأن سائلا يسأل فيقول: هذا يستلزم وجود قتلى كُثر منا، فلِمَ يُقتل هؤلاء أو ما مصير هؤلاء؟!،

فيأتي الجواب والبشارة في تمام الآية والسياق بعدها : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ* وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ)،

وعندها قد يخطر في بال البعض فيقول: وهل يُعقل أن يكون أجرنا فقط في الآخرة، بينما يتمكن الكافرون منا في الدنيا ويظهروا علينا وتكون هذه هي الخاتمة والنتيجة؟!،

 فيأتي الجواب من الله عز وجل في السياق نفسه بالحقيقة الدامغة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ* ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ* أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۖ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا* ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ ).

سورة محمد سورة عظيمة جدا، ولها اسم آخر، هو سورة القتال، وينبغي لكل مسلمٍ أن يتدبر هذه السورة، وخاصة في أوقات الشدائد، ففيها من معاني الصبر والإيمان واليقين والتثبيت الشيء العجيب.

نفعنا الله وإياكم بالقرآن العظيم، وجعلنا من عباده الصادقين المقبولين🤲