خاص هيئة علماء فلسطين
17/4/2025
أ. د. محمّد حافظ الشريدة
️قال اللّه تعالی: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ وقال ﷺ: {لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللّهُ بِهِ الإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللّهُ بِهِ الكُفْرَ} لقد بشّرنا الصّادق الأمين ﷺ بأنّ هذا الدّين سوف ينتشر في العالمين رغم أنوف الكافرين والمخذّلين والمنافقين وأيّ مكان وصله الليل والنّهار سيصله حتمًا دين الواحد القهّارﷻ ولن يترك المولی عزّ وجلّ بيتًا في المدن أو والقرى والبوادي والرّيف إلا أدخل عليه هذا الدّين الحنيف فمن قبل هذا الإسلام من الأنام فسيكون عزيزًا بعزّة الإسلام ومن رفضه وكفر به فسيكون ذليلًا من الأقزام!
ولا جرم أخي المحترم أنّ نور المصباح الذي أضاءه لنا رسول العليم الفتّاح ﷺ قد حاربه مليون أبي جهل قرشيّ ومليون ابن سبأ كتابيّ ومليون رويبضة علمانيّ ومليون أفّاك يساريّ ومليون سيداويّ غربيّ ومليون منافق نفعيّ دعيّ ومليون رويبضة جاهليّ ومليون طاغوت أجنبيّ ومليون صاحب وجهين عربيّ ومليون صحفيّ مادّيّ ومليون متأسلم أمريكيّ ومليون زنديق اشتراكيّ ولكن هيهات هيهات أن تنجح جميع المحاولات من هذه الحثالات في القضاء علی دين فاطر الأرض والسّموات؟!
إنّ دين الإسلام إخوة الإيمان كشعاع الشّمس لن يغرب حتّی لو طلعت الشّمس قبل نهاية الحياة من المغرب إنّ شمس الإسلام أحبّتي الكرام غرباء الإسلام في هذه الأيّام إذا غربت في مكان طلعت في أماكن أخرى.. فلا تزال طالعة إلی أن يرث هذه الكرة الأرضيّة ومن عليها خالقها ربّ البريّة!
ولا طاقة لأحد في الأرض أن يحارب ربّنا الأحد الصّمد ولا الانتصار علی شريعة رسولنا محمّد ﷺ وما دام ذلك كذلك فتفاءلوا بالخير تجدوه إخوة الإسلام ولنستمع معًا لما قاله عزّ وجلّ: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾
إنّ الأمل أمان ونور وثقة وحبور أمّا اليأس فخوف وفجور وقنوط من رحمة العزيز الغفور! يقول تعالی في سورة النّور: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ إنّ هذا وعد حقّ من ربّ العالمين لنبيّه الصّادق الأمين ﷺ بأنّه سيجعل عباده الصّالحين رعاة للنّاس أجمعين تصلح بهم سائر البلاد وتخضع لهم جميع العباد قال تعالی: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾
حاول الأعداء الأوغاد وأرباب الفساد في جميع البلاد أن يردّوا الحقّ بالباطل فكان مثلهم في ذلك مثل معتوه تافه يسعی لإطفاء أشعّة الشّمس في هذه المجرّة بالنّفخ عليها مرّة بعد مرّة بعد مرّة! وكما أنّ تحقيق هذا الحلم من المستحيلات فالقضاء علی الإسلام أشدّ من هذه المحاولات ولنا في سيرة أفضل البشر ﷺ دروس وعبر فحينما مرّ الصّادق الأمين ﷺ بآل ياسر رضي اللّه عنهم وهم يعذّبون على أيدي المشركين في البلد الأمين زرع خاتم النّبيّين ﷺ في نفوسهم الأمل بفرج اللّه عزّ وجلّ عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما: أنّ النّبيّ ﷺ مرّ بعمّار وأهله وهم يعذّبون فقال لهم: {أبشروا آل عمّار وآل ياسر فإنّ موعدكم الجنّة}
لقد زرع سيّد العرب والعجم والبربر ﷺ في نفوس الصّحابة الأمل وأعلمهم أنّ العذاب مهما كان لا يحتمل فهو مؤقّت إلی أجل وأنّ الفوز العظيم هو في جنّات النّعيم وللّه درّ الإمام ابن قيّم الجوزيّة حيث يقول: (فحيّ على جنّات عدن فإنّها: منازلنا الأولى وفيها المخيّم! ولكنّنا سبي العدوّ فهل ترى: نعود إلى أوطاننا ونسلّم)؟! قال اللّه تعالی: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ وقال تعالی: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ ولا جرم أخي المحترم أنّ العزيز المقتدر شاء وقدّر أن يجعل اليسر رفيقا للعسر فقال تعالی في محكم الذّكر: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾
ومعلوم أنّ العافية مع الوصب وأنّ الرّاحة مع التّعب وأنّ الفرج مع الضّيق وأُنّ النّجاح في نهاية الطّريق قال خبّاب بن الأرتّ رضي اللّه عنه: أتيت النّبيّ ﷺ وهو متوسّد بردة وهو في ظلّ الكعبة وقد لقينا من المشركين شدّة فقلت يا رسول اللّه! ألا تدعو اللّه لنا؟ فقعد وهو محمّر وجهه فقال: {لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُوضَعُ الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَلَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ والذِّئبَ على غنمِهِ} وقال ﷺ: {وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}
إنّ الصّبر والثّبات أيّها الإخوة والأخوات من أهمّ وسائل حسن الظّنّ بفاطر الأرض والسّموات أيّها الإخوات والأخوات! يجب علی كلّ من رضي باللّه ﷻ ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمّد ﷺ نبيّا أن يبدأ يومه بالتّفاؤل والأمل وأن يطرح الحزن خلف ظهره ويدع الهمّ والغمّ جانبًا فمهما طالت بك الطّريق أيّها الأخ الصّديق وأنهك بدنك المرض والنّصب فليس لك واللّه سوى مناجاة مولاك الصّمد! لقد مكثت أولی القبلتين في الأسر عشرات السّنين ولم يفقد السّلطان البطل نور الدّين ولا خليفته الفذّ صلاح الدّين الأمل بتحريرها من دنس الصّليبيّين فقام الهمام نور الدّين بصناعة منبر للمسجد الأقصى المبارك ليوضع فيه بعد تحريره وتشرّف السّلطان صلاح الدّين بوضع المنبر فيه بعد أن انتصر علی الفرنجة -الصّليبيّين- في موقعة حطّين نقول في الختام للأحبّة الكرام: إنّ أملنا كبير بربّ العالمين بتحرير ثالث المسجدين الشّريفين!!