د. راغب السرجاني ‏

لابد أن يقف المسلمون وقفة صادقة مع أنفسهم يفتشون عن أدوائهم ‏الخطيرة.. لماذا يفعل أهل الأرض بنا ما يشاءون ونحن نزيد على المليار ‏ونصف؟.. لماذا لا يأبه بنا أهل الشرق أو أهل الغرب؟ لماذا نزع الله ‏ المهابة منا من قلوب أعدائنا، ولماذا ألقى في قلوبنا الوهن والضعف ‏والخور؟؟

فلنراجع التاريخ يا إخواني ولنراجع الواقع…‏

أمراض الأمة

المرض الأول: عدم وضوح الهوية الإسلامية

هذا هو المرض الأول من أمراض أمتنا، والقاعدة الإسلامية الأصيلة ‏هي: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7].‏

ونصر الله يكون بتطبيق شرعه والالتفاف حول راية إسلامية واحدة.. لا ‏عنصرية.. ولا قبلية.. ولا قومية..‏

‏ ‏أما البعد عن منهج الله ‏ وقبول الحلول الشرقية والغربية والإعراض عن ‏كتاب الله، وعن سنة رسوله ‏ فهذا أصل البلاء وموطن الداء.. ولم يغير ‏المسلمون من واقع التتار إلا عندما ظهر من يرفع النداء الجميل: ‏‏”واإسلاماه”.. لقد وفق الله عز وجل قطز رحمه الله إلى هذه الكلمة ليوجز ‏بها كل حياته، وليوجه أنظار جنده الأبرار ومن تبعهم بإحسان إلى الراية ‏الوحيدة التي ما وقفت تحتها الأمة إلا انتصرت.‏

لكن مهما حاول أي قائد أن يحفز شعبه بغير الإسلام فلن نفلح أبدًا.. أبى الله ‏ أن ينصرنا إلا إذا ارتبطنا به في الظاهر والباطن.. ظاهرنا مسلم وباطننا ‏مسلم.. سياستنا مسلمة.. اقتصادنا مسلم.. إعلامنا مسلم.. قضاؤنا مسلم.. ‏جيشنا مسلم.. هكذا بوضوح.. دون تستر ولا مواربة ولا خوف ولا وجل. ‏ليس هناك ما نستحيي منه.. بل الذي يتبرأ من لدين هو الذي يجب أن ‏يستحيي..‏

سبحان الله!! انظر إلى واقعنا.. الذي يتكلم في الدين عليه أن يكون حريصًا ‏جدًا وكل كلمة محسوبة عليه، وعليه أن ينتقي ألفاظه بدقة.. ويجب أن لا ‏يكون للكلمات مرامٍ أخرى.. أما الذين يتكلمون في الفجور والإباحية فكما ‏يريدون لا ضابط ولا رابط.. الفيديو كليب، والبرامج الماجنة، والإعلانات ‏القذرة.. ودون رقيب أو محاسب! كيف تنصر أمة فقدت هويتها إلى هذه ‏الدرجة؟!..‏

كيف تنصر أمة يستحي فيها العالم أن يقول كلمة الحق ولا يستحي فيها ‏الفاجر أن يجاهر بفسوقه ومجونه؟

لابد من وقفة أيها المسلمون.. ضياع الهوية الإسلامية هو المرض الرئيسي ‏الذي أدى لتمكين أعداء الأمة من بلادنا..‏

المرض الثاني: الفرقة بين المسلمين

فكما كان الصراع يشتعل بين كل الأقاليم الإسلامية أيام التتار، وكما كان ‏جلال الدين يعيث فساداً في بلاد المسلمين وجيوش التتار قابعة على بعد ‏خطوات.. كذلك نرى الخلاف والشقاق يدب بين كل بلاد المسلمين الآن ‏تقريباً.. قلما تجد قُطرين إسلاميين متجاورين إلا وجدت بينهما صراعاً ‏على حدود أو اختلافاً على قضية.. انشغل المسلمون بأنفسهم، وتركوا ‏الجيوش المحتلة تعربد في ربوع العالم الإسلامي، وجعلوا همهم التراشق ‏بالألفاظ والخطب – وأحياناً بالحجارة والسلاح – مع إخوانهم المسلمين.. ولا ‏شك أن التنازع بين المسلمين قرين الفشل.. يقول تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا ‏فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].‏

المرض الثالث: الترف والركون إلى الدنيا

لقد كبرت الدنيا جداً في أعين المسلمين أيام التتار.. وكذلك في أيامنا.. أجيال ‏كاملة لا تعيش إلا لدنياها وإن كانت الدنيا حقيرة ذليلة.. عاش كل فرد ‏ليجمع المال ويجمّل ويحسّن في معيشته.. ولينعم بأنواع الطعام والشراب ‏والدواب والمساكن.. وليستمتع بأنواع الغناء المختلفة وأساليب الموسيقى ‏المتجددة.. وهكذا غرق المسلمون في دنياهم.. كثير من الشباب يحفظ ‏الأغاني الماجنة أكثر من القرآن.. كثير من الشباب يعلم بالتفصيل تاريخ ‏حياة الفنانين والفنانات، ويعلم على وجه اليقين سيرة لاعب في بلادنا أو في ‏بلاد غيرنا ولا يعلم شيئًا عن تاريخ وسيرة أبطال وعلماء وقواد المسلمين.. ‏بل لا يعلم شيئًا عن أصحاب الرسول ‏ ‏.. بل قد لا يعلم شيئًا عن الرسول ‏ نفسه!!‏

أليس هذا مرضًا يحتاج إلى علاج..‏

الترف من أسباب الهلكة الواضحة.. يقول الله تعالى في كتابه: {وَإِذَا أَرَدْنَا ‏أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} ‏‏[الإسراء: 16].‏

‏ ‏لقد وصل الترف اليوم إلى عموم المسلمين حتى وصل إلى فقرائهم!!.. ‏فالرجل قد لا يجد قوت يومه ثم هو لا يستغني عن السيجارة!!.. ويكاد لا ‏يجد ما يستر به نفسه وأولاده ثم هو يجلس بالساعات في المقاهي ‏والكافيتريات، وقد لا يستطيع أن يعلم أولاده ولكنه حريص كل الحرص ‏على اقتناء فيديو أو طبق فضائي!!‏

ركون إلى الدنيا وانغماس في شهواتها.. ولا يستقيم لأمة تريد القيام أن تكون ‏بهذه الهيئة..‏

المرض الرابع: ترك الجهاد

وكنتيجة طبيعية للانغماس في الدنيا، والترف الرائد عن الحد ترك ‏المسلمون الجهاد.. ورضوا بالسير في ذيل الأمم.. وقبل المسلمون ما سماه ‏عدوُّهم: “السلام”، بينما هو بوضوح: “استسلام”..‏

لم يفقه المسلمون أيام التتار – كما لم يفقه كثير من المسلمين في زماننا الآن ‏‏- أن السبيل الأساسي لاستعادة حقوق المسلمين المنهوبة هو الجهاد، وأن ‏السلام لو صح أن يكون اختياراً في بعض الظروف إلا أنه لا يمكن أن ‏يكون الخيار المطروح إذا انتُهِبَتْ حقوق المسلمين، أو سُفكت دماؤهم، أو ‏شُرّدوا في الأرض، أو استُهْزِئ بدينهم وآرائهم ومكانتهم..‏

لم يفقه المسلمون أن السلام لا يكون إلا باستعادة كامل الحقوق، ولا يكون ‏وإلا نحن أعزة، ولا يكون وإلا ونحن نمتلك قوة الردع الكافية للرد على ‏العدو إذا خالف معاهدة السلام، أما بدون ذلك فالسلام لا يكون سلاماً بل ‏يكون استسلاماً، وهو ما لا يُقبل في الشرع..‏

يجب أن يفقه المسلمون أن كلمة الجهاد ليست عيبًا يجب أن نستحيي منه أو ‏نخفيه.. ليست كلمة قبيحة يجب أن تنزع من مناهج التعليم ومن وسائل ‏الإعلام ومن صفحات الجرائد والكتب. أبدًا.. إن الجهاد ذروة سنام ‏الإسلام!.. الجهاد أعلى ما في الإسلام.. شاء ذلك أم أبى أعداء الأمة سواء ‏من خارجها أو من أبنائها..‏

كلمة الجهاد بمشتقاتها وردت في كتاب الله ‏ أكثر من ثلاثين مرة..‏

كذلك كلمة القتال بمعنى قتال أعداء الأمة وردت.‏

أين نذهب بهذه الآيات؟

‏{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65]. ‏

أين نذهب بقول الله تعالى:‏

‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} ‏‏[التوبة: 123].‏

أين نذهب بقول الله تعالى:‏

‏{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36].‏

يا إخواني ويا أخواتي..‏

أنى لأمة تريد أن تحمي نفسها وتدافع عن عرضها وشرفها أن تترك الجهاد ‏والقتال؟؟!..‏

في أي عرف أو قانون أو ملة تُدعى الأمة التي تُحتل في المشرق والمغرب ‏على عدم الحديث عن الجهاد والقتال والحرب والإعداد..‏

أنا أعتقد أن هذا المرض.. مرض ترك الجهاد وترك الحديث عنه والإعداد ‏له من أعظم أمراض الأمة.. وليس في تاريخها أبدًا قيام إلا به.. ولنا في ‏التاريخ عبرة..‏

المرض الخامس: إهمال الإعداد المادي للحروب

لقد اجتهد التتار في إعداد كل ما يمكّنُهُم من النصر سواء في ذلك الجنود أو ‏السلاح أو تجهيز الطرق أو وضع الخطة أو الاهتمام بالأحلاف أو الحرب ‏النفسية والخطط البديلة..‏

لقد كان إعداداً متميزاً حقاً..‏

كل ذلك بينما كان المسلمون يعيشون في واد آخر!!..‏

أُهمِلت الجيوش الإسلامية وانحدر مستواها، ولم يهتم حاكم بتحديث سلاحه ‏أو تدريب جنده.. لم توضع الخطة المناسبة، ولم توجد المخابرات الدقيقة.. ‏لقد تهاون المسلمون جداً في إعدادهم.. ورُتِّبَتْ أولوياتهم بصورة مخزية.. ‏فبينما كانت الملايين تُنفق على القصور وعلى الرخام وعلى الحدائق.. لم ‏يُنفَق شيء على الإعداد العسكري والعلمي والاقتصادي للبلاد.. وبينما قل ‏ظهور النماذج المتفوقة في المجالات العلمية والقيادية والإدارية كثر ظهور ‏المطربين والمطربات، والراقصين والراقصات، واللاعبين واللاعبات، ‏واللاهين واللاهيات!!‏

و لابد أن تُهزَم أمة كان إعدادها بهذه الصورة.. فأمة الإسلام بغير إعداد لا ‏تقوم.. وليس معنى أن يرتبط الناس بربهم ويعتمدوا عليه أن يُهملوا ‏المقومات المادية، والتجهيز البشري.. ولابد أن يفقه المسلمون هذا الدرس ‏جيداً..‏

المرض السادس: افتقار المسلمين إلى القدوة

تربية القدوة أعلى آلاف المرات من تربية الخطب والمقالات.. الجنود ‏يشعرون بالغربة الشديدة وبفقدان الحماسة تماماً إذا افتقدوا القدوة..‏

ألف خطاب للتحميس على الجهاد لا تفعل شيئاً إذا وجد الجنود قائدهم أول ‏المختبئين عند الكوارث!!‏

‏ ‏ألف خطاب عن تحمل الظروف الصعبة والرضا بالقليل والزهد في الدنيا ‏وتحمل المصائب الاقتصادية لا تغني شيئاً إن وجد الشعب زعيمه يتنعم في ‏القصور وينفق الملايين على راحته وسعادته ورفاهيته وحفلاته الصاخبة..‏

ألف خطاب عن الأخلاق الحميدة لا تقدم شيئاً للأمة إن كان الذي يقتدى به ‏لا يُصَلّي ولا يصوم ولا يتَّسِم بنظافة اليد واللسان، وبطهارة الضمير ‏والوجدان..‏

كيف يلتزم الشعب بدينه وشرع ربه وقلما يستمع إلى لفظ الجلالة: “الله” من ‏زعيمه أو أستاذه أو مربيه؟!‏

كيف للشباب أن ينصلح حالهم وهم يرون أن القدوات التي تبرز لهم قدوات ‏منحلة بعيدة كل البعد عن طريق الصلاح؟!‏

القائد الذي لا يكون قدوة حية لشعبه في الجهاد والخلق والصبر والزهد ‏والعدل لا يجب أن يتوقع من شعبه أن يحميه وقت الشدائد ولا يقف معه في ‏زمان المصائب..‏

وفي التاريخ عبرة !!‏

المرض السابع: موالاة أعداء الأمة

لقد سقط الكثير من زعماء المسلمين أيام التتار في مستنقع الموالاة لأعداء ‏الأمة، وكان منطقهم في ذلك أنهم يجنبون أنفسهم أساساً ثم يجنبون شعوبهم ‏بعد ذلك ويلات الحروب.. فارتكبوا خطأ شرعياً وعقلياً شنيعاً.. بل ارتكبوا ‏أخطاءً مركبة.. فتجنب الجهاد مع الحاجة إليه خطأ، وتربية الشعب على ‏الخنوع لأعدائه خطأ آخر، وموالاة العدو واعتباره صديقاً والثقة في كلامه ‏وفي عهوده خطأ ثالث..‏

وربنا ‏I‏ يقول في كتابه بوضوح: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ ‏وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا ‏يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]. وهذا تحذير خطير من رب العالمين.. ‏وكم هو أحمق – أو ضعيف الإيمان – من يستمع إلى هذا التحذير ثم لا يلتفت ‏إليه..‏

المرض الثامن: الإحباط

الأمة المحبطة من المستحيل أن تنتصر، والإحباط والقنوط واليأس ليست ‏من صفات المؤمنين..‏

‏{إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].‏

لقد عمل التتار كما عمل الأمريكان – كما عمل أتباع التتار والأمريكان – ‏على خفض الروح المعنوية للشعوب المسلمة إلى أدنى درجة ممكنة.. لقد ‏عظموا كل ما هو تتري أو أمريكي وخفضوا كل ما هو مسلم.. ووسعوا ‏الفجوة جداً بين إمكانيات العدو وإمكانيات الأمة، وصوروا لهم أنه لا سبيل ‏للنجاة إلا بالخنوع والخضوع والتسليم..‏

وقد رأينا التاريخ.. ورأينا مصيبة التتار قد اتبعت بنصر مجيد على يد قطز ‏رحمه الله.. وكان من أهم الأسباب للنصر أنه رحمه الله رفع الروح المعنوية ‏لجيشه، وعلمهم أن التتار خلق من خلق الله لا يعجزونه، وأن المسلمين إذا ‏ارتبطوا بالله ‏ فلا سبيل لأحد عليهم.. لا التتار ولا اليهود ولا الأمريكان ‏ولا غيرهم.. وأن الجولة الأخيرة حتمًا ستكون للمسلمين..‏

وبغير هذا الإعداد النفسي وبث روح الأمل في الأمة فالنصر بعيد ولا شك..‏

المرض التاسع: توسيد الأمر لغير أهله

لقد رأينا في قصة سقوط بغداد كيف أن الأمر قد وُسِّد لغير أهله، وضيعت ‏الأمانة وتولى المناصب العليا في البلد أناس افتقروا إلى الكفاءة وافتقروا ‏إلى التقوى.. فلا قوة ولا أمانة.. وهذه والله الطامة الكبرى!!..‏

إذا لم يصل إلى مراكز القيادة إلا أصحاب الوساطة أو القرابة أو الرشوة ‏فهذا أمر خطير.. بل شديد الخطورة..‏

إذا رأيتم أن القريب يوظف قريبه، وأن المراكز تباع وتشترى وتهدى، وأن ‏أصحاب الكفاءات لا تقدر كفاءتهم، ولا يُرفع من قدرهم، فاعلم أن النصر ‏مستحيل..‏

إذا كنا نجد أننا الآن في ذيل الأمم كما كان الوضع أيام التتار فلننظر إلى ‏مراكز القيادة ومن جلس فيها.. ولننظر كيف وصلوا إلى هذه المراكز.. فإنك ‏ولا شك ستجد الغالب الأعم قد وصل إليها بأسلوب لا يرضى عنه الله ‏

ولا سبيل للنصر إلا بتوسيد الأمر إلى أهله.. وإلا بجعل الأمور في يد الذي ‏جمع بين عمق العلم وصلاح العمل ونقاء الضمير وحسن السيرة..‏

المرض العاشر: غياب الشورى

الشورى أصل من أصول الحكم في الإسلام، والذي لا يأخذ بها يضحي ‏بملايين الطاقات في شعبه ويفترض في نفسه الكمال، ويخالف طريق ‏الأنبياء، ويورث الضغينة في قلوب أتباعه، ويقع في الخطأ تلو الخطأ، ‏وفوق ذلك كله يخالف أمر الله ‏ الذي جاء بلفظ صريح في كتابه العزيز: ‏‏{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]. وقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى ‏بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38].‏

وما نقصده هنا هو الشورى الحقيقة.. لا الشورى الوهمية التي ليس لها من ‏هَمٍّ إلى جمع الآراء المؤيدة لرأي الزعيم.. ولا الشورى التي تغلف آراء ‏الديكتاتور بغلاف برّاق جميل اسمه الديموقراطية.. غلاف ليس له قيمة، ولا ‏يلبث أن يُلقى في سلة المهملات ويبقى رأي الدكتاتور!! ‍‍..‏

كان هذا هو المرض العاشر من الأمراض التي أدت إلى انهيار المسلمين ‏تحت أقدام التتار، فتلك عشرة كاملة، وهي نفس أسباب الهزيمة والهوان في ‏أي عصر من العصور.. وتذكروا أننا لا نهزم لقوة أعدائنا، ولكن لضعفنا ‏وسوء إعدادنا..‏

طرق العلاج

إدراك النصر طريق له خطوات واضحة.. لا لبس فيها ولا غموض!!..‏

النصر هو أن تعالج هذه الأمراض العشرة التي ذكرناها.. أن تعالجها ‏علاجاً حقيقياً صادقاً.. لابد أن نعترف بوجود هذه الأدواء، ونسعى جاهدين ‏صادقين لعلاجها، والرقي بهذه الأمة، وتوظيف كل الطاقات لتمكين هذه ‏الأمة الإسلامية في الأرض..‏

النصر ببساطة يكون في هذه الأمور العشرة (التي هي علاج الأمراض ‏السابقة):‏

‏1ـ العودة الكاملة غير المشروطة لله ‏ ولشرعه الحكيم.‏

‏2ـ الوحدة بين المسلمين جميعاً على أساس الدين.‏

‏3ـ الإيمان بالجنة والزهد في الدنيا والبعد عن الترف.‏

‏4ـ تعظيم الجهاد والحث عليه وتربية النشء والشباب على حب الموت في ‏سبيل الله.‏

‏5ـ الاهتمام بالإعداد المادي من سلاح وعلم وخطط واقتصاد وتقنيات ‏وسياسات.‏

‏6ـ إظهار القدوات الجليلة وإبراز الرموز الإسلامية الأصيلة وتعظيمها عند ‏المسلمين.‏

‏7ـ عدم موالاة أعداء الأمة والفقه الحقيقي للفرق بين العدو والصديق.‏

‏8ـ بث روح الأمل في الأمة الإسلامية ورفع الهمة والروح المعنوية.‏

‏9ـ توسيد الأمر لأهله.. وأهله هم أصحاب الكفاءة والأمانة.‏

‏10ـ الشورى الحقيقية التي تهدف فعلاً إلى الخروج بأفضل الآراء.‏

نقلاً عن موقع قصة الإسلام:

https://islamstory.com/ar/artical/28796/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%AC