25/3/2025
الدكتور محمد سعيد بكر

المحاور:
• الحمد لله إليه المبتغى والمشتكى، الحمد لله وحده أضحك وأبكى، الحمد لله القائل: ” قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ “.
• سلامٌ على خير من رحم ورفق، سلامٌ على خير من تكلم بالخير ونطق، سلام على من بيَّن معيار الفلاح الصَّحيح لما قالَ في الأعرابيّ: أفلح إن صدق.
• فرعونُ أستاذ الطواغيت وسيد المجرمين، وشيخ المسرفين المفسدين، ولا يمكن لمفسد طاغوت أن يتخرج من جامعة الفساد والطّغيان إلا بعد أن يحصل على معايير النّجاح والفلاح الفرعونيّة وإلا فإن شهادته مرفوضة، ولن يُسمح له بالتّدريس والتّدريب على الفساد والطّغيان ، ولن يقبلَ اسم هذا الخريج في ذاك الديوان.
• لقد وضعت مدرسة فرعون معياراً محدداً للفلاح والنّجاح وأعلن فرعون عن معيار الفلاح هذا في حفل مهيب جمع له السحرة لملاقاة موسى وهارون عليهما السَّلام ” فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ” هذه حالة اللّقاء الكبير، أما معيار الفلاح فقد صرح فيه بقوله ” وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ ” لقد قالَها كلمة ذهبت قانوناً على لسان كل مجرم طاغوت:
1. فواحد يقول في زماننا هذا: وقد أفلح اليوم من استعلى بماله فصار لديه ما يناطح السّحاب.
2. وآخر يقول لقد أفلح اليوم من استعلى بجاهه فأصبح لديه ما يخرق كل عرف وقانون وشريعة غاب.
3. وثالث يقول: لقد أفلح اليوم من استعلى بسلطانه فأصبح لديه رزق العباد وشرف البلاد فباع واشترى وفاوض وصالح وقالَ ما أريكم إلا ما أرى.
4. ورابع يقول: لقد أفلح اليوم من استعلى بعلمه فأصبح لديه دين الخلق يحلل ويحرم ويفسق ويكفر؛ يُدخل من يشاء جنّات النّعيم ويزج من يكره في الجحيم ، والكلّ يقول بلسان حاله: أنا ربكم الأعلى، فهل بحق أفلح اليوم من استعلى؟!.
• لم ولن ولا يفلح اليوم من استعلى، وقد قالَ الله تعالى لموسى عليه السَّلام في السُّورة نفسها “ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ”
• دعوني أحدثكم عن منهج القرآن العظيم في صناعة المفلحين لنردَّ على منهج الفرعون الخائب يوم قالَ: قد أفلح من استعلى، فنثبت للقاصي والدّاني أن علو الفراعنة إلى سفول ودنو وهبوط، وأنه قد خاب اليوم من استعلى، أما المفلحون الفائزون فهم من: وصفهم ربهم بصفة التزكية فقالَ تعالى “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)” .
• ولن يبلغ مراتب المفلحين إلّا من راقب نفسه وزكّاها، ومن غشّ فإنّما يغشّ نفسه ” وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ”.
• إنّ كبر الفرعنة يحرمهم من شرف الفلاح والنّجاح في الدّارين، ونحن نبشرك بانهيار منظومة الكبر الفرعونيّة الَّتي تتزعمها أمريكا ودولة الكيان الغاصب ولو بعد حين.
لقد أجرمت أمريكا وأجرم اليهود والله تعالى يقول: “إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ “
لقد كفر اليهود والصّليبيون والله تعالى يقول: “إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ “ .
لقد ظلمت أمريكا وظلم اليهود والله تعالى يقول: “إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ “ .
لقد سحرتنا أنظمة الفجور بإعلامها الرّخيص والله تعالى يقول “إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى “ .
لقد افترى النّظام العالميّ الجديد على الله تعالى وعلى دين الله يوم حيَّد الإسلام وجاء بالقوانين الوضعيّة والله تعالى يقول:” إِنَّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ”
• حقًّا إنّ أعداء الإسلام ينفقون أموالهم وجهودهم وأعمارهم “إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ”
• ستخلو السّاحة في القريب العاجل من قيادة لهذا العالم لأنَّ سنة التبديل ستحلّ بكل خائب عائب، وإنّي لأرجو أن أكون أنا وأنتم أهًلا لاستعمال الله تعالى واستخلافه لا أن نكون من المستبدلين.
• والواجب علينا أن نتلمس آثار المفلحين كما بينها القرآن العظيم؛ ومن دلائل الفلاح والنّجاح الحقيقيّ:
1. التَّوبةُ النَّصوح فلا تتأخر عنها وبادر بها اليوم قبلَ أن تموت، قالَ تعالى: “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
2. تركُ أسباب المعاصي والفجور “إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطان فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
3. فعلُ الخير صغيراً كان أو كبيراً هذا الخير، من سبل الفلاح والنّجاح كذلك “وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
4. ذكرُ الله عز وجل والتَّسبيح والتهليل من سبل الفلاح فلا تتأخروا عنه ” وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
5. شكرُ الله تعالى والتَّفكّر في نعمته وكرمه سبب آخر من أسباب الفلاح “فَاذْكُرُوا آَلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
6. الأدبُ مع التَّقوى دليل فلاح ونجاح ؛ فاحرصوا عليها كلَّ الحرص “وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
7. تركُ الرّبا مع التَّقوى دليل فلاح آخر؛ فبادروا إليها دون تسويف “لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “ .
8. تركُ شح النّفس والطمع يجلب الفلاح والنّجاح “وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” .
9. إعطاءُ الولاء الخالص لله ولرسوله وللمؤمنين لا للشَّيطان والكفرة والمنافقين سببٌ من أسباب الفلاح المبين “أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “ .
10. الدَّعوةُ والنَّصيحة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر من أسباب الفلاح للفرد والأمّة ”وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “ .
11. اتباعُ السّنّة والاقتداء بأشراف الأمّة دليل فلاح أكيد “وَاتَّبَعُوا النُّور الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” .
• هذه بعض سُبل الفلاح ليشهد القاصي والدّاني أنّ الفلاح ليس حكراً على فئة أو جهة أو تنظيم وجماعة، بل هو الخير المشاع في كل جهد مستطاع، من مستوى الأدب مع النّفس إلى الأدب مع الخالق والخلق، وليس الأمر بكثرةٍ أو قلةٍ إنّما الفلاح أن تسلَم من الشُّبهة والمنكر والعلّة “قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيّب وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” .
• فعنِ النَّبيّ قالَ: “قد أفلح مَنْ أسلم وكانَ عيشُه كَفافاً وقنّعه الله بما أتاه” ولا يجوز لعاقل أن يزهد في مراتب الفالحين لأنَّك يا مسكين إذا لم تفلح خبتَ وخسرتَ؛ وعن النَّبيّ قالَ: “إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر” .
• الخسفُ والدَّمار في الدُّنيا على الَّذين يظنُّون أنفسهم فوق المسؤولية والقانون الرّبانيّ ولكن هيهات هيهات، لو أفلت أحد من قانون السَّماء لأفلت قارون ولكنه خُسف به وبداره الأرض ”وَأَصْبَحَ الَّذينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ” .
• إنّ أمريكا لن تفلح مهما بذلت وأنفقت، وإنّ دولة الكيان الغاصب لن تفلح رغم أنها أطلقت أقمار التّجسس في فضاء المسلمين “فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى” .
• أمَّا أهل الإيمان والتَّقوى فقد ملؤوا موازين أعمالهم حسنات فنالوا الفلاح والنّجاح فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
• هنيئاً لهم وقد أرادوا وجه ربهم دون سائر الوجوه “ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ هنيئاً لهم وقد حكَّموا في حياتهم؛ قالَ الله ، وقالَ رسول الله ، دون سائر الأنظمة البالية الساقطة إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
• إنّ أشرف مَن سعى إلى الفلاح له ولأهله وأمَّته رجلٌ علِم ما عليه من واجب ورأى ما حوله من تحديات فصبر وصابر ورابط على ثغور الطَّاعات، وعندَ ثغور الجهاد فعينُه الأوَّلى تبكي من خشية الله، وعينه الثَّانية تحرس في سبيل الله، فلا والله لن تمس عيناه نار جهنم، وهنيئاً لمثله الفلاح الكبير يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
• ولقد فرح الرسول لِمَا رأى عبد الله بن أنيس وقد قتل خالد الهذلي الَّذي كان يجهز لحرب الإسلام فقالَ : “أفلح الوجه “ لقد أفلحتْ وجوه المجاهدين في كل زمان ومكان ببركة وجه ابن أنيس .
• وإن أعقل الخلق ذاك الَّذي يطلب كل وسيلة لبلوغ الفلاح وأعظم وسيلة لذلك دون منازع أن تجاهد نفسك لله وأن تجاهد عدو الله في كل اتجاه يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
• هذا حال رسول الله وهذا حال صحابته الكرام ما كان لهم أن يفوتوا طريقة ولا وسيلة لبلوغ مراتب الفلاح حتَّى لو كان ذلك على حساب أعمارهم وأموالهم فهي من الله وإليه لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
• وهذا يعني أن الأمّة لو ظلت على حالة القعود والتخلف عن درب النَّصرة والجهاد مئة عام أو يزيد فلن تنال من الفلاح إلا اسمه ولن تنال من النّجاح إلا رسمه؛ فلا تخدعوا أنفسكم بشعارات براقة لا تسمن ولا تغني من جوع.
وختامًا:
عرضتُ لك في جولة مع كتاب الله تعالى سبيل الفالحين ، وهذا كتاب الله لا يزال يشهد وينطق فينا ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قبلَكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5( .
———————————