خاص هيئة علماء فلسطين
5/6/2024
السؤال: هل الأولى إنفاق الأموال على عمرة وحجّ النّافلة أم إرسالها إلى أهلنا الذين يتعرضون لأبشع مذبحةٍ في غزة، ومثل غزة كل مكان يذوق فيه المسلمون ويلات العدوان ومجازر الطغيان؟
جواب لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين:
ممّا قرّره الفقهاء عامّة ووردت به الآثار المتضافرة هو تقديم إغاثة المحتاجين على عمرة وحجّ النّافلة، وهذا في زمن الاستقرار والرّخاء العامّ فكيف في نازلة عظيمة كنازلة المذبحة والحرب الإجراميّة على غزة؟ عندها يكون تقديم البذل للمنكوبين أشد توكيدًا وهو أعظم أجرًا بكثير من أداء مناسك التطوّع.
ومن هذه الآثار التي تضافرت على تأكيد هذه الحقيقة؛ ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة في “المصنف” عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: “لَأَن أَقُوتَ أَهلَ بَيتٍ بِالمَدِينَةِ صاعًا كلَّ يومٍ، أَو كلَّ يَومٍ صَاعينِ شهرًا، أَحبُّ إِلَيَّ مِن حَجَّةٍ فِي إِثرِ حَجَّةٍ”
وأخرج الإمام أحمد في كتاب “الزّهد” عن الحسن البصري رحمه الله تعالى قال: “يقُولُ أَحَدُهُمْ: أَحُجُّ أَحُجُّ، قَدْ حَججْتَ؛ صِل رَحِمًا، نَفِّس عَنْ مَغمُومٍ، أَحْسِن إِلَى جَارٍ”
وكلّ هذه الآثار وغيرها إنّما تتحدّث عن أفضليّة الصّدقة على حجّ وعمرة النّافلة في غير وقت الأزمات الجماعيّة الكبيرة؛ فهذا يدلّ على أنّ بذل الأموال المخصّصة لحج وعمرة النّافلة لأهلنا الذين يعيشون القتل والتدمير في غزة أعظم أجرًا وأفضل بكثير من أداء مناسك التطوّع.
ثم إن حجّ النّافلة يندرج في رتبة التحسينيّات بينما إنقاذ الأرواح وإحياء النّاس وإغاثتهم في هذه المذبحة العظيمة يندرج تحت رتبة الضّروريّات، والضروريّات مقدّمة على غيرها من الحاجيّات والتحسينيّات.
إضافة إلى أن نصوص الشريعة تقرر بجلاء أنّ الفريضة مقدمة على النافلة وأحب إلى الله تعالى منها، كما يقول الله تعالى في الحديث القدسي: “وما تَقرَّبَ إليَّ عَبْدي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افترَضْتُه عليه” والحج الثاني والعمرة الثانية وما فوقهما من النوافل، بينما بذل المال لأهل غزة في هذه الظروف غير المسبوقة من الواجبات العظيمة
إنّ عموم الآثار والقواعد الشرعية وأقوال الأئمة الأعلام تؤكّد أنّ بذل الأموال المرصودة لحجّ النّافلة أو عمرة النّافلة لأهلنا في غزة في ظل هذه المذبحة وحرب الإبادة الصّهيونيّة أعظم أجرًا من أداء هذه المناسك التطوعيّة، فمن ابتغى الأجر الأعظم فعليه صرف هذه التّكاليف لصالحهم وألّا يستهين بما يبذل أو يقدّم فالنّاس اليوم بحاجةٍ إلى أيّ مالٍ يقيم صلبهم أو يؤويهم من تشرّد أو يؤمنهم من خوف أو يعينهم على الثبات في وجه الإجرام الصّهيوني.
هذا والله أعلم وأحكم