1/7/2024
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإنَّ مجلسَ البحوثِ والدراسات الشرعية بدار الإفتاء، وهو يتابعُ ما يَجري لأهلِنا في غزةَ، منذ أكثر مِن ثمانيةِ أشهرٍ، من الاعتداءِ على أهلها، وقتلِ شيوخها وأطفالها ونسائِها، وتدميرِ مساكنِهم وممتلكاتِهم، لَيؤَكِّدُ على ما يلي:
أوّلًا: التذكيرُ بما سبقَ ذكره في بياناتٍ سابقةٍ، من وجوبِ نصرةِ أهلنا في غزةَ على المسلمين جميعًا، كـلٌّ بحسَب استطاعتهِ؛ لقولهِ تـعالى: ﴿وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ فَعَلَیۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ﴾[الأنفال: 72]، فمن لم يُمكنْه الجهادُ بنفسهِ وجَبَ عليه نصرتُهُم بمالِهِ، قال عليه الصلاةُ والسلام: (مَن جَهَّز غازيًا في سبيلِ الله فقدْ غَزَا، ومَن خَلَفَ غازيًا في أهلِهِ بخيرٍ فقدْ غَزَا) [متفَقٌ عليه]، ومَن لم يجدْ ما يبذُلُه مِن المالِ وجبَ عليه النُّصرةُ بلسانِهِ، وقلمِهِ، ودعائِهِ، ومقاطعتِهِ للشركاتِ الداعمة للكيان الصهيوني، وبذلكَ يَسقطُ الإثمُ عنه، قال تعالى: ﴿لَّیۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَاۤءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یَجِدُونَ مَا یُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا۟ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِینَ مِن سَبِیلࣲ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ إِذَا مَاۤ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَاۤ أَجِدُ مَاۤ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَیۡهِ تَـوَلَّوا۟ وَّأَعۡیُنُهُمۡ تَـفِیضُ مِنَ ٱلـدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا یَجِدُوا۟ مَا یُنفِقُونَ﴾[التوبة: 91-92].
ثانيًا: أهلُ غزةَ تجتمعُ فيهم أكثر مصارفِ الزكاة، فهم يستحقونَها بوصفِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وبالفقرِ، وغير ذلكَ من وجوه الاستحقاقِ، فينبغي نقلُ أكثرِها إليهمْ، وإيثارُهم بها على غيرهم؛ لشِدّة حاجتِهمْ وضيقِهم، كما نَصَّ على ذلك الإمام مالكٌ في المدوّنة، وذكرَه خلِيلٌ وشُرّاحُه.
ثالثًا: وبعد النظرِ في المسألةِ الواردةِ إلى المجلسِ، بشأنِ دفعِ أجرةِ نقل الزكاةِ إلى غزةَ من الزكاةِ نفسِها، قررَ المجلسُ: أنَّه إذا احتيجَ في نقلِ الزكاة لهم إلى أُجرةٍ، ولم يُوجَد مَن يتَبَرّعُ بِدَفْعها؛ فإنها تُدفعُ من الزكاة نفسِها؛ لأنه إذا جازَ للعاملِ الأخذُ منها لعمالتِهِ عليها، جازَ لمن يوصلُها إلى المحتاجين أخذُ الأجرةِ منها؛ لأنَّ ذلك من وجهِ العملِ عليها، وهي روايةُ مطَرِّفٍ وابنِ وهبٍ عن الإمام مالكٍ، وقولُ ابن حبيبٍ، واختيارُ ابنِ رُشدٍ في البيان [2/ 502 -501]، وفُتيا ابنِ لُبابةَ في المعيار [1/ 397]، والله أعلمُ
اللهم فرِّج عن أهل فلسطين، وكن لهم وليّاً ونصيراً، وأَهلِكْ عدوَّهم، يا رب العالمين.
وصلَّى اللهُ وسلم على نبينا وسيدِنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعين.
قرارُ مجلسِ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ بدارِ الإفتاءِ اللِّيبيّة رقم (08) لسنة 1445هـ، بشأنِ دفع أجرةِ نقلِ الزكاةِ إلى غزةَ مِن الزكاةِ نفسها