11/6/2024
صدرت عن هيئة علماء فلسطين فتاوى تقول إن إغاثة المحتاجين مقدمة على عمرة وحج النافلة، وإن بذل الأموال المخصصة للأضاحي وتقديمها للمنكوبين في قطاع غزة وغيرها من بلاد المسلمين أعظم أجرا وأفضل بكثير من أداء مناسك التطوع.
وفي مقابلة خاصة مع للجزيرة نت، قال رئيس هيئة علماء فلسطين نواف تكروري إن الإنفاق في مواطن الحاجة الملحة، فضلا عن مواطن الجهاد، يعد من الفرائض وليس من المندوبات، وهذا قطعا أحب إلى الله سبحانه وتعالى من نافلتي الحج والأضحية ونافلة العطاءات كلها.
وأضاف أنه إذا كانت المقارنة بين حج النافلة وأداء فريضة إنقاذ الأرواح من الموت جوعا وعون المجاهدين على مقارعة عدو يريد أن ينال من هذه الأمة في كرامتها وعزتها “فلا أعتقد أنه يختلف العلماء في ذلك لأنها مقارنة بين فريضة ونافلة”.
الحج أم إنقاذ الأرواح؟
وعند سؤاله عن الأولوية بين حج الفريضة وإنقاذ أرواح المنكوبين من المسلمين، أجاب رئيس هيئة علماء فلسطين بأن حج الفريضة يدخل فيه الخلاف، إذ “يرى فقهاء الشافعية أن الحج يجب على التراخي ولا يجب على الفور، ومن هنا إذا كانت هناك حاجة ملحة حاضرة فهي أولى من الحج الذي هو قابل للتأخير”. ويستدرك بأن “جمهور العلماء يرون أن الحج يجب على الفور”.
ويشرح تفاصيل ذلك بأنه “إذا فوّتنا حجا لازما هذا العام فإنه يفوت إلى بدل في العام القادم أو الذي يليه أو الذي يليه، بينما إذا فوتنا روح إنسان فقد فاتت، وإذا تركنا إنسانا يموت جوعا فقد مات ونتحمل مسؤوليته”.
ويتفق مع ذلك الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة قطر أحمد الريسوني، ويقول “إن الفرائض والواجبات مقدمة على نوافل الطاعات، فحيثما وقع تعارض بين فريضة ونافلة فتقديم الفريضة أولى وأصح، وهو الفقه الصحيح، وهو التدين السليم”.
وأضاف الريسوني أن هذا ينطبق تماما على مسألتنا هذه الأيام وهي المفاضلة بين حج وعمرة النافلة، فالمقدم هو حاجات أهلنا في غزة، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب، منها:
أولا- هناك في غزة جهاد حقيقي وشرعي وواجب وجوبا عينيا، لأننا أمام احتلال، وهذا الجهاد من أوجب الواجبات.
ثانيا- احتياجات أهلنا في فلسطين بلغت مبلغا قل نظيره من الاضطرار والاحتياج وسد الرمق.
ثالثا- أي درهم يوجه إلى غزة -وفلسطين عامة- سواء كان زكاة أو أي مال آخر هو قيام بواجب مستعجل، أو هو قيام بواجب الوقت، كما يقول الفقهاء.
فريضتان متوازيتان
وفيما يتعلق بحج الفريضة، فإن الأستاذ بكلية الشريعة في جامعة قطر يشرح بالقول “نحن سنكون أمام فريضتي الجهاد والحج، فالأمران متوازيان أو متساويان من حيث المبدأ، ولذلك من قدّم فريضة الحج فله ذلك وهو على هدى، ومن قدم فريضة الجهاد فهو كذلك على هدى”.
ووضع شرطا مهما من أجل الموازنة بين الفريضتين، فقال “إن الذي يقدم الآن فريضة الجهاد وإغاثة الأرواح معناها أنه يؤجل حجه سنة أو سنتين، ولكن من ترجّح عنده وظهر له أن عنده فرصة للحج قد لا تتكرر فهذا يفضل له أن يقدم حجه”.
الأضاحي
وعن أحكام الأضحية وإرسالها إلى المناطق المنكوبة، قال رئيس هيئة علماء فلسطين إنه لا خلاف بين أهل العلم بضرورة نقل أجزاء كبيرة من أضاحينا إلى البلاد التي فيها ظرف قاهر مثل غزة والسودان ومن على شاكلتهما حسب الدرجات، لتحقيق سد عوز الناس.
وأضاف الدكتور تكروري أن الأضحية يقع فيها الجهاد بالمال، “فإن من أرسل مالا إلى غزة لكي يذبح أضحية هناك فقد نال أجرين بإذن الله: أجر الأضحية وأجر الجهاد بالمال”.
وعند سؤاله عن طرق وصول الأضاحي إلى قطاع غزة في ظل الحصار والعدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي عليه منذ أكثر من 8 أشهر، بيّن “أن الأضحية يمكن أن تذبح في الضفة وتنقل إلى غزة، بنصف المبلغ”.
أما الدكتور الريسوني فيرى أن من استطاع من المسلمين أن يقدم ثمن أضحيته لإغاثة المنكوبين الذين يموتون جوعا في غزة، أو تمكين المجاهدين وأهلهم، “فهذا يكون قد قدم فريضة عظيمة، وهي من فرائض الوقت، بل هي فريضة الوقت، وعمله يكون سديدا ومقبولا إن شاء الله وأعظم أجرا بكثير من الأضحية”.
يذكر أن إسرائيل تواصل عدوانها على قطاع غزة منذ أكثر من 8 أشهر، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 37 ألفا، وإصابة نحو 85 ألف شخص، فضلا عن أعداد لا يمكن إحصاؤها دفنت تحت ركام منازلها التي هدمت نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
نقلاً عن موقع الجزيرة: