خاص هيئة علماء فلسطين
25/11/2025
المفتي: لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

في يوم السابع من أكتوبر أصيب أحد المجاهدين إصابة بالغة بانفجار وجراح كبيرة في معظم أنحاء الجسم ورآه رفاقه أنه قد أغمي عليه وفارق الحياة، ورجعوا هم إلى غزة بصعوبة ضمن من رجع، وشهدوا بعد ذلك عند القاضي الشرعي أنه استشهد، وعليه تم إصدار شهادة وفاة واعتدت زوجته، وبعد انتهاء العدة تزوجها أخوه ليستر عليها وعلى أولاد أخيه.
في الكشوفات الأخيرة وجدوا اسم هذا المجاهد ضمن الأسرى عند العدو، فالسائل يسأل ماذا تفعل زوجته الآن، هل تبقى مع الزوج الجديد أم ينفسخ العقد وترجع على ذمة زوجها الأول؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فهذه المسألة قد اشتملت على شهادة ترتب عليها حكم؛ حيث شهد أولئك المجاهدون بموت ذلك الرجل بناء على غلبة ظنهم، وصدر حكم بذلك من القاضي الشرعي بناء على تلك الشهادة، وبعد انقضاء العدة تزوجت برجل آخر؛ وها هنا نبين أمورا:
أولها: أن هذه المرأة ليست بآثمة؛ لأن زواجها كان بناء على خبر من ثقات بموت زوجها؛ قال في “مغني المحتاج” (5/ 98): “ولو أخبرها عدل ، ولو عبدا أو امرأة، بموت زوجها: حل لها فيما بينها وبين الله تعالى أن تتزوج؛ لأن ذلك خبر لا شهادة” انتهى.
ثانيها: أن هذا الزواج الثاني وقع صحيحاً من حيث كونه حاصلاً بناء على حكم من قاض شرعي قد استند في حكمه لشهادة نفر ثقات عدول
ثالثها: إذا أراد الزوج الأول أن تُرد إليه تلك المرأة فإن له ذلك؛ قال البهوتي رحمه الله تعالى في كشاف القناع 5/422: ” إن كان عود الأول بعد دخول الثاني بها، خُيِّر الأول بين أخذها منه، فتكون امرأته بالعقد الأول، ولو لم يطلق الثاني” ويجب عليها أن تعتد من الزوج الثاني.
وله أن يتركها مع الزوج الجديد وله أن يسترد ما دفعه لها من مهر؛ لما روى ابن أبي شيبة في المصنف عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ –رضي الله عنهما- قَالاَ: “إِنْ جَاءَ زَوْجُهَا خُيِّرَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ الصَّدَاقِ الأَوَّلِ”.
وإذا لم يخترها الزوج الأول بقيت مع الثاني، من غير تجديد عقد؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم لم ينقل عنهم تجديد عقد في مثل هذه الحالة.
هذا والله تعالى أعلم.
لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين
4/ جمادى الآخرة/ 1447ه
25/ 11/ 2025م