خاص هيئة علماء فلسطين

         

7/9/2024

فتوى صادرة عن لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

السؤال:

إن إخواننا في غزة والسودان وغيرها من المناطق التي يستحر فيها القتال قد يسقط جماعة منهم شهداء، ويعسر علينا أن نحفر لكل منهم قبراً مستقلاً، فنضطر في كثير من الأحيان إلى دفنهم جميعاً في حفرة واحدة دون أن نخص كلاً منهم بلحد وحده؛ فما حكم ذلك وفقكم الله؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فيجب دفن الميت ولو كان كافرا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فجُرّوا بأرجلهم فقُذِفوا في طَويٍّ من أطواء بدر خبيث مُخبَث بعضهم على بعض، إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها، فذهبوا يحركوه فتزايل فأقروه، وألقوا عليه ما غيَّبه من التراب والحجارة. رواه البخاري ومسلم عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه.

ولا يُدفن مسلم مع كافر، ولا كافر مع مسلم، بل يُدفن المسلم في مقابر المسلمين، والكافر في مقابر المشركين، لأن الأمر كان كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والسُّنة الدفن في المقبرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى في مقبرة البقيع، كما تواترت الأخبار بذلك، وأما  دفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته، فذلك من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، وقد قالت عائشة رضي الله عنها {لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ما نسيته، قال: ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه} فدفنوه في موضع فراشه. رواه الترمذي وابن ماجه، وكذلك شهداء المعترك فإنهم يسن أن يُدفنون حيث قُتلوا؛ كما صنع عليه الصلاة والسلام بشهداء أحد رضي الله عنهم، وقد بعث منادياً ينادي أن (ردوا القتلى إلى مصارعهم).

ويجب إعماق القبر، وتوسيعه وتحسينه، لما رواه هشام بن عامر رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد، أصيب من أصيب من المسلمين، وأصاب الناس جراحات، فقلنا: يا رسول الله، الحفر علينا لكل إنسان شديد فكيف تأمرنا؟ فقال (احفروا وأوسعوا وأعمقوا وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر، وقدِّموا أكثرهم قرآنا) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وعليه فلا حرج عليكم في دفن مجموعة من الناس إذا عسر عليكم أن تحفروا لكل واحد قبراً.

ومِن السُّنةِ أنْ يُوضَعَ الميتُ في قبره على جنبِه الأيمن، ووجهه إلَى الْقِبْلَةِ؛ لأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ”. [الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني 3/322].

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

4/ربيع الأول/1446هـ

7/سبتمبر/2024م