خاص هيئة علماء فلسطين

         

19/12/2025

المفتي: لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله، وضعنا رأس مال من خلال شاشة إلكترونية، ونشتري من خلالهم بالمال الذي وضعناه نقداً؛ فهل شراء الذهب من خلال الشاشة حلال ام حرام؟

والسؤال الثاني: هل يجوز الشراء بكمية أكبر مما أملك من المال مع أنه مسموح لنا بذلك؟

والسؤال الأخير: هو هل يجوز شراء الذهب الملموس من إحدى الشركات الذين يشترون من خلال الشاشة ويبيعون لنا على سعر الشاشة وزيادة عمولتهم، ونحن متفقون معهم بأن ندفع قسم من سعر الذهب لحين نحن نبيعه قبل استلامه ملموساً منهم، وطبعا تعاملات العالم الآن أصبح إلكترونياً، جزاكم الله خير

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

أولاً: البيع المشروع هو ما تحققت فيه الأوصاف الثلاثة، وهي الصدق في الوصف، والبيان للعيب، وأن يكون موافقا للشرع؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرّقا؛ فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما مُحِقت بركة بيعهما) ولا حرج أن يكون البيع عن طريق شاشة أو غيرها؛ فإنما تلك وسيلة، وللوسائل حكم المقاصد

ثانياً: لا حرج في التعامل مع بورصات المال العالمية إذا خلا التعامل معها من المخالفات الشرعية كالربا والجهالة والغرر والخداع، وكانت المتعامل معها يرعى قواعد الشريعة في البيع والشراء؛ فإذا كان التعامل في العملة فلا بد من التقابض في وقت التعاقد بما يُعَدُّ تقابضاً عرفاً، والتماثل فيما يشترط فيه التماثل، وإذا كان التعامل في بيع وشراء الأسهم فلا بد أن تكون في مؤسسات لا تتعامل في المحرمات لأن الله تعالى إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه، وأن يكون البيع والشراء حقيقياً لا وهمياً، وهذا كله محل تفصيل في كل معاملة بحسبها

ثالثاً: لا يجوز بيع الذهب غير المصنوع نسيئة قولاً واحداً، بل لا بد فيه من التقابض لاشتراكه مع النقود في علة الثمنية أو الوزن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز) وعليه فلا يجوز لك شراء كمية تفوق ما تملك من مال حاضر، حتى ولو سمحوا لك بذلك؛ لأن هذا يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تبيعوا غائباً منها بناجز) حيث يصير الفرق ديناً في ذمتك.

وأما إذا كان ذلك الذهب حلياً مصنوعة فإن بعض العلماء ذهب إلى عدم اشتراط التقابض، بل يجوز فيه النساء، وهو قول منسوب إلى معاوية والحسن وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي، وهو اختيار جماعة من الحنابلة منهم ابن تيمية وابن القيم؛ حيث قال رحمه الله: الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وفي سائر السلع. لكن جمهور العلماء على خلاف ذلك، وأنه لا فرق بين الحلي المصنوعة والذهب الخام وهو الراجح.

رابعاً: إذا تبيَّن لك ما مضى فإنه لا يجوز لك أن تشتري ذهباً من خلال الشاشة وتدفع جزءاً من ثمنه، على أن تقوم ببيعه قبل استلامه ملموساً منهم؛ وذلك لأن البيع فرع عن الملك، والملك لا يحصل إلا بالاستلام، وهو ما عبَّر عنه الشرع بالتقابض، والعلم عند الله تعالى.

لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين

28/ جمادى الآخرة/ 1447ه

18/ 12/ 2025م