خاص هيئة علماء فلسطين

         

28/9/2024

هذه ندوة من ندوات (مؤتمر العلماء والطوفان، التأصيل والفتاوى والدور المطلوب) الذي شاركت هيئة علماء فلسطين في تنظيمه في إسطنبول، وهنا تفاصيل المؤتمر:  https://palscholars.org/?p=20315

—————

الكاتب: د. إبراهيم أحمد مهنا عضو المكتب التنفيذي لهيئة علماء فلسطين

كانت قضية المسلمين في فلسطين وما زالت تستحوذ على اهتمام الأمة الإسلامية بجميع مكوناتها الحية، ولا عجب فهي الأرض التي وصفها الله تعالى بالبركة والقداسة، وفيها مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، ويأتي العلماء الربانيون في طليعة المهتمين والمشتغلين بهذه القضية المركزية التي تعتبر بحق من أهم مظاهر وحدة المسملين، إذ لا يختلف في ذلك العامة فكيف بالخاصة وخاصة الخاصة، ومن مظاهر اهتمام العلماء بهذه القضية المباركة عملهم الدؤوب في توعية المسلمين بحقائق هذه القضية وبثوابتها الشرعية، وحضهم المستمر لنصرة المجاهدين في فلسطين ولفلسطين وإمدادهم بما يلزم من موارد مالية وبشرية لتحقيق الانتصار ولدحر الاحتلال، وإن من أدوات العلماء الرئيسة لتحقيق ذلك إصدار الفتاوى التي تبين حكم الشرع في المسائل المتعلقة بقضية فلسطين، وهذا الدور المهم مارسه علماء المسلمين في جميع الحقب التاريخية وعلى امتداد الجغرافيا في دار الإسلام.

وسنحاول في هذه الورقة الموجزة إلقاء الضوء على فتاوى العلماء المعاصرين المتعلقة بالجهاد بالمال خاصة بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى المباركة، حيث تعاظمت الحاجة لهذه الفتاوى في ظل اتساع المعركة مع العدو المحتل، وفي ظل حملات إعلامية مغرضة تولى كبره الصهاينة العرب تثير الشبهات حول شرعية هذا الجهاد المبارك.

أولا: أهمية هذه الفتاوى

إن تبليغ أحكام الدين ومحاسن الإسلام من صمميم واجبات العلماء، بل إن المسلم بشكل عام مطالب بتبليغ ما لديه من علم قلّ أو كثر لمن لا يعلمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني ولو آية“، وقد يتعين عليه إن لم يوجد من يقوم بالبلاغ، فكيف بالعلماء الذين حباهم الله من العلم والهدى والرشاد، وزكاة العلم بذله ونشره قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).

وتبرز أهمية الفتاوى -سواء الفتاوى الفردية أم الجماعية- المتعلقة بالجهاد بالمال في هذا الوقت لعدة أمور منها:

  1. رفع الإثم عن المسلمين؛ ذلك أن المقدور عليه لا يسقط إلا بأدائه، وقد أفتى العلماء بتعين الجهاد بالمال على كل قادر الآن، كل حسب وسعه، خاصة بعد انطلاق الطوفان المبارك، فمن تخلف وقع في دائرة المخذلين والمتثاقلين إلى الأرض والعياذ بالله.
  2. رد الشبهات التي يثيرها صهاينة العرب ومن تبعهم من علماء السوء، وما تؤدي إليه من تشويه وتخذيل، لذا كانت الفتاوى الصادرة عن العلماء الربانيين من الأهمية بمكان لدحض هذه الشبهات وبيان الحق لعامة المسلمين كي لا يحيدوا عن أداء الواجب.
  3. المشاركة في شرف الجهاد في سبيل الله والإسهام في التعجيل بالنصر، ونيل رضوان الله تبارك وتعالى.
  4. إبراء ذمة العلماء بانحيازهم لقول كلمة الحق وإن كانت عند سلاطين الجور.
  5. لأن الناس يقتدون بعلمائهم ويستمعون لفتاواهم خاصة إن رأوا حكاية قول العلماء ماثلة أمامهم.

ثانيا: مضامين هذه الفتاوى

يمكن تقسيم مضامين فتاوى الجهاد بالمال إلى قسمين: مضامين كلية، مضامين جزئية.

المضامين الكلية العامة:

 وهذه المضامين تتعلق بما يأتي:

  1. فضل الجهاد بالمال.
  2. أهمية الجهاد بالمال.
  3. على من يجب الجهاد بالمال ومتى يتعين.
  4. منزلة الجهاد بالمال وهل يسقط الجهاد بالنفس ببذل المال.

المضامين الجزئية:

وتتعلق هذه المضامين بمسائل جزئية تتعلق بالجهاد بالمال، وهي مسائل كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. تعجيل إخراج الزكاة لأهل غزة
  2. دفع الزكاة للمجاهدين في غزة على أنهم مصرف في سبيل الله
  3. نقل صدقة الفطر إلى أهل غزة وتأخير دفعها لمستحقيها لما بعد صلاة العيد
  4. أولوية الزكاة لأهل غزة والمقدسيين
  5. الأضاحي التي تذبح وتعلب ثم تورد لاحقا لفلسطين
  6. الإنفاق على المرابطين في فلسطين من مصرف في سبيل الله
  7. دفع الزكاة لإعمار غزة
  8. دفع الزكاة لإعمار المسجد الأقصى
  9. لا تصرف الأموال إلا للجهة التي حددها المتصدق
  10. الزكاة لفك الأسرى
  11. هل يجوز للجمعيات الخيرية مخالفة نية المتبرع
  12. وقف أموال الزكاة لصالح مشاريع لفلسطين
  13. صرف أموال الزكاة لشراء معدات صحية في فلسطين
  14. بناء مستشفى خيري من أموال الزكاة
  15. حكم دعم قوافل السفن المتجهة إلى غزة ودفع الزكاة لها

ثالثا: مظنات وجود هذه الفتاوى

أما المضامين العامة فيكاد لا يخلو مصنف في الجهاد في سبيل الله من ذكر الجهاد بالمال وبيان فضله وأهميته وحكمه العام، بل نجده مبثوثا بكثرة في كتب التفسير وشرح الحديث وكتب الفقه بشكل عام. بل لقد خصص بعض المصنفين كتبا خاصة بالجهاد بالمال وبرز في هذا المجال كتاب فضيلة الدكتور نواف تكروري المعنون بـ “الجهاد بالمال في سبيل الله” وقدم له القائد المجاهد خالد مشعل، وفضيلة الشيخ معاذ الخطيب، ويقع الكتاب في نحو 160 صفحة من القطع المتوسط وطبع عدة طبعات، وهناك رسالة مختصرة عنوانها “الجهاد بالمال” تقع في 30 صفحة من القطع الصغير كتبها أبوالحسن علي العرجاني.

وممن اهتم بجمع فتاوى الجهاد وحتما سيكون للجهاد بالمال ذكر كبير فيها: فضيلة الشيخ فهد الحصين الذي صنف كتابا عنوانه “تذكير العباد في فتاوى أهل العلم بالجهاد” قدم له فضيلة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، طبع في عام 2006م، ولكنني لم أقف على نسخة منه. وقد قامت جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت بنشر كتيب من 86 صفحة في عام 1419ه/ 1998م عنوانه “فتاوى علماء المسلمين بتحريم التنازل عن أي جزء من فلسطين” ذكرت فيه فتاوى جماعية وفتاوى فردية لنخبة فاضلة من علماء الإسلام، وطبعت دار التيسير بمصر كتابا عنوانه: “فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف حول تحرير فلسطين والمسجد الأقصى“، ولكني لم أعثر على الكتاب.

ولعل أجود من جمع الفتاوى المتعلقة بفلسطيين والعمل الخيري فضيلة الدكتور مسعود صبري حيث جمع ما أمكنه من فتاوى في مصنف واحد تحت عنوان “فتاوى العمل الخيري في قضية فلسطين” ذكر فيه جملة من فتاوى الجهاد بالمال المتعلقة بالمسائل الجزئية.

توصيات:

من خلال هذا المؤتمر نوصي بما يأتي:

  1. جمع الفتاوى المتعلقة بالجهاد في فلسطين عبر التاريخ الحديث في مصنف واحد وأقترح أن يكون عملا موسوعيا يشمل جميع المصطلحات المتعلقة بهذا الموضوع شرحا وبيانا وتعريفا بالمفتين.
  2. عمل بيبلوغرافيا تشمل مختلف المصنفات المتعلقة بالموضوع على اختلاف أنواعها (كتاب، مقال، مقاطع مرئية مفرغة، فتوى .. إلخ)

والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد