الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله معلم الناس الخير، ما ترك خيراً إلاّ دلنا عليه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
عباد الله:
أوصيكم بتقوى الله تعالى وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره لقوله تعالى: (مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِه، وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ).
أيها الإخوة المسلمون:
إن للمسجد الأقصى مكانة عظيمة في الإسلام فهو أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السماء.
قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
كما أن فلسطين هي الأرض المقدسة التي باركها الله تعالى وبارك حولها، فهي أرض الرسالات حيث عاش فيها وبُعث عدد كبير من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، قال تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ).
وقال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا).
وقال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ).
وفضائل الأرض المقدسة والمسجد الأقصى كثيرة في القرآن الكريم، كما أن السنة النبوية زاخرة بفضل وقدسية هذه الأرض ومكانة المسجد الأقصى المبارك، فقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على زيارته والصلاة فيه، ففي الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى”
وجاء في حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: “يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، فقال: ائتوه فصلوا فيه فإن لم تأتوه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله” صحيح في سنن أبي داود
وتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن أقدمية بنائه كما ورد في صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجدٍ وضعَ في الأرضِ أولَ؟ قال: المسجدُ الحرامُ ، قلتُ : ثم أيُّ ؟ قال : المسجدُ الأقصى ، قلتُ : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنةً ، ثم حيثُما أدركتْكَ الصلاةُ فصلِّ ، فإن الفضل فيه”
ومن بركات هذه البقعة ما جاء في الحديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِه، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ” مسند أحمد صحيح
وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على رأس ابن حوالة فقال: ” يَا ابنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ) صحيح في المستدرك
أيها الإخوة المؤمنون:
هذا غيضٌ من فيض من الروايات التي تؤكد قدسية وفضل بيت المقدس والمسجد الأقصى، وإن المسجد الأقصى اليوم في خطرٍ شديد، لم يتعرض لخطر أشد منه في هذه الأيام حيث اتفقت عقيدة اليهود واليهودية الارثوذكسية والمسيحية الصهيونية مع ما يسمون أنفسهم جماعات الهيكل بأنه قد حان الوقت لتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم الذي خطط له اليهود منذ أن وطئت أقدامهم النجسة المسجد عام 67 حيث بدأوا حينها بالحفريات تحت الأقصى بحجة البحث عن آثار هيكلهم المزعوم بعد هيمنتهم على حائط البراق وتحويله إلى ما يسمى بحائط المبكى.
لذا فإن العدو الصهيوني دعم قطعان المستوطنين على مدار التاريخ المعاصر لاقتحام المسجد الأقصى وباحاته لأداء طقوسهم الدينية ونشر قذاراتهم فيه، واليوم اتفقت عصابات الهيكل بتحشيد اليهود بعشرات الألوف لاقتحام المسجد الأقصى والهيمنة على جزء كبير منه استعداداً لتقسيمه مكانياً وزمانياً، وإفساح المجال لأداء طقوسهم المحرفة في المسجد الأقصى تمهيداً لتدميره وتنفيذ مخططاتهم، سيبدأ من اقتحامهم يوم الثامن والعشرين من هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك، وقد سبقت هذه المحاولة، محاولات يائسة من قبل قطعان المستوطنين للسيطرة على منطقة باب العامود قبل أيام والتي هبَّ الشباب المسلم إلى جانب أبناء القدس الأبطال لنجدته بصدورهم العارية، أدى ذلك لتراجع قطعان المستوطنين وشرطتهم وعدم تمكنهم من الهيمنة على هذا المكان المبارك (باب العامود).
لذا فإن الأقصى يستصرخكم أيها المسلمون في كل مكان فهبوا لنجدته، والوقوف إلى جانب إخوانكم المرابطين داخل المسجد الأقصى من أهل القدس وأهل فلسطين، ادعموهم بالكلمة والدعاء والتحشيد وفعل كل ما يلزم من أجل استمرار صمود هؤلاء الثلة من الأبطال من أبناء فلسطين وأبناء الأقصى البررة.
وليكن شعارنا جميعاً ” كلنا فداء القدس والأقصى” ولنعلن النفير العام بكل إمكاناتنا في كل مكان، كلٌ على قدر استطاعته وإمكاناته دفاعاً عن شرفنا وكرامتنا وعزتنا، فالأقصى هو شرف الأمة وعقيدتها.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الكرام..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
الإخوة الكرام:
يجب أن نفعل كل ما بوسعنا وأن نبذل قصارى جهدنا وأن نُري الله منا كل جهد وعمل دؤوب وطيب من أجل القدس والأقصى.
نستنفر كل مؤسساتنا الإسلامية في العالم العربي والإسلامي
نستنفر كل شبابنا وشباتنا في كل مكان
ونستنفر أحرار العالم المدافعين عن حقوق الإنسان، ليقولوا كلمتهم وليدعموا أهل الحق حتى يعيدوا حقهم المسلوب وأن يقفوا في وجه الظالم ويمنعوه من ظلمه وجبروته
يجب أن يكون كل عملنا وجهدنا هذه الأيام منصبٌ في خدمة القدس والأقصى، وأن نستغل رمضان في اللجوء إلى الله تعالى أن يوحد الأمة ويجمع صفها ويُعلي كلمتها ورايتها وينصرها على عدوها ويحرر أقصاها
كما يجب أن نوجه أموالنا لدعم إخواننا في القدس والأقصى فهم يعانون من التهويد والقمع بكل وسائل القمع الصهيونية..
كما نوجه كلمة لأبناء الأمة لجعل ما يحدث في المسجد الأقصى جزءا مما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي ولتكن أخبار القدس أولوية لنا في منشوراتنا.
ولنرسل رسالة لإخواننا المرابطين في المسجد الأقصى بأننا معهم نشاركهم آلامهم ومعاركهم،
ورسالة للاحتلال بأن من يريد المساس بالمسجد الأقصى سننتفض في وجهه.
كما نناشد جميع أبناء القدس والضفة الغربية وفلسطين الداخل وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وذلك لقطع الطريق على قطعان المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى خاصة في هذه الأيام المباركة.
أيها المؤمنون:
لقد أخبرنا القران الكريم في سورة الإسراء أن بني إسرائيل يفسدون في هذه الأرض مرتين وأنهم في كل مرة سيعلون علواً كبيرا، وقد تأذن ربكم ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب لكفرهم وانحرافهم عن الحق وتوعدهم الله تعالى بقوله: ” وإن عدتم عدنا وجلعنا جهنم للكافرين حصيرا”
فأعلموا أن وعد الله حق وأن الله لا يخلف وعده، وكونوا على قلب رجل واحد، وتمسكوا بدينه وانصروا الله بنصركم لبيته المقدس؛ حتى يحقق الله على أيدكم النصر والتمكين.
قال تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ)
(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)
ونختم بالدعاء للأمة والقدس والأقصى