خاص هيئة علماء فلسطين
1/3/2025
المفتي: لجنة الفتوى في هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
تعلمون – وفقكم الله – أن حرب غزة الأخيرة نجم عنها هدم أكثر البيوت التي كان الناس يأوون إليها، وصاروا بعدها في العراء لا يملكون دفعاً لحر ولا برد، فهل يسوغ إنشاء خيام لهؤلاء النازحين من أموال الزكاة؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد أجمع أهل العلم على أن مصارف الزكاة محصورة في تلك الأنواع الثمانية المذكورة في قول ربنا جل جلاله في سورة التوبة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه رجل يسأله من الصدقة (إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقة، حتى حكم هو فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك) رواه أبو داود عن زياد بن الحارث الصدائي رضي الله عنه
وأكثر هل الإسلام في غزة يدخلون في الصنفين الأولين – أعني الفقراء والمساكين – من حيث كونهم قد فقدوا الغالي والنفيس في تلك الحرب الضروس التي شنها عليهم أعداء الله الصهاينة؛ حيث هُدِمت بيوتهم، وسُلِبوا أمتعتهم، وضاعت أموالهم، وبارت تجاراتهم، وما عاد أغلبهم يملك من الدنيا شيئاً، حتى إن القوي الغني فيهم عاد ضعيفاً فقيرا.
والسكن الذي يأوي إليه الإنسان من ضرورات الحياة التي لا غنى له عنها، وقد ضمنها ربنا جل جلاله لأبينا آدم عليه السلام حين أسكنه الجنة فقال له {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى. وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} قال الشنقيطي رحمه الله تعالى: قولُه: {وَلَا تَضْحَى} أي: لا تصيرُ بارزًا للشمسِ، ليس لك ما تستكِنُّ فيه مِن حرِّها.ا.هــــــــــــــــــــــ
وإذا تبيَّنتْ هاتان المقدمتان أن أهل غزة يصدق على أكثرهم – بعد هذه الحرب – أنهم فقراء أو مساكين، وأن السكن من الضرورات التي لا غنى للناس عنها، تبين أنه لا حرج في الإنفاق من أموال الزكاة على إنشاء الخيام لمن نزحوا من مساكنهم تحت وطأة القصف والنيران، حماية لهم من الحر والقر، وستراً لعوراتهم، وصيانة لأعراضهم
ومن جهة أخرى فإن أهل غزة داخلون في سهم (وفي سبيل الله) من حيث كون رباطهم وبقائهم في غزة وعدم خروجهم منها يعد مراغمة لأعداء الله عز وجل وتفويتاً لغرضهم في إخراجهم من ديارهم، وهم بهذا الوصف مستحقون للزكاة كذلك، والله تعالى أعلم.