مقابلة خاصة مع فضيلة د. عبد السلام أبو سمحة

    

سيرة، رؤية، ومواقف من الطوفان والأقصى

2/11/2025

 حوار : د. عمر الجيوسي

📍  السيرة الذاتية والمكانية

  1. إذا أراد علماء وشباب اليوم أن يتعرفوا على الأستاذ د. عبد السلام أبو سمحة حيث ساقت الذكريات الأولى …فعلينا أن نذهب معك إلى الزمان والمكان والتنشئة وسيرتك ؟

الإجابة

بعد حمد الله وشكره على نعيمه، والصلاة والسلام على نبيه وصفيه من خلقه وخليله .. أقوال:

رحلة الجذور بدأت في مدينة الشهادة والمقاومة والجهاد، مدينة الاستشهاديين .. جنين العزة والبطولة، وأما القرية فتلك التي تحضن جبل جريش وتمتد في مرج ابن عامر امتدادا روحيا قبل أن يكون ماديا .. هي ميثلون، وأما عشيرتي التي أنتمي لها فهي عشيرة الربايعة والتي تمثل مع أخواتها من عشائر فلسطين جزءًا من النسيج الفلسطيني الذي نُزِع من أرضه بفعل الاحتلال، لكنه ظل متشبثًا بها في القلب والوجدان.

كحال كل فلسطيني هُجّر من بلاده، خرجت أسرتي إلى الأردن، فقد كان والدي رحمه الله عسكريًا، جاء توزيعه في مدينة أربد عروس الشمال الأردني الحبيب، واحتلت البلاد وهو على رأس عمله فما استطاع العودة، فكان الشوق والتهبت المشاعر، وكانت الولادة في عمّان، والنشأة في ربوعها، تلك المدينة التي تتآخى مع القدس في روحها، وتحتضن فلسطين في وجدانها في الأردن، مع شعبها الطيب المبارك، عشنا أيامًا جميلة مباركة، لكنها مغموسة بالحسرة وملتهبة بالشوق، فقد نشأت على حب فلسطين، وعلى التعلق بالأرض المقدسة، وعلى الإيمان بأن هذه الأرض المباركة لا تغيب عن القلب مهما ابتعدت المسافات، وأننا إليها عائدون مهما طال الزمان، فالتعلّق بفلسطين نشيد الدروب منذ الصغر، حملناه ونحن أطفالنا ونعلمه أبنائنا في كل وقت وزمن.

أما المسيرة العلمية، فقد كانت كلها في الأردن:

  • البكالوريوس في الجامعة الأردنية في عمّان.
  • الماجستير في الحديث النبوي الشريف.
  • الدكتوراه في جامعة اليرموك، حيث كانت أيامًا مباركة، مليئة بالعلم والتكوين والتأمل.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي كل من ساهم في تنشئتنا وإعدادنا وتعليمنا خير الجزاء.”

  • هل من حدث أثّر في مسار حياتكم وفتح عيونكم على قضية فلسطين ثم جعلها في صلب مشروعكم؟

لعلّ أكثر حدثٍ أثّر في مسيرة حياتي، وفتح عيوني على القضية الفلسطينية، وجعلها في صلب مشروعي الدعوي والتربوي، هو الانتفاضة الأولى عام 1987.

كانت تلك الانتفاضة بمثابة صرخة في وجه الاحتلال، جاءت بعد سنواتٍ طويلة من ترسيخ وجوده، ومحاولاته المستمرة لطمس الهوية، وإيهام العالم أن أهل البلاد قد نسوا أرضهم، أو رضوا بالاحتلال واقعًا لا يُقاوَم.

لكن من بين ركام الوهم، ومن تحت أنقاض الصمت، انطلقت شرارة الانتفاضة، لتعيد القضية إلى الواجهة، وتوقظ الضمير، وتعلن أن فلسطين ليست قضية منسية، بل قضية حيّة في وجدان الأمة.

ما بعد الانتفاضة لم يكن كما قبلها. فقد تغيّر مسار القضية، وبدأ المشروع الإسلامي يظهر في قلب الصراع، ليعيد تعريف المعركة: لم تعد معركة فصيل أو جهة، بل أصبحت معركة أمة، ومعركة جهاد، ومعركة عقيدة.

هذا التحول العميق هو ما أثّر في مسيرتي، وجعلني أنظر إلى القضية الفلسطينية لا بوصفها أرضًا نشتاق إليها فحسب، بل باعتبارها قضية إيمانية، عقدية، حضارية، تستحق أن تكون في قلب كل مشروع تربوي ودعوي.

  • هل ترون أن الأمة مقصّرة في معرفة علمائها المجاهدين؟ من المسؤول؟

تقصيرٌ مؤلم ومسؤوليةٌ مشتركة

نعم، الحقيقة أن هناك تقصيرًا واضحًا في التعريف بالعلماء المجاهدين الذين كانت لهم بصمات عظيمة في تاريخ الأمة، وفي واقعها المعاصر. هؤلاء العلماء الذين جمعوا بين سيف الجهاد وقلم العلم، وبين الربانية في السلوك والبطولة في الميدان، لم يُعطوا حقهم من التعريف والاحتفاء.

ولعلّ السبب في هذا التقصير يعود إلى محاولة صرف الأمة عن معاني عظيمة، وعلى رأسها مفهوم الجهاد، الذي بات يُجرّم في بعض الخطابات، ويُشوّه في بعض المناهج، رغم أنه سرّ عزّة الأمة، ورافعة نهضتها، وصمام أمانها في وجه الاحتلال والهيمنة.

الجهاد ليس فقط بندقية، بل هو مشروع حضاري، يُصدّر صورة الأمة القوية، ذات السيادة والرأي والعزة، التي تملك مستقبلًا لأبنائها، وتدافع عن أرضها وكرامتها.

أما المسؤولية، فلا يمكن أن تُلقى على جهة واحدة، بل هي منظومة كاملة، بعضها يركن إلى الواقع، وبعضها يرضى بالخمول، وبعضها يخشى من تبعات رفع راية الجهاد والعزة.

ومع ذلك، هناك مبادرات مباركة بدأت تُعيد الاعتبار لهؤلاء العلماء، من الشيخ عز الدين القسام، إلى عبد القادر الحسيني، إلى الشيخ أحمد ياسين، وغيرهم ممن قضوا في ساحات المعركة، وآخرهم شهداء العلم والجهاد في غزة، في معركتنا الأخيرة التي لن تكون النهائية.

  • هل زرتم فلسطين سواء الضفة أو غزة ؟ وما الذي بقي أو سيبقى متعلقا وعالقًا أو ذكرات قادمة ترجوها؟

زيارة واحدة… وذاكرة لا تزول

هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي تجرف القلب وتدمّر الفؤاد، لأن أبناء الأرض المباركة، أبناء فلسطين، لا يُتاح لهم أن يزوروا أرضهم، ولا أن يعيشوا فيها كما ينبغي لهم.

للأسف، لم أزر فلسطين إلا مرة واحدة فقط، وكانت إلى الضفة الغربية، حين كان عمري خمس سنوات. ومنذ ذلك الحين، لم أعد إليها، ولم أتمكن من زيارتها مرة أخرى. فكلنا يعرف تعقيدات الزيارة، ولا يمكن لي أن أذهب لأزور أرضنا المحتلة بفيزا يمنحها لي محتلٌ غاصب، يأذن لي بدخول أرضي وكأنها ملكه.

لكن اليوم، ومع تطور وسائل التصوير والمعرفة، أصبحنا نرى كثيرًا من معالمها، ونتعرف عليها عن قرب، رغم البعد.

ما بقي عالقًا في ذهني من تلك الزيارة الطفولية هو مشهد الحي القديم الذي كان يسكن فيه جدي رحمه الله في قرية مثيلون، تلك البيوت المتراصة، وتلك القباب التي لا تزال صورتها محفورة في الذاكرة حينما صعدت إلى سطح البيت؛ فهذه القباب، وهذه العقود، أقدم من عمر الاحتلال نفسه، بل أقدم من الدول التي تدعمه.

لقد بُنيت تلك البيوت بأيدي الآباء والأجداد الفلسطينيين، وهي شاهد حيّ على أننا باقون، متشبثون، أصحاب الأرض الأصليين.

ولهذا، فإن المحتل الغاصب حين يوجه نيرانه إلى غزة، يستهدف المعالم الأثرية، لأنها تُشكّل له عقدة نفسية، تذكّره أن هذه الأرض لها تاريخ، وأن غطاء منهل الصرف الصحي في يافا أقدم من دولته المزعومة التي ستزول.

  • القدس… صف علاقتك بها كعالم فلسطيني ، خاطبها كأنها ماثلة أمامك ، قدم لها عذرك وقهرك ؟

حين أنظر إلى القدس، لا أنظر إليها بعين السائح أو المتأمل، بل بعين طالب العلم الفلسطيني، الذي يحمل في قلبه شريطًا طويلًا من الذكريات، يمتد آفاقًا أمامه، كلما مرّ بخاطره اسمها أو لمح صورتها.

في باحاتها، في ساحاتها، في حجارتها، أرى حادثة الإسراء والمعراج، فأستحضر ذلك المشهد الخالد: اجتماع النبي ﷺ بالأنبياء، وانتقال ميراث الرسالات من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل. هناك، في بيت المقدس، تمت بيعة الأنبياء لنبينا محمد ﷺ، وهناك انتقل مركز النبوة من أمة إلى أمة، ومن تاريخ إلى مستقبل.

هذا المشهد لا يغيب عن وجداني، لأنه يكشف جوهر الصراع وحقيقته، ويُفسّر عقدة المحتل الصهيوني تجاه القدس، فهي ليست مجرد مدينة، بل رمزٌ لعقيدة، ومركزٌ لرسالة، وميدانٌ لمعركة الحق والباطل.

وحين أتأمل القدس اليوم، تتقلب أمامي صور الاعتداءات، والإجرام، والتدنيس، وأتساءل: كيف صبرنا؟ كيف قصّرت الأمة؟ كيف تُركت هذه الأرض المباركة تُستباح دون أن تتحرك الأمة لتحريرها؟

كيف أُقدّم لكِ يا قدس عذري؟ وأنا أعيش قهر الرجال، وأراكِ تُنتهكين من بني صهيون ومن قطعان المستوطنين؟
لا عذر يكفي، ولا كلمات تفي، إلا أن أقول لكِ:

معذرة يا قدس، فالأمة مقصّرة، ونحن مقصّرون. علاقتنا بكِ هي علاقة الروح بالجسد، ولأجل ذلك، نحن أجساد تمشي على الأرض بلا روح، لأن روحنا ترفرف في باحاتك، في حجارتك، في محرابك، في دماء شهدائك.

📍 أسئلة تحت الرماد 🔥

  • طوفان الأقصى… هل كان قرارًا شرعيًا أم خطوة عسكرية متهورة كما يقول البعض؟

الحقيقة أن الحديث عن طوفان الأقصى لا يحتاج إلى جدل حول “القرار الشرعي”، لأن الشرعية حاضرة بذاتها، فالأرض محتلة، والعدو غاصب، والمقدسات تُنتهك، والحصار يُفرض، والقضية تُصفّى، والهرولة نحو الاتفاقيات الإبراهيمية تتسارع، والأراضي تُقضم، والحقوق تُسلب، والأسرى يُغيّبون في غياهب السجون.

كل هذا لا يحتاج إلى فتوى جديدة أو قرار شرعي مستحدث، فـالقرار الشرعي بالمقاومة قد اتُخذ منذ أن وطأ الاحتلال أرض فلسطين. من يسأل عن شرعية المقاومة في هذا السياق، فهو يعاني من إشكالية منهجية في التفكير، بل ربما يساهم دون أن يدري في شرعنة الاحتلال وقبول الواقع المفروض.

أما القول بأن طوفان الأقصى كان “خطوة عسكرية متهورة”، فهو قول مردود، لأن من يُحسن الإجابة عن هذا هم القادة والخبراء العسكريون، وقد سمعنا منهم ما يؤكد أن الطوفان لم يكن تهورًا، بل كان خطوة مدروسة، تحمل أملًا في أن تنتفض الأمة، وتساند أهل الأرض في قضيتهم.

لقد طالما سمعنا من يلوم أهل فلسطين على عدم المقاومة، فلما قاوموا، جاءهم اللوم من جديد! وهذا تناقض يكشف عن حالة من التخدير والهزيمة الداخلية لدى البعض.

طوفان الأقصى لم يكن تهورًا، بل كان كشفًا للوجه الحقيقي للاحتلال أمام العالم، وكان خطوة في طريق التحرر، كما حدث في تجارب الشعوب الأخرى التي طردت المحتلين عبر التاريخ.

إن سؤال “هل هو قرار شرعي؟” أو “هل هو تهور؟” هو في ذاته سؤال مختل منهجيًا، ويعكس انكفاءً ذاتيًا وهزيمة داخلية. فالأصل في الأمة أن تقاوم وتقاتل، وهذا مشروع منذ عام 1948، بل منذ أيام العصابات الصهيونية الإجرامية.

  • إذا كانت المقاومة عملت ما عليها زيادة ، ـ بصراحة ـ هل نتيجة المعركة تتحمله الأمة بالتقصير والإثم والخذلان؟

المقاومة فعل مستمر… والأمة تتحمل وزر التقصير

القضية في المقاومة ليست كأي معركة تُحدد لها وقت وزمن، ثم تُحسب فيها الأرباح والخسائر. المقاومة حالة مستمرة، تتعدد صورها، وعلى رأسها المقاومة العسكرية، وهي مرتبطة وجوديًا بوجود الاحتلال. ما دام الاحتلال قائمًا، فالمقاومة واجبة، وهي فريضة شرعية على أهل الأرض ومن يعاونهم من أبناء الأمة.

حين نقول إن المقاومة “عملت ما عليها”، فنحن لا نغلق الباب، بل نفتح الأفق: نريد منها المزيد، نريد الاستمرار، نريد التقدم نحو مربعات جديدة من الفعل المقاوم. جزى الله رجال المقاومة خيرًا على ما قدموه من أرواح ودماء، فقد استنهضوا بها الأمة، وأعادوا لها شيئًا من روحها.

أما الحديث عن “نتيجة المعركة”، فليس هناك نصر مؤزر كامل، ولا هزيمة ساحقة كاملة. هذه معركة طويلة النفس، وثمارها قد تُقطف بعد عقد أو عقدين، وربما أكثر. من لا يستوعب طبيعة معارك التحرر، عليه أن يُراجع فهمه، فالمقاومة ليست لحظة، بل مسار.

لكن الأمة، بكل وضوح، تتحمل وزر التقصير والإثم والخذلان. كانت هناك فرصة تاريخية لأن تكون المقاومة في غزة رافعة لنهضة الأمة، وأن تُقدّم لها على طبق من ذهب فرصة التحرر، والعودة إلى جادة الطريق. لكن الأمة، للأسف، آثرت التقصير، وستدفع ثمن ذلك غاليًا.

لا يمكن لأمة تريد أن تحيا بعزة وكرامة أن تفعل ذلك وهي بعيدة عن أصولها وقيمها، وبعيدة عن قوتها الذاتية. من احتمى بقوة غيره، كان كالعريان، والتاريخ يشهد، والزمان يؤكد، واليوم يُثبت ذلك.

  • هناك من يقول إن طوفان الأقصى دمّر مشروع التطبيع لكنه أيضًا فجّر الأوضاع الإنسانية في غزة… كيف يوازن الفقيه بين النصر السياسي والكلفة البشرية؟

طوفان الأقصى… بين النصر السياسي والكلفة البشرية

في عالم السياسة، لا يوجد شيء اسمه “تدمير كامل” لأي مشروع. ما يحدث هو تعطيل، تأخير، أو تعقيد للمسار، لكن المشروع يبقى قائمًا ما دام خلفه من يعمل عليه. وكما أن لدينا مشروع مقاومة يستمد شرعيته من الكتاب والسنة وفعل الصحابة والتابعين، فإن الطرف الآخر لديه مشروع تطبيع، يسعى لإعادة تشكيل الوعي والتعايش مع المحتل، تحت مظلة ما يسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية”.

صحيح أن طوفان الأقصى وجّه ضربة قوية لهذا المشروع، وأربك منظومته الفكرية والسياسية، لكنه لم يُنهِه، لأن من يقف خلفه لا يزال يراهن عليه لتحقيق ذاته الناقصة، رغم أن هذا المشروع لا يحقق له أمنًا ولا رخاء، بل إن المحتل يتعامل مع من يسالمه بأسوأ مما يتعامل مع من يقاومه.

في المقابل، مشروع المقاومة مستمر، ويناهض مشروع التطبيع، ويكشف زيفه. وقد كان لطوفان الأقصى أثر بالغ في فضح الوجه الحقيقي للاحتلال أمام العالم، خاصة بعد المجازر التي ارتكبها في غزة، والتي نقلت صورة نازية جديدة، وهولوكوست حي، شاهده العالم كله.

أما عن الكلفة البشرية، فهنا يأتي دور الفقيه في الموازنة بين النصر السياسي والدماء التي سُفكت. الفقيه لا ينظر إلى الأرقام المجردة، بل إلى المآلات والمقاصد، وإلى التحولات الكبرى التي تصنعها التضحيات. لقد رسّخ الطوفان في الوجدان العالمي صورة جديدة عن الاحتلال، وعن المقاومة، وعن غزة، وعن فلسطين كلها.

نعم، الطوفان فجّر الأوضاع الإنسانية، لكنه أيضًا فجّر وعيًا عالميًا جديدًا، وأعاد تعريف الصراع، وفتح الباب أمام الأمة لتعيد النظر في موقعها من القضية، وفي مسؤوليتها تجاهها.

لا بد لنا في هذا السياق أن نستوعب طبيعة هذا المحتل، وأن نفهم آلية التعامل معه. فالاحتلال الذي يمارسه الكيان الصهيوني ليس كأي احتلال عرفه التاريخ المعاصر. إنه احتلال استيطاني إحلالي، ينتزع الأرض، ويبني عليها مدنه، وحياته، وصناعاته، وتجاراته، ثم يمضي في فرض وجوده، ويعترف به العالم، رغم أنه قائم على الإبادة والاغتصاب.

النموذج الأمريكي في الاحتلال كان قذرًا أيضًا، حين أُبيد السكان الأصليون، وشُرّد من بقي منهم، لكن الاحتلال الصهيوني مختلف تمامًا، لأنه لا يكتفي بالاستيطان، بل يسعى إلى محو الذاكرة، وقتل الإرادة، وشرعنة وجوده عبر الإعلام والاتفاقيات والمفكرين، وحتى عبر إشغال الناس بأرزاقهم وأحوالهم.

أمام هذا، فإن إرادة التحرير لدى الفلسطينيين ولدى الأمة كلها إرادة حية، يُراد قتلها. ومن هنا جاءت هذه المعركة، وجاءت هذه الكلفة الباهظة من الدماء الزكية الطاهرة، لتوقظ العالم، وتكشف حقيقة هذا النمط من الاحتلال.

هذا الاحتلال لا يُزال من خلف الكيبورد، ولا من داخل الغرف المكيفة، بل يحتاج إلى قوة، وتضحيات، ودماء، وطريق طويل من الصبر والثبات. الكلفة البشرية التي وقعت على أهلنا في غزة، وعلى الأمة كلها، هي مهرٌ لإعادة بيت المقدس، وهي ثمنٌ لنزع أنياب هذا المحتل من أرضنا.

كنا نتمنى أن نكون شهداء على ساحة بيت المقدس، وإن شاء الله نُرزق هذه الشهادة، لأننا لا نتحدث من واقع تنظيري، بل من وجدان حي، وغيرنا هو من يقدم التضحيات. نسأل الله أن نكون صادقين فيما نقول، وأن نقدم دماءنا ودماء أبنائنا في سبيل تحرير بيت المقدس من هذا العدو الغاصب.

📍 دور العلماء أمام الطوفان

  • بصراحة أكثر ما رأيك في أثر بيانات ومؤتمرات العلماء خصوصا المتعلقة بمعركة طوفان الأقصى؟

بيانات العلماء في طوفان الأقصى… بين الأثر الفكري والدور الواقعي

لا بد أن نبدأ بفهم طبيعة الدور المناط بالعلماء اليوم: هل هو دور عسكري؟ وهل يُطلب من العلماء والمشايخ والمفكرين أن يكونوا في ساحات القتال؟ هذا السؤال يحمل في طياته خلطًا بين الأدوار، ويغفل طبيعة الدولة الحديثة، التي لا تسمح – بل قد تُعاقب – من يتجاوز دوره إلى ما يُعد تهديدًا داخليًا.

العالم في الأزمنة السابقة كان مجاهدًا، لأن ساحات الجهاد كانت مفتوحة، والمنظومة التي يعيش فيها كانت تتيح له ذلك. وقد رأينا نماذج من العلماء المجاهدين في غزة، الذين قدّموا أرواحهم واستُشهدوا في أرض المعركة، وكانوا أصدق تعبير عن موقفهم العلمي من الجهاد والتضحية.

لكن في واقعنا المعاصر، فإن المطلوب من العلماء هو أن يبيّنوا كلمة الحق، ويوضحوا الواجب الشرعي على الأمة وأفرادها وقادتها، وأن يتقدموا الصفوف في البيان والمطالبة والمناصرة الفكرية، وأن يتقدموا ساحات القتال حيث أتيح لهم؛ فالعلماء على الدوام هو في الصفوف الأولى للمجاهدين، رحم الله العز بن عبدالسلام، والقسام، والياسين.

وقد قدّم عددٌ لا بأس به من العلماء والهيئات العلمائية بيانات قوية ومواقف واضحة، كان لها أثر فكري كبير، وإن لم يكن لها أثر عملي مباشر، لأن الواقع لا يسمح لهم بأكثر من ذلك. من يطالب العلماء بأن يتقدّموا الصفوف العسكرية، عليه أن يسأل: كيف؟ ومن أين؟ وهل هذا ممكن دون أن يُحدث فتنة داخلية في المجتمعات والدول التي يعيشون فيها؟

  1. ـ في دوركم الشرعي ـ ما هي أهم الفتاوي التي يحرص ا.د.عبد السلام أبو سمحة  أن تصل للعلماء وللأمة كي تؤدي دورا ( عمليا )حقيقيا في هذه المرحلة ؟

بصراحة، أنا لا أعدّ نفسي مفتيًا، ولا أنسب لنفسي الفتوى، لكنني أحرص على إيصال رسائل دعوية وفكرية واضحة، تنبع من فهم شرعي وواقعي للدور المطلوب من العلماء في هذه المرحلة، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. الوقوف الكامل مع أهلنا في غزة وفلسطين

يجب على العلماء أن يعلنوا بوضوح أن الاحتلال الصهيوني محتل غاصب، لا يمكن التعايش معه، ولا قبوله في المنطقة، ولا نسيان الدماء الزكية التي سُفكت. هذه رسالة شرعية وأخلاقية يجب أن تصل إلى الأمة كلها.

2. الدعوة إلى دعم شامل للمقاومة

الدعم لا يقتصر على الجانب النفسي، بل يشمل الدعم العسكري، والمادي، والإغاثي، والبنائي، والإعلامي، والمعنوي. يجب أن يُفهم أن دعم أهلنا في فلسطين واجب شرعي لا منة وعطاء، وأن العلماء عليهم أن يوضحوا هذا الواجب للأمة بكل فئاتها.

3. حماية ظهر المجاهدين من الطعن والتخذيل

من أخطر ما يواجه المجاهدين اليوم هو الطعن في نواياهم، والتشكيك في عقيدتهم، واتهامهم بالانحراف الفكري. العلماء مطالبون بالتصدي لهذه الحملات، وكشف عوار أصحابها، وبيان فساد منهجهم، خاصة من يشرعن التخذيل ويستدل له شرعًا، وهو منهج مرفوض شرعًا وعقلًا.

4. بيان شرعية المقاومة والجهاد في الأرض المحتلة

من أقدم على هذه المعركة، إنما ينفذ أمر الله في مقاومة المحتل، ويحقق فريضة الجهاد التي أمر بها أهل الأرض المحتلة. العلماء عليهم أن يوضحوا هذا الحكم الشرعي، ويحموا المشروع المقاوم فكريًا، ويحصّنوا الأمة من الروايات الصهيونية التي تتسلل عبر بعض الأقلام والوسائل.

  1. لماذا يصمت بعض العلماء حين تشتعل الساحات؟ أهو الخوف… أم اختلاف الرؤية؟

صمت العلماء… بين الخوف، والاختلاف، والانتظار

هذا السؤال لا يُجاب عليه بإجابة واحدة، لأن الصامتين ليسوا نمطًا واحدًا.

  • هناك من صمت لظروف موضوعية تتعلق ببلده أو منطقته، وهؤلاء لا يُتهمون بالخوف، بل يُحسن الظن بهم، لأنهم ربما مُنعوا أو أُكرهوا أو خشوا الفتنة في مجتمعاتهم، ونحن في زمن قد نقبل فيه هذا الصمت، إذا كان عن عذر قاهر.
  • وهناك نمط آخر يصمت حتى تنتهي المعركة، ثم يبدأ في النقد والطعن، وكأن لسانه وسيفه لا يُستل إلا بعد أن يُسدل الستار. هؤلاء يشبهون من لو كانوا في غزوة أحد، لطعنوا في المجاهدين بعد المعركة، لا قبلها.
  • وهناك من يصمت لأنه يختلف فكريًا مع الجهة التي تقاتل، فيظن أن تأييده للمجاهدين هو تأييد لفكرهم، فيختار الصمت. وهذا مؤسف ومخزٍ، لأن المعركة ليست بين فصيل وفصيل، بل بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر، بين الأرض المحتلة وأهلها.

لكن الأخطر من الصمت، هو من يخرج ليخذّل المجاهدين، ويطعن في عقيدتهم، ويقول إن ما أصابهم هو عقوبة من الله، بسبب آثامهم! هذا النمط هو الأخطر، لأنه لا يصمت فقط، بل يُضعف الصف، ويُربك الأمة، ويُخدم المحتل من حيث لا يدري أو من حيث يدري.

إننا لا نطلب من العلماء أن يحملوا السلاح، بل أن يحملوا الكلمة الصادقة، والموقف الشرعي، والبيان الواضح. ومن لم يستطع أن يتكلم، فليصمت صمتًا نبيلاً، لا صمتًا خاذلًا.

  1. ماذا عن حاجة العلماء إلى مراجعة فقهية داخلية بعد كل مرحلة كبرى؟ وما هي أعمدة هذه المراجعة؟

المراجعة الفقهية بعد طوفان الأقصى… ضرورة لا ترف

منذ انطلاق طوفان الأقصى، قلتها بوضوح: نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة للخطاب الديني. لا يصح أن يبقى الخطاب كما كان قبل هذه المحطة المفصلية في تاريخ الأمة. فهذه الدماء التي سالت، وهذا الجهاد الذي ضرب أروع الأمثلة في التضحية والفداء، وهذه القوة الإيمانية التي ظهرت في وجوه المجاهدين، وهم يقاتلون الدنيا كلها، لا يمكن أن تمر مرور الكرام.

المعركة لم تكن مع العدو الصهيوني فقط، بل كانت مع حلف شيطاني عالمي اجتمع على قتال فئة مؤمنة في أرض غزة.

أمام هذا الواقع، العلماء اليوم مطالبون بعقد مؤتمرات وندوات وحلقات دراسية لمناقشة أبجديات الخطاب الديني ما بعد الطوفان.

أعمدة هذه المراجعة الفقهية:

  1. تجاوز الخلافات المزمنة: لا يعقل أن يبقى الخطاب الديني غارقًا في الخلافات القديمة: هذا سلفي، وهذا أشعري، وهذا في فقه الزكاة يخرج مالًا أو طعامًا… هذه الخلافات استنزفت طاقات الأمة، وحان وقت تجاوزها.
  2. رفض الفكر الإقصائي: لا بد من إنهاء حالة الاستحواذ على الحق، وإقصاء أي مكون علمي أو فكري. الأمة بحاجة إلى وحدة علمية، لا إلى تمزيق فكري.
  3. استقلالية العلماء: يجب أن يتمتع العلماء بـ:
    1. استقلالية في الرؤية.
    1. استقلالية في الموارد المالية.
    1. استقلالية في اتخاذ القرار.
    1. استقلالية في البناء العلمي والمعرفي. بعيدًا عن الإملاءات السياسية أو الضغوط الخارجية.
  4. إحياء المفاهيم الأصلية: مثل وحدة الأمة، قوتها، رفض التمزيق، وكسر الحدود المصطنعة التي فرّقت الأمة.
  5. إعادة ترتيب أولويات الخطاب الديني: لا بد من إعادة النظر في أولويات الخطاب، ليكون أكثر ارتباطًا بالواقع، وأكثر قدرة على استثمار اللحظة التاريخية التي نعيشها.
  6. استثمار ما بعد الطوفان: من أخطر ما يمكن أن يُغفل هو استثمار آثار الطوفان. اليوم، العالم كله ينظر إلى هذه الأمة، ويجب أن يكون العلماء في مقدمة من يُعيد صياغة الوعي، ويقود المرحلة القادمة.

استثمار الدماء الطاهرة في وعي عالمي جديد

من أعظم ما يجب أن يُضاف إلى أعمدة المراجعة الفقهية بعد طوفان الأقصى، هو كيفية استثمار هذه الدماء الزكية التي روت الأرض المقدسة، وغيّرت وجه العالم، ونظرته إلى أمتنا وشعوبنا وقضايانا.

اليوم، شعوب العالم – لا الأنظمة، فقد غسلنا أيدينا منها – مقبلة على هذه الأمة، وقد رأت بأعينها المجازر، والصمود، والإيمان، والتضحية. هذه الشعوب باتت تملك وعيًا أكبر من ذي قبل، وبدأت تسأل عن الإسلام، وعن فلسطين، وعن غزة، وعن هذا الدين الذي يُنبت رجالًا يقاتلون الدنيا كلها وهم على يقين بنصر الله.

هنا يأتي دور العلماء في ترتيب أولويات الخطاب الديني، ليكون خطابًا عالميًا، إنسانيًا، راقيًا، يُخاطب العقول والقلوب، ويُعرّف الناس بهذا الدين العظيم، وبقضيته المركزية، وبأخلاقه في الحرب والسلم، وبقيمه في العدل والحرية والكرامة.

إن استثمار ما بعد الطوفان ليس ترفًا فكريًا، بل هو واجب شرعي وتاريخي، لأن العالم كله الآن ينظر إلينا، وينتظر منا أن نُقدّم له الحقيقة، لا أن نغرق في خلافاتنا، أو نُضيّع اللحظة التاريخية التي صنعها المجاهدون بدمائهم.

  1. فضيلة الأستاذ د.عبد السلام أبو سمحة  بعد كل هذه  التجارب ومعايشة العلماء والقضية ، ما هي رسالتكم ووصيتكم للعلماء الشباب الذين يقفون على الحياد أو الذين يضّحون ويستعدون لمعركة الأمة القادمة؟

رسالة إلى العلماء الشباب… لا حياد في معركة الأمة

أمام هذه التجربة المرّة التي تعيشها الأمة في هذه الحرب المستمرة، أمام المجازر، والدماء، والحرق، والآلة الإجرامية التي رأيناها بأبشع صورها، والتي كنا نسمع عنها في نكبة 1948، ثم رأيناها اليوم بأعيننا، لا يمكن أن يبقى أحد على الحياد.

لا حياد في معارك الأمة.

رسالتي إلى العلماء الشباب الذين يقفون على الحياد: الحياد اليوم ليس موقفًا وسطًا، بل هو وقوف في صف المحتل، شاء صاحبه أم أبى، علم أم جهل. من يقول “لا شأن لي”، أو “هذه ليست قضيتي”، أو “أنا غير معني”، فهو في الحقيقة يخدم المحتل من حيث لا يدري، ويفرح له المحتل، ويعتبره مكسبًا في معركته.

أما رسالتي إلى العلماء الشباب الذين يضحّون ويستعدّون لمعركة الأمة القادمة، فأقول لهم: نحن في معركة مستمرة، ليست معركة واحدة، بل سلسلة من المعارك:

  • معركة الوعي
  • معركة الفهم
  • معركة الاستيعاب
  • معركة البناء العلمي والدعوي

وعلينا أن نستعد لها بكل فكرنا، ووجداننا، وارتباطنا بديننا، وبأمتنا، وبثقافتنا، وبالقدوات الحسنة.

واليوم، القدوة ليست من يجلس وينظّر، بل من يقف في الميدان. القدوة هم أهل غزة، شبابها الذين أذاقوا المحتل مرارة القتال، وداسوا على رؤوس الصهاينة بأحذيتهم. هؤلاء هم الأسوة، وهم النموذج، وهم من يجب أن يُحتذى بهم.

فيا شباب الأمة، لا تقفوا على الحياد، ولا تنتظروا حتى تنتهي المعركة لتُعلّقوا. كونوا في الصف، ولو بالكلمة، ولو بالدعاء، ولو بالوعي، ولو بالبيان. فإن الأمة تنتظركم، والقضية تناديكم، والدماء الطاهرة تسألكم: أين أنتم؟

  1. كيف يمكن أن يتحول غضب الشباب اليوم إلى مشروع استراتيجي لفلسطين؟

من الغضب إلى المشروع… كيف يتحول وجدان الشباب إلى استراتيجية لفلسطين؟

الغضب الذي يعايشه الشباب اليوم، إن بقي حبيس النفس، فإنه يتحول إلى نقمة داخلية تقتل صاحبها. لكن إن تم توجيهه، فإنه يصبح وقودًا لمشروع استراتيجي يخدم فلسطين، ويُعيد تشكيل الوعي، ويُحدث أثرًا بعيد المدى.

من نظر إلى طوفان الأقصى كمجرد معركة، فقد اختزل الحدث. أما من نظر إليه كمشروع استراتيجي، فقد أدرك عمقه. الطوفان لم يكن فقط مواجهة عسكرية، بل كان تحولًا نوعيًا في الوعي العالمي، وفي الخطاب السياسي، وفي نظرة الشعوب إلى القضية.

اليوم، من كان يُعاقب سياسيًا على كلمة ضد الاحتلال، أصبح يُعاقب على كلمة تؤيده. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل من مشروع مقاوم قاده شباب وعلماء ومجاهدون في غزة، فاقوا كل التوقعات، وأعادوا تعريف المعركة.

كيف يتحول الغضب إلى مشروع؟ اقدم مقترحات محددة:

  1. التوثيق والتأريخ: مشروع يوثق ما حدث في غزة، من المجازر إلى البطولات، ليكون مرجعًا للأجيال القادمة، وللوعي العالمي.
  2. الانفتاح على العالم: مشروع يخاطب شعوب العالم، لا أنظمته، ويستثمر حالة الإقبال العالمي على القضية، ليُعرّف بالإسلام، وبالحق، وبالعدالة.
  3. إعادة بناء المفاهيم: تأسيس مفاهيم جديدة في عقول الشباب، وفي عقول الشعوب الغربية، حول فلسطين، والمقاومة، والعدالة، والكرامة.
  4. الاستعداد والدعم: مشروع يُعِدّ الشباب نفسيًا وفكريًا لدعم القضية، ويُظهر أن الأمة لا تقبل أن يكون المحتل جزءًا منها، أو أن يُفرض عليها واقعًا زائفًا.

وهنالك مشاريع كثيرة قد لا أدركها في ساعتي الآن، لأنها تحتاج إلى جلسات عصف ذهني، وتعاون بين العلماء والمفكرين والمربين، لتتحول من فكرة إلى واقع، ومن غضب إلى بناء، ومن وجدان إلى استراتيجية.

  1. هل ترى نصرًا من بعيد؟ وهل يشرق من بين مآذن الأقصى وركام غزة؟

نعم، أراه… وأراه يقينًا لا وهماً.

لقد أجريتُ حديثًا مع بعض الأسرى الذين حُكم عليهم بالمؤبد، أربعمئة عام وخمسمئة عام، ومع ذلك كان الأمل يعتمر قلوبهم، وكان الإيمان بالله ينير دربهم، وكانت آيات الله أنسهم في الزنازين، تفتح لهم نوافذ في جدران الظلمة، وتريهم آفاق النصر.

ما زلنا نتلوا: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

وما زلنا نردد: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله

النصر كان بعيدًا، لكننا اليوم نراه قريبًا.

أبطال طوفان الأقصى رضي الله عنهم عبروا في ساعات إلى أرضنا المحتلة، وأعادوا السيطرة على جزءٍ منها، بأدوات بسيطة، فأرسلوا لنا رسالة خالدة:

أننا نستطيع أن نحررها، وأن هذا الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر، داست نعال المجاهدين المهترئة رؤوس جنوده، وقالت لنا: النصر قريب، والتحرر ممكن، ولأجل ذلك كانت ردة فعل الصهيوني إجرامية لنتزع منها هذه القناعة، ولن يفعل.

نرى مآذن الأقصى ترفرف عليها راية التوحيد،

نرى من بين الركام يخرج المجاهد، وتخرج الفكرة، وتخرج مادة الوعي،

ونرى من بين الركام نصرًا لا تغيب شمسه بإذن الله.

الأمة تعيش على الأمل، ومن لا يعيش على الأمل، فهو خارج من مشروع الأمة، وخارج من حسابات التاريخ.

نحن أصحاب مشروع، مشروع تحرير الأرض، وبث رسالة ربنا إلى العالم كله. متى؟ نراه قريبًا. وإن بدا بعيدًا، فهو أقرب مما نظن.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا في ساحات بيت المقدس، محررين، مكبّرين، منتصرين.

قد يعجبك أيضاً