خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ* أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ )
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله إمام المجاهدين قائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه ومن يتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فإنَّ العالم أجمع يتابع العدوان الصهيوني المستمرّ للأسبوع الثاني ضدَّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالقصف بحراً وبراً وجواً ومحاولات الاجتياح البرية، وقد ارتقى خلاله حتى الان ما يزيد على 300 شهيداً أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، وأصيب أكثر من 3000 جريحاً، وأسفر عن تدمير أكثر من ثلاثين مسجداً ومئات المنازل، وارتكب في أيامها العدو الصهيوني أبشع المجازر المروّعة ضدّ عائلاتٍ بأكملها، في حربِ إبادةٍ تشهدُ تواطؤاً دولياً فاضحاً وانحيازاً صارخاً للاحتلال، في ظل صمتٍ وتقاعسٍ للنظام الرسمي العربي والإسلامي.
وإنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج، وانطلاقاً من مسؤوليتهم الشرعية في قول كلمة الحق والجهر بها وإيماناً منهم بضرورة بيان واجب الأمة الإسلامية في نصرة الشعب الفلسطيني وفرضية التضامن معه ونصرته في مواجهة العدو الصهيوني الذي هو عدو الأمة كلها، تؤكد على ما يلي:
أولاً: العدو الصهيوني هو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن العدوان على قطاع غزة، فهو البادئ بالعدوان المستمر منذ أن وطئت أقدامه أرض فلسطين المباركة، وهو لا يحتاج إلى ذرائع لشن المزيد من العدوان وارتكاب المزيد من الجرائم، ومن ثمَّ فإنَّ من حق الشعب الفلسطيني ومعه الأمة الإسلامية كلها ردّ العدوان ومواجهته بالوسائل المتاحة كافة، وإن تحميل المقاومة وفصائلها أية مسؤولية عن العدوان إنما هو قلبٌ للحقائق ولا يصبُّ إلا في خدمة العدو الصهيوني.
ثانياً: تحيي هيئة علماء فلسطين في الخارج كتائب المقاومة وفصائلها على أرض قطاع غزة وتؤكد لهم أن صمودهم وثباتهم البطولي هو محطُّ أنظار الأمة، وإن علماء الهيئة إذ يشدُّون على أيدي المجاهدين ويباركون التنسيق السياسي والعسكري بين الفصائل المجاهدة كلها فإنهم يدعون إلى مزيد من التوحد في خندق المقاومة والجهاد، قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) الصف آية 4
ثالثاً: نصرة فلسطين وشعبها وأرضها ومقدساتها ليست مسؤولية محصورة بالفلسطينيين فحسب، وإنما هي مسؤولية الأمة العربية والإسلامية حكاماً وشعوباً وقادة ومسؤولين ومنظامات رسمية وهيئات شعبية، وعلى الأمة كلها بشرائحها كافة أن تسارع إلى تحمل مسؤوليتها وواجبها في نصرة غزة وأهلها، قال تعالى: ( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ) الأنفال آية 72
رابعاً: تطالب الهيئة بوقف أشكال التفاوض والتواصل كافة مع الكيان الصهيوني، وسحب أي مشروع للتسوية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالضغط السياسي والدبلوماسي.
خامساً: تؤكد الهيئة على أن مقترح الحماية الدولية الذي تطرحه السلطة الفلسطينية، غير جائز شرعاً، إذ هو استدعاءً لنوع جديدٍ من الاحتلال ويطالب العلماء المقاومين على أرض فلسطين بالتعامل مع أي جندي يدخل إلى فلسطين لغير نصرتهم أو ليحول بينهم وبين الصهاينة معاملةَ المحتل الذي يجب دفعه ومقاومته.
سادساً: تطالب الهيئة السلطات في مصر بفتح معبر رفح على الفور لإدخال المساعدات المطلوبة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والسماح بعبور الجرحى واسعافهم وتسهيل نقلهم وعلاجهم وهذا من أبسط الحقوق الواجبة لأهلنا في قطاع غزة، مؤكدين على أن استمرار حصار قطاع غزة واغلاق معبر رفح جريمةٌ لا يمكن قبولها على الإطلاق.
سابعاً: ترحب الهيئة بأية مبادرةٍ توافق عليها فصائل المقاومة وتحقق شروطاً، فالمقاومة هي صاحبة الكلمة الفصل في ذلك و إنَّ أية مبادرة تسعى إلى وقف إطلاق النار وتحميل الشعب الفلسطيني ومقاومته أعباء وتداعيات حربٍ هم فيها ضحية فيها وتفرض شروطاً تخدم الاحتلال واجندته في نزع سلاح المقاومة وتجريمها، فإنَّ العلماء يعدون تلك المبادرات مرفوضة جُميلَةً وتَفصيلاً، شرعياً ووطنياً وأخلاقياً وانسانياً، وينظرون اليها بعين الريبة والشكِّ شكلاً ومضموناً وتوقيتاً، إذ أُعلن عنها بعد أن نفذت المقاومة ضرباتٍ موجعة للاحتلال في قلب كيانه وأرعبت جيش الاحتلال الصهيوني وقادته وجنوده جواً وبراً وبحراً.
ثامناً: تستنكر الهيئة الصمت المهين، والتواطؤ المريب من كثيرٍ من حكام الأمة العربية والإسلامية وتتساءل أين هو صوتهم وفعلهم لقضية الأمة المركزية وأين هي الأسلحة التي تتكدّس في المستودعات وما أخرجت من مستودعاتها إلّا لتواجه بها الشعوب التي طالبت بحريتها وكرامتها.
كما تؤكد الهيئة على أن التاريخ لن يرحم المتقاعسين من الحكام والمتواطئين من العدو الصهيوني كما تذكرهم بوقفتهم في الآخرة بين يدي الله تعالى التي سيسألون فيها عن تقاعسهم وتخاذلهم.
تاسعاً: يطالب علماء الهيئة اخوانهم من العلماء والدعاة في الامة الاسلامية إلى القيام بواجبهم تجاه أهل غزة من خلال شحذ الهمم وحشد الطاقات وتعبئة الجماهير وارشاد شرائح الأمة وتوجيهها إلى نصرة غزة وأهلها بالوسائل المتاحة كافة وليجعلوا منابرهم شقائق لمنابر مساجد غزة التي هدمت بآلة الإجرام الصهيونية، لتفضح إجرام الصهاينة وتسوءُ وجوههم.
عاشراً: تهيب الهيئة بالشعوب الإسلامية إلى التعبير عن غضبها واستنكارها للحرب العدوانية على غزة بالنزول إلى الساحات والميادين العامة والقيام بالنشاطات الاحتجاجية المختلفة، كما تدعوها إلى الجهاد بالمال والكلمة لنصرة غزة وأهلها.
حادي عشر: تدعو الهيئة العالم الحر، والمنظمات الدولية والحقوقية كافة إلى القيام بدورها في رفع الظلم عن غزة وعن كل فلسطين، وايقاف الحرب العدوانية المستمرة، واعتبارها جريمة بحق الإنسانية وملاحقة الفاعلين في المحافل الدولية.
ثاني عشر: تقدر الهيئة مواقف الدول والقادة الداعمة والمناصرة لغزة وأهلها ومقاومتها، وندعوهم إلى الثبات على مواقفهم التي تعبر عن ضمير الشعوب الحية والحرة، وإبطال أية محاولة للإلتفاف على المقاومة وانجازاتها وسيحفظ لكم التاريخ والشعوب موقفكم هذا وقبل ذلك كله سيحفظه لكم الله تعالى الذي لا يضيع جزاء من أحسن عملاً.
وأخيراً:
فإننا نقول لأهلنا في قطاع غزة الصابر الصامد: لشيوخها ونسائها وأطفالها: أن ثباتكم وصمودكم هو عنوان النصر بإذن الله تعالى وإن احتضانكم للمقاومة وبذلكم النفس والولد والبيوت والاموال في سبيل الله تعالى لهو عنوان عزة الأمة وكرامتها وان الله تعالى لن يخذلكم وهو معكم ولن يتركم أعمالكم وان النصر مع الصبر وإن بعد الليل المظلم فجراً قريبا.
وفي هذه الليالي من شهر رمضان المبارك، والتي نعيش فيها نفحات العشر الأواخر ، نتوجه إلى الله العلي القدير أن يسدد رمي المجاهدين وأن يربط على قلوبهم ويثبتهم، وأن يثخنوا في العدو الصهيوني وأن ينزل السكينة والطمأنينة على قلوب أهلنا في غزة وأن يرحم شهداءهم ويشفي جرحاهم ويواسي العائلات المكلومة إنه سميع مجيب الدعاء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
اسطنبول
الحادي والعشرين من شهر رمضان عام 1435ه
الموافق 18/تموز/2014م