خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى:( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) النساء/93
وقال رسول الله صلى الله: ” لَهَدْمُ الْكَعْبَةِ حَجَرًا حَجَرًا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ “
الحمد لله رب العالمين, قاهر الظالمين, وفاضح العملاء والمنافقين, والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله المبعوث رحمة للعالمين, وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
يا أبناء أمتنا الإسلامية، يا أبناء شعبنا السوري والفلسطيني المرابطين في سورية:
إن الأمة الإسلامية لم تشهد في عصرها مثيلاً لما يجري في سورية عموما من مجازر دموية، وإجرامٍ همجي, لاسيما ما يجري في مخيم اليرموك وما حوله من مناطق جنوب دمشق مثل الحجر الأسود ويلدا وببيلا ومناطق أخرى مثل جسرين وجوبر والغوطة الشرقية من مجازر مروعة يقتل فيها الناس جوعاً بفعل الحصار الظالم المحكم منذ ما يزيد عن مئةٍ وثمانين يوماً، يمنع بموجبه الدخول أو الخروج من المخيم بأي شكل من الأشكال كما يمنع إدخال أي شيء من الطعام والشراب أو الدواء، حتى قارب عدد الشهداء الذين قضوا جوعاً ثمانين شهيداً الشهر الأخير في مشهد يندى له جبين البشرية خجلاً وعاراً.
وإننا في هيئة علماء فلسطين في الخارج أمام هذه المجزرة الجماعية نؤكد على ما يلي:
أولاً: نحمل المسؤولية التامة عن حصار المخيم وما حوله، ومنع دخول الطعام والشراب وإعاقة قوافل الإغاثة ومنع وصولها اليه، للنظام السوري، الذي ما فتئ يمارس أبشع صور القتل والإجرام في عموم سورية وعلى أبناء الشعب السوري والفلسطيني في سورية على حدٍ سواء، متبجحاً مع ذلك كله بالمقاومة والممانعة، كما و يتحمل المسؤولية بعض الفصائل الفلسطينية التي لفظها الشعب الفلسطيني وباعت دينها وكرامتها وعلى رأسها الجبهة الشعبية القيادة العامة وفتح الانتفاضة، وعدد من الميليشيات الطائفية المجرمة القادمة من بقاع مختلفة لتفرغ سموم حقدها بأبناء شعبنا وأهلنا في سورية، ونؤكد لهم بأن هذه الجريمة النكراء التي تسجل في تاريخهم الأسود لن تمر دون عقاب في الدنيا نكالاً بما صنعوا، فضلاً عن عقاب الآخرة الذي توعد الله به المجرمين الظالمين.
ثانياً: نحذر من ازدياد أعداد شهداء الجوع في مخيم اليرموك، خاصة مع المعلومات التي تؤكد وجود العشرات من أبناء المخيم في حالة جفاف شديد وصل بعضهم حدَّ الموت السريري بانتظار لقمة الغذاء، وحبة الدواء.
ثالثاً: نلفت النظر إلى توسع حملة الاعتقالات المستمرة التي تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني خاصة في هذه الفترة، ونحمل النظام السوري المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة أبناء شعبنا الفلسطيني في أقبية المعتقلات، وندعو منظمات العالم الحقوقية والإعلامية إلى العمل الجاد لإطلاق سراحهم ونيل حريتهم.
رابعاً: نستهجن ونستغرب المواقف الصادرة عن بعض الجهات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في رام الله، على لسان بعض مسؤوليها وناطقيها ومؤسساتها، حيث حملت المسؤولية عما يجري في المخيم لما أسمته ( المجموعات المسلحة والإرهابية ) وإننا في هيئة علماء فلسطين في الخارج نعتبر هذه المواقف والتصريحات تحريضاً مباشراً على تدمير المخيم فوق رؤوس أبنائه المحاصرين ( بحجة محاربة الإرهاب ) ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الجهات ظلت تناصب النظام السوري العداء، حتى إذا تحول الى قاتل لأبناء شعبه وأبناء الشعب الفلسطيني في سورية ايضاً اتخذوه صديقاً يدافعون عنه ويبرئون ساحته، وهؤلاء ندعوهم بوضوح إلى الكف عن هذا السلوك الذي يتناقض مع مسؤولياتهم تجاه شعبهم حيث وجد.
خامساً: نطالب الفصائل الفلسطينية كافة والسلطة الفلسطينية في غزة ورام الله إلى التحرك الحقيقي العاجل، ووضع قضية اللاجئين الفلسطينيين في سورية ومخيم اليرموك على رأس أولوياتها، والسعي الحثيث بالوسائل كافة من أجل تخفيف المعاناة ووقف هذه المجزرة الظالمة، ونقول لهؤلاء أنكم جميعاً مؤتمنون على حقوق شعبكم ومصالحه فلا تضيعوا الأمانة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما من والٍ يَلي رعيّةً من المسلمين، فيموتُ وهو غاشٌ لهم إلا حرّم الله عليه الجنّة “.
سادساً: ندعوا علماء الأمة وهيئاتهم وعلى رأسهم الاتحاد العام لعلماء المسلمين لنصرة أهلهم وإخوانهم في سورية عموماً, ومخيم اليرموك وما حوله على وجه الخصوص، واستثمار مكانتهم في الضغط بقوّةٍ على مراكز القرار في دُولهم للتحرك الحقيقي الجاد لفك هذا الحصار الظالم والعمل على إدخال المعونات إلى المناطق المحاصرة في سورية وتحريك الشعوب واستنفار طاقاتهم لدعم أهلهم وإخوانهم في سورية لا سيما المحاصرين..
سابعاً: نطالب أبناء شعبنا الفلسطيني في مواقع وجوده وأبناء امتنا الإسلامية إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم واخوانهم في سورية، الذين يموتون جوعاً أمام أعين آبائهم وأمهاتهم وهم لا يستطيعون فعل شيء لهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به “، فكيف إذا كان يموت من الجوع أمام مرأى عينيه ؟!! وإنه لا بد أمام الشعوب أن تتحرك وتبحث في سبيل ارسال معوناتها ودعمها للمنكوبين والمحاصرين..
وإننا ندعوهم أيضاً إلى التحرك في الشوارع والميادين بكثافة نصرةً لشعب السوري والفلسطيني في سورية والمحاصرين في مخيم اليرموك وما حوله ونذكرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” مَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَتُسْتَحَلُّ حُرْمَتُهُ، إِلا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ خَذَلَ مُسْلِمًا فِي مَوْطِنٍ يُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، إِلا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ “.
ثامناً: ندعو المنظمات الإنسانية والدولية إلى التحرك العاجل إغاثياً وإنسانياً وتحريك المجتمع الدولي وأحرار العالم لفك الحصار الجائر الظالم على أهلنا المحاصرين في مخيم اليرموك وما حوله، وتسيير القوافل الإغاثية والممرات الآمنة لإخراج المرضى، ونخص بالذكر وكالة الأونروا لما تتحمل من مسؤولية أخلاقية وقانونية تجاه أبناء الشعب الفلسطيني الذين اقتلعهم الكيان الصهيوني من أرضهم وديارهم حتى يعودوا اليها بإذن الله تعالى.
تاسعاً: أما أنتم يا أهلنا المحاصرين في مخيم اليرموك وفي سورية: فإننا نقف أمامكم يجلَّلُنا الخجل منكم، متسربلين بالحزن على ما آلت إليه أحوالكم والسخط على المجرمين الذين فقدوا أدنى ذرات الشرف والإنسانية والمروءة، ولكننا على الرغم من كل ذلك واثقون بنصر الله تعالى لكم، نستمد عزيمتنا وصبرنا وثباتنا بعد الله تعالى من صبركم وثباتكم الذي أدهش العالم كله، وإننا نقول لكم: إنَّ الله تعالى لن يضيعكم وهو ناصركم وإنَّ الأمة بأحرارها وشرفائها معكم وإنَّ العاقبة لكم وسيكون العار والبوار والتبار للطغاة المجرمين، ومن وقف معهم بإذن الله تعالى.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
هيئة علماء فلسطين في الخارج
30/ربيع الأول/1435هـ
31/1/2014م