بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام التامان الأكملان على أشرف الأعراب والعجم …. خير من يمشي على قدم…. باسط المعروف جامعه ….. صاحب الإحسان والكرم…..من ذكره روح لأنفسنا …. وشكره فرض على الأمم…. وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا… وبعد
فإنه يوم الجمعة 21 أغسطس من عام 2020 الموافق 3/محرم 1442هـ انعقد مؤتمر عالمات الأمة عبر منصات في الفضاء الإلكتروني، تحت شعار (الأقصى حريق لم ينطفئ) والذي نظمه قسم المرأة في هيئة علماء فلسطين في الخارج بالشراكة مع مجموعة من العالمات الناشطات للقضية الفلسطينية وبمشاركة من العلماء كان في مقدمتهم الشيخ الدكتور عكرمة صبري، والدكتور نواف التكروري رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، إضافة إلى ضيوفنا الأكارم من شخصيات فلسطينية وعربية ومسلمة داعمة وناشطة أثروا مضامين المؤتمر.
وقد حطّ هذا الملتقى رحاله لينعقد متزامناً مع الذكرى الواحدة والخمسين لحريق المسجد الأقصى المبارك.
حيث بحث المؤتمر في جلساته وفعالياته المتنوعة مكانة القدس في التخصصات الشرعية، والدور المنشود من المؤسسات النسوية العلمائية تجاه القضية الفلسطينية، كما سلط الضوء من خلال ضيوفه -منطلقاً من حادثة الحريق- واقع المسجد الأقصى ودور الأمة في الدفاع عنه ودعم صمود أهلنا المرابطين في ساحاته، وآليات النهوض بمقدرات شعبنا الفلسطيني وطاقاته المتواجدة في كل مكان بمختلف شرائحه المجتمعية ومؤسساته وهيئاته، وتوظيفها في خدمة المسجد الأقصى خصوصاً، ودعم صمود شعبنا ونضالات أبنائه.
وإننا اليوم إذ نحث الخطا قدماً في دعم قضيتنا الأم، على امتداد واحد وخمسين عاماً من الحريق، فإننا نؤكد أننا خلصنا في ختام أعمال باكورة أعمالنا إلى القرارات والمبادرات والمتابعات التالية:
1) نستذكر بمرارة حادثة الحريق، الممهدة لمخطط “إسرائيلي” طويل المدى بهدف تقويض جدران الأقصى، وتدمير أساساته ونرقب باهتمام شديد التجاوزات المستمرة المتمثلة بسياسات الاحتلال الاستيطانية التوسعية والعنصرية بحق مدينة القدس وتجمعاتها السكانية عبر الهدم والتهجير، وتطويق التجمعات الفلسطينية والمحافظة على جداره العنصري وندعو محكمة العدل الدولية والمنظمات الحقوقية، وكل القرارات الدولية لوقف هذه التجاوزات في حق شعبنا ومقدساتنا ومحاسبة دولة الاحتلال على هذه الانتهاكات.
(2 نؤكد أن المسجد الأقصى وديعة الإسلام لدى الأمة الإسلامية، وقضيته مرتبطة بعقيدتهم، وإليه تنتهي تزكية نفوسهم، وقضاياه ونوازله متعددة ومتجدده، وينبغي أن نوليه رعاية خاصة في دراساتنا وأبحاثنا العلمية والشرعية.
3) التأكيد على دور المرأة في نصرة قضايا الأمة باعتبارها صنو الرجل وتاريخ المسجد الأقصى شاهد على دور المرأة عموماً والعالمة خصوصاً في نصرة قضايا الأمة على رأسها القضية الفلسطينية، وأن دورها لا يقل عن دور الرجل في التوعية والتحفيز والإبداع.
4) نؤكد أن الصمود والوحدة والعلم والعمل الدؤوب المتواصل هي العوامل الأساسية الضامنة لثبات شعبنا وتكامل أدواره لانتزاع حقوقه وهي التي ترسي دعائم استمرار نضاله والمضي قدما في تحقيق أهدافه وتطلعاته.
5) نجدد رفضنا المطلق للقرارات المجحفة التي أقدمت عليه الإدارة الأمريكية والمتعلقة بمدينة القدس كما نندد بمحاولات التهويد المستمرة التي يمارسها الاحتلال بحق هذه المدينة وبحق أبناء شعبنا المقدسيين ومساكنهم ومؤسساتهم كما نراقب عن كثب التدنيس المتواصل الذي تتعرض له المساجد والكنائس والأديرة في المدينة ونؤكد أن القدس كانت ولازالت وستظل عاصمة فلسطين التاريخية وأن أي مشاريع تهدف إلى تغيير هذا الواقع هي مشاريع مكشوفة سيحطمها شعبنا الفلسطيني بصموده وبدعم من أحرار العالم ومنهم المتواجدين في القارة الأوروبية.
6) نعلن رفضنا المطلق لما يسمى بصفقة القرن وما بان منها من قرارات تتعلق بالقدس والجولان، وما يحاك حاليا على الضفة الغربية وقطاع غزة ونؤكد أن صمود شعبنا الذي أسقط كل المؤامرات السابقة قادر على إسقاط هذا المخطط وإفشاله على طريق إنجاز المشروع الفلسطيني العادل.
7) يتوجه المؤتمر إلى أهلنا الصامدين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويثمن نضالاتهم، وعلى رأسهم شيخ الأقصى رائد صلاح ويدين المؤتمر سياسات العدو في اعتقال أبناء الشعب العربي الفلسطيني، والزج بهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ويدعو في هذا الجانب لجان حقوق الإنسان والفعاليات القانونية العربية والعالمية، للتحرك لدعم صمود الأسرى الأسطوري، والدفاع عنهم أمام المحاكم وكشف زيف العدالة الإسرائيلية، والمطالبة بإطلاق سراحهم وإعادتهم إلى عائلاتهم ليعيشوا أحرارا تحت شمس الحرية في وطنهم.
8) نستهجن الخطوات التطبيعية التي أقدمت عليها بعض الدول العربية طاعنة بها حقوق الشعب الفلسطيني في الظهر، ونطالب هذه الدول بالكف عن هذه الخطوات والانسجام مع مواقف شعوبنا العربية والإسلامية الرافضة لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال. كما ونثمن مواقف كل البلاد التي تستنكر التطبيع وترفضه بكل صوره وألوانه ونطالبها بالضغط على البلاد المطبعة للتراجع عن هذه الخطوات الغادرة بالقضية.
9) يدين المؤتمر بشدة حالة القصف المستمر والحصار التي يمارسها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، وما يحمله في طياته من آثار اجتماعية واقتصادية مدمرة لأهلنا في القطاع، ويدعو المجتمع الدولي إلى التحرك لفك هذا الحصار الظالم على أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي، داعيا في الوقت نفسه القوى العالمية المحبة للسلام، التحرك نحو القطاع المحاصر لتسليط الضوء على المآسي التي يعيشها أبناؤنا هناك ولا تصلح لمعيشة الكائنات الحية.
10) نثمن تمسك شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده بحقه الراسخ في العودة إلى أرضه ودياره التي أخرج منها ونؤكد أن هذا الحق غير قابل للنقص أو الاجتزاء أو التحوير أو الالتفاف عليه وأنه حق جماعي وفردي لا يسقط بالتقادم ومن حق شعبنا الفلسطيني أن يواصل نضاله المشروع والعادل بما تسمح به القوانين والشرائع الدولية حتى انتزاع هذا الحق وسائر حقوقه الأخرى مهما طال الزمن.
11) نؤكد على التمسك بالحقوق والثوابت والمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني وندعو كل دعاة العدل والتحرر في العالم للوقوف مع هذا الشعب في نضالاته ونرحب بأي مشروع أو مبادرة لحل قضية شعبنا بما يضمن حق العودة وتقرير المصير والتحرر من الاحتلال.
12) توعية شباب الأمة بتاريخهم ومقدساتهم للحفاظ على هويتهم، والعمل على ترسيخ حب الأقصى بكل السبل المتاحة في قلوب الناشئة.
13) نحيي شعبنا الفلسطيني الثابت في شتى مخيمات لجوئه، هذه المخيمات التي شكلت شاهدا وذاكرة تاريخية للنكبة ومنطلقا وخزانا للثورة الفلسطينية، كما ندعو إلى ضرورة حفظ هذه المخيمات وتحييدها، وفي هذا المجال نثمن جهود كافة المؤسسات الداعمة لصمود شعبنا في مخيماته والناقلة لمعاناته كما نطالب هذه المؤسسات والمجتمع الدولي بتقديم العون والمساعدة للفارين من الموت في سوريا واليمن ولبنان بما يكفل لهم حياة كريمة.
14) يحي المؤتمر أهلنا في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948، ويشيد بالدور الذي تلعبه الجماهير الفلسطينية داخل الكيان الصهيوني، في التصدي لمشاريع تهويد المقدسات الفلسطينية والتصدي للسياسة العنصرية التي تتبعها سلطات الاحتلال. كما يدين المؤتمر التصريحات الصهيونية المتكررة والداعية إلى التهجير الجماعي لأهلنا في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948، بذريعة صون ما يسمى بيهودية الدولة الإسرائيلية، ويرى المؤتمر في هذه التصريحات، استعادة فجة للسياسيات التمييز العنصري.
15) نؤكد على أهمية النهوض بالعمل الوطني الفلسطيني في الخارج وضرورة إشراكه في صناعة القرار السياسي وذلك عبر مشاركته في مختلف الأطر الوطنية باعتباره جزءا لا يتجزأ من التكوين الفلسطيني كما نثمن كل الجهود الرامية إلى تحشيد طاقات شعبنا وتطويرها وعلى رأس هذه الجهود المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج والذي نتطلع أن يلعب دورا أكبر في الفترة القادمة.
16) نناشد أهلنا من فلسطيني الشتات ومنهم فلسطينيو أوروبا بأداء دورهم المأمول والمطلوب في دعم قضيتهم وإسناد شعبهم والتمسك بحقوقهم في العودة والتعويض، كما نؤكد أنهم ومن خلال مواطنتهم كأوروبيين والأجيال التي نشأت وترعرعت خارج فلسطين يترتب عليهم دور مركزي في النهوض بقضيتهم والذود عن حقوقهم، كما ندعوهم للانخراط في المؤسسات التي تعمل لفلسطين على اختلاف تخصصاتها والممتدة عبر القارة الأوروبية.
17) نستذكر بمرارة النكبة الفلسطينية وما شكلته من منعطف مصيري في تاريخ شعبنا حيث كونت الأساس لواحدة من أكبر وأطول الجرائم الجماعية التي تعرض لها شعب من شعوب العالم حين أرغم هذا الشعب تحت تهديد آلة القتل على هجر وطنه وأرضه لتتلوها سلسلة من التجاوزات حالت دون عودة هذا الشعب واستمرار تشريده لأكثر من سبعين عاما وعليه نطالب كافة الحكومات والهيئات الدولية بضرورة تصحيح هذا الخطأ التاريخي وعدم السكوت عن هذه المظلمة المستمرة لما راكمته وستراكمه من مظالم مستمرة إلى يومنا هذا.
وفي الختام وبالرغم من احتدام الصراع الحضاري على هوية القدس وتاريخها وامتدادها ورغم قسوة هذا الصراع واختلال موازين القوى فيه إلا أننا على يقين بأنّ الحق غالب وأنّه منتصر لا محالة، وأنّ أرض فلسطين هذه، التي شهدت ملامح زوال الاحتلال الصليبي فإنها ستشهد -بإذن الله- مشاهد زوال الاحتلال اليهودي عن القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك.
إنّ القدس التي تشرّفت برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإسراء وبصلاح الدين يوم الفتح ستظلّ على العهد بين صهوة البراق وصهوة الجواد، وستتشرف يوماً بمن يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً.
يـا رب يسّــر قائداً لا ينثني………. ويكون في يمنى يديْه المخــرج
ويقود خيلاً عاديـات جربت……… فخيول من سبقوه كانت تعــرج
مهما تطل أيــام ظلم عدوّنا………. مهما بدا أن المســـالك ترتـــج
فبلادنــا بالفاتحيــن خصيبة……… وستنبت البطل الجسور وتنتـج
وإذا كان الدخول إلى القدس على صهوة البراق معجزة ولن تتكرر فإنّ دخول القدس على صهوة الجواد قد حصلت أكثر من مرة، وإنا على يقينٍ أنها ستكرر مرة أخرى
وإلى ذلك اليوم سنبقى جذوة نار تتوقد وشعلة أمل تتجدد على وعدٍ وميعاد لن يخلفه -بإذن الله-، فيها تفرح القدس وتزول عنها ملامح الذل والهوان، {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا}[الإسراء:7]، ويسألونك: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون