خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
{لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} النساء 148
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:
ففي ظلّ هذه الأزمة التي تضرب أركان العالم كلّه، وهذا الوباء _وباء الكورونا الذي اجتاح الأرض كلّها ويهدّد حياة البشر وأعلنته منظمة الصّحة العالميّة وباء عالميًّا_ تُسارِعُ كثيرٌ من الأنظمة إلى الإفراج عن السجناء على اختلاف تهمهم وقضاياهم في ظلّ ما يتهدّد حياتهم بسبب تفشّي العدوى النّاتج عن التقارب في المكان؛ بينما يمعن الكيان الصّهيونيّ في الإبقاء على آلاف الأسرى في زنازين الأسر، وتصرّ العديدُ من الأنظمة العربيّة على الإبقاء على المئات من المعتقلين الفلسطينيّين والعرب الذين لا جرم لهم سوى العمل لخدمة قضيّة فلسطين ومقاومة الاحتلال والعدوان.
وإنّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج أمام هذه الكارثة الكبيرة الواقعة والمتوقّعة نؤكّد على الآتي:
أوّلًا: تحذّر الهيئة من مخاطر الاستمرار في اعتقال الكيان الصّهيوني للأسرى على صحّتهم، فهذا الكيان يقف اليوم عاجزًا عن حماية مستوطنيه وجنوده إلّا من خلال فرض إجراءات مشدّدة تحول دون تجمّع النّاس؛ فكيف هو الحال إذن مع تكدّس الأسرى في سجونٍ ضيّقة تفتقر لأدنى شروط الحماية الصّحيّة من هذا الوباء الخطير؟!
وإنّ الهيئة تعدّ الإمعان في الإبقاء على الأسرى في السجون الصّهيونيّة ضربًا من القتل عن سبق إصرارٍ وقصد؛ قال تعالى: “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ” المائدة:113
ثانيًا: تؤكّد الهيئة على أنّ هؤلاء الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال الصّهيونيّ اليوم جزاءً على مقاومتهم للاحتلال الغاشم هم أشرف النّاس وأكرمهم، ومكانهم هو بيوتهم لا السّجون الظّالمة، ولئن كانت الأنظمة المختلفة قد سارعت إلى إطلاق سراح السجناء الجنائيّين حفاظًا على حياتهم فإنّ هؤلاء الأسرى هم أولى النّاس بأن يكونوا في مقدّمة من يطلق سراحهم للحفاظ على حياتهم؛ فهم سياج الأوطان وسورها الحامي.
ثالثًا: تذكّرُ الهيئةُ بالمئات من المعتقلين الفلسطينيّين والعرب القابعين في سجون عدد من الأنظمة العربيّة بتهمة دعم المقاومة ونصرة قضيّة فلسطين وخدمة الشّعب الفلسطيني، وتؤكّد على أنّ خطرًا حقيقيًّا يتهدّد حياتهم في ظلّ تسارع تفشّي هذا الوباء في دول العالم كلّها ومنها الدّول التي تعتقلهم.
رابعًا: تطالب الهيئة أهل الرأي والقرار من الحكّام والعلماء والسياسيين والإعلاميين إلى التّحرك بكل ما في وسعهم لتسليط الضّوء على المخاطر المحدقة بهؤلاء الأسرى والمعتقلين نتيجة تفشّي وباء الكورونا وضرورة العمل على الإطلاق الفوريّ لسراحهم؛ قال رسول الله r: “فكّوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض” أخرجه البخاري
خامسًا: تذكّر الهيئة الأنظمة العربيّة التي تعتقل الفلسطينيين بتهمة دعم المقاومة بأنَّ هؤلاء الفلسطينيين كانوا على الدوام في غاية الحرص على البلدان التي يقيمون فيها وعلى أمنها وشعبها، وتدعو الهيئة أصحاب القرار في هذه الأنظمة إلى التّفكّر فيما يعيشه العالم كلّه اليوم من تجليات قدرة الله تعالى وعجز المخلوقين أمام خالقهم، وأنّ الواجب اليوم هو الفرار إلى باب الله تعالى وردّ المظالم ورفع الظلم، وإنّ أولى خطوات التوبة لله تعالى ورفع الظلم هو إطلاق سراح هؤلاء المظلومين؛ قال تعالى: “وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” السجدة:21
سادسًا: تطالب الهيئة المنظّمات الدّوليّة وفي مقدّمتها منظّمات حقوق الإنسان والمنظّمات المدافعة عن الحريّات إلى التّحرّك العاجل والسّريع للضغط على الكيان الصّهيوني وفضح إجرامه، والضّغط على الأنظمة التي تعتقل الفلسطينيين ظلمًا وعدوانًا خدمةً للكيان الصّهيوني.
سابعًا: تدعو الهيئة الأنظمة السياسيّة كلّها إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين المظلومين وفي مقدمتهم العلماء والدعاة ومعتقلو الرّأي والمطالبون بحريتهم وكرامتهم، فهذا أوان التحام الأنظمة مع شعوبها وزمان الاعتبار بآيات الله تعالى؛ قال تعالى: “وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا” الإسراء:59
والحمد لله رب العالمين
هيئة علماء فلسطين في الخارج
4/شعبان/1441هـ
28/3/2020م