خاص هيئة علماء فلسطين
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ” الممتحنة/1
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:
فقد تابعت هيئة علماء فلسطين في الخارج ببالغ الغضب والاستنكار المشاركة المخزية لوفد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس ووفوداً عربية وإسلامية في جنازة المجرم السفاح شمعون بيريز، وأمام هذه الجريمة بحق الإسلام وأهله، وبحق القضية الفلسطينية وأبنائها فإننا نؤكد على الآتي:
أولاً: إن شمعون بيريز ليس شخصاً عادياً حتى يستشهد البعض مبرراً هذه الفعلة الشنيعة بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي، فهذا تلبيس على الناس وتحريف للكلم عن مواضعه، وليٌّ لأعناق النصوص وتسخير للشرع في خدمة الباطل، فإن بيريز مجرمٌ قاتل ولغ في دماء المسلمين منذ أكثر من خمسة وستين عاماً وهو رأسٌ من رؤوس الإجرام التي ما فتئت تغتصب الأرض وتسفك الدماء فهو عدوٌ لله ورسوله وعامة المؤمنين، فلا قيمة ولا حرمة لروحه العفنة ونفسه الدنيئة.
ثانياً: إنَّ المشاركة في الجنازة فيها معاني التقدير للميّت أو أهله أو قومه، وهذا التقدير للمجرم بيريز وأهله وقومه من المغتصبين المجرمين هو من باب إلقاء المودّة لأعداء الله، وهو من البرّ والولاء المحرّم الذي قال الله تعالى فيه: ” إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ” سورة الممتحنة/60
ثالثاً: إنَّ مشاركة رئيس السلطة ووفداً منها ومشاركة وفود من بعض البلاد العربية والإسلامية تمثل إهانة صريحة لدماء الشهداء والضحايا الذين قتلهم هذا المجرم هو وكيانه الصهيوني، كما تمثل احتقاراً لآلام ومعاناة الشعب الفلسطيني واستهانةً بمشاعر الأمة الإسلامية كلها، في الوقت الذي لم يقدم فيه هؤلاء جميعاً أية تعزية للذين قتلهم هذا المجرم وكيانه الغاصب من أبناء المسلمين، فأي معنى بعد هذا للانتماء لأمة الإسلام ؟! أو لهذا الدين العظيم.
وقد قال ربنا تبارك وتعالى وصف عباده المؤمنين: ” لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ .. ” المجادلة/22
رابعاً: إنَّ المشاركة في جنازة هذا المجرم القاتل على أرض مدينة القدس لها مدلولات سياسية خطيرة تتمثل في الإقرار الضمني لهذا الكيان الغاصب بحقه في هذه الأرض المباركة وحقه في هذه المدينة التي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها ومنها عرج إلى السماوات العُلا، وهذا ضربٌ من ضروب التنازل عن حقوق المسلمين ومقدساتهم.
خامساً: ولبعض أسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني نقول لهم أن الاستجداء من المحتل الغاصب بالتعزية بالمجرم لن يخرجكم من سجون الاحتلال، ولن يخرجكم منها إلا الثبات والصبر وأسر الجنود وهذا هو سبيل العزة والكرامة.
سادساً: تؤكد هيئة علماء فلسطين في الخارج أن كلَّ من شاركوا وعزّوا بالمجرم القاتل لا يمثلون شعوبهم ولا يمثلون الأمة التي يزعمون الانتساب لها، فإن شعوب الأمة الإسلامية في مقدمتها شعبنا الفلسطيني المرابط يرفضون أي شكل من أشكال إظهار المودّة أو الولاء أو التقرب المنطوي على تنازل عن الأرض والحقوق والمقدسات والاستهانة بمشاعر الأمة كلها.
وليعلم هؤلاء المشاركون جميعاً وفي مقدمتهم رئيس السلطة الفلسطينية أن الأمة كلها والشعب الفلسطيني في مقدمتها بريئة من فعلتهم هذه وندعوهم إلى التوبة العاجلة والبراءة من هذا الولاء المحرّم ومن هذا الفعل الشنيع والعودة إلى أمتهم وشعوبهم الحيّة المتيقظة التي لن تنسى فعلهم هذا وسيبقى عاره مسطوراً في التاريخ تتوارثه الأجيال، قال تعالى: ” قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ .. ” الممتحنة/4
هيئة علماء فلسطين في الخارج
29/ذي الحجة/ 1437هـ
01/10/2016م