خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاةُ والسّلام على سيّدنا محمّد إمام المجاهدين، وعلى آله الطّيبين الطّاهرين وصحبه الغرّ الميامين ومن تبعهم بإحسانٍ على يوم الدّين، وبعد:
فقد طالعتنا الأيّام القليلة الماضية بتطوّرات خطيرةٍ على مستوى التّطبيع الرسميّ مع الكيان الصّهيونيّ على مستوى دول الخليج العربيّ، فمِن مشاركةِ فريقٍ رياضيّ صهيونيّ في بطولةٍ رياضيّة في قطر، إلى وصول وزيرة الثّقافة الصّهيونيّة على رأس وفدٍ إلى الإمارات العربيّة المتحدة، ليكون العارُ الأكبرُ والمصيبة الأدهى والجريمةُ الأعظم بزيارة رأس الكيان المجرم ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عُمان مع وفد صهيونيّ، وما تبع هذه الزّيارة من ترحيبٍ رسميّ بحرينيّ وسعوديّ بها وبمبدأ التّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ.
أمام هذا المشهد الكارثيّ، والتردّي العلني، فإنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج تؤكّد على الآتي:
أوّلًا: تؤكّد الهيئة على أنَّ الكيان الصّهيوني كيانٌ باطلٌ شرعًا، وأنّه كيانٌ إجراميّ محارِبٌ يقوم على العدوان على الأرض والمقدّسات والشّعب، وأنَّ أيّ اعتراف به هو اعتراف باطل شرعًا أيًّا كان مصدره، وأنَّ الواجب تجاهه هو دفعه وتجريمه وفضحه بكل الوسائل المتاحة وتخليصُ الأرض والشّعب والمقدّسات والأمة من احتلاله وعدوانه وإجرامه لا استقباله والاحتفاء به؛ قال تعالى: ” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج:39-40
ثانيًا: تعلن الهيئة بكلّ وضوح بأنَّ استقبال المجرم نتنياهو في عُمان، واستقبال الوفود الرياضية والثقافيّة الصّهيونيّة في قطر والإمارات العربيّة المتحدة تصرُّفٌ محرّمٌ شرعًا، بل إنَّه من الكبائر التي تندرج تحت موالاة أعداء الله تعالى ومظاهرتهم على المؤمنين، ويتحمّل هذه الحرمة كلّ مَن أمرَ وقرَّرَ وفعلَ وشارك وقبلَ وبرَّرَ ودافعَ عن هذه الجريمة المشينة، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ” الممتحنة: 1
ثالثًا: تؤكّد الهيئة على ما جاء في (ميثاق علماء الأمة في مقاومة خطر التطبيع “السياسي” مع الكيان الصهيوني): إن مهمة الحاكم حراسة الدين وسياسة الدنيا به بتحقيق المصالح ودرء المفاسد، والتطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة للعقد بين الحاكم والرعية؛ لما فيه من مفاسد تتناقض مع أغراض نصب الحاكم في الشريعة الإسلامية.
رابعًا: تؤكّد الهيئة على بطلان جميع الاتفاقيات والمعاهدات مع الكيان الصّهيوني، وكذلك فإنَّ كلّ ما يترتب على هذه الزيارات والعلاقات من التزامات هو باطلٌ شرعًا ولا يجوز تطبيقُه أو تنفيذه.
خامسًا: تحذّر الهيئة قادة الدّول المشاركة في التّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ والمسارعة إليه من مغبّة هذه الأفعال عليهم وعلى دولهم وعلى الأمّة كلّها، وتؤكّد لهم بأنَّ هذا الكيان الصهيوني لن يحميهم ولن يساندهم، بل هو العدو الحقيقيّ لهم في الدّنيا الذي يقعد لهم كلّ مرصدٍ، وفي الآخرة سيكون وبالًا ونكالًا عليهم وخزيًا لهم، قال تعالى: “إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ * لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” الممتحنة: 2-3
سادسًا: تدعو الهيئة أبناء الأمّة كافّة إلى إنكار التّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ بصوره كلّها، بكلّ ما يمكنهم من قوّة في التحرّك الجماهيري، والجهد الإعلامي، والتوعية الفكرية، والبناء المعرفي، والتعبئة المعنويّة، والضّغط الشّعبي على أصحاب القرار ومراكزه للرجوع عن هذه الخطوات التي تلحق عارًا بالأمّة كلّها على مرّ الزمان، وتؤكّد بأنَّ هذه الجهود كلّها من الجهاد المبرور في سبيل الله تعالى، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَلْسِنَتِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَمْوَالِكُمْ، وَأَيْدِيكُم”
سابعًا: تتوجّه الهيئة ببالغ التحيّة إلى الشباب الحر الحيّ في عموم أنحاء الأمّة لا سيما الشّباب القطري الذي أعلن حملةً واسعة تحت شعار “لا تطبيع” والشّباب السّعودي والعُمانيّ الذين أطلقوا حملة “سعوديون ضدّ التّطبيع” وحملة “عُمانيّون ضدّ التّطبيع” رفضًا لزيارة المجرم نتنياهو ومشاركة الفريق الرّياضيّ الصّهيونيّ، ورفضًا لأيّة إجراءات سعوديّة في سياق التّطبيع، ويدعو العلماء إلى استمرار هذه الحملات، كما يدعو إلى تعميمها لتصبح على مستوى الأمّة كلّها.
ثامنًا: تتوجّه الهيئة ببالغ التحيّة إلى المجاهدين المرابطين في عموم أرض فلسطين، ويخصّون بالتحيّة أهلنا الأبطال في مسيرات العودة في غزّة العزّة الذين أقضّوا مضجع العدو الصّهيوني، وأذاقوه وبال أمره، وما زالوا يبعثون في قلوبنا اليقين بأنَّ الحقّ منتصرٌ وأنَّ الباطل زاهقُ وأنَّ الاحتلال إلى زوال وأنَّ الله تعالى لن يصلح عمل المفسدين المطبّعين مع هذا العدوّ المجرم، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ” يونس:81-82
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
هيئة علماء فلسطين في الخارج
22/صفر/1440هـ
31/10/2018م