خاص هيئة علماء فلسطين
{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء: 93
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن هيئة علماء فلسطين تتابع بقلوب يعتصرها الألم وضمائر يغمرها الحزن ما يجري من إبادة جماعية في مدينة الفاشر بإقليم دارفور في السودان حيث تتعرض المدينة لمجازر وقتل وتهجير وتدمير منظم يُنذر بكارثة إنسانية كبرى، في ظل صمت دوليّ مطبق وتجاهل عربيّ وإسلامي يندى له جبين الأمة.
وإنّ الهيئة إذ تستشعر فداحة الخطب، وتُدرك جسامة الجريمة تؤكد الآتي:
أولًا: تدين الهيئة بأشد العبارات المجازر المتواصلة بحق أهلنا في الفاشر، وتعدها جريمة كبرى تُضاف إلى سجل الإبادة المفتوح في هذا العصر المظلم. والواجب الشرعيّ يُحتّم على الأمة حكوماتٍ وشعوبًا ومؤسسات أن تهبّ لنصرة المستضعفين إذ إنّ الدم المسلم لا يُفرّق فيه بين لون وعرق ولا بين شمال وجنوب.
ثانيًا: تؤكد الهيئة أنّ المجرم الذي يُمعن في القتل في غزة هو ذاته الذي يزرع الموت في الفاشر وأنّ شبكة الإجرام العالمية واحدة في عدوانها متعددة في أدواتها، تتقاطع فيها مصالح العدو الصهيوني ومصالح التوسّع الإقليمي ومشاريع الهيمنة الدولية التي لا ترى في السودان إلا حقلَ فوضى يجب أن يظل مشتعلاً مع التأكيد أن عدداً من الدول الإقليمية العربية تسهم بشكل مباشر في دعم وتمويل الميليشيات المجرمة التي تمارس الجرائم المروعة
ثالثًا: تحذّر الهيئة من خطورة تطبيع الشعوب مع هذا المشهد الدموي، ومن أخطرها أن يُصوَّر الصراع في السودان على أنه شأن داخلي عابر، بينما هو – في حقيقته – امتداد لخرائط التفتيت وتقسيم النفوذ وتحويل الجغرافيا الإسلامية إلى مربّعات نار متجاورة.
رابعًا: تُحمّل الهيئة الأنظمة العربية والإسلامية والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي المسؤولية عن هذا التقاعس المشين، وتدعوهم إلى تحمّل واجبهم في وقف الحرب وفرض الحماية الفورية للمدنيين وفتح ممرات إنسانية عاجلة.
خامسًا: تدعو الهيئة العلماء والدعاة في جميع أنحاء العالم إلى أن يُسمعوا صوتهم عاليًا في المنابر والجامعات والفضائيات وأن يقولوا كلمة الحق في وجه هذا الظلم الصارخ وألّا يسمحوا بأن تُختطف المنابر من مهمتها الرسالية فإنّ دماء المسلمين في الفاشر أمانة في أعناقنا جميعًا.
سادسًا: تدعو الهيئة المؤسسات الإعلامية الإسلامية والناشطين الأحرار إلى كسر جدار التعتيم الإعلامي المفروض على مجازر الفاشر وإبراز الصورة الحقيقية للجرائم وتوثيقها وملاحقة المجرمين بكل الوسائل المشروعة وتكثيف حملات التوعية والضغط والمناصرة.
سابعًا: تؤكد الهيئة أن وحدة الأمة ليست شعارًا يتغنى به وأنّ آلام دارفور هي جزء من آلام الأمة الكبرى وأنّ فصل المآسي عن بعضها جريمة في الوعي قبل أن تكون خيانة في الموقف كما تؤكد أن الجغرافيا السياسية لا تُلغي وحدة العقيدة والمصير.
ثامنًا: تختم الهيئة بيانها بدعاء إلى الله تعالى أن يكشف الغمة عن السودان ويحقن دماء أهله ويردّ عنه كيد الظالمين وأن يربط على قلوب الثكالى واليتامى والنازحين ويكتب لأهلنا في الفاشر نصرًا وعزًّا وصبرًا ومخرجًا قريبًا.
“وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ” الشعراء: 227
هيئة علماء فلسطين
7 جمادى الأولى 1447 هـ
الموافق 29 أكتوبر 2025 م

 
        