“فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا” النساء: 74

الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله إمام المجاهدين قائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه ومن يتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،

وبعد: فإنَّ العالم أجمع يتابع استئناف الحرب الصهيونيّة الإجراميّة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وغدر الإدارة الأمريكية، وقد ارتكب العدو الصهيوني فيها أبشع المجازر المروّعة ضدّ عائلاتٍ بأكملها، إذ ارتقى خلال ساعاتها الأولى مئات الشهداء في حربِ إبادةٍ تشهدُ تواطؤاً دولياً فاضحاً وانحيازاً صارخاً للاحتلال، في ظل صمتٍ وتقاعسٍ مخزٍ ومريب من الأمة الإسلاميّة.وإنَّ هيئة علماء فلسطين، أمام هذا الإجرام الصهيوني، تؤكد الآتي:

أولاً: إنّ العدو الصهيوني هو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن العدوان على قطاع غزة، فهو البادئ بالعدوان المستمر منذ أن وطئت أقدامه أرض فلسطين المباركة، وهو لا يحتاج إلى ذرائع لشن المزيد من العدوان وارتكاب المزيد من الجرائم، وهو الذي تنصّل من كلّ الاتفاقيات المتعلّقة بوقف النّار ونقضها، وإن أيّة محاولة لتحميل المقاومة وفصائلها أدنى مسؤولية عن العدوان إنما هو قلبٌ للحقائق وتنصّل من المسؤوليّات ولا يصبُّ إلا في خدمة العدو الصهيوني.قال تعالى: ” أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ” البقرة: 100

ثانيًا: إنّ نصرة فلسطين وشعبها وأرضها ومقدساتها ليست مسؤولية محصورة بالفلسطينيين فحسب، وإنما هي مسؤولية الأمة العربية والإسلامية حكاما وشعوبا وقادة ومسؤولين ومنظمات رسمية وهيئات شعبية، وعلى الأمة كلها بشرائحها كافة أن تسارع إلى تحمل مسؤوليتها وواجبها في نصرة غزة وأهلها، عسكريًا وماديًا ومعنويًا، وتدعو الهيئة شباب الأمة إلى تنفيذ عمليات جهاديّة بحق المصالح الصهيونيّة والأمريكية حيثما وجدت قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” التوبة: 38 ، 39

ثالثًا: تطالب الهيئة السلطات في مصر بفتح معبر رفح على الفور لإدخال المساعدات المطلوبة لبقاء الشعب الفلسطيني على قيد الحياة وثباته في أرضه، والسماح بعبور الجرحى وإسعافهم وتسهيل نقلهم وعلاجهم، وهذا من أبسط الحقوق الواجبة لأهلنا في قطاع غزة، مؤكدين أن استمرار حصار قطاع غزة وإغلاق معبر رفح جريمةٌ لا يمكن قبولها على الإطلاق.

رابعًا: تستنكر الهيئة الصمت المهين، والتواطؤ المريب من حكام الأمة العربية والإسلامية وتتساءل أين هو صوتهم وفعلهم لقضية الأمة، وأين هي الأسلحة التي تتكدّس في المستودعات حتى صدئت؟!

كما تؤكد الهيئة أن التاريخ لن يرحم المتقاعسين من الحكام والمتواطئين من العدو الصهيوني كما تذكرهم بوقفتهم في الآخرة بين يدي الله تعالى التي سيسألون فيها عن تقاعسهم وتخاذلهم.

خامسًا: يطالب علماء الهيئة إخوانهم من العلماء والدعاة في الأمة الإسلامية القيام بواجبهم تجاه أهل غزة من خلال شحذ الهمم وحشد الطاقات وتعبئة الجماهير وإرشاد شرائح الأمة وتوجيهها إلى نصرة غزة وأهلها بالوسائل المتاحة كافة، وليجعلوا منابرهم شقائق لمنابر مساجد غزة التي هدمت بآلة الإجرام الصهيونية، لتفضح إجرام الصهاينة وتسوء وجوههم.

سادسًا: تهيب الهيئة بالشعوب الإسلامية وأحرار العالم إلى التعبير عن غضبهم واستنكارهم للحرب العدوانية على غزة بالنزول إلى الساحات والميادين العامة والقيام بالنشاطات الاحتجاجية المختلفة، والمرابطة فيها وعدم مغادرتها والضغط على الحكومات للتدخل لوقف هذه الحرب الإجراميّة كما تدعوهم إلى الجهاد بالمال والكلمة لنصرة غزة وأهلها.

سابعًا: إننا نقول لأهلنا في قطاع غزة الصابر الصامد؛ لشيوخهم ونسائهم وأطفالهم: إنّ ثباتكم وصمودكم هو عنوان النصر بإذن الله تعالى، وإن احتضانكم للمقاومة وبذلكم النفس والولد والبيوت والاموال في سبيل الله تعالى لهو عنوان عزة الأمة وكرامتها، وان الله تعالى لن يخذلكم وهو معكم ولن يتركم أعمالكم، وإن النصر مع الصبر وإن بعد الليل المظلم فجرا قريبا.

وفي هذه الليالي من شهر رمضان المبارك، والتي نعيش فيها نفحات العشر الأواخر، نتوجه إلى الله العلي القدير أن يسدد رمي المجاهدين وأن يربط على قلوبهم ويثبتهم، وأن يثخنوا في العدو الصهيوني وأن ينزل السكينة والطمأنينة على قلوب أهلنا في غزة وأن يرحم شهداءهم ويشفي جرحاهم ويواسي العائلات المكلومة إنه سميع مجيب الدعاء.

هيئة علماء فلسطين

18 رمضان 1446

18 مارس 2025