خاص هيئة علماء فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} المائدة:52
الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلّا على الظالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، وبعد:
فإنّ ممّا يدمي القلب ويبعث في النفس غضبًا متزايدًا أن يستمرّ مسلسل التنازلات المخزية، لتكون محطّته هذه المرّة في إعلان الرّئيس الأمريكيّ مقايضةً سافرةً ورخيصةً أنتجت إعلان ملك المغرب التّطبيع الكامل مع الكيان الصّهيونيّ مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكيّة بسيادة المغرب على الصّحراء الغربيّة.
وإنّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج إزاء هذا الاتّفاق الخيانيّ المخزي نؤكّد على الآتي:
أوّلًا: إنّ المغاربة كانوا على مرّ التّاريخ أهل جهادٍ ورباطٍ في فلسطين فهم أصحاب إرثٍ في القدس من عهد تحريره على يد صلاح الدين الأيوبيّ الذي أوقف نجلُه الأكبر الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي حارة المغاربة عليهم.
كما شاركوا في كلّ الحروب التي خاضتها فلسطين ابتداء من حرب عام 1948م وصولًا إلى حرب أكتوبر عام 1973م التي أبلى فيها المغاربة بلاء يشهد له القاصي والدّاني، وهذا التّاريخ المشرّف لا يحقّ لأيّ حاكم أن يلطّخه باتّفاقٍ يأنفه الشّعب المغربيّ كما يأنفه أيّ مسلمٍ وحرٍّ في هذه الأرض.
ثانيًا: تجدّد الهيئة تأكيدها أنّ هذه الاتّفاقيّة التي أبرمها النّظام الحاكم في مملكة المغرب ومثيلاتها خيانةٌ لله تعالى ولرسوله ولعامة المسلمين وللمقدّسات ولدماء الشّهداء وتضحياتهم، ولئن ظنّ ملك المغرب أنّ الانغماس في الخيانة يحمي عرشه فهو واهم؛ فالتّطبيع لن يحمي المطبّعين، ولن يحفظ لهم عروشهم ولا حكمهم والتّاريخ البعيد والقريب خيرُ شاهدٍ على ذلك؛ قال تعالى: “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا” النّساء: 138ــ139
ثالثًا: تدعو الهيئة الحكومة المغربيّة إلى الاستقالة رفضًا لهذا الاتّفاق الخيانيّ، فليس من المقبول أن تمرّ هذه الاتفاقيّة الخيانيّة بوجود حكومةٍ ينتمي رئيسُها إلى الحقل الإسلاميّ، وإنّ أولى واجبات رئيس الحكومة أمام هذا التّطبيع المخزي هو الاستقالة وإعلان البراءة من الاتّفاق الخيانيّ؛ قال تعالى: “قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ” الممتحنة: 4
رابعًا: تدعو الهيئة العلماء والدّعاة المغاربة ومعهم علماء الأمّة الإسلاميّة إلى أن يكون لهم دورٌ محوري في التصدي لهذا الاتّفاق، وحشد طاقاتهم في بيان بطلانه وحرمته، وبيان الواجب الشرعيّ في التّعامل معه ومع من أبرمه دون أن يخافوا في الله لومة لائم؛ قال تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا” الأحزاب:39
خامسًا: تدعو الهيئة المؤسّسات والشّخصيّات التي شاركت في مؤتمر “مغاربيّون ضدّ التّطبيع” والذي انعقد في شهر تشرين الأول “أكتوبر” من العام الجاري 2020م إلى تفعيل مخرجات المؤتمر التي تضمّنها بيانه الختاميّ، والعمل على تصعيد الرّفض لهذا التّطبيع.
سادسًا: تحيّي الهيئة الشّعب المغربيّ الشّقيق الرّافض للتّطبيع المحبّ لفلسطين وجهادها وتدعوه إلى الاستمرار في رفضه لكلّ أشكال التّطبيع مع الكيان الصّهيونيّ ونبذ المطبّعين والمروّجين للتّطبيع حتى يؤوبوا إلى رشدهم ويرجعوا عن غيّهم؛ قال تعالى: “وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا” النّساء: 140
هيئة علماء فلسطين في الخارج
25/ربيع الآخر/1442هـ الموافق 11/12/2020م