خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:” وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ” الأحزاب: 25

قال تعالى: “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ*  فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” آل عمران: 173-174

الحمد لله ربّ العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلّا على الظالمين، والصلاة والسّلام على سيدنا محمّد إمام المجاهدين وقائد الغرّ المحجّلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:

فقد أقدم العدوّ الصّهيونيّ على ارتكاب جريمةٍ كبيرةٍ من خلال تسلله إلى قطاع غزّة واغتيال العديد من المجاهدين من قادة المقاومة الفلسطينيّة وأبنائها، ثمّ أردف ذلك بشنّ حربٍ همجيّةٍ تستهدف الإنسان والعمران في قطاع غزّة العزّة، ممّا دفع المجاهدين من أبناء شعبنا من مختلف الفصائل إلى التكاتف لردّ العدوان وردع المعتدي الصّهيوني ليذوق وبال أمره ويندم على حماقته الكبيرة، وليجبره المجاهدون صاغرًا على استجداء وقف إطلاق النّار، ويعلن وزير حربه المجرم ليبرمان استقالته وهو يصرّح بهزيمة كيانه وانبطاح حكومته أمام أبطالنا المجاهدين في غزّة العزّة

وإنّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج إذ نبارك لأمتنا الإسلاميّة جمعاء وأهلنا في فلسطين كلّها وغزّة العزّة على وجه الخصوص بهذا النّصر الذي منّ الله به علينا؛ فإنّنا نؤكّد على الآتي:

أوّلًا: نحيّي المجاهدين الأبطال من أبناء شعبنا من مختلف فصائل المقاومة الذين تكاتفوا واجتمعوا في غرفة مشتركة للعمليّات وقد رصّوا صفوفهم وأوجعوا عدونا الغادر وألحقوا به الخزي والمهانة، وكانت عاقبة هذا نصرًا للحقّ وأهله، وخزيًا للباطل وجنده، وقد كان هذا النصر الموزّر بفضل الله تعالى أحد تجليات وحدة الصف وبركات اجتماع الكلمة والموقف والقرار؛ قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ” الصّف:4

ثانيًا: نحيّي أبناء شعبنا المجاهد المرابط على أرض غزّة العزّة، القابض على جمر العزة والثبات، المحتضن للمقاومة والصابر على لأواء الطريق وشوكة الجهاد، فأنتم اليوم يا أبناء شعبنا البطل عنوان الكرامة وناصية البطولة، وإنّ الجراح النازفة والألم الواقع هو ضريبة العزّة التي عودتم العالم كلّه على تحملها بثغر باسم وقلبٍ محتسب، وقد نزل بالعدوّ مثل ما نزل بكم من ألم بل أشدّ ولكنّ الله معكم أنتم ولن يتركم أعمالكم، وشهدائكم في الجنة بإذن الله تعالى وقتلاهم في النار، قال تعالى: ” وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيما ً” النّساء: 104

ثالثًا: إلى علماء الأمة ودعاتها في كل البلدان والمؤسسات: ها هو يومكم فاحزموا أمركم واستفروا جهدكم وكونوا شركاء في الجهاد من خلال حثّ الأمة وشعوبها على نصرة إخوانهم المجاهدين في غزّة العزّة بكل ما يملكون من وسائل وأسباب، فإنَّ الله قد أخذ عليكم ميثاق التبيين والتبليغ، وإنَّ هذ النّصر الكبير ينبغي أن تكون سببًا في إيقاظ الهمم وزيادة الفاعليّة لا سيما وقد تصدر مشهد الجهاد  ودفع العدو وصد عدوانه اليوم أبناءكم واخوانكم من أهل العلم فكان العالم المجاهد نور بركة واخوانه حملة لواء الجهاد في هذه المعركة المظفرة، قال تعالى: ” إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ” آل عمران: 187

وقال تعالى:” الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ” الأحزاب:39

رابعًا: إلى جماهير امتنا الإسلاميّة جمعاء وأبناء شعبنا الفلسطينيّ في كلّ مكان: إنّ واجبكم اليوم وقد رأيتم ما حققته سواعد المجاهدين بفضل الله تعالى ومنّته أن تنفروا إلى السّاحات والميادين وثغور التأثير من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لمساندة أهلنا في غزة وهم يتعرضون لعدوان صهيونيّ همجي ما زال مستمرًا بالحصار الخانق، وللوقوف في وجه الهرولة التطبيعيّة المتصاعدة مع الكيان الصّهيونيّ، وإنَّ النشاطات الشعبية والاعلامية والاجتماعية هي من ضروب النفير المطلوبة من الجميع؛ قال تعالى: ” انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ” التوبة 41

خامسًا: نوجه نداءنا ومطلبنا المتكرر إلى السلطة الفلسطينيّة في رام الله لوقف التواصل مع العدو الصهيوني بمختلف أشكاله لا سيما التنسيق الأمني وإطلاق يد المجاهدين في الضفة الغربيّة المحتلّة والارتقاء إلى مستوى تضحيات وطموحات شعبنا الذي يسطر أعظم ملاحم العزة والفخار، وندعوها إلى الانحياز إلى خيار شعبنا الفلسطينيّ بمقاومة هذا المحتلّ الغاصب، ونؤكّد لإخواننا في السلطة الفلسطينيّة بإنَّ التجارة الرابحة هي في الانخراط في طريق الجهاد والثبات أما التسوية والتنسيق الأمني فهو طريق الخسران في الدارين؛ قال تعالى: ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ  ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ  ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا  نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ” الصف: 10-12

سادسًا: ندعو الدول والكيانات والحكومات التي تسارع في التطبيع مع الكيان الصّهيونيّ إلى أخذ العبرة مما جرى في غزّة، فإنَّ العزّة ثمنها موقف حق، وإنَّ الرّفعة لا تنال بالهرولة إلى أحضان العدوّ، وإنَّ ما يتخوّفه المطبعون من قوة لعدوّنا هو وهم قوّة لا تخيف إلّا من في قلوبهم مرض وقد سقطت تحت أقدام المجاهدين الأبطال، قال تعالى: “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ  فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ” المائدة: 52

تقبّل الله الشهداء الأبرار في الفردوس الأعلى وأثابهم بما بذلوا صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنان،  وشفى الجرحى وربط على قلوب أهليهم، وإنَّ النّصر مع الصّبر وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون

والحمد لله رب العالمين

هيئة علماء فلسطين في الخارج

                                                                                                 7/ ربيع الأول /1440هـ

                                                                                                      15/11/2018م