خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

‏”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا”  النّساء:71‏

الحمد لله ربّ العالمين؛ والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم ‏بإحسانٍ إلى يوم الدّين؛ وبعد:‏

فقد عمدت قوات الاحتلال الصّهيونيّ إلى ارتكاب جريمةٍ جديدةٍ ضمن سلسلة ‏جرائمها الممنهجة والمدبّرة بحقّ المسجد الأقصى المبارك؛ حيث تمّ إغلاق باب الرّحمة ‏بالأقفال والجنازير في تنفيذٍ فعليّ جديدٍ للتقسيم المكانيّ للمسجد الأقصى المبارك، وتمهيدًا لتسليم باب الرّحمة والمبنى المجاور له للمستوطنين الغاصبين الذين يعدّونه مدخلًا ‏رئيسًا للهيكل المزعوم.‏

وإنّنا في هيئة علماء فلسطين في الخارج إزاء هذه الجريمة بالغة الخطورة نؤكّد على الآتي:‏

أوّلاً: نحيي أبطال القدس نساءً ورجالًا من المرابطات والمرابطين الذين هبّوا بكلّ ما في ‏قلوبهم من عزّة الإيمان وحبّ المسجد الأقصى المبارك، فكسّروا الأقفال ورفضوا تبديلها ‏بأيّة أقفالٍ تابعةٍ لأيّة دولةٍ أو جهة، فالأقفال هي الأقفال وتكسيرها فداءً للأقصى ‏المبارك هو عنوان بطولة ورجولة ووعي أهلنا الرّجال الرّجال في القدس.‏

قال تعالى: “فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ‏‏* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا ‏تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ” النور: 36-37‏

ثانيًا: تؤكّد الهيئة على أنَّ باب الرّحمة والبناء المجاور له جزء من المسجد الأقصى ‏المبارك، وأنَّ أيّ اعتداءٍ عليه هو اعتداء على ثالث أقدس المقدّسات عند المسلمين ‏جميعًا بعد المسجد الحرام والمسجد النبويّ؛ ممّا يوجب على الأمّة كلّها النّفير والتّحرّك ‏بالإمكانات المتاحة لوقف هذا العدوان الإجراميّ.‏

كما تحذّر الهيئة من هذا الصّمت المخجل في بلاد المسلمين والفتور غير المقبول في ردات الفعل الرسمية والشّعبية الذي يعطي الضّوء الأخضر ‏للكيان الصّهيوني ويشجّعه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحقّ مقدّساتنا وبلادنا ‏وأمّتنا.‏

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى ‏الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * ‏إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ ‏شَيْءٍ قَدِيرٌ” التوبة: 38-39‏

ثالثًا: تؤكّد الهيئة على أنَّ الأنظمة والشّخصيات الرّسمية المهرولة إلى التّطبيع مع‏ الكيان ‏الصّهيوني مشاركةٌ له في جرائمه بحق شعبنا وأمتنا ومقدّساتنا، وتتحمّل مع الكيان المجرم ‏المسؤوليّة عن هذه العربدة والغطرسة والجرائم الممنهجة.‏

كما تؤكّد الهيئة على أنَّ هرولتهم هذه لن تغني عنهم من الله شيئًا في الدنيا والآخرة، ‏قال تعالى: “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا ‏دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ ‏نَادِمِينَ” المائدة: 52‏

رابعًا: تدعو الهيئة وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي إلى التحرّك العاجل على ‏المستويات كافّة، والعمل مع الجهات الرّسميّة والدّوليّة لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ ‏الممنهج.‏

كما تدعوها إلى توجيه الخطباء والدّعاة إلى حضور القدس والأقصى في خطبهم ‏المنبريّة ودروسهم المسجديّة، وأن يكون العدوان على باب الرّحمة موضوع خطبة الجمعة ‏القادمة.‏

خامسًا: تدعو الهيئة علماء ودعاة وخطباء الأمة الإسلاميّة _لا سيّما خطباء ‏المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقي المسجد الأقصى المبارك_ إلى أن تكون خطبة ‏الجمعة القادمة نصرةً للقدس والأقصى.‏

وأن يبيّن فيها الخطباء والدعاة ما يجب على الأمة لمواجهة هذا الكيان الغاصب، ‏ووجوب دعم المرابطين في القدس والأقصى، وخطورة التّطبيع على الأمة كلّها وعلى ‏القدس والمسجد الأقصى المبارك.‏

قال تعالى: ” الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ ‏حَسِيبًا” الأحزاب:39‏

والحمد لله رب العالمين

هيئة علماء فلسطين في الخارج

                                                                                                14/جمادى الثانية/1440هـ

                                                                                                       20/2/2019م