محاضرة مشروع الإعداد

    

26/7/2024

المحاضر: الدكتور محمد سعيد بكر

المقدمة:

استهل الدكتور محمد سعيد بكر محاضرته التي ألقاها في الملتقى الدولي السادس للشباب / قسم الشابات، بالتأكيد على أن الأمة في حضرة “واجب الوقت”، بل “واجب كل وقت”، وهو الإعداد. فقد أبرز أهمية الاستفادة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتجارب الأمم السابقة التي حققت إنجازات عظيمة بفضل الإعداد الجيد. طرح تساؤلات مهمة حول مدى جاهزية الأمة للمشاركة في المعارك القائمة أو القادمة، مشيرًا إلى أن الجاهزية الحقيقية تستلزم إعدادًا شاملًا يتجاوز المشاركات العاطفية.

الدكتور بكر شدد على أن الصراع بين الخير والشر لن ينتهي طالما بقي الشيطان والفطرة الإنسانية على حالهما. ومن هنا، جاء مشروعه ليعالج مفهوم الإعداد من جميع جوانبه: الأمني، العسكري، الاقتصادي، السياسي، والإيماني. كما قدم مشروع “أكاديمية أمين الأمة للإعداد”، الذي يهدف إلى تعليم الناس كيفية الإعداد المدني تمهيدًا للإعداد العسكري إذا دعت الحاجة. وأوضح أن هذه الأكاديمية تقدم دروسًا تركز على تعلم القواعد والأسس التي يحتاجها المسلم لتحويل الأفكار إلى مشاريع وبرامج عمل ملموسة.

دعا الدكتور بكر الحضور إلى الانضمام إلى هذه الأكاديمية، أكاديمية أمين الأمة للإعداد تمثل فرصة ذهبية لكل من يرغب في أن يكون جزءًا من هذا المشروع النهضوي العظيم. مؤكدًا أن الأمة بحاجة إلى إعداد قادة وليس مجرد جنود. فالقادة هم من يضبطون المعركة، وينظمون صفوفها، ويستثمرون في نتائجها لمصلحة الأمة.

إن محاضرة الدكتور محمد سعيد بكر حول “مشروع الإعداد” قدمت لنا نموذجًا واضحًا لكيفية بناء أمة مستعدة وقادرة على مواجهة التحديات. الإعداد ليس مجرد عمل مادي أو تحضير عسكري، بل هو بناء شامل يبدأ من الفرد وينتقل إلى المجتمع، ليشمل كل جوانب الحياة. وفي ظل الظروف الراهنة، يتعين على الأمة أن تضع الإعداد في مقدمة أولوياتها، وأن تعمل على تحويل الأفكار إلى واقع ملموس من خلال مشاريع وبرامج تستند إلى العلم والإيمان.

لا شك أن “مشروع الإعداد” يمثل حجر الزاوية في بناء أمة قوية ومستعدة لمواجهة التحديات. فليكن شعارنا “تعلم، طبق، بلغ” لتحقيق النهضة الشاملة التي نصبو إليها.

قواعد الإعداد:

1. تعلم: ركز على استيعاب المعلومات التي تتلقاها مع نية جازمة لتطبيقها في الواقع.

2. طبق: لا تكتفِ بالنظرية، بل اسعَ لتطبيق ما تعلمته. يقول الله تعالى: ﴿الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ﴾.

3. بلغ: انقل ما تعلمته للآخرين، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “بلغوا عني ولو آية”.

4. استفادة من الفرص المحلية: كل إقليم وبلد لديه فرصه وتحدياته الخاصة، لذا استغل ما يناسب واقعك وأعمل على تجاوز العقبات.

5. تخصيص الجهود: ركز على جوانب الإعداد التي تتناسب مع قدراتك ومهاراتك، سواء كان إعدادًا أمنيًا، اقتصاديًا، أو إيمانيًا.

6. التكامل مع الآخرين: اعمل ضمن فريق تكاملي يتخصص كل فرد فيه بجانب معين من جوانب الإعداد.

7. مشروع قصة الفريق الثلاثة: كون فريقًا من ثلاثة أفراد يتعاهدون على الإعداد معًا، كل منهم يتخصص في جانب معين لتحقيق التكامل في العمل الجماعي.

قواعد في الجاهزية والإعداد:

– كن مستعدًا-

تناول هذا الباب من محاضرة د. محمد سعيد بكر موضوع “قواعد في الجاهزية والإعداد” ضمن سلسلة “كن مستعدًا”، والتي تركز على أهمية الاستعداد والجاهزية في مواجهة التحديات المختلفة. ينطلق الحديث من الآيات القرآنية التي تأمر بالاستعداد، مثل قوله تعالى: ﴿وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم وَآخَرينَ مِن دونِهِم لا تَعلَمونَهُمُ اللَّهُ يَعلَمُهُم﴾ [الأنفال: 60]، وقوله تعالى: ﴿وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً وَلكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعاثَهُم فَثَبَّطَهُم﴾ [التوبة: 46]. يُركز الباب على المعاني المختلفة للإعداد ويطرح مجموعة من القواعد التي توضح هذا المفهوم بشكل عملي وعلمي.

قد هوينا لما هوتْ وأعدوا              وأعدوا من الردى ترياقُ

مفهوم الإعداد:

1.الإعداد من التحضير والاستعداد، والتهيئة، ورفع الجاهزية، لمواجهة أمر قائم وقادم. 

 – يعرّف الإعداد بأنه التحضير والاستعداد لمواجهة التحديات، مع التركيز على المستقبل. يوضح الدكتور محمد سعيد أن الإعداد يرتبط بشكل أكبر بالأحداث المستقبلية التي تحتاج إلى وقت وتجهيز، على عكس الأحداث المفاجئة التي تتطلب استجابة سريعة ومحدودة.

2. الإعداد رباطٌ بمفهومه العام: (أن نلزم عبادة الله حتى نلقاه).

ورباط بمفهومه الخاص: (أن نلزم الثغر الساخن حتى نحميه ونرعاه).

الإعداد: رباط بمفهوميه العام والخاص:

– يشير الرباط إلى التزام الإنسان بعبادة الله حتى يلقاه (المفهوم العام)، وكذلك إلى التزامه بحماية الثغور الساخنة من الإسلام (المفهوم الخاص). يوضح الدكتور محمد أن الرباط بمعناه الخاص يشمل التصدي للتحديات والصراعات الموجودة في مختلف البلدان الإسلامية، والتي تتطلب جميعها إعدادًا وحذرًا مستمرين.

3. من معاني العُدة في قوله تعالى: ﴿وَلَو أَرادُوا الخُروجَ لَأَعَدّوا لَهُ عُدَّةً﴾

بناء العَدَدْ (الإنسان) والعِدَدْ (السلاح).

من معاني العُدة: بناء العَدَدْ والعِدَدْ:

– يتناول هذا المحور بناء الإنسان المقاوم (العَدد) وتجهيز السلاح (العِدد). يشدد الدكتور على أهمية تربية الإنسان المقاوم، الذي يملك روح المقاومة والقدرة على الاستجابة للتحديات.

4. الإعداد هو التحضير المستطاع لإثبات الوجود وقطع الأطماع:

– يوضح الدكتور سعيد أن الإعداد لا يعني تحقيق التكافؤ مع القوى الكبرى، بل يكفي بذل الجهد المستطاع لإثبات الوجود وقطع أطماع الأعداء. يؤكد أن امتلاك القوة بأي شكل من أشكالها يجعل الأمة رقمًا يُحسب له حساب، ويمنع الأعداء من الاستهانة بها.

5. الإعداد هو الاستيقاظ والحراسة، وترك الغفلة، والوعي لما يحاك للأمة في الخفاء:

– يُعرِّف الإعداد على أنه اليقظة والوعي بما يحاك ضد الأمة في الخفاء. يشير إلى أهمية التصدي للغزو الفكري والثقافي، والتحديات الأخلاقية التي تواجه الأمة من خلال إعداد شامل يحمي المجتمع من الداخل.

6. الإعداد بناء تراكمي (تصاعدي)، وجهد تكاملي (شمولي):

– يتناول المحاضر مفهوم الإعداد كتراكم للجهود والخطوات المتتالية التي تتكامل فيما بينها لتحقيق هدف مشترك. يؤكد أن الإعداد ليس عملية فردية، بل هو جهد جماعي يتطلب تعاون الجميع.

7. الإعداد بذل الجهد واستفراغ الوسع، للإمساك بزمام القوة، وإخراج الأمة من حالة العدمية والصِّفرية، تمهيدًا لإدخالها في عالم الأرقام المعتبرة:

– يربط المحاضر الإعداد بالتحول من حالة الضعف والعدم إلى حالة القوة والفاعلية. يُشدّد على أن الإعداد يهدف إلى تحويل الأمة من حالة الصفرية إلى أن تصبح رقمًا معتبرًا على الساحة الدولية، مستشهدًا بتجربة غزة كرمز للإعداد الذي جعلها قوة تُلهم الآخرين.

8. الإعداد يحولك من إنسان متحرق على وجع إخوانك، إلى إنسان متحرك لنصرتهم في الحال والمآل:

– يوضح الدكتور بكر أن الإعداد لا يجب أن يقتصر على التعاطف والشعور بالوجع تجاه الأمة، بل يجب أن يتجاوز ذلك إلى التحرك الفعلي لنصرتها، سواء على المدى القصير أو البعيد. ويشدد على أهمية العمل الجماعي وتأسيس فرق ومجموعات تسعى لتحقيق أهداف واضحة.

خلاصة:

الباب الأول من قواعد الإعداد يُبرز أهمية الاستعداد الشامل والمستمر في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية. يتناول المحاضر مفهوم الإعداد من جوانب متعددة، مؤكداً على أهمية التعاون الجماعي والعمل الدؤوب لتحقيق الأهداف الكبرى للأمة. يدعو المحاضر إلى ضرورة تحويل هذه القواعد إلى مشاريع عملية تسهم في تقوية الأمة وجعلها رقمًا صعبًا في المعادلة العالمية.

الباب الثاني: منطلقات الإعداد وبواعثه

– كن مستعدًا-

9. الإعداد يجعلك كأي جهاز يطلب تعديل إعداداته ليعطيك مسارات ونتائج مختلفة فنحن نبذل جهودًا جبارة لأعمال وغايات متنوعة، ولو أننا نقوم بتعديل إعدادات قلوبنا وعقولنا وأجسادنا نحو غايات النصر والفتح والتمكين؛ فإن النتائج ستختلف بعون الله تعالى.

في هذا القسم من المحاضرة، يوضح الدكتور محمد سعيد بكر أهمية مفهوم “الإعداد” ويشبّهه بعملية تعديل إعدادات الجهاز لتحقيق نتائج مختلفة. حيث يربط بين جهود الإنسان المتنوعة لتحقيق أهداف دنيوية وبين ضرورة توجيه تلك الجهود نحو غايات أسمى، مثل النصر والفتح والتمكين للأمة. يرى الدكتور أن تعديل “إعدادات” القلب والعقل والجسد نحو هذه الغايات سيغير النتائج بإذن الله تعالى.

يشير إلى أن الإعداد ليس مجرد اقتناء جهاز جديد أو اكتساب مهارات جديدة، بل هو تغيير جذري في النفس لتوجيهها نحو خدمة الدين والهدف الأسمى، بدلاً من الانشغال بالأمور الدنيوية التي رغم أهميتها، يجب أن تعطى حيزًا محدودًا، بينما يجب التركيز على تحرير وإنقاذ الأمة والنهوض بها. هذا يتطلب تغييرًا في الأولويات وفي “إعدادات” النفس.

حديث النبي صلى الله عليه وسلم حول الإعداد:

أشار الدكتور إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من نفاق.” هذا الحديث يبرز أهمية استمرارية نية الجهاد والتحرر. ويؤكد الدكتور على ضرورة تحديث نية الإنسان باستمرار لتكون على استعداد للمشاركة في تحرير الأقصى وخدمة الأمة، مشيرًا إلى أن الانشغال بأمور الدنيا قد يؤدي إلى تشتت التركيز والابتعاد عن هذا الهدف.

أزمة التركيز والاستغراق

يناقش الدكتور قضية أزمة التركيز في الأمة، حيث إن الشواغل والضغوط الاقتصادية والاجتماعية تشغل الأفراد عن التركيز في هدف واحد وهو الإعداد لتحقيق النصر. التركيز هنا يُعتبر من أنواع القوة وصور الإعداد، فهو ضروري لتحقيق الأهداف الكبيرة.

10.عندما تنوي الإعداد للجهاد تصبح عاداتك كلها كالأكل والشرب والنوم والدراسة والشغل؛ عبادة، وذلك ستمارس تلك العادات كلها بنية الاستقواء على أداء ذروة سنام الإسلام (الجهاد).

عندما تنوي الإعداد للجهاد تصبح عاداتك عبادة: يوضح الدكتور بكر أن نية الإعداد للجهاد يمكن أن تحول جميع العادات اليومية من أكل وشرب ونوم ودراسة وعمل إلى عبادات، إذا كانت هذه العادات موجهة نحو الاستعداد لأداء الجهاد. فحتى العبادات المحضة مثل الصلاة وقراءة القرآن يجب أن تكون مخصصة بالكامل لله عز وجل بدون انشغال بأمور الدنيا.

يدعو الدكتور إلى أهمية أن تكون نية الفرد في جميع أعماله اليومية موجهة نحو خدمة العبادة، بمعنى أن يكون الهدف من الراحة والنوم هو الاستعداد للعبادة والخشوع في الصلاة. ويستشهد بالآية الكريمة: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]، ليؤكد على شمولية الإعداد في جميع جوانب الحياة، سواء كان ذلك في الإعداد الأمني أو الاقتصادي أو العسكري، بشرط أن يكون مصحوبًا بإعداد نفسي وإيماني وروحي.

11. كل من يتمنى الجهاد بلا إعداد فهو كذاب أشر والذين يخافون من الإعداد لا يرجى منهم جهاد.

الصدق في النية والإعداد للجهاد: ينبه الدكتور بكر إلى أن كل من يتمنى الجهاد دون إعداد فهو “كذاب أشر”، ويؤكد أن الخوف من الإعداد يبعد الإنسان عن الجهاد الحقيقي. ويذكر قصة بني إسرائيل الذين طلبوا من نبيهم أن يبعث لهم ملكًا ليقاتلوا في سبيل الله، ولكن عندما فُرض عليهم القتال، تراجع معظمهم.

يوجه الدكتور نصيحة للشابات بضرورة إدراك المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهن في هذه المرحلة، مؤكدًا على أهمية المشاركة في المعركة القائمة وعدم التخاذل، مستشهدًا بالآية: {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]. ويوضح أن من صدق الله في نيته وإعداده سيجعل الله له طريقًا للجهاد، حتى لو كان بعيدًا عن ميادين المعارك التقليدية.

12. العقلاء لا يفكرون في (إنهاء الصراع)؛ لأنه لا يمكن أن ينتهي، بقدر ما يحرصون على أن يكون لهم أدوار متقدمة في (إدارة الصراع)، وإدارة الصراع تتطلب إعدادًا متقدمًا؛ يهابه العدو، ويفرح به الصديق.

إدارة الصراع بدلًا من إنهائه: يختم الدكتور بكر هذا الباب بالتأكيد على أن العقلاء لا يفكرون في إنهاء الصراع لأنه لا يمكن أن ينتهي، بل يسعون لأن يكون لهم أدوار متقدمة في إدارة هذا الصراع. وهذا يتطلب إعدادًا متقدمًا يخيف العدو ويفرح به الصديق. ويدعو إلى ضرورة أن يكون للمسلمين سهم في المعركة القادمة، سواء كان ذلك من خلال إعداد اقتصادي، أو جمع الأموال لدعم المجاهدين، أو غير ذلك من أشكال الإعداد المالي والاقتصادي.

الخلاصة:

الباب الثاني من محاضرة الدكتور محمد سعيد بكر يركز على أهمية الإعداد بجميع جوانبه، وضرورة تحويل العادات اليومية إلى عبادات بنية الجهاد والتحرر. يسلط الضوء على الحاجة إلى التركيز والاستغراق في الهدف الأسمى وهو تحرير الأمة والنهوض بها، مشددًا على أن العقلاء لا يفكرون في إنهاء الصراع، بل في إدارة هذا الصراع بما يخدم مصلحة الأمة.

الباب الثالث: “حُكم الإعداد وحِكمته ومَقاصده”

– كن مستعدًا-

المقدمة:

يواصل الدكتور محمد سعيد بكر في هذا الباب من محاضرته مناقشة مسألة الإعداد في الإسلام، مستعرضًا حكمه وحِكمته ومقاصده. يُبرز أهمية الإعداد كفريضة ملحة في كل زمان، وأهمية الاستعداد المستمر للأمة الإسلامية في مواجهة التحديات المختلفة. يتناول الدكتور بكر مفهوم الإعداد من منظور ديني، موضحًا أن الإعداد للجهاد ليس مجرد خيار، بل ضرورة لتحقيق النصر وحماية الأمة.

13. الإعداد: (فريضة) الوقت، و(فضيلة) تجلب الخير وترفع المقت.

في بداية هذا الباب، يُشدد الدكتور بكر على أن الإعداد هو فريضة الوقت، بمعنى أنه واجب ملح يجب أن يتعاطى معه المسلمون بجدية. يقول الدكتور إن الإعداد ليس فقط فريضة، بل فضيلة تجلب الخير وتُرفع بها الأمة من أي مقت قد تتعرض له. ويستشهد الدكتور بكر بالحديث النبوي الشريف عن ضرورة الاستعداد الدائم ولو بشكل رمزي، مشيرًا إلى أهمية البقاء على اتصال مع أدوات القتال والدفاع، حتى في أوقات السلم.

ويؤكد الدكتور بكر أن الإعداد للجهاد والدعوة هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة في جميع الأوقات، سواء في السلم أو الحرب. ويستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “ستُفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه”. هنا، يُشير الدكتور إلى أن الأمة التي تتهاون في الإعداد تكون عرضةً لطمع الأعداء، وهذا ما شهدته الأمة في تاريخها.

14. الإعداد للجهاد يشبه الوضوء للصلاة، والنصاب للزكاة، والإحرام للحج، فهو ركن أو شرط من شروط صحة الجهاد.

يشبه الدكتور بكر الإعداد للجهاد بالوضوء للصلاة، والنصاب للزكاة، والإحرام للحج، مشيرًا إلى أن الإعداد هو شرط من شروط صحة الجهاد. يستشهد الدكتور بتجربة الدكتور عبد الله عزام في تدريب المجاهدين قبل إرسالهم للمعارك، حيث كان يؤكد على أهمية الإعداد والتدريب قبل الشروع في القتال. الدكتور بكر يؤكد أن الهدف من الإعداد ليس الموت، بل الحياة والنصر في سبيل الله.

ويُبرز الدكتور بكر قيمة الإعداد كعنصر أساسي لتحقيق النصر في المعركة، مُوضحًا أن الشهادة ليست هدفًا بحد ذاتها، بل هي مكافأة نهاية خدمة للمؤمنين الصادقين الذين يعيشون في سبيل الله.

15. الإعداد يحقق القدرة النسبية في الدعم والتعامل والتعايش مع المعارك القائمة، والجاهزية التامة في المبادرة أو المدافعة عند حصول المعارك القادمة.

يشير الدكتور بكر إلى أن الإعداد يُحقق القدرة النسبية في دعم والتعامل مع المعارك القائمة، ويضمن الجاهزية التامة في مواجهة المعارك القادمة. يُذكر الدكتور بأهمية الاستعداد المستمر وعدم التراخي، مستشهدًا بالآية القرآنية: ﴿إِلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أَو مُتَحَيِّزًا إِلى فِئَةٍ﴾ [الأنفال: 16]، ليُوضح أن المشاركة في الدفاع عن الأمة واجب لا يُعفى منه إلا لأسباب محددة.

16. الإعداد: يؤكد قيمة تحديث النفس بالغزو، وذلك أضعف الإيمان.

تحديث النفس بالغزو: يركز الدكتور بكر على ضرورة تحديث النفس بالغزو كأضعف الإيمان، مشيرًا إلى أهمية الاستعداد المستمر في جميع الأوقات.

17. الإعداد تحديد وضبط وتوزيع للمهام الخاصة بعد صناعة روح متوقدة وفهم مشترك.

تحديد المهام وضبطها: يؤكد الدكتور بكر على أهمية تحديد وضبط وتوزيع المهام الخاصة ضمن فرق العمل الكبيرة أو الصغيرة، مشيرًا إلى أهمية صنع روح متوقدة وفهم مشترك بين أعضاء الفريق. ويُشير إلى ضرورة وجود تخصصات واضحة لكل فرد من أفراد الفريق في إطار الإعداد للجهاد، ويُشدد على أهمية توجه النية نحو خدمة الإسلام.

18. الإعداد يجعل آفاقنا مفتوحة نحو تخليص أسرانا، وتحرير مسرانا، وتآديب من آذى إخواننا في كل مكان آذانا.

الإعداد لتحرير الأسرى وتحرير المقدسات: يشدد الدكتور بكر على أن الإعداد يجب أن يكون مُوجهاً نحو تحقيق الأهداف الكبرى، مثل تحرير الأسرى وتحرير المقدسات الإسلامية، وتأديب من آذى المسلمين في أي مكان. يُشير الدكتور إلى أن الإعداد يجب أن يكون مبنيًا على الفقه السليم والاعتدال، بعيدًا عن التهور أو العشوائية في اتخاذ القرارات.

يذكر الدكتور أن من أوجه الإعداد التي نتحدث عنها أن يتخصص فريق مكون من ثلاثة إلى خمسة أفراد، يكونون قد درسوا الشريعة بشكل جيد، في فقه الله وفقه الجهاد وفقه النوازل بشكل عميق. الهدف من ذلك هو أن تخوض الأمة جهادها على بصيرة ووعي. هناك العديد من الأسئلة المطروحة اليوم، والتي تحتاج إلى إجابات مدروسة ومستنيرة.

19. الإعداد له ظاهر وباطن، فباطنه فيه الرحمة (للمؤمنين)، وظاهره من قبله العذاب (للمعتدين)، وظاهره يرهب العدو، وباطنه يحزنه ويربكه ويفاجئه.

الإعداد بين الظاهر والباطن: يُبرز الدكتور بكر أن للإعداد جانبين: ظاهر وباطن. الباطن يحمل الرحمة للمؤمنين، والظاهر يرهب الأعداء ويُحزنهم. هذا المزيج من الرحمة والقوة يجب أن يكون جزءًا من فلسفة الإعداد لدى الأمة.

20. الإعداد من سنن النصر الثابتة، ونحن في سباق مع أعدائنا، وإن كانوا قد تفوقوا علينا في الإعداد المادي؛ فإن هذا لا يبيح لنا الوقوف، وعلى قدر الإعداد يكون الإمداد.

يختم الدكتور بكر هذا الباب بتأكيد أن الإعداد هو من سنن النصر الثابتة، مشيرًا إلى أن الأمة في سباق مع أعدائها. ورغم أن الأعداء قد تفوقوا في الإعداد المادي، إلا أن هذا لا يبرر للأمة الوقوف أو التراخي. يُشير الدكتور بكر إلى أن الله يمنح النصر لمن يأخذ بالأسباب المتاحة، وأن الله يُمد المؤمنين بمدد إلهي إذا قاموا بواجباتهم وأخذوا بالأسباب.

تجربة غزة تعتبر من المعجزات التي لا يمكن فهمها من خلال لغة الأرقام فقط، فقد تمسك أهلها بالأسباب المتاحة وقدموا تضحيات كبيرة، مما جعل الله يمدهم بأسباب أخرى لم تكن في حسبانهم، مكنتهم من التفوق في المجالات الأمنية، والعسكرية، والإعلامية، والسياسية.

ويختتم الدكتور بكر بمثال، حيث يسرد قصة أحد قادة المقاومة في غزة، “أبو عبيدة”، ليبرز كيف يمكن للتحفيز الصحيح والقيادة الحكيمة أن يحولا شخصًا عاديًا إلى قائد استثنائي يُلهم الآخرين.”

21. الإعداد يعصمنا من فتنة الاستعانة بالمغشوش من المال والرجال، إذا داهمتنا المعارك وصرنا في حالة نِزال.

الإعداد وعصمته من الفتن والتعامل مع المال والرجال في المعارك: الإعداد هو عامل أساسي يحمي الأمة من الفتن والمغريات التي قد تواجهها أثناء المعارك. عندما يواجه المسلمون معاركًا حاسمة ويجدون أنفسهم في مواقف تتطلب اتخاذ قرارات استراتيجية، مثل قضية علاقة حماس بإيران، يجب أن يدركوا أن هذه العلاقات قد تكون مصلحية وليست مبدئية. الإعداد هنا يعني القدرة على تعويض الدعم المالي واللوجستي الذي قد يقدمه الآخرون، ولكن بشروط قاسية لاحقًا. يجب أن نسعى لتجهيز أنفسنا وامتلاك المال النقي الذي يمكن استخدامه في دعم المجاهدين وتجهيزهم بما يلزم.

في هذا السياق، تناول الدكتور بكر قصة أحد الشباب الذي جمع المال لأول مرة في حياته من أجل تجهيز مجاهد، وأشار إلى أهمية تجهيز الغزاة وعدم التردد في هذا المشروع، وأكد على دور المرأة في هذا الجهاد من خلال قدرتها على جمع المال والتدبير.

22. الإعداد يبلغنا مراتب الدقة العلمية والعملية، وهو ما يؤهلنا لبلوغ رتبة سداد الرأي والرمي مع مرتبة (الشرف العليا).

الإعداد وبلوغه مراتب الدقة العلمية والعملية: الإعداد ليس فقط تجهيزًا للمجاهدين، بل هو أيضًا وسيلة لتحقيق الدقة العلمية والعملية، التي تؤهل الأمة لبلوغ مراتب سداد الرأي والرمي. ذكر الدكتور بكر قصة الإمام الشافعي الذي تعلم الدقة في الرمي في شبابه، وكيف أثرت هذه الدقة على سداد رأيه عندما كبر. شدد المحاضر على أهمية التركيز، وكيف أن قوة التركيز تساعد في النجاح في جميع مجالات الحياة، بدءًا من الصلاة وصولًا إلى اتخاذ القرارات في المعارك. كما أشار إلى دور المسلمين في استعادة الطاقة الروحية والتركيز من خلال الصلاة، معتبراً أن المسلمين بحاجة إلى نفس التركيز الذي تمتلكه بعض الدول المتقدمة في أمورهم الدنيوية.

23. الدعاء والتوعية والمقاطعة للعدو، والتبرع والدعم؛ كلها من صور المشاركة (العاطفية) المطلوبة والمهمة في المعارك القائمة والإعداد يجعلنا نرقى إلى مستوى المشاركة (الالتحامية) في المعركة القادمة.

ومع كل تغريدة مباركة، واعتصام مبرور، وهتاف مشكور، وتبرع مأجور، لا تنس الإعداد الجاد لمعركة التحرير.

 الدعاء، التوعية، المقاطعة، التبرع والدعم هي جميعها أشكال من المشاركة العاطفية المطلوبة في المعارك. ومع ذلك، لا يجب أن تقتصر هذه المشاركة على المعركة القائمة فقط، بل يجب أن توجه أيضًا نحو الإعداد الجاد للمعركة القادمة.

24. الإعداد يمكِّنك من التعرف على أعدائك وصفاتهم وأحوالهم ومراتبهم وأصنافهم ونقاط ضعفهم وقوتهم وتناقضاتهم، وتحالفاتهم ومصالحهم، وإمكاناتهم القائمة والمتوقعة القادمة.

الإعداد والمعرفة بالأعداء وصفاتهم وأحوالهم: القدرة على معرفة الأعداء وصفاتهم وأحوالهم هي جزء أساسي من الإعداد. يشدد الدكتور بكر على أن الإعداد يجب أن يكون مشروعًا مستدامًا يتطلب فريقًا متخصصًا، حيث يتطلب الأمر معرفة دقيقة بأعداء الأمة، صفاتهم، أحوالهم، نقاط ضعفهم وقوتهم، تحالفاتهم، ومصالحهم.

ينبغي للمسلمين أن يكونوا قادرين على التمييز بين أعدائهم والتعامل مع نقاط قوتهم وضعفهم بفاعلية. هنا، يؤكد الدكتور بكر على أن القرآن الكريم قدم لنا دروسًا في معرفة الأعداء وتجنب الوقوع في فخاخهم.

25. الإعداد ميدان جهاد؛ فمن مات أثناءه فهو شهيد، ومن رغب عنه فهو عن رحمة ربه طريد وبعيد.

الإعداد في سبيل الله هو نوع من الجهاد، فمن مات وهو في طريقه للإعداد فهو شهيد، ومن تهاون فيه فهو بعيد عن رحمة الله. يوضح الدكتور بكر أهمية الإعداد باعتباره جزءًا لا يتجزأ من النضال الإسلامي وأنه يجب أن يمارس في جميع جوانب الحياة.

26. الإعداد نمارسه في كل شؤون حياتنا، فلولا الإعداد الجيد للامتحان لرسبنا ولولا الإعداد الجيد للسفر لتأخرنا، ولولا الإعداد الجيد للزواج ماتزوجنا، وكذا ينبغي أن نفهم بأننا بلا إعداد جيد للمعركة لا يجوز أن نلوم إلا أنفسنا.

أهمية الإعداد في جميع جوانب الحياة: الإعداد ليس مقتصرًا على المعركة العسكرية فقط، بل يمتد ليشمل جميع جوانب الحياة، بدءًا من الاستعداد للامتحانات وحتى الزواج. فالإعداد الجيد في أي مجال هو الأساس لتحقيق النجاح وتجنب الفشل.

27 الإعداد يعصمنا من الشذوذ في التعاطي مع ذروة سنام الإسلام، فلا إفراط نستبيح به عموم الدماء، ولا تفريط يجعلنا نقبل أن نُستَباح، كما ندفع به كل شبهة حول الجهاد وفساد.

الإعداد والاعتدال في التعامل مع ذروة سنام الإسلام: الإعداد يحمي الأمة من الانحرافات سواء بالإفراط في إباحة الدماء أو بالتفريط في الدفاع عن النفس. يجب أن يتضمن الإعداد دراسة فقه الجهاد لتجنب الفهم الخاطئ الذي قد يؤدي إلى الشذوذ في تطبيق تعاليم الإسلام.

28. الإعداد ينفي عنا شُبهة النفاق والقعود، وشبهة الجبن والخور، وشبهة التهور والمراهقة.

الإعداد ونفي الشبهات عن المسلمين: الإعداد ينفي عن المسلمين شبهة النفاق، القعود، الجبن، الخور، التهور، والمراهقة. هذا يتم من خلال تجهيز الأمة لتكون قادرة على اتخاذ القرارات الصائبة في وقتها المناسب، سواء كان ذلك في الدفاع أو الهجوم. يعتمد هذا على دراسة فقه الجهاد وممارسته بشكل سليم.

29. الإعداد يدٌ تضّمدُ الجراح، ويدٌ تلملم ما بقي من خير متاح، ويدٌ تُحضِّر للعرس والأفراح.

الإعداد والتعامل مع الأحداث الطارئة والاستعداد للأفراح: الإعداد لا يقتصر فقط على الجوانب العسكرية، بل يشمل أيضًا التعامل مع الأحداث الطارئة وجمع ما تبقى من الخيرات المتاحة. هذا الإعداد يساعد الأمة على الاستعداد للمعارك القادمة ولحظات النصر والفرح.

30. في الإعداد لابد من صناعة مستوى من الفهم المشترك للفريق، وتخصص عميق ودقيق لكل فرد من أفراده.

ضرورة الإعداد المستمر وبناء فهم مشترك للفريق: الإعداد يتطلب صناعة مستوى من الفهم المشترك داخل الفريق وتخصص عميق ودقيق لكل فرد فيه.

31. الإعداد المطلوب هو المستطاع وليس المكافئ؛ فنحن لن ندرك حجم إعداد خصومنا، والواجب استفراغ الوسع، وليس مجرد بذل الجهد.

الإعداد المطلوب: هو المستطاع وليس المكافئ: الدكتور محمد سعيد بكر أوضح أن الإعداد المطلوب في مواجهة الأعداء ليس بالضرورة أن يكون مكافئًا لما يمتلكونه من قدرات وإمكانات. فمما لا شك فيه أننا لن نتمكن من الإحاطة بحجم إعداد خصومنا بشكل كامل، ولكن ما يطلب منا هو أن نبذل قصارى جهدنا في الاستعداد وتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة في الإمكانيات المتاحة لنا، حيث يجب علينا أن نركز على بذل الوسع والطاقة وليس فقط القيام بجهد عادي.

32. الإعداد يكشف ويردع حتى المستور من خبث الأعداء المستترين: ﴿وَآخَرينَ مِن دونِهِم لا تَعلَمونَهُمُ اللَّهُ يَعلَمُهُم﴾ [الأنفال: ٦٠]

الإعداد يكشف ويردع حتى المستور من خبث الأعداء المستترين: أكد الدكتور بكر أن الإعداد ليس فقط وسيلة دفاعية، بل هو أيضًا وسيلة لكشف وإفشال مؤامرات الأعداء الخفية. واستشهد بالآية القرآنية: ﴿وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال: 60]، ليبين أن هناك أعداء يختبئون ولا نعلمهم، ولكن بفضل الإعداد والتأهب يمكننا كشفهم وردعهم. فالإعداد يجعل من أمتنا قوة تهدد وتخيف كل من يفكر في التعدي علينا، حتى أولئك الذين يحاولون العمل في الخفاء.

33. الذين يرون في مشروع الإعداد؛ انتحارًا ومراهقة وفتنة! ماذا يقولون في المقاومة والجهاد والشهادة؟!

تحدث الدكتور بكر عن أولئك الذين يرون في مشروع الإعداد نوعًا من الانتحار أو المراهقة، ووجه إليهم سؤالًا: “ماذا يقولون عن المقاومة والجهاد والشهادة؟” وأوضح أن هؤلاء الذين لا يرون قيمة في الإعداد لن يكون لديهم القدرة على القيام بواجب الجهاد عندما يحين الوقت. فإذا لم نكن مستعدين الآن، كيف سنكون قادرين على مواجهة العدو في المستقبل؟

34. الإعداد يصرف قلبك وعقلك عن التفكير بسفاسف الأمور ومتابعة الكماليات.. ويجعلك تحشد طاقتك الفكرية والقلبية والجسدية لما هو أولى وأهم.

الإعداد يصرف العقل والقلب عن سفاسف الأمور: أشار الدكتور بكر إلى أن الإعداد يوجه العقل والقلب نحو الأمور الجادة والمهمة، مما يصرفهما عن الاهتمام بالكماليات وسفاسف الأمور. فالإعداد يجعل الإنسان يركز طاقته الفكرية والقلبية والجسدية على ما هو أولى وأهم في حياته. وبهذا، يتحول الإنسان من مجرد مستهلك للوقت والطاقة في أمور تافهة إلى شخص فعّال يسعى لتحقيق أهداف سامية.

35. الصغير لا يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه. والكبير يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه. والعظيم يشعر بها تجاه نفسه وغيره. والعملاق من يقدم أغلى ما يملك لإرضاء ربه وإسعاد غيره.. فهل نُعِدُّ أنفسنا لنكون عمالقة؟

مستويات المسؤولية: من الصغير إلى العملاق: في توضيح الفرق بين الصغير والكبير والعظيم والعملاق، استخدم الدكتور بكر مثالًا لشرح هذه الفكرة. فالصغير لا يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه ويحتاج إلى توجيه مستمر، بينما الكبير يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه. أما العظيم فهو الذي يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه والآخرين، والعملاق هو الذي يقدم أغلى ما يملك في سبيل إرضاء ربه وإسعاد غيره. والسؤال هنا: هل نحن مستعدون لنكون عمالقة؟

وضرب مثالًا برعاية النبي محمد صلى الله عليه وسلم للأغنام في صغره وتطويره لشعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين، حتى أصبح كافلاً بدلاً من أن يكون مكفولًا. وهذا التطور في الشعور بالمسؤولية هو ما يجب أن نسعى لتحقيقه من خلال الإعداد.

36. بالإعداد نجعل بلاد الإسلام (كالكابوس) على المعتدين، وإلا فستبقى (كالكيبوتس) للمحتلين.

بلاد الإسلام: بين الكابوس للمعتدين والكيبوتس للمحتلين: تحدث الدكتور بكر عن ضرورة تحويل بلاد الإسلام إلى كابوس للأعداء المعتدين بدلاً من أن تبقى كالكيبوتس (الذي يرمز إلى الراحة والطمأنينة) للمحتلين. وأكد على أهمية أن يكون دورنا في بلادنا هو إزعاج العدو أينما كان، وحتى في أماكن بعيدة كالصين. وبيّن أن القضية ليست قضية مكان، بل هي قضية وجدان. واستشهد بالآية: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ [المنافقون: 4]، ليؤكد على أن كل صيحة يطلقها المسلم في أي مكان في العالم يمكن أن تكون مصدر خوف وإزعاج للأعداء.

37. الإعداد اصطفاء واختيار من الله للعبد، فالله تعالى إذا أحب عبدًا ألهمه الاشتغال بذروة سنام الإسلام ومتعلقاته، وأعانه وسدده وفتح له الآفاق، فهنيئًا لمن تقدم ورفع اللواء، ولا نامت أعين الجبناء.

الإعداد: اصطفاء واختيار من الله، أخيرًا، أكد الدكتور بكر أن الإعداد هو اصطفاء من الله لعباده المؤمنين، حيث يلهم الله عباده المحبوبين بالاشتغال بذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ومتعلقاته. ومن يتقدم لرفع لواء الإعداد يختاره الله لهذه المهمة الشريفة ويفتح له الآفاق ويعينه ويسدده في كل خطوة. وهذا الاصطفاء هو أعظم تكريم للمؤمن، حيث ينال بركات الجهاد في الدنيا والآخرة. “ولا نامت أعين الجبناء” كان الختام القوي في هذا الباب؛ الذي يشدد على أهمية الشجاعة والإقدام في مسيرة الإعداد.

الباب الرابع: منهاج الإعداد ومصادره

– كن مستعدًا-

38. القرآن الكريم: هو منهاج الإعداد النظري وفي السيرة النبوية تطبيق عملي وفي واقعنا تجارب تُحتذى.

منهاج الإعداد في القرآن الكريم والسيرة النبوية: في هذه المحاضرة، أكد الدكتور محمد سعيد بكر على أن القرآن الكريم هو المنهاج النظري للإعداد، فيما تجسد السيرة النبوية التطبيق العملي لهذا الإعداد. يُعتبر القرآن مصدرًا لا غنى عنه لكل من يرغب في إعداد نفسه في أي مجال، حيث إن كل آية فيه تنبض بروح الإعداد والجهاد. هذا الفهم يجب أن يتم تبنيه عند قراءة القرآن، بحيث يتم توجيه القارئ لتطبيق تعاليمه على حياته بشكل عملي، مستلهماً بذلك الدروس من السيرة النبوية.

كما تناول الدكتور بكر أهمية الاطلاع على التاريخ ودروسه العظيمة، مشيرًا إلى أن التاريخ يعيد نفسه ولا يحمل جديدًا من حيث صراع القوى. الأعداء التقليديين للإسلام، سواء كانوا من اليهود، المنافقين، أو الملحدين، ما زالوا يتبعون نفس الأساليب العدائية التي كان يتبعها أسلافهم. من هنا، شدد على ضرورة الاعتبار من التاريخ والاطلاع على السيرة النبوية كتطبيق عملي لمنهاج القرآن.

39. عند شروعك في برنامج الإعداد تصبح معاني الآيات التي تتلوها مختلفة، ويصبح دعاؤك المستمر: اللهم افتح لنا وبنا وعلينا، ونعوذ بك ياربنا من شر مانجد ونحاذر.

فهم جديد للآيات من خلال الإعداد: مع الشروع في برنامج الإعداد، تتغير معاني الآيات التي يتلوها الشخص، لتصبح أكثر ارتباطًا بروح الإعداد والتهيئة للمواقف الصعبة. يصبح الدعاء المستمر: “اللهم افتح لنا وبنا وعلينا، ونعوذ بك يا ربنا من شر ما نجد ونحاذر” دلالة على التوجه الجاد نحو الإعداد.

40. ينبغي أن يراعي منهاج الإعداد الفروق الفردية، وأن يتتبع استراتيجيات الوقوف الحازم في وجه أعداء الأمة الستة وهم: اليهود الغاصبين، الصليبيين الحاقدين، الملحدين الجاحدين، الشيعة الروافض، المستبدين المفسدين، المنافقين المطبلين، مع تباين في ترتيبهم بحسب حجم عداوتهم.

الفروق الفردية واستراتيجيات التعامل مع أعداء الأمة: تطرق الدكتور بكر إلى ضرورة مراعاة الفروق الفردية عند تطبيق منهاج الإعداد، مشيرًا إلى أهمية اعتماد استراتيجيات صارمة في مواجهة أعداء الأمة الستة: اليهود الغاصبين، الصليبيين الحاقدين، الملحدين الجاحدين، الشيعة الروافض، المستبدين المفسدين، والمنافقين المطبلين. وأوضح أن ترتيب هؤلاء الأعداء يمكن أن يختلف حسب حجم التهديد الذي يشكلونه.

وأشار الدكتور بكر إلى أن المسلمين لا يسعون لفتح جبهات جديدة مع العالم، بل يحاولون نصح وهداية من يخطئ، والدفاع عن أنفسهم بحزم ضد من يعتدي. يجب أن تكون هذه الاستراتيجية موجهة دائمًا بالرحمة والتقدير للمصلحة العامة

الباب الخامس: توقيت الإعداد ومكانه

– كن مستعدًا-

41. الإعداد لا يتأخر، وكلما تأخرنا فرادى ومجتمعين؛ زادت كلفته وتعقدت مهمته علينا أجمعين، وقد يطول الإعداد، فلا حرج، ومن مات وهو يجهز نفسه؛ فقد وقع أجره على ربه.

لا تأخير في الإعداد: الإعداد يجب أن يبدأ فورًا، وكلما تأخرنا في الاستعداد كأفراد أو كمجتمع، زادت كلفة الإعداد وتعقدت مهمته. وقد أكد الدكتور بكر أن الشخص الذي يموت وهو في طور إعداد نفسه يكون أجره محفوظًا عند الله.

42. المسجد مركز الإعداد الأعظم؛ فكثرة الخطوات إليه رباط، وانتظار الصلاة إلى الصلاة رباط، لأجل ذلك نزعوا هيبته ومسحوا رسالته.

فهل نعيد له قيمته؛ ليكون منطلق نهضتنا، ومركز إعدادنا، ويبدأ ذلك بالعزم على ألا ينتهي أذان إلا ونحن في الصف الأول من صفوفه الشريفة!!

المسجد كمركز للإعداد: يعتبر المسجد مركز الإعداد الأعظم في الإسلام. وأوضح الدكتور بكر أن المسجد ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو بيئة تربوية وإعدادية تلهم المسلم لتهيئة نفسه في مختلف المجالات. وأشار إلى أهمية استعادة هيبة المسجد وإعادته إلى مكانته كمنطلق للنهضة ومركز للإعداد.

43. الإعداد مفتوح الزمان والمكان، وتزداد مهمة الإعداد تعقيدًا في أمكنة وأزمنة دون أخرى، وتتأكد قيمته بزيادة الحاجة إليه، وكما أن في الأمر تحديات، هنالك ثمة فرصٌ تلمع، ولا ينالها إلا صاحب قلب حيٍّ وعينٍ تلمح.

الإعداد مفتوح في كل زمان ومكان: الإعداد لا يقتصر على زمن أو مكان معين، بل يجب أن يكون مفتوحًا في كل زمان ومكان. أوضح الدكتور بكر أن المسلم يجب أن يعد نفسه دون أن يعرف ما يخبئه له القدر، وأن الله هو الذي يحرك الأحداث ويوجه الأقدار، مؤكدًا على أهمية الإيمان بدور الله في كل خطوة من خطوات الإعداد.

الإعداد مفتوح من حيث الزمان والمكان، فلا يقتصر على الدول القوية أو ظروف محددة. على المؤمن أن يكون دائم الاستعداد دون معرفة متى أو كيف سينقله الله من وضع إلى آخر. فالإعداد واجب دائم ومستمر، والله هو الذي يتولى تحقيق النتائج. كما ورد في قوله تعالى: “فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ” [الأنفال: 17]، ويتبعها: “وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى”، فالمعنى هنا أن الرماية واجب على المؤمن، أما الإصابة فهي من الله. لذا، لا يمكن أن نتوقع إصابة الهدف دون أن نقوم بعملية الرمي. المطلوب هو الإعداد، والذي يشمل كل ما هو مادي ومعنوي. كل صور المشاركة الفعّالة تعدُّ من الرماية التي يباركها الله ويسددها.

44. الإعداد الاختياري هو الذي يسبق المعارك، والإعداد الاضطراري هو الذي تكون مجبرًا عليه بسبب مداهمة العدو والكلفة التي نجتنب بذلها بالتقسيط في الإعداد الاختياري، سنبذلها دفعة واحدة في الإعداد الاضطراري فلا داعي للتأخير.

الإعداد الاختياري والإعداد الاضطراري: هناك نوعان من الإعداد: الاختياري والاضطراري. أشار الدكتور بكر إلى أن الإعداد الاختياري يتم قبل وقوع الأزمات والصراعات، بينما يتم الإعداد الاضطراري عند مداهمة العدو. وشدد على ضرورة الاستفادة من الوقت المتاح للإعداد الاختياري لتجنب الدخول في صراعات دون استعداد كاف.

45. الهدنة في الصراعات المستمرة لمصلحة الطرف الأضعف؛ فهي تعينه على المزيد من؛ الإعداد والاستقطاب والتقاط الأنفاس.

الهدنة كفرصة للإعداد: الهدنة في الصراعات تمنح الطرف الأضعف فرصة لمزيد من الإعداد والاستقطاب والتقاط الأنفاس. تعتبر الهدنة فرصة ثمينة يجب استغلالها بحكمة لتقوية الصفوف وتجهيز العدة.

46. العجز عن بعض صور الإعداد (مؤقتًا) لا يمنع من القيام بباقي الأنواع المتاحة، وماكان بعيدًا اليوم سيكون قريبًا ومتاحًا لأصحاب المشروع غدًا.

الإعداد المتاح والعجز المؤقت: العجز عن بعض صور الإعداد، مثل الإعداد العسكري، لا يجب أن يمنع من القيام بأنواع أخرى من الإعداد المتاحة. وأشار الدكتور بكر إلى أن ما قد يبدو بعيدًا اليوم، يمكن أن يكون قريبًا ومتاحًا غدًا لأصحاب المشروع، مشيرًا إلى تجربة المقاومة الفلسطينية في كيفية بناء قوتها خطوة بخطوة رغم محدودية الإمكانيات في البداية.

الباب السادس – صور وأشكال الإعداد

– كن مستعدًا-

47. الإعداد يبني أرواحًا؛ تعرف ربها بأسمائه، فتحبه وتهابه، ولا تخاف من أحد سواه، ولا تطمع إلا في رضاه، فيتأكد وردها مع القرآن والصلاة، والصدقة، والصوم فريضة، ونافلة.

الإعداد الروحي والإيماني: يبدأ الإعداد بالجانب الروحي والإيماني، حيث يُعدّ أساسًا لبناء شخصية مؤمنة ومصممة. يتطلب هذا الجانب من الأفراد تحقيق معرفة عميقة بأسماء الله الحسنى، وتطوير مشاعر الحب والخوف من الله. في هذا السياق، يشدد الدكتور بكر على أهمية الالتزام بالعبادات اليومية مثل قراءة القرآن، أداء الصلاة، الصدقة، والصوم، سواء كفريضة أو نافلة. يهدف الإعداد الروحي إلى تقوية العلاقة بين الفرد وربه، مما يعزز الاستعداد النفسي والروحي لمواجهة التحديات.

48. الإعداد يبني عقولًا؛ تفقه حُكم الجهاد وتاريخه وأسبابه وغاياته وشروطه وأحكامه، وتعلم مقاصد التشريع وأبواب السياسة الشرعية.

يشمل الإعداد الفكري تعزيز فهم الأفراد للأحكام المتعلقة بالجهاد، بما في ذلك تاريخه، أسبابه، غاياته، وشروطه. من الضروري أن يتعرف الأفراد على مقاصد التشريع وأبواب السياسة الشرعية بوضوح. يتطلب هذا استيعابًا عميقًا وشاملاً للقضايا الشرعية والسياسية، مما يمكن الأفراد من تطوير فكر استراتيجي ومعرفة واعية تساهم في اتخاذ قرارات مدروسة. هذا الفهم المتقدم يسهم في تعزيز الاستعداد الفكري ويضمن وجود قاعدة معرفية صلبة.

49. الإعداد يبني أجسادًا؛ قوية البُنية، مشدودة الأركان، سليمة من الأمراض والعلل، قادرة على التحمل، وعلى التعامل مع الظروف الصعبة والمتغيرة.

الإعداد الجسدي يركز على بناء أجسام قوية وصحية وقادرة على تحمل التحديات. يشمل ذلك التدريب البدني المنتظم والتغذية السليمة لضمان قدرة الأفراد على التعامل مع الظروف الصعبة والمتغيرة. يؤكد الدكتور بكر على أهمية الإعداد الجسدي لكل من الرجال والنساء، حيث إن الاستعداد البدني ضروري لمواجهة الصعوبات وتحقيق النجاح في مختلف المواقف.

50. الإعداد يبني خبرة أمنية؛ تحقق القدرة على حماية الصديق وتمكين احتياطه، وكشف ثغرة في جدار العدو وتسهيل اختراقه.

الإعداد الأمني يتضمن تطوير الخبرة اللازمة لحماية الأفراد وكشف نقاط ضعف العدو. يتطلب ذلك القدرة على جمع المعلومات الحساسة وحماية البيانات الشخصية. يشمل الإعداد الأمني تعلم كيفية إدارة المعلومات السرية واستخدامها بشكل فعّال للتفوق على العدو. يساهم الإعداد الأمني في تعزيز قدرة الأفراد على ضمان سلامتهم وتحقيق التفوق الاستراتيجي.

51. الإعداد يبني خبرة عملية؛ في التعامل مع أدوات المعركة التقليدية والعصرية؛ من حيث التصنيع والصيانة والتنظيف والاستخدام والاقتناء الآمن.

الإعداد العملي يتعلق بالتعامل مع أدوات المعركة التقليدية والعصرية، بما في ذلك التصنيع والصيانة والتنظيف والاستخدام الآمن. يجب أن يمتلك الأفراد مهارات عملية متقدمة في استخدام الأسلحة والتكنولوجيا المرتبطة بها لضمان جاهزيتهم لمختلف الظروف. يشمل الإعداد العملي تدريبًا مستمرًا وممارسة فعّالة لضمان الكفاءة في التعامل مع المعدات.

52. الإعداد يبني الجاهزية والاستعداد النفسي؛ لدى الفرد ومن حوله (أهله وزملاؤه) لاستيعاب وقبول الحالة التي سيكون عليها هذا الفرد لاحقًا (حالة المجاهد أو الشهيد).

الإعداد النفسي يشمل تعزيز استعداد الأفراد ومن حولهم، بما في ذلك الأسرة والزملاء، لقبول الحالة التي قد يكون عليها الفرد في المستقبل، مثل المجاهد أو الشهيد. يتطلب ذلك بناء استعداد نفسي قوي ومواجهة العوائق النفسية المحتملة. يشمل الإعداد النفسي دعم الأفراد نفسيًا واجتماعيًا للتعامل مع التحديات والضغوطات المستقبلية.

53. الإعداد: إحاطة وإلمام بجغرافيا (الثغور) وقدرة على نصب كمائن فيها للعدو الكفور.

الإعداد الجغرافي يتطلب فهمًا دقيقًا لجغرافيا الثغور ونقاط القوة والضعف في الأرض. يتضمن ذلك دراسة المناطق المختلفة لتحديد النقاط الاستراتيجية وتسهيل تنفيذ العمليات العسكرية بفعالية. يتطلب الإعداد الجغرافي تقييمًا مستمرًا لضمان النجاح في العمليات العسكرية وتحقيق الأهداف المرجوة.

54. الإعداد يبني القدرة على صناعة (التمويه) والحيل وخطط الخداع والمكر والكيد بالخصوم.

يشمل الإعداد التمويهي القدرة على صناعة التمويه، والحيل، وخطط الخداع، والمكر. يؤكد الدكتور بكر على أهمية التمويه كأداة استراتيجية، مشيرًا إلى أن هذه الأمور يمكن أن تتخصص فيها النساء أيضًا، مستشهدًا بآية من القرآن الكريم: “إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ”، مشيرًا إلى الحاجة إلى الكيد في الخير. يُعتبر الإعداد التمويهي عنصرًا أساسيًا في تحقيق التفوق الاستراتيجي والحفاظ على عنصر المفاجأة في العمليات العسكرية.

55. الإعداد يبني الثقة واليقين التام على الله تعالى، فيقدم الرغبة في النعيم على الاستمتاع بالنعمة ويحقق قيمة العيش في سبيل الله، والتضحية والموت في سبيل الله.

أشار الدكتور محمد سعيد بكر إلى أن الإعداد يساهم في بناء الثقة واليقين التام على الله سبحانه وتعالى، حيث يقدم الرغبة في النعيم الأخروي على الاستمتاع بالنعمة الدنيوية. أوضح أن الإعداد الصحيح يعزز قيمة العيش في سبيل الله، ويجعل التضحية والموت في سبيل الله أولوية أساسية.

أوضح الدكتور بكر أن الثقة في النعيم الأخروي يجب أن تكون أكبر من التعلق بالنعمة الحالية، مشيرًا إلى أن الإنسان ينبغي أن يثق في عالم الغيب أكثر من عالم الشهادة، ويستدل بعالم الشهادة على عالم الغيب. كرمز للتفاني في الإيمان، ذكر الدكتور بكر كيف كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع الآخرة في مقدمة اهتماماته، قائلاً: “ماذا تركت لهم يا أبا بكر؟” أجاب: “تركت لهم الله ورسوله.”

وأشار الدكتور بكر إلى الحاجة لتحقيق توازن في النظر إلى الدنيا والآخرة. يجب ألا نمنح الدنيا أكبر من حجمها الطبيعي، بل نرى الآخرة بأبعادها الحقيقية. إذا منحنا الدنيا حجمًا أكبر من حجمها، سيقل حجم الآخرة في عيوننا. وعلى العكس، إذا نظرنا إلى الدنيا بشكل واقعي مع إدراك أهمية الآخرة، فإن ذلك يحقق توازنًا صحيًا. استشهد الدكتور بكر بالآية الكريمة: ﴿وَابتَغِ فيما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصيبَكَ مِنَ الدُّنيا﴾ [القصص: ٧٧]، مؤكداً على أهمية التوازن بين السعي للآخرة وعدم إغفال نصيبنا من الدنيا.

56. الإعداد: تأهيل على مهارات السباحة والرماية وركوب الخيل، وما يوازي ذلك في لغة وإمكانات عصرنا وزماننا.

أوضح الدكتور محمد سعيد بكر أن الإعداد يتضمن تأهيل الأفراد على مهارات أساسية مثل السباحة والرماية وركوب الخيل، بالإضافة إلى ما يعادلها من مهارات تتناسب مع لغة وإمكانات عصرنا وزماننا. وأكد أن الإعداد لا يقتصر على هذه المهارات فقط، بل يشمل تطوير المهارات التي تعكس متطلبات العصر الحديث.

57. الإعداد يعلمك الشيء ومايقال؛ فهو (مثلًا): يعلمك فقه التعامل مع الأسير، وحُسن التصرف في حال كنت أنت هو ذاك الأسير، كما يعلمك التحفظ على المعلومة، والقدرة على انتزاعها من الخصوم.

تناول الدكتور بكر موضوع التدريب على حفظ الأسرار وكيفية انتزاع المعلومات من الأعداء. وأوضح أن إخفاء المعلومة يعتبر من أصعب الأمور التي قد يواجهها الإنسان، لكنه ضروري لضمان نجاح العمليات الأمنية. هذا التدريب يشمل أيضًا تعلم كيفية التصرف في حال الوقوع في الأسر.

58. الإعداد يربي نفوسًا لا تفرُّ إذا عزم الأمر، كما يربيها على ألا تخرج عن طاعة في معروف، ولا أن تتعلق في دنيا فانية؛ فتسعى لغنيمة وتنازع أهل الفضل والعزيمة.

تحدث الدكتور بكر عن أهمية الإعداد النفسي والروحي الذي يربي النفوس على عدم الفرار عند العزم، والالتزام بالطاعة في كل الأحوال. وذكر الآية الكريمة: ﴿طاعَةٌ وَقَولٌ مَعروفٌ فَإِذا عَزَمَ الأَمرُ فَلَو صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيرًا لَهُم﴾ [محمد: ٢١] ليؤكد على أهمية الصدق مع الله والالتزام بالأوامر الشرعية.

59. أمُّ القوى في الإعداد هي: (قوة التركيز)، فابحثوا عن أسباب تمكين هذه القوة واحرصوا على اجتناب المشتتات.

قوة التركيز كأساس للإعداد: أكد الدكتور بكر على أن أم القوى في الإعداد هي قوة التركيز. وأشار إلى أهمية البحث عن أسباب تمكين هذه القوة والابتعاد عن المشتتات. التركيز يعتبر من أهم عوامل النجاح في أي مجال من مجالات الحياة، ويجب العمل على تقويته من خلال تجنب الانشغال بأمور غير مهمة.

60. الإعداد (الأدبي) يبني لسانًا يشبه لسان حسان بن ثابت رضي الله عنه، الذي كان يهجو المشركين ورُوح القُدُس معه، وكان لسانه كما وصفه: «إذا وقع على صخر فلَقَه، وإذا وقع على شَعْرٍ حلَقَه».

الإعداد الأدبي وأهميته: تحدث الدكتور بكر عن الإعداد الأدبي وكيف أنه يبني لسانًا يشبه لسان حسان بن ثابت رضي الله عنه، الذي كان يهجو المشركين بروح القدس معه. وأكد على أن الإعداد الأدبي مهم جدًا، خاصة للمرأة التي تتميز بقوة لسانها وقدرتها على الدفاع عن الحق بالكلمة.

62. بالإعداد نبحث عن أسباب القوة كلها: قوة الروح بالطاعة، وقوة الفكر بالبحث والسؤال، وقوة الجسد بالتمرين والغذاء، وقوة الملاحظة والتركيز وقوة الإخفاء وإخفاء القوة.

أكد الدكتور محمد سعيد بكر أن الإعداد يتضمن البحث عن أسباب القوة جميعها، والتي تشمل:

– قوة الروح: تأتي من الطاعة والالتزام الديني.

– قوة الفكر: تنبع من البحث والسؤال المستمر.

– قوة الجسد: تتطلب التمرين المنتظم والتغذية السليمة.

– قوة الملاحظة والتركيز: تعزز القدرة على الانتباه للتفاصيل.

– قوة الإخفاء وإخفاء القوة: هي جوانب أساسية من الإعداد.

الفرق بين قوة الإخفاء وإخفاء القوة

أوضح الدكتور بكر أن «قوة الإخفاء» تكون في إخفاء الشيء نفسه لفترة طويلة، بينما «إخفاء القوة» يتعلق بكيفية إخفاء القدرة أو الاستعدادات حتى اللحظة الأخيرة.

63. الإعداد(الجغرافي): يكشف لك عن نقاط القوة والضعف في أرضك وأرض العدو، والخط الفاصل بينكما.

تناول الدكتور بكر أهمية الإعداد الجغرافي الذي يكشف نقاط القوة والضعف في أرضنا وأرض العدو.

64. الإعداد (السياسي والإعلامي) يعينك على شرح قضيتك العادلة، والدفاع عنها، وحسن التسويق لها، ورد الشبهات عنها، ويمنحك القدرة على التفاوض العزيز.

أشار الدكتور إلى أن الإعداد السياسي والإعلامي يعين على شرح القضية العادلة والدفاع عنها.

65. الإعداد (العسكري): يعينك على استخدام السلاح المناسب، والقدرة على صناعته وحفظه وتخزينه وتطويره، ويملكك مهارات التخطيط والتصويب، وخطط الكر والفر، ويجعلك تستنفر طاقاتك كلها.

بين الدكتور أن الإعداد العسكري يعين على استخدام السلاح المناسب وتطوير المهارات العسكرية.

66. الإعداد (الغذائي): يعينك على توفير شرابك وطعامك (الصحي) وإحسان طهيه وتخزينه، وحسن التعايش عند قلته ونقصه وانعدامه، وأن لا يتسبب فقده بخضوعك ولا استسلامك.

أكد الدكتور بكر على أهمية الإعداد الغذائي والصحي، حيث يجب أن يكون هناك استعداد لتوفير الطعام والشراب الصحي، ومعرفة كيفية تخزينه واستخدامه في حالات النقص.

67. الإعداد (الصحي): يعينك على استخدام أدوات الدفاع المدني والطوارئ والإسعافات الأولية، ويحيطك ببعض المعلومات عن أنواع الدواء، بل ويكشف لك عن أنواع السموم التي بها يمكنك الفتك بعدوك.

أوضح الدكتور محمد سعيد بكر أن الإعداد الصحي يلعب دورًا حيويًا في تعزيز قدرات الفرد في مختلف المواقف الطارئة. يشمل هذا النوع من الإعداد:

– الإسعافات الأولية: تعتبر مهارات الإسعافات الأولية جزءًا أساسيًا من الإعداد الصحي، حيث تساعد في إنقاذ الأرواح والتعامل مع الإصابات الطارئة.

– المعرفة بالأدوية: يجب أن يكون لدى الأفراد معرفة ببعض أنواع الأدوية واستخداماتها الأساسية، مما يعزز قدرتهم على تقديم الرعاية الصحية في الظروف الصعبة.

– التعرف على السموم: كشف الدكتور بكر عن أهمية الإلمام بأنواع معينة من السموم التي يمكن استخدامها في حالات الضرورة القصوى لردع العدو وإيقاف العدوان.

أكد الدكتور بكر أن كل جانب من جوانب الإعداد الصحي يتطلب مجموعة مختصة تتابعه وتعتني به حتى يتمكن الأفراد من مواجهة أي تحديات صحية أو طارئة بفعالية.

68. حتى الفرحة بالانتصار تحتاج إلى إعداد؛ لأن نشوة النصر قد تُخرج صاحبها عن طوره؛ فينسب الفضل والبطولة لنفسه، وينسى عون ربه.

الإعداد للفرحة بالنصر: تحدث الدكتور محمد سعيد بكر عن أهمية الإعداد حتى في لحظات الفرحة بالانتصار. وأشار إلى أن نشوة النصر قد تدفع الإنسان للخروج عن طوره، مما يجعله ينسب الفضل والبطولة إلى نفسه وينسى عون الله.

استشهد الدكتور بكر بالآية الكريمة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}، للتأكيد على ضرورة تذكر فضل الله وشكره عند تحقيق الانتصارات.

69. من أعظم صور الإعداد؛ استشعار اقتراب الموت والأجل.. وهذا يجعله: أرحب صدرًا، وأكرم نفسًا، وأشجع قلبًا، وأرقُ لسانًا، وأجود عملًا، وأوصل رحمًا، وأبذل مالًا، وأقلُّ انفعالًا، وأعدل قرارًا، وأسرع توبة، وأحسن انتاجًا، وأخشع روحًا، وأحدُّ بصيرة، وأرقى سلوكًا؛ فصلوا صلاة مودِّع وصِلوا صِلات مودِّع.

أشار الدكتور بكر إلى أن من أعظم صور الإعداد هو استشعار اقتراب الموت والأجل، وهذا يجعل الإنسان أكثر استعدادًا لمواجهة أي تحدٍ، وأكثر تقربًا إلى الله تعالى. الاستعداد النفسي يعتبر من أهم أنواع الإعداد، لأنه يجعل الإنسان أكثر وعيًا بأهدافه وأكثر قدرة على تحقيقها.

70. الإعداد يعلمنا؛ الدفاع العنيد، والهجوم المباغت، والكمون الممتنع، والظهور الساطع، والتفاوض الكريم، والهدنة الشجاعة، والعض على الجراح، والتحضير المشروع للأفراح.

71. خطة الإعداد النافعة تبني المسلم: التقي (الحريص على الطاعة)، الذكي (الحريص على المطالعة)، القوي (الحريص على الرياضة).

72. الإعداد: لا يبلغ منتهاه إلا بتأهيل قيادات مرجعية متقدمة (في المستوى العلمي والعملي) وقيادات بديلة تردفها؛ في حال استشهادها أو تعطل أدائها أو كِبَرِ سِنِّها.

أكد الدكتور على أن الإعداد لا يبلغ منتهاه إلا بتأهيل قيادات مرجعية متقدمة وقيادات بديلة تردفها، لضمان استمرار العمل والنجاح في تحقيق الأهداف.

الباب السابع: الفئات بالإعداد

– كن مستعدًا-

73. الإعداد يحقق الجاهزية حتى للشيوخ والصغار، ولكن دون تبيين للوجهة والمسار.

في هذه النقطة، يوضح الدكتور بكر أن الإعداد ليس مقتصرًا على فئة معينة من الناس، بل يشمل الجميع بما فيهم الشيوخ والصغار. الفكرة الأساسية هي أن الإعداد يجب أن يكون تدريجيًا.

74. المرأة تمارس صور الإعداد التي تناسبها، وطالما أنها مستهدفة؛ فإن إعدادها للدفاع عن نفسها ودينها واجب.

المرأة ودورها في الإعداد: تناول الدكتور بكر أهمية إشراك المرأة في عملية الإعداد، مشيرًا إلى أن النساء يمارسن صورًا من الإعداد تناسبهن وتكون ذات صلة بواقعهن واحتياجاتهن. وبما أن المرأة مستهدفة، فإن من واجبها إعداد نفسها للدفاع عن نفسها ودينها. يشمل هذا الإعداد كافة الصور التي يمكن للمرأة أن تمارسها بشكل يناسب طبيعتها وظروفها.

75. الإعداد يزرع في نفسك حسِّ الإفادة من كل ما تراه حولك، لصالح خدمة مشروع الحراسة للوطن والأمة.

الإعداد وزراعة حس الإفادة: يشير الدكتور بكر إلى أن الإعداد لا يقتصر على التدريب البدني أو التعليمي فقط، بل يتعداه ليشمل زرع حس الإفادة من كل ما يحيط بالإنسان لصالح خدمة مشروع الحراسة للوطن والأمة. هذا الحس يتطلب من الشخص أن يكون واعيًا بكل ما يجري حوله ويستفيد منه في سبيل تحقيق أهداف الأمة.

76. الإعداد يستوعب مشاركةً واسعةً من كل مُبدعٍ في ميدانه، فهو يطلب أهل الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب وأهل الآداب وعلم النفس واللغات وأهل المهن والصناعات عدا عن أهل الشريعة وما فيها من تخصصات.

الإعداد ومشاركة المتخصصين: الإعداد ليس مخصصًا لفئة معينة من الناس، بل هو مجال مفتوح لكل مبدع في ميدانه. الدكتور بكر يؤكد أن الإعداد يحتاج إلى أهل الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب والآداب وعلم النفس واللغات، إضافة إلى أهل الشريعة وما فيها من تخصصات. المشاركة الواسعة من كافة التخصصات تساهم في تعزيز قدرات الأمة وتجهيزها لمواجهة التحديات.

77. الأصل أن يقوم بالإعداد دول وأنظمة، وإلا فجماعات كبرى، وإلا فمجموعات صغرى، وإلا فأفراد تنهض همتهم بهذا الواجب العظيم.

دور الأفراد والمجموعات الصغيرة في الإعداد: يشدد الدكتور بكر على أن الأصل في الإعداد أن تقوم به الدول والأنظمة، وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فإن الجماعات الكبرى أو المجموعات الصغرى أو حتى الأفراد يجب أن يأخذوا على عاتقهم هذا الواجب العظيم. هذه المجموعات الصغيرة، التي تتألف من 3 إلى 5 أفراد، تقوم بتوزيع المهام بينهم وتحافظ على ركن الثقة فيما بينهم مع مضاعفة الحيطة والحذر.

الباب الثامن: من فنون الإعداد

– كن مستعدًا-

79. الإعداد يُحضِّر لصناعة عنصر المفاجأة؛ الذي يربك الخصم ويكشف نقاط ضعفه ويشغله بنفسه.

الإعداد وصناعة عنصر المفاجأة: أكد الدكتور بكر على أن أحد أهم عناصر الإعداد هو التحضير لصناعة عنصر المفاجأة. هذه المفاجأة تشتت الخصم وتكشف نقاط ضعفه وتجبره على الانشغال بنفسه. ضرب مثالًا بعالم الرياضة والملاكمة حيث تكون الضربة القاضية هي الضربة المفاجئة على نقطة ضعف الخصم، وليس بالضرورة الضربة القوية.

80. الإعداد يدربنا على صناعة خطط الطوارئ، واقتراح الحلول والبدائل، وحُسن إدارة الأزمات والملمات.

التدريب على خطط الطوارئ وإدارة الأزمات: الإعداد يتطلب تدريبًا مستمرًا على صناعة خطط الطوارئ، واقتراح الحلول والبدائل، وحسن إدارة الأزمات. الدكتور بكر أشار إلى السيرة النبوية كنموذج لإدارة الأزمات وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع الخصم في مواقف صعبة لا يعرف كيف يخرج منها.

81. الإعداد: تدريب على مهارات التقدير والإحساس للحركات والدقائق والإشارات، ودقة الملاحظة للمتغيرات.

تنمية مهارات التقدير ودقة الملاحظة: من فنون الإعداد الأساسية هي التدريب على مهارات التقدير والإحساس بالحركات ودقة الملاحظة للمتغيرات. الدكتور بكر أشار إلى أن النساء بطبيعتهن لديهن قدرة على دقة الملاحظة أكثر من الرجال، وهذه القدرة يمكن استثمارها في خدمة المعركة القادمة.

82. الإعداد: ليس له مدرسة محددة، والأصل أن تحرص على صناعة نموذجك الخاص، دون هجر ولا زهد بتجارب الناس، وهو خروج عن المألوف والمعتاد، وهو الميدان الأكبر لاكتشاف وتنمية واستثمار الطاقات البشرية؛ بقصد حفظ الدين والنفس، والعرض، والعقل، والمال.

ضرورة صناعة النموذج الخاص: الإعداد لا يعتمد على مدرسة معينة، بل يشجع على صناعة نموذج خاص دون هجر أو زهد بتجارب الآخرين. الإعداد هو خروج عن المألوف والمعتاد، وهو ميدان واسع لاكتشاف وتنمية واستثمار الطاقات البشرية بهدف حفظ الدين والنفس، والعرض، والعقل، والمال.

83. لا يكفي في الإعداد أن نكتشف نقاط قوتنا وضعفنا، بل لا بد من الكشف عن نقاط قوة الأعداء وضعفهم.

كشف نقاط قوة وضعف الأعداء: لا يقتصر الإعداد على اكتشاف نقاط قوتنا وضعفنا، بل يشمل أيضًا الكشف عن نقاط قوة الأعداء وضعفهم. هذا الوعي الشامل يساعد في التخطيط لمواجهتهم بفعالية أكبر.

84. التحضير لعنصر المفاجأة من أهم متطلبات عملية الإعداد، فالضربة القاضية ليست هي الضربة القوية بالضرورة، بل هي المفاجِئة، وعلى نقاط ضعف العدو.

85. في الإعداد: لا تَقُل: لا أستطيع، بل قُل: سأحاول..

ولا تَقُل: لا أعرف، بل قُل: سأتعلم..

ولا تَقُل: مستحيل، بل قُل: بعون الله ممكن.

86. في الإعداد؛ نتوقع أسوأ الاحتمالات، ونعمل لأفضل النتائج؛ وبه نأخذ بالأسباب الموجودة، ونطلب من الله تعالى الأسباب المفقودة.

الباب التاسع: متطلبات الإعداد

– كن مستعدًا-

87. الإعداد: يتطلب قراءة نماذج الأمم المنتصرة والأمم المهزومة، وإدراك سنن الله في النصر والهزيمة، والاستفادة من تجارب المجاهدين والمقاومين والمناضلين حيثما كانوا.

قراءة نماذج الأمم المنتصرة والمهزومة: أوضح الدكتور بكر أن الإعداد يتطلب قراءة نماذج الأمم المنتصرة والأمم المهزومة عبر التاريخ، مع فهم سنن الله في النصر والهزيمة، والاستفادة من تجارب المجاهدين والمناضلين. يجب علينا أن نتعلم من معارك مثل بدر وأحد، ونستخلص منها الدروس والعبر.

88. الإعداد يتطلب نية حقن دماء المؤمنين، قبل نية سفك دماء المعتدين، ونية السعي للنصر، قبل نية السعي للشهادة، ونية التمكين بعد النصر المبين، وفي كل ذلك خير.

89. الإعداد لا يتطلب الحماسة للقاء العدو؛ بقدر ما يتطلب الاستعداد للصبر على تبعات هذا اللقاء الحتمي والأكيد، مع لزوم سؤال الله العافية.

التحضير للصبر عند لقاء العدو:

يقول الدكتور بكر إن الإعداد لا يتطلب فقط الحماسة للقاء العدو، بل يحتاج إلى استعداد للصبر على تبعات هذا اللقاء، مع ضرورة سؤال الله العافية. وقد استشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أيُّها النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ..».

90. الأعداد: يحتاج إلى منابر سياسية وإعلامية وتعليمية توعوية؛ تبثُّ الروح المعنوية وتردُّ على الخصوم (الحرب النفسية)

المنابر السياسية والإعلامية: الإعداد يحتاج إلى منابر سياسية وإعلامية وتعليمية تبث الروح المعنوية وترد على الخصوم وتساهم في الحرب النفسية. الجانب النفسي مهم جدًا ويجب أن يكون جزءًا من برنامج الإعداد.

91. إدارة الصراعات الدينية(الأيدلوجية): تتطلب إعدادًا عميقًا لحسم المعارك بالنقاط، إن تعسَّر الحسم بالضربة القاضية، وهي أكثر صعوبة من (الصراعات المصلحية).

إدارة الصراعات الدينية: الصراعات الدينية (الإيديولوجية) تتطلب إعدادًا عميقًا لحسم المعارك بالنقاط إذا تعذر الحسم بالضربة القاضية. الدكتور بكر أكد أن إدارة هذه الصراعات أصعب من إدارة الصراعات المصلحية.

92. لا إعداد بلا تدريب، ولا تدريب بلا تجريب، ولا تجريب بلا أخطاء، ولا أخطاء بلا كلفة ولا كلف بلا ثواب، فاللمجتهد أجران.

ضرورة التدريب والتجريب: لا يوجد إعداد بدون تدريب، ولا تدريب بدون تجريب، ولا تجريب بدون أخطاء. الأخطاء هي جزء من العملية التدريبية ولها كلفة، ولكنها تأتي أيضًا بثواب للمجتهد.

93. صناعة الحاضنة الشعبية: من متطلبات الإعداد ولوازمه، وإلا فأكبر معيق أمام المجاهد أهله وأحبابه.

صناعة الحاضنة الشعبية: هي من متطلبات الإعداد الأساسية، وإلا فإن أكبر معيق أمام المجاهد قد يكون أهله وأحباؤه. يجب العمل على تعزيز دعم المجتمعات المحلية للمقاومة حتى لا تكون نقطة ضعف داخلية.

94. من متطلبات الإعداد؛ التخفف من الأوزان، والتخلص من الديون.

التخفف من الأوزان والديون: الإعداد يتطلب التخفف من الأوزان والتخلص من الديون، ليس بهدف التحسين الجمالي فقط، ولكن لتقليل الأعباء وللتفرغ للأهداف السامية.

95. صناعة الإنسان المقاوم؛ هي فريضة الوقت لكل عالم وداعية ومصلح ومربٍّ وأستاد وأب وأم.. وهذه الصناعة تتطلب؛ قدوة حسنة، وقيمًا سامية، وثقة بوعد الله ووعيده، وأخذًا بأسباب القوة المتاحة.

صناعة الإنسان المقاوم: هي فريضة الوقت، وتتطلب أن تبدأ بنفسك كقدوة حسنة، وأن تتمسك بالقيم السامية وتثق بوعد الله ووعيده. يجب أن تأخذ بأسباب القوة المتاحة لتصل إلى أهدافك.

96. ليس من متطلبات الإعداد؛ أن تجعل من نفسك لقمة سائغة للأعداء، بداعي أن ذلك من التضحيات اللازمة؛ بل من الواجب أن تُحضر نفسك لاجتناب أسباب الأسر أو القتل أو حتى مجرد الجراح، وإن كان ذلك في سبيل الله تعالى.

اجتناب أن تكون هدفًا سهلاً للعدو: ليس من متطلبات الإعداد أن تجعل من نفسك هدفًا سهلاً للعدو، بل يجب عليك اجتناب أسباب الأسر أو القتل. الدكتور بكر أشار إلى قصة خالد بن الوليد وكيف كان دائم الحركة في المعارك ليجنب نفسه الإصابة.

كما استشهد الدكتور بكر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو على فراش الموت: “ولعلك أن تُخلَّفَ حتى ينتفع بك أقوام، ويُضرَّ بك آخرون”، مما يدل على أهمية البقاء على قيد الحياة لتكون مصدر نفع للأمة وضرر على أعدائها.

97. الإعداد يتطلب حزمًا بلا تهاون، لا سيما عند وقوع الأخطاء الفادحة في الميدان، كخطأ المخلفين عن تبوك، فما تخلفوا عن وقفة بَذْلٍ بعدها.

الحزم عند وقوع الأخطاء: الحزم بلا تهاون هو جزء من الإعداد، خاصة عند وقوع الأخطاء الفادحة في الميدان. الدكتور بكر أشار إلى خطأ المخلفين عن تبوك كنموذج للتعلم من الأخطاء وعدم تكرارها.

98. تسوية العلاقات وتصفير المشكلات وتقليل الخصومات؛ كل ذلك مما يعين على تكثيف القوة للمعركة الحقيقية، والمشغول بإعداد نفسه لا ينهكها بمعارك جانبية؛ مع والديه وأولاده وزوجه وإخوانه وزملائه وجيرانه، بل هو يختصر اليوم، لينتصر غدًا.

تسوية العلاقات وتصفير المشكلات: تسوية العلاقات وتصفير المشكلات وتقليل الخصومات هو أمر ضروري لتكثيف القوة للمعركة الحقيقية. الشخص المشغول بإعداد نفسه يجب ألا ينهكها بمعارك جانبية. وليكن شعارك “اختصر تنتصر”.

99. الإعداد يتطلب تربص الفرص التي بها نحرق المراحل، ومراعاة التحديات التي تجعلنا نعيد الحسابات، وصاحب المشروع يرى الفرص فيستثمرها، ويرى التحديات فيتجاوزها، والمأزوم لا يرى سوى التحديات المنهكة.

تربص الفرص ومواجهة التحديات: الإعداد يتطلب تربص الفرص التي تمكننا من حرق المراحل، مع مراعاة التحديات التي تجعلنا نعيد حساباتنا. الشخص الذي يمتلك مشروعًا يرى الفرص ويستثمرها، ويرى التحديات ويتجاوزها.

تلك كانت أهم القواعد التي تناولها الدكتور محمد سعيد بكر في محاضرته.

الخاتمة:

في محاضرة الدكتور محمد سعيد بكر حول “مشروع الإعداد”، تجلت الرؤية الشاملة لأهمية الإعداد في الإسلام باعتباره ضرورة استراتيجية لحفظ الأمة وتهيئتها لمواجهة التحديات. تناول الدكتور بكر بأسلوبه العميق والمدعوم بالأدلة الشرعية والمسائل العملية مختلف جوانب الإعداد، مؤكدًا على أنه لا يقتصر على التحضير العسكري فحسب، بل يشمل كافة مجالات الحياة من الاقتصادية والسياسية إلى الروحية والفكرية.

أوضح الدكتور بكر أن الإعداد واجب على الأمة جمعاء، سواء في أوقات السلم أو الحرب، وأنه يمثل تنفيذًا لأمر الله تعالى وتجسيدًا عمليًا للصراع بين الخير والشر. كما أكد على أن الإعداد ليس مجرد ترف فكري، بل هو جزء لا يتجزأ من تكوين الفرد والمجتمع المسلم، يحفزه إيمان راسخ بضرورة الاستعداد الدائم لنصرة الحق ودفع الظلم.

استعرض الدكتور بكر خلال المحاضرة أهمية تحويل العادات اليومية إلى عبادات من خلال النية الصادقة، وكيف أن الإعداد يستهدف تركيز الجهود والطاقة نحو القضايا الكبرى وتجنب الانشغال بالتفاهات. كما بين دور الإعداد في جعل الأمة الإسلامية قوة تخشاها الأعداء، وتجنب الوقوع في فخ الانكسار والاستسلام.

وقد شدد على أن الإعداد لا يعني أن يصبح المسلم هدفًا سهلًا للأعداء، بل يجب أن يسعى دائمًا إلى تجنب المخاطر، محافظًا على حياته ليكون قوة دائمة في مواجهة الأعداء. وقد جسد ذلك من خلال استشهادات من سيرة الصحابة الكرام، مثل خالد بن الوليد رضي الله عنه، وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على حياة الصحابة لاستمرارهم في خدمة الدين والأمة.

في نهاية المطاف، قدم الدكتور محمد سعيد بكر رؤية متكاملة لمفهوم الإعداد في الإسلام، مؤكداً على أنه جهد مستمر يجب أن يبذله الفرد والمجتمع لتحقيق النهضة وحفظ الأمة، وأنه ليس مجرد رد فعل للأزمات، بل هو منهج حياة يتطلب الإيمان العميق والعمل الدؤوب.

You May be Like

انطلاقة “أسبوع القدس العالمي” في قطر

أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في مؤتمر صحفي  يوم أمس الإثنين بالعاصمة القطرية الدوحة، ‏عن انطلاقة “أسبوع القدس العالمي‎”. ‎ وتحدث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور علي القره داغي، في مؤتمر انطلاقة ‏‏”أسبوع القدس” الذي يمتد حتى العشرين من شباط/ فبراير الجاري‏‎. ‎ وركز القره داغي على دور علماء المسلمين في التوعية حول […]

الشباب وطوفان الأقصى … الأدوار والواجبات

د. عبد السلام الجالدي