28/7/2024
د. محمد الطاهري
كان الجو مشمسا ولطيفا، خاصة وقد تساقطت أمطار خير ليلة امس، وكان برنامج اليوم بعد الفطور يبتدئ بندوة علمية حول مفهوم التغيير وسننه، أخذت منها فوائد معرفية كثيرة، بعضها يدعو حقا إلى التأمل، فمن يصمد في ظل حرب ضروس ويصير إن كان طبيبا يقوم بدور عشرة أطباء، ومن يناقشون بحوثهم للدكتوراه وغيرها في ظل القصف ووسط الدمار وينجحون، ومن يقومون بأكثر من هذا وذاك كما لو أنهم لا يجدون حربا، فهؤلاء ليسوا في الحقيقة بشرا عاديين.
لقد استطاع أهل غزة أن يغيروا أمورا كبيرة وضخمة على مستوى الفكر والشعور والواقع، وجاءت ثمرة جهدهم نتيجة عمل كبير دام سنوات لم يستسلموا فيها لأمر واقعهم الصعب كما يستسلم كثير من شبابنا اليوم لما يواجههم، وليس أهل غزة هؤلاء أبطالا خارقين كما قد يتصور، ولكنهم مثلنا في الحقيقة، غير تنهم يتميزون عنا بكونهم بذلوا أكبر ما يستطيعون من جهد، وما كانوا ليفعلوا ذلك لولا إيمانهم بوعد الله وصدقهم بكلماته وعملهم الدؤوب.
أخذت ياسادتي من الندوة ما جعلني موقنا أن أهل غزة يخبروننا يوميا أن البقاء في حالة الاستنفار والاقدام والعمل المستمر واجب الوقت، وأنه بمثابة موجات ارتدادية صغيرة لكنها مهمة، وسيكون لها ما بعدها على مستوى الامة أجمعا إن حافظنا عليها وقويناها أكثر، كما أخذت منها كذلك أن اعتياد مشاهد تقتيل المستضعفين وتدمير بيوتهم ومعاناتهم هي جرم في حق أنفسنا أولا وفي حقهم ثانيا.
تأملت في حديث المشايخ المتدخلين، فقلت في نفسي: والله لا يمكن ان يجرف الطوفان الكثير من الباطل الذي تسلط على الأمة ما لم يتحرك أفرادها، ويعملوا على بناء سفينة النجاة التي ينجو من دخلها وامن الله، اقول بالله، لانه هو سبحانه من طلب من السماء أن تهطل بالمطر وإلا ماكنت السفينة لتبحر لولاه، كما أنه هو سبحانه من طلب من الأرص والسماء أن تمسكا ماءهما وإلا بقيت السفينة ترفعها وتصعها الأمواج العاتية، وعليه ينبغي أن نوقن أن نهاية الحرب هي أمر يختص به الله عز وجل في الحقيقة، وليس أمرا بيد أصحاب صفقة التبادل لأسرى الحرب أو بيد فلان أو علان، كما أن نهايتها كذلك أمر الله يعود إلى الله، لذلك ينبغي أن نلتجئ إليه صبحانه أولا وأخيرا، وبموازاة هذا كله لاينبغي أن نتهاون في الأخذ بأسباب التغيير.
في نهاية المداخلات فتح المجال للمشاركين فكانت لي كلمة مما ذكرته فيها أن أهل غزة يخبروننا يوميا أن البقاء في حالة الاستنفار والاقدام والعمل المستمر واجب الوقت، وأنه بمثابة موجات ارتدادية صغيرة لكنها مهمة، وسيكون لها ما بعدها على مستوى الأمة أجمع إن حافظنا عليها وقويناها، كما يخبروننا كذلك أن اعتياد مشاهد تقتيلهم وتدمير بيوتهم ومعاناتهم هي جرم في حق أنفسنا أولا وفي حقهم ثانيا.
بعد الذي ذكرته قال لي صديقي الجالس على الكرسي يميني في القاعة:
اعتقد يا أخي محمد أن الطوفان الأكبر القادم إن شاء الله يتطلب منا جميعا أن نكسر حجارة التحديات التي تواجه أنفاق النصر الموعود، وهي تحديات لا تساوي شيئا إن نحن أحسنا الاشتغال على الانسان بالقرآن..
قلت له: صدقت وهنيئا لمن فهم الرسالة وواصل على طريق البناء حتى يلقى ربه..
نقلاً عن:
https://www.facebook.com/mohamed.tahiri.0/posts/10229601033104010