28/7/2024
د. محمد الطاهري
وصلت الحافلة إلى İlmi ve Fikri Araştırmalar Merkezi حيث سيكون ملتقانا، وكان في استقبالنا شباب لا يخطئ وجوههم النور، ونظرة واحدة فيهم بصدق قد تغنيك عن قراءة الاف الكتب المنظرة لخيالات المدينة الفاضلة، فهؤلاء لا يتكلمون كثيرا وإنما يعملون، بل لا ابالغ إن قلت إنهم أخلاق تمشي على الأرض، في زمن كاد يصير الخلق الكريم فيه قطعة مهملة في كتب تراثنا القديم!
وكان مشهد ترحيبهم بنا كما لو أنهم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين كانوا يستقبلون أصحابهم من المهاجرين من مكة!
بعد ما مر بنا من التعب الناتج عن طول الطريق استسلمت في الغرفة التي جهزوها لي مع من معي – كما شأن الجميع-لنوم لم أذق مثله من قبل!
ورغم كثرة ما أحمله من تساؤلات رافقتني طوال الرحلة وإيماني أن انعدام النوم لا يعني شيئا سوى التساؤل؛ إذ لا ينام النائم عادة إلا حين يحصل على الإجابة، إلا أني نمت!
وفي الصباح كان لنا موعد مع الجمعة في الجامع القريب لمركز الإيواء، وهو رغم صغره مقارنة بغيره يسع اعدادا كبيرة من المصلين، إذ له طابقين علويين، وهذا من عجيب صنع المساجد في البلاد، فهي تركز في بنائها على ارتفاعها العمودي أكثر من تركيزها على التوسع الأفقي!
كان الخطيب قبل إلقاء خطبته يعطي درسا باللغة التركية فهمت من خلال الآيات التي يسردها بين الحين والآخر أنه متعلق بضرورة الاعتصام بكتاب الله، ويا كم كان الفرح يغمر داخلي وأنا أرى هذا الجامع يدخله المشاركون في الملتقى، والقادمين من مختلف بلدان العالم، وهم يرتدون ازياء بلدانهم التي جاؤوا منها، هذا من خلال زيه ماليزي، وذاك كردي، وآخر يماني، وبعده تونسي، ثم جزائري، وكنت المغربي الوحيد يا سادتي ممثلا لبلدي، وحمدت الله حين وجدت أني قد حضرت ومعي قميصي الأبيض الذي وضعت فوقه جلابة خفيفة مطروزة بالبني تمتد من فوق المنكب إلى حذو الكعبين، وذات أكمام طويلة تصل إلى معصم اليد أو تزيد حتى الإبهام، كنت اشتريتها منذ زمن للمناسبات الدينية كالأعياد، ارتديتها وانتعلت بلغتي البيضاء، وهي حذاء من الجلد الفاسي(نسبة إلى مدينة فاس) على شكل محذب بعض الشيء، وأمامية مجموعة تغطي كامل القدمين، ولا علو فيها على الاطلاق.
انتهى الخطيب من درسه فقام الناس يصلون أربع ركعات كما عادتهم قبل الفريضة، وكذلك يفعلون بعدها أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم صعد المنبر العالي الذي لم أر مثيلا له في العلو، ومزخرفا بدقة وإبداع يبرز معه جمال الذوق عند أهل هذه البلاد، فحمد الله وأثنى عليه وصل وسلم على رسول الله وأصحابه وتلا خطبة مكتوبة على ورقة أمسكها بيده، فهمت منها أنها تتناول حث الاسلام على توقير الكبير واحترام الصغير.
بعد الانتهاء من الصلاة وبعد الغذاء كان لنا موعد مع إدارة الملتقى رحبوا فيها بعموم المشاركين، ثم انطلق بعدها لقاء الافتتاح، ويا لجمال ما جاء في كلمات المتدخلين فيه، وعلى رأسهم عالم من العلماء في المنطقة يسمى الشيخ إحسان شان أوجاكİhsan ŞENOCAK ، أدع الحديث عنه وعن تأثري به إلى وقت لاحق..
كنت بعد جلسة الافتتاح أتفكر فيما كان قد قاله لي صديقي الذي تعرفت عليه في الطريق إلى هذا الملتقى، والذي هو س.ن الذي كنت حدثتكم عنه وذكرت لكم أن له أخا قياديا في القسـ..ـام استشهد في بدايات حرب الطوفـ..ـان، قال لي: تصور يا أخي محمد حجم ما نحن عليه الآن من النعم لو قلت لك إن بعض إخواننا في رفـ..ـح يغبطون إخوانهم الذين دمرت بيوتهم في شمال غـ..ـزة على أمر ..!
قلت له: ما هو؟
قال لي: يغبطونهم على أنهم يجدون جدرانا ولو مهدمة يسندون ظهورهم عليها، بينما هم في الخيام الحارقة لا يجدون حتى ما يسندون عليه ظهورهم منذ أشهر!
تذكرت ذلك وتذكرت أيضا معه حجم التصفيقات التي قوبل بها عدو الله النتن ياهو وهو امام الكونغريس الأمريكي قبل يومين او ثلاثة، ولست أدري لما وجدتني اصف المشهد ذاك بكلمات كتبتها، ومما فيها:
اخطب ودعهم يصفقون يا عدو الله يا جبان، دمر ما استطعت، واقتل من النساء والأطفال ما شئت!
اما انتم يا اعداء الانسان فصفقوا، وقولوا يا غزة هكذا فلتكوني، خرابا وموتا في الخيام وبين الجدران والشوارع في كل لحظة وحين..
يا عدو الله قل لهم ما شئت نحن جند الله لك ولجيشك بالمرصاد، اسقط علينا قذائفك ولتكن لك امريكا وغيرها مؤيدة، ولتقل لك هاك المزيد من السلاح.. هاك الدعم والولاء.
إن لنا الله هو خير منتقم، ولنا هو سبحانه نعم المولى. نعم النصير..
يا أمتنا لا تتركوا غزة وفلسطين بلا حماة، كونوا كجند القسام والجهاد.. اذيقوهم الموت بالكمائن وبالقنص والعبوات، وليصفقوا على جيشهم المنكسر المنهار..
تالله إن النصر قريب، وشمسه بالنور تلوح في الافق مشرقة، فيا أمتنا انفضي عنك الغبار وقومي وأعلني أنك مع غـ.ـزة وفي صف واحد مع كل حر فلسطيني، قومي وانصري الحق فمهما طال الليل يزول، والصبح قريب وجند الله هم الغالبون.
—
في المرفق فيسبوك فيديو يوثق لجزء من كلمة الشيخ إحسان شان أوجاك
نقلاً عن: