الشباب؛ كلمةُ السرّ في بناء الأمم العظيمة، ومعقِدُ الأمل في تحرير الأوطان المكلومة، وعنوان قوة الشعوب وعنفوانِها.
الشباب؛ لواءُ النصر الموعود، وحلف النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يخذُله، والفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدى وربط على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا.
الشباب؛ محلّ المباهاة من العزيز الجليل، المتنعمون في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله إذ ينشؤون في عبادة الله تعالى، السائحون في الأرض ليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
ولأنّ الشباب هكذا وأكثر؛ فقد كانوا محط أنظار هيئة علماء فلسطين التي أطلقت الملتقى العلميّ الدولي للشباب ليضم في أفيائه شباب الأمة الإسلامية من مختلف البلدان والتوجهات، ويحشدهم في ملتقى تنصهر فيه أرواحهم في بوتقة الإيمان الصّافي فتتوهج همَمًا جبارةً في بناء الأمّة التي تشرئبّ أعناقها إلى الشباب الطامح ليخرجوها من دركات القهر والهوان، ويرنوا أقصاها إليهم في شوق بالغٍ للّقاء ساعةَ التحرير.
فكان الملتقى الأول عام 2019 م الذي ضم أكثر من 300 شاب وشابة من أكثر من ثلاثين دولة وكان عنوانه “وحدة الأمة بين الواقع والمأمول”.
وأما الملتقى الثاني فكان عام 2020م عبر الفضاء الافتراضي إذ كان العالم كله حينها يرزح تحت وطأة وباء كورونا وحضره قرابةُ ثلاثِمائة شاب وشابة من مختلف دول العالم.
وأما الملتقى الثالث الذي كان عام 2021 م فقد ضم قرابة 250 شابا وشابة من قرابة عشرين دولةً وكان في اسطنبول وكان العالم ما يزال يعيش آثار الوباء الذي أقضّ مضجع البشرية.
واليوم ينطلق بفضل الله تعالى ومنّته الملتقى العلمي الدّولي الرابع للشباب وهو يضم أكثر من 350 من الشباب والشابات القادمين من قرابة أربعين دولة إلى اسطنبول التي غدت موئل الباحثين عن فسحة من الجمال والجلال وبناء الذات وتنمية الفكر وتغذية الروح.
ولأن المعركة الكبرى في العالم اليوم عند مختلف الدّول والشّعوب وهي كذلك عند الأمّة الإسلاميّة والشباب المسلم الغيور؛ هي معركة الهوية يأتي هذا الملتقى تحت عنوان:
الشباب وتحديات الهوية
تنطلق اليوم شارة البدء لأيامٍ حافلة بالخير معطاءةٍ بالزاد العقلي والفكري والقلبي والروحي للشباب المشرّعين عقولهَم وأرواحهم للنور، المتفاعلين مع قضايا أمتهم، المنتصرين لجراح شعوبهم، الباذلين نفوسَهم فداءً لقبلة المسلمين الأولى مسرى النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى المبارك.
مع كوكبةٍ من العلماء والدّعاة والمربّين وأهل الفكر والقادة السّياسيّين ورجال الإعلام والفنّ تمخرُ سفينة الملتقى عباب موج تحديات الهويّة وعلى متنها شبابٌ ذلّلوا السُّبلَ إلى المعالي؛ يتحاورون في محاور عديدة حول المفاهيم التّأسيسيّة في قضايا الهويّة، وتراكم الهويّات وفرضها والبعد الحضاريّ للهويّة الإسلاميّة، وأثرِ العلوم الشرعيّة في صناعة الهويّة، كما يطلّون بإسهاب على محاور تتحدّث عن الفنّ والإعلام والسينما والدراما ووسائل التواصل الاجتماعي والتّاريخ واللغة العربيّة وعلاقة كلّ هذا بصياغة الهويّات وما يترتّب عليها من تحديّات لهويّة الشّباب المسلم.
ولن ننسى أن ننظر من قربٍ إلى تحديّات الهويّة التي تواجه الأسرة المسلمة، وتحديات الهويّة التي تواجه العمل الإسلاميّ، مطوّفين على قضايا الأمّة المختلفة وفي القلب منها فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك وما تعانيه من محاولاتٍ وإجراءات عدوانيّة صهيونيّة تستهدف هويّة المكان والشعب الذي ما يزال مرابطًا على الثّرى الطّهور.
في معركة الهويّة التي تستهدفنا في أعزّ ما نملك وأغلى ما نملك ندخلُ الملتقى العلمي الدّولي الرّابع للشباب ونحن نردّد بعقولنا وقلوبنا وتهتفُ أرواحنا:
فَيَا أيُّها الكونُ منِّي اسْتَمِعْ
ويا أُذُنَ الدَّهرِ عنِّي افهمِي
فَإِنِّي صريحٌ كَمَا تَعْلَمِين
حريصٌ عَلَى مَبدئي القيِّمِ
ومَهْما تعدَدَتِ الواجهاتُ
فَلَستُ إلَى وِجْهَةٍ أنْتَمِي
سِوَى قِبلة المُصطَفَى والمَقامِ
لأَرْوِ الحُشَاشَةَ مِنْ زَمْزَمِ
وأُشهدُ مَنْ دبَّ فوقَ الثَرَى
وتحتَ السَّمَا عزةَ المُسْلِمِ