26/10/2023
د. عمر الجيوسي
كانت تتعالى أمامهم كمِئذنة الفجر.. كانوا عشرات من الجنود انتشروا في بيتها كالحشرات.. طَرَقاتـُهم وركلاتهم لم ترحم الصغير النائم على ذراعها.
باحتقار.. وإنكار.. وبلهجة محتل لا يعرف لغة هذه الأرض سأل: (وين “لمى خاطر”)؟
اندفعت إلى صغارها.. “يحيى” الصغير غاب في أحضانها.. لكنهم، وبجرعة زائدة من الحقد اختطفوها من بينهم.. من بيتهم.
وما زال الصغير يسأل إخوته :(وين ماما “لمَى”)؟
..”حمزة” ابنُ جيرانهم، رضيعٌ طلبه جهاز الشاباك ثلاث مرات، للتحقيق.
ابن جيرانهم الآخر قال للصحافة: ولدتني أمي في السجن، وهي مكبلة اليدين..
سلطات الاحتلال استدعت زوج “لمى” لأنه لم يقطع “الإنترنت” ولم يمنع انتشار كتاباتها.. قالوا له: مقالاتها (قنابل موقوتة).. كتابتها: كتائب.. حرفها: حرب..
افرجوا عنه وبقيت هي تختنق في عتمة السجن.. بحثت عن “الأوكسجين”.. لكنه لم يرجع لها من الكلمة إلا نصفها: “سجين”.
بقيت في ظلام السجن تتهجى كلماتها.. تستجمع عناوين مقالاتها التي أغاظتهم.. ندمت.. أن لو كانت أكثر إيلاما لعدوها، وافتضاحا لغرور عملاء السلطة.. وحين كانت تلهبها سياط الوحدة، كانت تلعن عدوها، وتعلن التحدي.. تصرُخ.. تُصَرّح.. تستذكر: “السلطات الوضيعة تعتبر حيازة السلاح تهمة، وأنا أعتبره (وطنية )”.. “المساواة عندهم بين الرجال والنساء تكون في: التعذيب والاعتقال؛ تستذكر اغتيال “ناجي العلي” وبقاء رسوماته على جدران الذاكرة.. تستذكر ثلاثة آلاف حالة اغتيال نفذها الموساد في (حرب الظل).. تستذكر من اغتالوه.. في فمه!!
يرتفع الضغط وهي تستذكر اعتقال الزوج والتحقيق المكثف لكل مثقف.. وتدرك أن حياة الإعلاميين أصبحت بين التحقيق الصحفي والتحقيق عند السلطات..
ابنة السلطة الرابعة.. صاحبة الجلالة.. ابنة الخليل ستخرج من معتقلها ولكن، هل نستطيع التحديق في عيني امرأة لا نستطيع حمايتها؟!
سيفكون قيدها.. ويكتبون في”قيد” آخر:
التهمة: دعم المقاومين
اللقب: نصيرة المظلومين
الاسم: لمى خاطر “أم أسامة “
نقلاً عن: