15/3/2025
مخلص برزق

قف قليلاً.. فلحظات رمضان تمضي سريعاً وسائل نفسك..
ما الذي غيَّره رمضان فيك؟ وهل أنت راضٍ عمّا مضى؟ اصرخ بها معاتباً وزاجراً:
ويحك يا نفس.. هلمّي وتداركي أمرك، واعزمي عزم رجالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، عاهدوه قبل رمضان، أن يعملوا ويجتهدوا ويجدّوا، عاهدوه على أن يستغفروا وينيبوا ويدعوا ويخبتوا، عاهدوه على أن يبكوا ويبكوا ويبكوا، وعلى باب الرحمن بالتوبة أن ينطرحوا.
أما سمعت المنادي ينادي: سارِعوا وسابِقوا فقد تنَصَّف الشهر، وعمّا قليل تنقضي أعظم أيام الدَّهر، وكثير من أصحاب الهمم الخاوية تركوا مضمار السباق، وتخلفوا عن الرفاق، فإياك إياك، ثم إياك أن تكون منهم، ومع ذلك فإن كنت أحسنت فلا تشمت بالمتعثرين، فما هي بشمائل المؤمنين المخبتين، وخف الله أن يعافيهم ويبتليك، فأخلص الدعاء لهم عسى أن يفيئوا إلى رشدهم، فتؤجر برجوعهم، وتنتفع بدعائهم، وتسر بمسابقتهم على مدراج السالكين صراط رب العالمين فليلة القدر في انتظارك، وأيام الجائزة ترقبك، فاجعل العفو والمغفرة هدفك، علّق بهما رجاءك وأملك، تجهّز بخير الدعاء وأصدقه، وقدّم بين ذلك عملاَ صالحاَ خالصاً لله عسى أن يقبلك، فلعلك أن تظفر بهما فتنال الخير كله، وتضمن سعادة أبدية سرمدية لا شقاء بعدها أبداً، لا تدع رمضان يمضي بدونها، تشبث به قبل أن يلملم أيامه ولياليه فإن سفره طويل طويل، وإن عاد بعد عام فلا تدري أتدركه أم لا.
استدرك ما فاتك ولا تستسلم، واسلك درب أولئك الذين اقتفوا نهج النبي المعلّم –صلى الله عليه وسلم- واستمع لطبيب القلوب ابن رجب الحنبلي –رحمه الله- يحدوك:
تنصّف الشهر والهفاه وانهدما
واختصّ بالفوز بالجنّات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا
مثلي فيا ويحه يا عظم ما حُرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما
تراه يحصد إلا الهمَّ والنَّدما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعتُهُ
في شهره وبحبل الله معتصما
لا تلتفت طويلاً إلى الوراء، ولا تبالي بسواد ظلّك، فأيام العشر المضيئات تظلك.. احزم أمرك واتخذ قرارك مع نفسك، أغلق كل شيء حولك، أغلق جوالك وتلفازك، أغلق أبواب لهوك وعبثك، وخمولك وكسلك، افتح كتاب الله وطبب به قلبك.. اتل على روحك التائقة:
(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ(29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [سورة فاطر 29، 30].