د. عمر حماد عضو هيئة علماء فلسطين
عن أَنَس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» رواه أحمد وأبو داود، ورواه النسائي بلفظ: «جَاهِدُوا بِأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ»
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» رواه البخاري ومسلم.
الشرح والتعليق
1- هذه الأحاديث تدل على وجوب كف أذى اللسان عن المجاهدين، وتوجيه قوة اللسان والبيان والفصاحة ووسائل الإعلام والمقالات والبيانات نحو أعداء الدين من المشركين واليهود وغيرهم.
2- جهادُ المُشرِكين بالنَّفسِ والمالِ واللِّسانِ مِن أجَلِّ الأعمالِ والقُرباتِ، ومن أسبابِ حِفظِ الدِّينِ ونَشرِه؛ ولذلك عَظُم أجرُها وفضلُها، وأثرُها في الأمَّةِ الإسلاميَّةِ
3- قوله (جاهِدوا المشرِكينَ)، أي: ابذُلوا الجُهدَ معَهم حتَّى يَنْزجِروا أو يَرجِعوا عن شِركِهم.
4- قوله (بأموالِكم) أي: بإنفاقِ المالِ في جِهادِهم؛ مِن شراءِ سِلاحٍ ونفَقةٍ على المجاهدينَ ونحوِ ذلك.
5- قوله (وأنفُسِكم) أي: بالخُروجِ لِمُلاقاتِهم.
6- قوله (وألسِنَتِكم)، أي: بدَعوتِهم لإقامةِ الحُجَّةِ عليهم، أو زَجرِهم والرَّدِّ عليهم والنَّيلِ مِنهم، أو الدفاع عن المسلمين والمجاهدين، والمظلومين، ويدخل فيه أيضا كتابة المقالات، والخطب والدروس، والقصائد الشعرية، ونقل ما يتعرض له المدنيون من قتل وقصف وتشريد وتجويع وحصار، ونشرها عبر الوسائل المختلفة بالإعلام والقنوات الفضائية، ووسائل التواصل كالفيس بوك والواتساب، ويدخل فيه أيضا تشجيع الناس على الجهاد بالمال بمختلف الطرق، ومنها ما رأيناه خلال هذا الأسبوع من فتح باب التبرع (الجهاد) بالمال على بعض القنوات الإذاعية في الأردن.
7- سلاح الكلمة سلاح ماض، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليه، كما ورد في صحيح البخاري (عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بنِ ثَابِتٍ: اهْجُ المشْرِكِينَ؛ فإنَّ جِبْرِيلَ معك) ومن منا لا يملك سلاح الكلمة لنصرة أهلنا في غزة والدفاع عنهم بالطرق المذكورة؟؟؟
8- وقد رأينا من يملك سلاح الكلمة ولكنه للأسف استخدمها ليطعن بها المجاهدين والشهداء وأصحاب الأقلام النظيفة، والمراسلين الشرفاء الذي يصورون الحدث وينقلونه للعالم، كما أنهم بدلا من توجيه سهامهم نحو الاحتلال وقفوا معه، وتبنوا روايته، ودافعوا عنه، فالأصل أن يتم حذف هذه القنوات ومقاطعتها وعدم التعامل معها.
9- وقد رأينا أفرادا ممن نظن فيهم الخير يسيئون إلى رموز المجاهدين بحجة (نصرة الدين والدفاع عن العقيدة الصحيحة)، يجلسون على أريكتهم أو حتى ينامون عليها، يأكلون ما لذ وطاب من الطعام، بينما من ينتقدونه فقد الكثير من وزنه وكاد أن يتحول إلى هيكل عظمي من الجوع، ولهؤلاء (الناصحين) نقول: اصمتوا بالله عليكم، ولا تؤذوا المجاهدين ومن يحبهم، أخذا مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم (فليقل خيرا أو ليصمت) .
10- بعض الناس ينطبق عليهم قول الشاعر علي بن المفضال المجاشعي:
وإخوان حسبتهم دروعا … فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاما صائبات … فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب … لقد صدقوا ولكن من ودادي
وقالوا قد سعينا كل سعي … لقد صدقوا ولكن في فسادي
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة، وأن يبلغنا منازل الشهداء
والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين
مع تحيات د. عمر حماد
الجمعة 25/10/2024م
الموافق 21/ربيع الثاني/1446هـ