د. عمر حماد عضو هيئة علماء فلسطين
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ : لَمْ يَقْتُلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً . قَالَتْ : وَاللَّهِ إِنَّهَا لَعِنْدِي تَحَدَّثُ مَعِي ، تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّوقِ ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا : أَيْنَ فُلاَنَةُ ؟ قَالَتْ : أَنَا وَاللَّهِ ، قَالَتْ : قُلْتُ : وَيْلَكِ ، وَمَا لَكِ ؟ قَالَتْ : أُقْتَلُ . قَالَتْ : قُلْتُ : وَلِمَ ؟ قَالَتْ : حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ . قَالَتْ : فَانْطُلِقَ بِهَا ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَنْسَى عَجَبِي مِنْ طِيبِ نَفْسِهَا ، وَكَثْرَةِ ضَحِكِهَا وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ. رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
الشرح والتعليق
- في هذا الحديث دليل على جواز قتل أهل الذمة إذا قتل مسلما ولو بعد حين، حتى لو كان امرأة.
- قولها (لَمْ يَقْتُلْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل من نساء بني قريظة إلا امرأة واحدة.
- قولها (تَحَدَّثُ مَعِي) أي تتحدث معي.
- قولها: (تضحك ظهراً وبطناً) معناه أنها في غاية الارتياح والسرور، ولعله كناية عن شدة ارتياحها وطمأنينتها وعدم حصول الألم والضجر منها، ولعل قولها: [ظهراً] معناه أنها من شدة الضحك قد تسقط على ظهرها كما يقال عن الشخص الذي استغرق في الضحك: إنه قد يذهب على قفاه من شدة ضحكه.
- قولها: (إذ هتف هاتف باسمها) أي: نادى منادٍ باسمها.
- قولها (قلت: وما شأنك؟) السيدة عائشة تسألها عن سبب مناداتها باسمها.
- قولها (قالت: حدث أحدثته) أي أنها عملت عملا تستحق عليه القتل، واختلف العلماء في الذي فعلتْهُ، على رأيين:
(الأول) أنها كانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم، فخرجت فقتلت، وكفى الله المسلمين لسانها.
(الثاني) أنها طرحت الرحا على خلاد بن سويد رضي الله عنه فقتلته، فقتلها النبي صلى الله عليه وسلم قصاصا.
- قولها (وَاللَّهِ مَا أَنْسَى عَجَبِي مِنْ طِيبِ نَفْسِهَا، وَكَثْرَةِ ضَحِكِهَا وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ) السيدة عائشة رضي الله عنها تعجبت منها لسببين:
(الأول) لأنها كانت في غاية الارتياح والطمأنينة والضحك والانبساط رغم أن قتل أقاربها من اليهود لا زال مستمرا، فلم تحزن عليهم.
(الثاني) لأنها علمت بأنها ستقتل ومع ذلك لم تفارق الضحكة محياها.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الشهادة، وأن يبلغنا منازل الشهداء
والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين
مع تحيات د. عمر حماد
الجمعة 7/6/2024م
الموافق 1/ذو الحجة/1445هـ