خاص هيئة علماء فلسطين
23/6/2024
د. إبراهيم مهنا عضو المكتب التنفيذي في هيئة علماء فلسطين
آية كريمة فيها بشارة عظيمة لمن آمن وعمل صالحا، وفيها نذارة خطيرة لكل فاجر يجادل بالباطل، قال الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدّا . فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لُدّا) [سورة مريم: 96-97]، وفيها تسلية رقيقة لكل مؤمن عامل مهما اعتراه من خطوب، ولقد اصطفى الله تعالى أهل غزة المؤمنين لعمل صالح جليل هو ذروة سنام الإسلام، فهم مرابطون مجاهدون بأموالهم وأنفسهم، ماضون في طريق الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، مستحضرين قول الحق تبارك وتعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [سورة البقرة: 155-157] فحري بهم أن ينالوا محبة الله تعالى بل ومحبة الناس في الدنيا، (سيجعل لهم الرحمن ودا) وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض” رواه البخاري ومسلم.
وموقف الناس من الحرب في غزة انقسم إلى فسطاطين، قسم ناصر الحق وأحب أهله، وآخر عاداه وأبغض أهله، وفي القسم الأول نجد السواد الأعظم فيه الشعوب سواء كانت مسلمة انحازت لدينها وقيمها، أو غير مسلمة انحازت للحق ولإنسانيتها، أما القسم الآخر فإن السواد الأعظم فيه الحكومات ووسائل الإعلام الرسمية، أكثرها غربي وبعضها عربي مع الأسف.
لقد كتب الله القبول لأهل غزة في العالم بأسره، فخرج الأحرار في كل مكان يعبرون عن نصرتهم لأهل غزة خاصة ولفلسطين عامة، بعدما زالت الغشاوة عن أعينهم فبدت لهم سوءة الكيان الصهيوني ومن والاه من حكومات وحكام، وأيقنوا أن ما يحدث هو جرائم إبادة وعنصرية مقيتة وظلم داهم لا يفرق بين شيخ ورضيع وامرأة ورجل، حرب تمارس فيها أسلحة الحصار والتجويع من القريب والبعيد، حرب تضرب البنية الصحية والتعليمية والاقتصادية، فضلا عن مساكن الناس ومساجدهم وكنائسهم.
لقد انتفض العالم في الشرق والغرب وكأن أهل غزة من رحمهم الواجبة الصلة، ولا عجب (سيجعل لهم الرحمن ودا)، ولكن العجب العجاب أن ينسلخ بعض العرب والمسلمين من إنسانيتهم ويتجردون من قيمهم، صمّوا آذانهم عن الحق، ورفعوا أصواتهم نصرة للظالم، ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أبواق للباطل يجادلون له ظلما وعدوانا، فالويل كل الويل لهم (وتنذر به قوما لدّا) وقد أعذر من أنذر، وليعلم هؤلاء وأسيادهم أن الله تعالى آذنهم بالحرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله عز وجل قال: من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب” رواه البخاري. وعلى الرغم من شدة البلاء فإن أهل غزة المؤمنين يدركون جيدا أن النصر آت لا محالة.
وإن ظنهم بالله حسن لن يخيب، فقد فقهوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي” [رواه الشيخان] وفي رواية لأحمد: “أنا عند ظن عبدي بي إن ظن بي خيرا فله وإن ظن شرا فله“، ووالله لا يظن أهل غزة في ربهم إلا خيرا. فاصبروا وأبشروا، فإن النصر قريب، والسعيد الموفق من جاهد جهادهم، فإن لم يستطع ناصرهم وأيدهم بكل ما يستطيع.
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا