خاص هيئة علماء فلسطين

         

‏10/4/2025 ‏

د. عبد الرحمن حمد  عضو هيئة علماء فلسطين ‏

رغم قسوة العدوان وفداحة الألم ومرارة الخذلان لأهل الحق في غزة إلا أنني ألمح جيلا صاعدا في الأمة يُصنع ‏بهذه الأحداث العظام، ‎ويتحرّق اليوم ليتحرك غدا، ‎جيلٌ ‎شابٌّ ‎لا تُخطؤه عينك كلما نظرت يمنةً ‎ويسرة في عالمنا ‏الإسلامي، ‎يسألون كل يوم عن الطريق والسبيل لنصرة الحق وردع المجرمين، ‎وهم صادقون، ‎وإن عُدموا الوسيلة ‏اليوم لظروف المكان والزمان وضعف التجربة، ‎فالأحوال غدا تتبدل، ‎ودوام الحال من المحال‎.

جيلٌ ‎جعل الله لتلك البقعة المباركة ‏‎-‎غزة‎ – ‎ومجاهديها ودمائها الزكية شرف صناعته وتربيته، ‎جيلٌ ‎تكسرت أمام ‏عينه القوالب التي أرادوا حجزه فيها وخداعه بها، ‎من المنظومة الدولية وحقوق الإنسان والقانون الدولي ومجلس ‏الأمن ومحكمة الجنايات وغير ذلك، ‎جيلٌ ‎كفر بكل هذه الهرطقات وسقطت من عينه وعقله، ‎ولم يعد يؤمن إلا ‏بامتلاك القوة وانتزاع الحق وردع المجرمين، ‎وإن لم يصرح علناً ‎بذلك، ‎لكن كل هذه الأفكار تحولت إلى قناعات ‏لدى ملايين من شباب المسلمين، ‎وغدا تترجم القناعات إلى أفعال وسلوك بإذن الله‎.

والله وكأني ألمحهم يتقاطرون ويتوافدون إلى فلسطين وبلاد الشام، ‎ثم ينكسر السد ويتتابعون سراعا وتتحرك ‏جحافلهم باتجاه أرض المعارك وفسطاط أهل الحق،

وعندها ستذوب الحدود المكذوبة والقوميات الموهومة، ‎ولن يبقى إلا فسطاط المسلمين وجيشهم‎.

وإن مما يُعجّل بهذا القَدَر المحتوم هو ازدياد فجور اليهود والكفر العالمي اليوم، ‎‏ وعنجهيته وصلفه وإجرامه ‏وعربدته، ‎ومعارك الإفناء التي يمارسها، ‎وهذه هي نقطة الذروة التي ينتهي عندها الإمهال، ‎ويبدأ بعدها الأخذ ‏والانتقام وتسليط عباد الله على أعدائه، ‎فينقلب السحر على الساحر، ‎ويرجع الكيد على أصحابه‎.

والله وكأني ألمح المعارك الكبرى على الأبواب، ‎معارك طاحنة ودماء كثيرة وأشلاء مقطعة وشهداء ‏بمئات  الآلاف وأكثر، ‎وقتلى في الأعداء أكثر من ذلك، ‎معارك تمحيصٍ ‎وتربية ميدانية بالدم والفقد، ‎تصنع جيلا ‏فريدا متعلقا بالله، ‎متجردا من الدنيا تماما، ‎مشتاقا للقاء الله في كل لحظة، ‎هذا الجيل هو الذي سيفوز بالحسنيين، ‎فيستشهد بعضه، ‎ويفتح الله على بعضه، ‎فيقيمون في الشام وبيت المقدس خلافة راشدة على منهاج النبوة، ‎تحكم ‏بشرع الله العادل، ‎وتقود البشرية بنور القرآن ووحي الحق إلى صلاح دينها ودنياها‎.

كل هذه الأحداث ستأتي يقينا، ‎وقد أخبرنا بها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، ‎وليس المهم متى ‏بالضبط، ‎ولكن المهم في كل المعادلة أن يكون لك جهدٌ ‎في صناعة هذه الأحداث العظيمة، ‎وأن تُهيئ نفسك من الآن ‏أن تكون من المسارعين يوم ينادي المنادي‎: ‎حيَّ ‎على الجهاد ويا خيل الله اركبي، ‎فسنوات الرخاء قد انتهت وسندخل ‏في زمن الحروب والمعارك، ‎وكل الأمور ستتغير، ‎ولن تبقى الحياة على طبيعتها وشكلها المعتاد، ‎فهيئ نفسك وأهلك ‏من الآن، ‎وسل الله العون والثبات وحسن الاستعمال وشرف الختام، ‎فالقول حق وصدق، ‎والأمر جلل، ‎والخطب ‏عظيم، ‎ولن يثبت إلا المؤمنون‎.

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، ‎واستعملنا جميعا في نصرة دينه وإعلاء كلمته، ‎وأكرمنا وإياكم بالشهادة في ‏سبيله وعز الإسلام والمسلمين