المدخل الشرعي للإعداد السياسي

    

الحلقة 30

 ضيوف البرنامج: الأستاذ صالح العاروري 

  والدكتور حافظ الكرمي

  مقدم البرنامج: عمر الجيوسي،

  تاريخ الحلقة :……

المقدم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم مشاهدينا إلى حلقة جديدة من برنامج على خطى صلاح الدين، مشاهدينا في المجهر السياسي نرى ما أعده اليهود حتى قبلوا وقلبوا السياسة العالمية لصالحهم بل وسيطروا عليها، ونرى الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر يتحدث أمام الكنيست الإسرائيلي عام 1979 قائلا: لقد آمن سبعة من الرؤساء الأمريكيين بأن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل هي علاقة فريدة، لأنها متجذرة في ضمير وأخلاق ودين ومعتقدات الشعب الأمريكي نفسه، ونحن نتقاسم معهم التوراة.

مشاهدينا.. ابن خلدون في مقدمته وضع فصلاً بعنوان “العرب لا يحصل لهم الملك”، ثم قال: “إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية وهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض، للغلظة وللأنفة وبُعد الهمة والمنافسة في الرياسة، فقلما تجتمع أهواؤهم وهم مع ذلك أسرع الناس قبولاً للحق والهدى”

مشاهدينا.. ما بين السياسة والدين نعيش بعض الأسئلة المزمنة، منها ما هو المدخل الديني إلى المخرج السياسي ?ولماذا يتدخل العلماء والمشايخ في الإعداد السياسي؟ وهل كان النبي صل الله عليه وسلم والصحابة يتدخلون في السياسة؟ وهل من المناسب للدعاة الآن أن يكونوا هم السياسيين؟ طالما أن السياسة في المجتمع الدولي خليط من الفكر والمراوغة، وبالتالي يعمل على تلويث الدعاة.

ونسأل أيضا أيهما أفضل؟ رفض الوصول لسدّة الحكم والبقاء في مرحلة الإعداد والإصلاح، أم الانتظار حتى يصبح الشعب راشداً.

أعزاءنا المشاهدين.. المدخل الشرعي للإعداد السياسي هو عنوان حلقة اليوم ونستضيف فيها المسؤول الإعلامي لهيئة علماء فلسطين في الخارج الدكتور حافظ الكرمي، ونستضيف كذلك عضو المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ صالح العاروري.

مرحبا بكم ضيفيّ الكريمين العزيزين.. أهلاً بكم.

على كل حال إذاً معنا ضيفين عزيزين.. الأستاذ والدكتور حافظ الكرمي.. يعني لك دور كبير وراء هذا البرنامج مسؤول اللجنة الإعلامية لهيئة علماء فلسطين، أنا كمقدم أيضا أشكرك على الهواء، وعضو المكتب السياسي الأستاذ صالح العاروري.

خلينا نبدأ إذا سمحت لنا مع الأستاذ صالح العاروري، كون الحلقة سياسية وفي الإعداد السياسي، نريد أن نعرّف المشاهدين ما هو الإعداد السياسي المطلوب لأمة التحرير؟

الأستاذ صالح العاروري : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله , يعني حين أتحدث عن أمة تحرير، نقصد تحرير بيت المقدس وفلسطين، لأنها البقعة الآن الأعز على المسلمين جميعا، التي تقع تحت الاحتلال المباشر والتهديد المباشر بتغيير طبيعتها كلياً، لكن يعني قبل أن نتكلم عن المعطيات السياسية المطلوبة من أجل  إعداد أمة التحرير، يجب أن نلاحظ وأعتقد أنه واضح لدى الجميع أنه لا تضيع فلسطين تاريخياً إلا حين تكون الأمة في حالة ضياع، ولا تعود فلسطين الى أحضان هذه الأمة إلا حين تستعيد هذه الأمة أيضا هويتها وجوهر وجودها.

المقدم : جميل.

الأستاذ صالح العاروري: ولذلك فنتكلم.. الأمة تحرر نفسها فتتحرر فلسطين، ولذلك الإعداد السياسي لتحرير الأمة أولا، ثم تكون أمة التحرير جاهزة من أجل تحرير فلسطين.

الحين نتكلم معاً المطلوب لتحرير الأمة، الأمة كلها لأنه حقيقة إذا نظرت إلى خارطة العالم جميعه فستجد أنه نحن نوجد في المكان الأدنى في العالم من حيث قدرة الأمة على التعبير عن ذاتها والسير في رسالاتها وتطلعاتها وأبنائها لديهم القدرة أن يبذلوا طاقاتهم في الأهداف التي يؤمنون بها.

في كل عالم الآن تحكم الشعوب نفسها وتعبر عن نفسها عن طريق الأنظمة التي تختارها سواءً السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

كل الأمم تسير نحو أهداف واضحة ومحددة وتتطور باتجاهها وتخطو خطوات جدية، وأمتنا لا تزال تعيش في حالة قاسية جدا وصعبة، هناك نقاط إضاءة في هذه الأمة لكن أيضاً..

المقدم مقاطعا: طيب طرحت أستاذ صالح معوقات وتحديات، ورجّعتنا إلى طبيعة الأمة يعني وهذا يقودنا إلى سؤال عن هذا الموضوع مع الدكتور حافظ، في فصل في مقدمة ابن خلدون بعنوان “أن العرب لا يحصل لهم الملك” وشرح ابن خلدون عن هذا الكلام قال “إلا بصبغة دينية أو ولاية دينية وهم أصعب الأمم انقياداً” وذكر أربع أسباب منها الأنفة وبعد الهمة، المنافسة، فالرياسة أيضاً والغلظة.

يعني كل الشعوب بدأت بكسب قوتها ربما بالزراعة أو الصيد إلا العربي بقطع الطريق ربما، على كلٍ..

الدكتور حافظ الكرمي: قطع الطريق أو بالصيد.

المقدم : لاحقا يعني في بعض الأماكن، وعقَدَ فصلاً عن ربط هذا الإعمار والعرب، أنه أبعد الأمم أيضاً إعداداً عن الأمم الأخرى في سياسة المُلك.

الآن من الناحية الشرعية وأنت دكتور في الشريعة، ما هي النصوص الشرعية التي توجب على أمتنا تسريع وتشريع الإعداد بأنواعه؟

الدكتور حافظ الكرمي: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إذا راجعنا أولاً النصوص الشرعية بالإضافة إلى الواقع الذي عاشه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبل ذلك طبعاً الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته، نجد أن هذا كان واضحاً وضوحاً تاماً في النصوص الشرعية، نحن جميعاً نعلم ونقرأ الآية قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل) القوة.. ماهي القوة هنا ما هو تعريف القوة؟ تعريف العلماء لهذه القوة..

الرسول صلى الله عليه وسلم عرّف هذه القوة، وقال في أحد الأحاديث الصحيحة ألا أن القوة الرمي، كانت القوة الرّمي في المعارك التي تكون وجهاً لوجه بين جيشين، فهناك سهام وهناك سيوف وهناك رماح وما إلى ذلك، أعتقد أن المعارك الحديثة وخاصة أننا في معركة تحرير فلسطين نحن نحتاج إلى قوة في كل المجالات،  ومن ذلك المجال السياسي أن تكون الأمة قوية في هذا المجال، وهذه القوة لها أدوات ولها أسباب في كيفية أن تصبح الأمة قوية من الناحية السياسية، هناك نصوص أخرى أن المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وكالمؤمن القوي في كل مجالات القوة، وكذلك الآية الكريمة التي ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة)، فنحن إذا أردنا الخروج، إذا أردنا القوة، هذه القوة جزء منها هو الإعداد القوي للأمة بنشر الوعي السياسي فيها، بإعدادها سياسيا لتكون بالفعل أمة قادرة على أن تدرك أولاً، وتحدد من هو خصمها الرئيسي لأن هذه مشكلة حقيقية، من هو عدوها، من هو صديقها، هذه قضية في القوة، قضية أنه وحدة هذه الأمة فيها قوة، وهو هدف استراتيجي لهذه الأمة، هناك الحقيقة معايير كثيرة  لهذه القوة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم.

المقدم : إذا هناك طائفة ليست فقط “وأعدوا لهم ما استطعتم”، هناك طائفة بالأحاديث والآيات هذا في النص في هذا الواقع.

 أستاذ صالح العاروري، أنت أوصلتنا إلى نقطة وقاطعناك.. الأسباب والمسوّغات التي تدعونا إلى ضرورة تسريع وتشريع هذا الإعداد السياسي ضمن رؤية الإسلام نفسه.

الأستاذ صالح العاروري: نعم القاعدة الشرعية ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إذا كان هناك هدف هو ليس من كماليات الحياة، هو من ضروراتها ومن حتميّاتها  يجب أن تصل إليها، فإن الأسباب التي توصلك إليها تصبح من الحتميّات والضرورات والواجبات، الأمة بهذا الحال محظور أن تستمر بالواقع التي هي موجودة فيه.

المقدم : من الذي حظر عليها؟

الأستاذ صالح العاروري: محظور شرعاً ومحظور وطنياً ومحظور كمصلحة مجتمعية، هذه الأمة لا يجوز أن تظل في قاع الأمم من حيث الثقافة والاقتصاد والاجتماع والحريات، وتأثيرهم في الحياة، لا يجوز أن تبقى هذه الأمة في القاع، هذه الأمة رائدة، هذه الأمة عاشت فترات طويلة تقود الحضارة الإنسانية، يعني مركز الإشعاع الحضاري في الكرة الأرضية كان يتمركز في العالم الإسلامي، يتنقل من عاصمة إلى أخرى، لكن كان مستقر في العالم الإسلامي، لا يجوز أن تقبل هذه الأمة أن تعيش في الظلام الآن، ولذلك..

المقدم  مقاطعا: يوجد احتمال أن نبقى هكذا في قاع الأمم؟

الأستاذ صالح العاروري: طبعاً لا، هذا ليس قدر هذه الأمة، الخاتمة التي اختارها الله لتكون حاملة للرسالة.

المقدم : يعني بشّرونا قليلاً، الواحد محبَط صراحة..

الأستاذ صالح العاروري: نعم، أنا أقول لك أن قدر هذه الأمة أن تنهض وتقود، وليس أن تكتفي بأن تعيش.

المقدم : تقود..

الأستاذ صالح العاروري: يجب أن تقود، ونقصد بالقيادة ليس القوة العسكرية فقط، لكن المركز الإشعاعي الحضاري للإنسانية يخلّصها من إشكالات مزمنة موجودة الآن، حتى في المراكز الحضارية الإنسانية، تعاني منها معاناة شديدة، الآن المطلوب كإعداد سياسي، إذاً الواجب توعية الناس سياسياً من أجل الخروج من هذه الحالة، لأنه يجب أن نخرج من هذه الحالة وإلا فإن أوضاعنا تزداد سوءاً وهذا الواقع ،أن الأوضاع تزداد سوءاً إذا لم نأخذ بالتقدم نحو الأمام، الآن الخطوات المطلوبة سياسياً من أجل الخروج من هذه الحالة أولاً الوعي، يجب أن يعرف الناس المشكلة التي يعيشون فيها.

المقدم : هذه النقطة لها محور كامل معنا، خلينا بس نسأل الدكتور حافظ وهو عضو اللجنة الإعلامية لهيئة علماء فلسطين في الخارج ودكتور في الشريعة، نور الدين الزنكي أستاذه لصلاح الدين كان يقدم العلماء على الأمراء، الآن العلماء في المجال السياسي غير مقبولين في واقعنا الذي نعيشه في الظروف السياسية الحالية، بعض الناس بالعامية بيحكيلك يعني (الشيوخ إيش دخلهم بالسياسة) نحن نسأل هل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كانوا يتدخلون بالسياسة؟ هل يمكن تجزئة الإسلام أساساً؛ إسلام سياسي وغير سياسي؛

الدكتور حافظ الكرمي: أولاً الذي يقول بهذا القول.. قضية الدين والسياسة وما دخل الدين في السياسة، هذا لا يفقه لا في الدين ولا في السياسة، لأنه إذا رجعنا إلى كتاب الله عز وجل إلى القرآن الكريم نجد أن نصف القرآن هو قصص وكثير من هذه القصص يتحدث عن السياسة.

المقدم  مقاطعاً: بعض العلماء قال الثلاث أخماس أغلبه قصص.

الدكتور حافظ الكرمي: على كل حال لن نختلف في هذا الأمر ولكن نتحدث عن قصص تتحدث عن السياسة، تتحدث عن فرعون، عن علاقة فرعون بالشعب، عن استخف قومه فأطاعوه، عن شعب كان يقاوم ظالم في نمرود وغير النمرود، كيف كان يستذل قومه، كيف ثار عليه بني إسرائيل، كيف خرج موسى في وجهه، إلى غير ذلك من الأمور، وقصة النمرود وقصص كثيرة جداً، ثم إذا جئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم كان نبياً مرسلاً وكان قائداً سياسياً وكان حاكماً مدنياً وكان سياسياً بارعاً وكان قائداً سياسياً بارعاً وكان غير ذلك، نحن هنا التخصص ليس فيه مشكلة أن يكون الواحد متخصص في الأسس الشرعية، واحد متخصص في السياسة ليس هناك مشكلة ،لكن مشكلتنا التي حصلت مؤخراً أن بعض العلمانيين أو ما يسمون نفسهم بالليبراليين جاؤوا بمصطلحات غريبة عن ديننا وعن ثقافتنا وعن حضارتنا وجاؤوا بها من الغرب، التي فصلت ما بين الكنيسة ومآبين السياسة، لأن الكنيسة أصلاً كانت تضغط على أعصاب المجتمعات الغربية بطريقة غير إنسانية وغير حضارية، ففصلوا الكنيسة وعزلوها فترة من الزمن، لتصبح بعيدة عن الحياة وتصبح بعيدة عن السياسة، لكننا في الإسلام، الإسلام عندنا يشمل كل شيء، يشمل السياسة يشمل الاقتصاد، الله عز وجل خلق هذا الإنسان ليعبده ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، ومن هذه العبادة هي قيادة هذه الأمة، وسياسة هذه الأمة، كما عُرف العلماء العرب بقيادة هذه الأمة وسياستها لتكون واعية وقادرة على أن تكون رائدة في هذه الأمم وأن تعبد الله حق عبادته.

المقدم : يعني ببساطة وأنا أفكر في هذا الموضوع يعني مثلاً عمر الخطاب رئيس دولة وصحابي، شيخ يعني برأيهم، بالأخير مين الذي طوّر الدولة، وهارون الرشيد وسيدنا سليمان حتى، من الذي يسوس الدولة، يعني في عنا مشكلة دائماً في المصطلحات، نجلس مع بعض الأكاديميين والبرلمانيين وإلى آخره وضيوف الحلقات، وبعضهم ينتقد مصطلح الإسلام السياسي والحركات السياسية أو الحركات الإسلامية، كلمة الحركات الإسلامية كلمة إسلام سياسي إلى آخره، أريد أن أسمع من الضيفين الكريمين رأيهم في هذا التوضيح.

الأستاذ صالح العاروري: هذا المصطلح الإسلامي السياسي حديث طبعاً، وممكن يعني أنا بوجهة نظري.. الموافقة عليه مؤقتاً في هذا الوقت، للتمييز بين السياسيين الذين يتخذون الإسلام مرجعياً لهم وإطار محدد لرُؤاهم، وبين السياسيين الهلاميين الذين يعومون عندنا، السياسيين البعيدين عن الإسلام مع الأسف.. هلاميين، لأنهم الذين دعوا لفصل الإسلام عن السياسة في بلادنا، هم فقط أرادوا أن يبعدوا الإسلام عن الحياة، لكنهم لم يتبنّوا لهم إطاراً فكرياً و رؤية توجههم في عملهم السياسي، في الغرب مثلا الرؤية السياسية هي محددة بأطر، و تقف على قواد ورؤى تمثل خلاصة ونتاج الاجتهاد الغربي الإنساني لرؤية إدارة العمل السياسي في تلك المجتمعات، نحن لا يأخذون لا بالرؤية الغربية السياسية ولا بالرؤية الإسلامية السياسية، إنما هي اتّباع أهواء، يعني نجد مثلا الآن في العصر الحديث وفي هذه الأيام، أُناس يدعون لتبني تجارب سياسية إنسانية متطورة بعيداً عن الإسلام على اعتبار أن الاسلام يعيد الناس إلى الماضي، نجدهم ينقلبون على كل التجارب الإنسانية، ويمارسون فقط رغبات جامحة في داخل نفوسهم، وأهواء تؤدي إلى كوارث غير موجودة في الزمن السحيق الجاهلي في أوروبا ولا في الزمن المستنير الإسلامي، ففي الإسلام السياسي نحن نقبل كقاعدة، أنا أرى أنه  كقاعدة تميز السياسيين الذين يتخذون من الإسلام أرضية ينطلقون منها، وإطار فكري ورؤيا يتحركون من خلالها ومشروع مُبلور ومحدد ومعروف كل مكوناته.

المقدم : طيب والحركات الإسلامية هل هو اسم توافق عليه أيضاً؟

الأستاذ صالح العاروري: نعم أيضاً، لأنه يجب أن تميز الآن من يتبنى الإسلام كرؤيا شمولية لصياغة المجتمع في كل جوانبه، وبين من يرى الإسلام هو فقط جانب عبادي في داخل المساجد، وبين من يرى الإسلام إرث ثقيل على عاتقه، أنا سمعت أحد المفكرين قبل أيام المشهورين، والذين يسمون أنفسهم علمانيين، يقول أنا مسلم فقط لأن أحد أجدادي لا أعرف من هو، ولا في أي زمن اعتنق الإسلام لأسباب لا أعرفها.

المقدم : يا سلام!

الأستاذ صالح العاروري: طيب يعني كيف تميز بين هذا المسلم الذي يدير حراك سياسي، وبين إسلامي يفقه دينه، وبين من يعرف كيف يمكن لهذا الدين أن يقود الحياة في الزمن المعاصر الحديث، ويسهم إسهام حقيقي في تطور الإنسانية في كل الجوانب.

المقدم : طيب دكتور حافظ.. يعني هناك أيضاً أحزاب إسلامية وحركات.. عفواً دينية، وحركات دينية موجودة حتى عند الكيان الصهيوني وفي أميركا، وأنت حتى تعيش في الغرب أيضاً هناك في أوروبا نفس الشي.

الدكتور حافظ الكرمي: نعم هذا صحيح.. يعني هو أولاً قضية الحركة الإسلامية كما تفضل الأستاذ صالح، وذكر أنه التي يميزها الحركة، الله سبحانه وتعالى وصف أهل الكهف وقال عنهم (قاموا فقالوا)، قاموا يعني هم عملوا حركة مش قالوا وهم جالسين، عملوا حركة، الحركة الإسلامية، لما نقول الحركة الاسلامية هي قامت وتحركت من أجل الإسلام، لأن الإسلام لا يقوم به القاعدون، ولا حتى فقط الذي يصلي والذي يصوم، ولأن هذه عبادة فردية.. الإسلام..

المقدم  مقاطعاً: يعني كلمة حركة، حركة إسلامية.. كلمة حركة لها دلالة..

الدكتور حافظ الكرمي: نعم لها دلالة.. هو أنه قام وتحرك في هذا الشأن، في هذا الفكر، عمل من أجل هذا الأمر، الآن حتى في الغرب الذي أخذوا بعض هؤلاء الناس الذين يعيبون على الحركات الإسلامية وعلى ما يسمى بالإسلام السياسي، حتى في الغرب الآن هناك الكثير من الأحزاب ووصلت بعضها للحكم، وخير دليل على ذلك ميركل في ألمانيا.. هي التي تمثل حزب ديني مسيحي.. يأخذ من المسيحية فكره ويأخذ كثير من أفكاره السياسية، إذا رأيت إلى أمريكا، إلى دور السياسة في أمريكا في الدين، لها دور كبير جداً، نحن نتحدث عن عالم كله يميل الآن بشكل، سواء كان من المسلمين أو غير المسلمين، يميل إلى التدين أو إلى الرجوع إلى الدين وأخذ من الدين الأفكار والسياسات والرؤى من أجل السير فيها إلى الواقع، فليست أمتنا ليست فريدة بين الأمم مع أنها تملك الدين، خاتم الدين الشامل، الدين الذي يعطي تصورات لكل شيء، عن الكون والحياة ومسيرة البشرية.

المقدم : طيب يعني نحن نريد أن نتناقش في موضوع آخر.. يعني نسمع وجهتَي نظر، ربما تكون رأياً أو وجهة نظر واحدة لا أدري، في موضوع أن البعض يطالب الآن بعد التجارب القاسية التي تلقّاها   الإسلاميون في مسرح السياسة، أن نترك الدعاة لوحدهم ولا يتصدّرون المشهد السياسي، ونترك منهم سياسيين، نشوف المسوغات لذلك، وهل توافقان على ذلك.. لكن بعد فاصل، مشاهدينا فاصل انتظرونا بعده.

المقدم عمر الجيوسي: أهلاً بكم من جديد مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة ضيفينا الدكتور حافظ الكرمي والأستاذ صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحركة حماس، كنا سألنا قبل الفاصل ضيفيّ الكريمين عن موضوع بعض الناس يقول: لماذا يعمل الدعاة بالسياسة؟ هل توافقان على أن السياسي يمكن أن يكون داعية؟ والداعية لا يمكن أن يكون سياسياً؟ من واقع التجارب التي نعيشها الآن، لأن السياسة بدها واحد يدخل بالمحاكم الدولية يعني شوي حِرِك، لا يلتزم كثيراً بالنصوص أو يفهمها بطريقة السياسة الشرعية، لا أدري كيف أعبر عنها، لكن ما رأيكم؟

الأستاذ صالح العاروري: لاشك أن المجتمعات الحديثة تتجه في كل شيء بما فيها العلوم التطبيقية إلى الاختصاص، والاختصاص أثبت أنه أكثر قدرة و كفاءة في تأدية الهدف المطلوب منهم، يعني حتى لما نقول أنه دارس شريعة الآن هناك مئة اختصاص، ولذلك حتى في الإسلام أيضاً، الاختصاص شيء مطلوب، ولذلك ما أن تطور الوضع الإسلامي حتى برز هناك دعاة، يعني عمر رضي الله عنه لما كان يرسل للعراق يبعث والي، وبعث ابن مسعود مثلا أستاذاً ومدرساً، فكان يبعث من يثقف الناس في دينهم ويبعث والي، لكن استكمل أيضاً في موضوع الاختصاص ثم تطور الأمر، وأصبح هناك محدّثون مثلاً اختصاصهم في الحديث أكثر منه في الفقه، أصبح هناك فقهاء اختصاصهم في الفقه أكثر منه في الأحاديث مع أنهم محدّثون، يعني هو عالم حديث لكن أولا هو فقيه، ولذلك الناس صارت في الفقه وراء علماء محددين صارت في الحديث وراء علماء محددين مع إلمام الجميع بكل شيء، كان الخلفاء سياسيون لكن هم  أيضاً كانوا علماء، يعني هناك شخصيات تجمع، يعني جامع الإمام الغزالي كان يجمع علوم مختلفة وكان أستاذ فيها جميعاً، إنما هذا لا ينفي أن الاختصاص هو الأساس، الاختصاص هو الأساس، نعم هناك دعاة مبدعون في دعوة الناس، والتأثير فيهم في تزكية الأنفس في تقريب الناس من الدين، من السلوك الإسلامي الحميد، من تطوير القيم المجتمعية المرتكزة على مبادئ الإسلام والتي تخدم المجتمع الإنساني ككل، هؤلاء يعني مبدعون في هذا، مختصون في هذا، وهم أقل اهتماماً بالجانب السياسي، الآن ليس محظور عليهم التكّلم في السياسة كونهم أبناء هذا المجتمع المسلم، كل مواطن لديه الحق في التكلم عن السياسة.

المقدّم : التكلم بالسياسة حق للجميع، أنا أقصد أن يكون يمثل الدولة أو رئيس دولة أو كذا، حضرتك مثلاً أستاذ شريعة وتخصصك في الشريعة، وفي نفس الوقت أنت عضو مكتب سياسي لحركة مجاهدة، بالتالي يعني لا أدري أن بعض الناس يقترح.. يا أخي مش الخطبة والمعلومة الشرعية هي التي تجعل الناس تحبّه ويتصدّر، المفروض عمله في حقل السياسة من إبداعاته، هناك نماذج في تاريخنا وفي تركيا وفي بعض الدول الاسلامية أيضاً نجحت في ذلك. 

الأستاذ صالح العاروري: اُكمل الفكرة فقط.. المشكلة أين تحصل؟ إذا كان أخ نتيجة أنه داعية ناجح ومختص جداً في مسائل مثلاً تزكية والترقيق والسلوك المجتمعي، ويلتف من حوله الناس ويجتمعون من حوله، هذا الأساس، ثم يريد أن يتحول إلى سياسي بين عشية وضحاها يقود الجماهير التي التفت حوله كداعية في العمل السياسي، أنا أقول لك هنا مشكلة، العمل السياسي يجب أن يكون هناك من أتعب نفسه، وأصبح مؤهلاً ليخوض هذا العمل  السياسي، وإلا تصبح أيضاً هناك مشكلة، في العمل السياسي  قد يكون هناك زعيم سياسي أيضاً يستطيع  أن يجمع الناس من حوله، أيضا في القضايا الوطنية، في قضايا العدالة الاجتماعية، ثم فجأة يريد أن يصبح فقيهاً منظّراً أيضاً، هنا تحصل مشكلة في المجتمع الإسلامي، هناك آلية، هناك طريقة، يعني تحظر الشريعة في العمالة السياسية والإداريين والاقتصاديين وكل الاختصاصات، تحظر بقوة أيضاً أن يكون العلماء آخذين اعتبار فهم عميق وحقيقي لتطورات الحياة، فيكون هناك تمازج بين الإسلام و الفقه الصادق منه، وبين تطورات الحياة في كل المجالات من بينها السياسة، خلاصة الأمر أنا أقول أنه على المسلمين أن يعملوا في السياسة لكن الاختصاص هو الأساس لقيادة هذه المجالات، الذي يختص في قيادة العمل الدعوي لا ينقلب بين عشية وضحاها قائداً  للعمل السياسي وإلا في أمثلة.

المقدم : طيب أنا طرحت نفس السؤال في المحافل الدولية، والذين يعملون في السياسة كان لهم مواصفات تميل إلى المكر والدهاء وما وراء النص وما إلى آخره، ما رأيك؟

الدكتور حافظ الكرمي: هذا صحيح، يعني حتى إذا نظرت إلى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في إعداد الكوادر، إذا جاز التسمية، وإعداد الصحابة، نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يركز على التخصص، أنت فلان للقضاء، وأنت فلان للسياسة، ومئة بالمئة نحن لا يمكن أن نقارن ما بين أبي ذر رضي الله تعالى ذلك الداعية الزاهد وما بين عمرو بن العاص، وما بين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، معاوية كان سياسياً بارعاً وكذلك عمرو بن العاص كان سياسياً بارعاً، وأما أبو ذر الغفاري فكان أصدق لهجةً، وكان لا  تظلّه الصحراء، كان رجلاً أصدق لهجةً من أبي ذر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، التخصص مطلوب، لكن هنا أريد أن أحل مسألة ما، أن موضوع السياسة هذا  لا يقتصر على تخصص واحد مختص سياسة، الواحد ذهب درس علوم سياسية صار سياسي، لأن كثير من الناس الذين في علم السياسة ليسو متخصصين في السياسة، وإنما هي تجارب وكاريزما وإلى آخره، أنا الذي أريد أن أقوله أن الداعية قد لا يستطيع أن يكون سياسياً بحكم أنه غير متخصص أو غير مطلع ..أو، إلا ضرورة الحد الأدنى من الأمور، لكن على كل سياسي مسلم أن يكون داعية، الدعوة ليس المقصود بها أنه هو يُحضر نصوص شرعية ويعمل حلقات درس سياسي، ليس هذا المطلوب من الدعوة بمفهومها العام، مفهوم الدعوة العام السياسي عندما يتحرك، السياسي عندما يتكلم، السياسي عندما يتخذ موقف، يعني مثلاً أريد أن أمثّل مثالاً، عندما يذهب رئيس دولة إسلامية، وكان في ذلك الوقت رئيس وزراء تركيا أر دوغان إلى فرنسا، فرنسا فيها البروتوكول أن تقدّم الخمر في الاستقبال، فهو يرفض أن يكون هناك أي نوع من أنواع الخمر في حفل الاستقبال، وأن تحدث هناك أزمة دبلوماسية، هذا موقفه موقف دعوة في النهاية، أنه أنا مسلم لا أشرب الخمر، ولا أستطيع، وبالتالي كل الناس ينظرون إلى هذا الرجل.. هذا موقف دعوي قوي جداً من رجل سياسي، وفي هذا أمثلة كثيرة جداً، أنا أريد من السياسي المسلم أنو هو في مواقفه السياسية، في خطاباته السياسية، فيما يقوم به من أعمال في السياسية، كلها لديها أعمال من منطلق آخر بالإضافة إلى منطلق السياسة وهو كيف يكون داعية وقدوة للناس في هذ الأمر.

المقدم : أنا لغاية الآن سأعتبر نفسي مُشاهد، سمعت جيداً منكما ضيفيّ الكريمين، لكن للآن الواقع يقول غير الذي تفضلتم به بالنص والمفروض والواجب وإلى آخره.. لأن الواقع أنّ الذين وصلوا لسدة الحكم والسياسة في الوطن العربي، خلينا نحكي في الخمس عشرة سنة الأخيرة، هم في الأخير إما خطيب مسجد وإما داعية واعد مؤثر الناس يلتف الناس من حوله كما ذكر الأستاذ صالح العاروري، ما هي الكلمة التي تقولها كونك جرّبت ما هي الآليات التي يُقاس عليها أنه هذا الشيخ بين قوسين أو هذا المتدين أو الملتزم دينياً يكون في التخصص كما ذكرت.. يصلح في التخصص الفلان السياسي، هل هناك آليات أو لك دعوة معينة لمن يريدون أن يوزعوا هذه المؤامرة؟ أنا حاسس بمشكلة حقيقية في كل الدول العربية.

الأستاذ صالح العاروري: أنا مش متفق أن كل من وصل إلى الحكم من إسلاميين هم كانوا عبارة

المقدم : أنا قلت كل؟ أقصد معظم..

الأستاذ صالح العاروري :يعني أيضاً لست متفق مع “معظم”، لأن تجارب الإسلاميين في مناطق قياداتهم التي يقدمونها للمجتمع، هي قيادات مسيسة وقيادات ناضجة، والحقيقة إذا قورنت بالقيادات التي تحكم فعلياً في الوطن العربي لا تستطيع أن تقارن، ما بصير تتقارن بحقيقة، هم ناس مؤهلين يعني ويفهمون المجتمع وجاؤوا من صفوف المجتمع وهذا مهم جداً، والدول الديموقراطية الحديثة قياداتها العليا تمر بالتسلسل، هذا الاجتماعي كله، أوباما يقول أني نمت أول ليلة لي في مدينة نيويورك على كرتونة في الشارع لأنه سُرقت مني ملابسي، فيعني يعرفون الواقع، الإسلاميين يمرون بهذا الواقع كله، ويحتكون بهذه الطبقات كونهم جزء منها، وقياداتهم يعني هي بالمستوى الذي يستطيع أن يكون المجتمعات، لكن هناك أسباب أخرى لإفشالهم وحرمانهم، إنما إذا أردت أن تقول، الشق الثاني من السؤال، أنه ما هو المطلوب لتكون القيادات السياسية التي يقدمها الإسلاميين لقيادة المجتمع قادرة على أن تنهض بهذه المهمة؟ نعم هذا السؤال ضخم جداً، في جانب منه ذاتي يتعلق بالشخص ويتعلق بالحركة، والمجتمع وجانب بالقوة الأخرى التي تريد أن تفشلك وتزيحك، القوة الأخرى هذا موضوع ثاني، لكن الجانب الذاتي أنا أقول يعني لنفسي ولإخواني الذين يتصدرون لقيادة العمل العام في كل اختصاصاته، في كل الاختصاصات، العمل العام وقيادة المجتمع، هذه هي قيادة المجتمع، المطلوب أن تكون على قدر هذا الموقع الذي تتقدم له بأن تُتعب نفسك وتجهد نفسك في إعداد ذاتك لهذا الموقع قبل أن تصل إليه، يعني استيعاب التجارب العالمية الإنسانية كلها، استيعاب التاريخ بتجارب القيادات التي صنعت فيه وأحدثت فيه تغييراً، استيعاب الواقع الذي نعيشه يعني أن يكون هناك فقه في الواقع، استيعاب المعوقات الموجودة في المجتمع، استيعاب وسائل النجاح التي يمكن أن تتخذها من أجل أن تستطيع.. يعني بدك تستوعب التجربة الحاضرة والماضية وأن يكون لك رؤية واضحة محددة للمستقبل، ولديك قدرة على فهم المراحل التي يجب أن تقطعها، يعني موضوع استحضار أسباب كثيرة من أجل النجاح، لكن رقم واحد أن يكون هو نفسه مُهيّئأ.. تعلّموا.. تفقهوا قبل أن تسودوا، هذا قاعدة، يعني قبل ما أنت توصل الموقف تكون مهيَّأ له.

المقدم : جميل.. يعني دكتور حافظ، الأستاذ صالح ذكر لنا نقطة مهمة، يعني السياسي لازم يمر في واقع ويعيش تفاصيل الحياة، ليس شرط أن ينام على كرتونة طبعاً في الشارع كل سياسي، لكن هذا شيء مؤشر حقيقي، الآن بدي أسأل عن نقطة مهمة جداً أعتبرها في هذه الحلقة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عشر سنوات وهو يؤسس الدولة الراشدة، وقبلها ثلاث عشر سنة وهو يؤسس الفرد الراشد، ضمن الضربات التي تلقتها الحركات الإسلامية في تجارب الحكم الحالية في السنوات الثلاثة الأخيرة أو السبعة الأخيرة إلى آخره هل الأفضل أن نبقى كما ينادي البعض حتى الإسلاميين أن نبقى في مرحلة الإصلاح وبناء الأمة؟ ولا نذهب إلى الحقل السياسي الملغوم؟

الدكتور حافظ الكرمي :أولاً يعني هذا الذي ينادي بذلك، هو يطالبنا بأن تبقى السياسة و السياسيين وإدارة الدولة وإدارة المجتمع كلها بيد أُناس غير مؤتمنين على الأمة، أنا لا أقول أن كل من هو غير سياسي غير إسلامي غير مؤتمن على الأمة، أنا أقول أنه الذي لا يتخذ الإسلام دين الأمة وثقافة الأمة ويتخذ منها منهجاً.. أنا أعتقد أنه يتخذ منهج آخر.. في هذا الإطار لا ينفصل العمل الاجتماعي والعمل في مؤسسات المجتمع المدني وما إلى ذلك، الذي تُحسنه و تتقنه قيادات وكوادر الحركات الإسلامية والإسلاميين، وبين أنه أنت تنطلق تهيّء نفسك وتعدّ رجال سياسيين وإداريين وقياديين من أجل أن يستلموا المراكز القيادية في المجتمع، كيف تبني وغيرك يهدم؟ فكيف إذا كان الهادم هو الذي يستلم قيادة المجتمع؟ والذي يؤثر في المجتمع؟ سواء كان في الإعلام أو في الدولة أو في المجتمع وما إلى ذلك.

 نعم يجب أن تصل إليه وأن تكون مؤهلاً، نعم يجب أن تكون مدرباً لأفرادك حتى تصل إلى القيادة، لكن في كل الأحوال ينبغي أن يكون الإسلاميون موجودون في كل مكان وعلى الأخص قيادة المجتمع وإدارته.

المقدم : تمام يعني لو أتينا لنقطة بدأت فيها الحلقة أستاذ صالح العاروري، أن الأمة لازم يكون لها هدف، والقرآن الكريم هدّف وجود الأمة وقال (الذين إن مكنّاهم في الأرض)، ما بين الابتلاء والتمكين عاش صلاح الدين ونور الدين في فترة قصيرة جداً، ربما 12 سنة، انقلب الوضع بالكامل، واستطاعوا تحرير القدس، يعني لا بد من وضع هدف سياسي لجيل يريد التحرير، نحن نتكلم في تخصصك الآن في السياسة، هل ممكن أن نسعى إلى القدس بأدلة شرعية فقط؟ بدون ما نوضح هذه الأدلة، هدفنا السياسي وما هو هدفنا الذي مشى عليه المسلمون في محاولاتهم لتحرير وفتح فلسطين والقدس؟ الحروب الصليبية أيضا ً كان لها هدف اجتمعوا عليه والصهاينة كذلك.

الأستاذ صالح العاروري: نعم، هو ملخص في كلمة واحدة، “وحدة الأمة” وربنا قال (وإن أمّتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)، ورب العالمين.. يعني مفهوم عند العلماء المقصود بالعبادة ليس فقط الشعائر، إنما كل الحياة تنسجم في منظومة واحدة أرادها الله سبحانه وتعالى.. هذه العبادة، وربنا ربطها بالوحدة، يعني إذا كانت هذه أمة واحدة فهي تستطيع أن تؤدي العبادة، بالمعنى الواسع للعبادة تحرير فلسطين عبادة الوقت، عبادة الوقت الآن الواجب في هذا الوقت تحرير فلسطين، هذا لا يلغي العبادات الأخرى، لكن يجعل تحرير فلسطين والقدس هي أولوية أولى لأن من دونها العبادات الأخرى معطلة، الأمة غير قادرة على أن تتحد، على أن تطبق الشريعة، على أن تنهض، على أن تحقق نمو اقتصادي، يوجد كيان في قلب هذه الأمة يرى أنه من أجل أن يظل موجودا ًيجب أن تظل هذه الأمة متخلفة مقسمة مفتتة متناحرة، يعني المسألة لعبة صفرية، يقول لك أنا أو أنت، وهذا التعبير لم نقوله نحن، يعني شارون هذا الذي مات قبل أيام، قال في الكنيسة مرةً أن المصالح الاستراتيجية والحيوية لدولة إسرائيل تمتد من إندونيسيا إلى المغرب، يعني عمل إسلامي، يعني من أجل أن يعيش نحن ثلاث أو أربع ملايين يهودي منعّمين ومبسوطين، يجب أن تعاني هذه الأمة أبداً، صارت لعبة صفرية، فالعبادة بتحرير هذه الأرض وهذه المقدسات، من أجل أن تستطيع هذه الأمة أن تعيش وأن تؤدي رسالتها، رب العالمين اختصر في كلمة واحدة “أمة واحدة” والمقصود بأمّة واحدة ليس الوحدة الجغرافية فقط بل الرؤية، الهدف، الرسالة، المنطلقات الفكرية في المجتمعات الحديثة، المجتمعات الحديثة بمقدار ما يكون هناك قاعدة مشتركة أوسع وأعمق لغالبية المجتمع، هذا المجتمع ينهض ويتقدم، بمقدار ما تضيق قاعدة المشترك في الفكر والرؤى والاجتماع وكل شيء حتى اللغة والعرق بمقدار ما يتفتت هذا المجتمع ويتخلف، وإذا بتعطيني فرصة يعني بس بين قوسين توضيح، في أمريكا مثلا رؤية المجتمع للاقتصاد..

المقدم : نحن الصراحة عن هذه النقطة.. أريد أن أعطيك الفرصة نفسها، ولكن نريد أن نستفيد منك الآن كسياسي بالدرجة الأولى لأنه عندنا الدكتور حافظ يمثل الجانب الشرعي، الآن نريد منك أن نسقط على الواقع قدر ما نستطيع نقترب من الواقع الفلسطيني والأردني.

الأستاذ صالح العاروري: أنا بتكلم في السياسة، أنه في المجتمعات الحديثة نهضت الأمة من كل جوانبها، والذي يقودها العمل السياسي تقوم على قصد الوحدة، أعني المشترك الأوسع والأعمق داخل الأمة، تيار المركز الذي يسمّونه، أنا أقول أمريكا لماذا؟ أوسع تيار مركزي موجود بالعالم، في المجتمع الامريكي يتفقوا على الرؤى الاقتصادية ويختلفوا على بعض السياسات، ويتداول السلطة منذ سنين طويلة حزبين، والحزبين يشتركوا  في تسعين بالمئة من الرؤية، في استقرار مجتمعي، في أمة واحدة في الرؤية، في الأرضية التي ينطلقون منها، ولذلك انطلقت، انطلقت صاروخ تجاوزت كل الأمم، في دول أوروبا التي فيها استقرار حتى في العمل السياسي، في كتلة مركز تمثل الأمة في انطلاق، الدول التي فيها تشرذم..

الآن رب العالمين يطلب منا كأمة إسلامية أن تكون كتلة المركز هي الرؤية المستمدة من القرآن ومن السنة ومن اجتهادات العلماء المسلمين في كل اختصاصاتهم المستندة للشريعة، الآن هذه بتشكل كتلة المركز بتصير جغرافية، وتصير فكرية، وتصير سياسية، وبتصير رؤى اقتصادية، هذا يعطينا فرصة للتحرر فعلاً، ولذلك الخطوة المركزية في الإعداد السياسي المطلوبة لهذه الأمة من أجل أن تحرر -الوحدة- المبنية على رؤى مشتركة.

المقدم : يعني أنا بدي أضرب مثال أنه للدكتور حافظ أيضاً إذا يشاركنا بهذه النقطة بالتحديد، أنه عماد الدين زنكي وهو سياسي بارع وعسكري محنّك، وهو في نفس الوقت مسلم متمكن واعي، كان واعي جداً في ما يدور، اشتغل على المحور الذي تفضّل فيه الأستاذ صالح العاروري، أنه ضرب الصليبيين، استراتيجيته كانت من خلال توحيد الأمة، من خلال أن يشكل جبهة إسلامية، تشكيل جبهة بمعنى الجبين المتقدم يعني للأمة لن يستطيع ضرب الصليبيين، وبالتالي يعني نأتي إلى الجزء العملي من الحلقة، ما هو الإعداد السياسي المطلوب حتى نصل إلى هذا الهدف؟

الدكتور حافظ الكرمي: يعني أولاً نحن إذا جئنا للبداية نعرّف المصطلح السياسي ما هو، ما هو المفهوم السياسي للإعداد؟ نحن نتحدث عن الإعداد السياسي بلغة مبسطة يفهمها المشاهدين، هي كيف تستطيع أنت أن تدرك الواقع بكل معطياته من خلال..

المقدم : إذاً هو إدراك الواقع؟

الدكتور حافظ الكرمي: بكل معطياته.. ثم من خلال تجاربك بالماضي، ثم استشراف المستقبل، هذا هي الثلاث عناصر الرئيسية في إنك تدرك الواقع ومن خلال الاستفادة من خبرات الماضي ثم بناءً على ذلك أنت تستشرف المستقبل، فيصير عندك الرؤيا الذي يتحدث عنها الأستاذ، الرؤيا الواضحة، المسيرة الواضحة للأمة الواحدة، هذا هو كله المطلوب أن نعده، تفضّل الأستاذ صالح في موضوع الأمة الواحدة، هذا هدف استراتيجي للأمة، القضية الثانية عندما أتحدث عن العدو، الآن أريد أن أحدّث الأمة عن طبيعة العدو، هذا العدو.. الله سبحانه وتعالى ونتحدث عن جانب شرعي، ( إن الشيطان لكم عدو) وما وقّف.. قال ( فاتخذوه عدواً )، عندما تختلط المصطلحات والمفاهيم ما بين العدو والصديق، ويصبح العدو صديقا، والصديق عدواً، وتختلط الأمور، يعني مثل ما هو الآن، يوجد كثير مثل بعض الأنظمة الآن تعتبر حركة المقاومة عدوّة، وتعتبر العدو الصهيوني صديقا، سواءً في داخل الساحة الفلسطينية للأسف الشديد أو حتى في الساحة العربية، تحارب المقاومة وتريد أن تقف، والصهاينة قالوا بهذا الأمر، نحن عندما ندرك حالة أن ندرك من هو العدو، والأمة تدرك من هو العدو، وتحدد هذا العدو بدقة كاملة وتوصّفه، أنت صار في عندك رؤية واضحة، إذاً هذا هو جزء من الإعداد، جزء من الإعداد أمة واحدة، أنه موضوع معرفة العدو بشكل، وتحديده بشكل حقيقي، أن تحدد في موضوع فلسطين، هذا بالنسبة للأمة، موضوع فلسطين وتحريرها، هذا هدف استراتيجي ترتقي عليه كل الأمم، فإذا أردنا أن نعد الأمة فيجب أن نعدها لهذا الهدف الاستراتيجي، وأن نجمع كل المكونات الذي تحدث عنه الأستاذ صالح بموضوع الذي يُسموه بالغرب الكتلة الواحدة، لتوحيد الرؤيا، سيبقى على هامش الأمة كما كان في زمن نور الدين وفي زمن صلاح الدين، حاول أن يوحد الأمة بوسائل كثيرة جداً، بقي على هوامش الأمة، بقي هناك فئات ومجموعات وطوائف جانبية لم تؤثر في المسير العام عندما كان موجودا،

عندما تصبح الأمة كتل وشيع وأحزاب لا توجد هذه الكتلة الواحدة، هنا تصبح أنا أعتقد أن هذه هي المشكلة. 

المقدم : يعني ولو في نصف دقيقة بقينا معك، ما هو الذي تحقق من كل ما ذكرت من الإعداد السياسي للحركات الإسلامية والأمة الإسلامية؟

الدكتور حافظ الكرمي: أنا أعتقد أنه موضوع وحدة الأمة أصبح الآن مطلب كل الشعوب، وليس المقصود بوحدة الأمة أن نسير في نظام سياسي واحد في الأمة كما كان في الزمن الماضي، المقصود في وحدة الأمة أن مشاعر الأمة كلها واحدة، ولذلك عندما كان يحدث مثلاً اعتداء على فلسطين مثلاً على غزة كنا نجد الأمة من شمالها إلى شرقها إلى استراليا إلى الغرب إلى الشرق كلها أمة واحدة، مشاعر واحدة، أي أحد، هذا الذي حصل، لم يكن هذا موجود في فترات كان كل أحد مشغول بنفسه، الآن أصبحت الأمة في هم واحد يجمعها.

المقدم  مقاطعاً: مفهوم الأمة بدأ معالمه وإطاره يتكامل؟

الدكتور حافظ الكرمي: الآن الموضع الثاني الموضوع الذي تحدثنا عنه في موضوع الإعداد السياسي والوعد السياسي، أن الأمة بدأت تدرك الآن، دَعْكَ من قصة الإعلام وهذه الخرابيط التي تحدث من مسالمات الصلح مع إسرائيل ومع كذا، لكنّ الأمة في مجموعها تدرك أن هذا عدوّ، وأن هذا محتل، وأن هذا مُغتصِب، صحيح هناك حالة ضعف سياسي وإرادة سياسية ضعيفة جداً من خلال أنظمة فاسدة، أنظمة مستبدة.. هذا نعم، لكن في مجمل الأمّة، الأمة الآن تدرك أن هذا عدوّ، سوف أُمثّل لك في عشر ثواني: أنه في مرة من المرات زعيم العدو “بيريز” راح يزور عمّان راح على سوق السمك، بائع سمك في عمان بعيد عن فلسطين آلاف الكيلومترات، قال له: أنت من أين؟ هذا السؤال لما شافوا مع الحرس ومع كذا، قال له: أنت الماني؟ لا، قال له: انجليزي؟ لا، أمريكي؟ لا، قال له إسرائيلي، قال إذاً اذهب لا أريد أن أبيعك أو أن أتعامل معك، هذا الوعي.. أن بائع السمك الموجود في عمّان هو الذي يدرك أن هذا عدوّ.

المقدم : لا أريد أن نغادر إلى فاصل قبل أن نثبت أننا اتفقنا أن قد لا أكون اتفقت في الجزئية الأخيرة أننا حددنا عدونا، حددنا أمتنا بإطارها بسبب المجازر والمآسي التي أتت علينا بدون الأمم في الفترة الأخيرة، لكن أنه عدونا هو الصهيوني فقط، الآن بدأ بالشهر الأخير كلام آخر نريد أن نستوضحه ضيفيّ الكريمين لكن بعد فاصل آخر، مشاهدينا إذاً انتظرونا بعد فاصل قصير.

من جديد نرحب بكم مشاهدينا على خطى صلاح الدين بصحبة ضيفينا الكريمين الأستاذ صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحركة حماس والدكتور حافظ الكرمي مسؤول اللجنة الإعلامية في هيئة علماء فلسطين في الخارج، كان الدكتور حافظ قبل الفاصل يتكلم عن وحدة الأمة ووحدة الهدف والبوصلة واضحة والقرآن الكريم حدد هذا الوضوح، يعني هل ما زلنا كل الأمة العربية وكل الأمة الإسلامية واضح بالنسبة لها العدو ولا لسا في إشكالية؟

الأستاذ صالح العاروري: ما في إشكاليات عميقة، يعني صحيح في الوعي العام، في اللاوعي للأمة، يعني تستطيع أن تحدد العدو، لكن الإعلام وقيادات سياسية وفكرية تختلف في منطلقاتها وفي توجهاتها وقناعاتها، في لحظات ما تجد أن موقفها مختلف، يعني أنا اقول لك الآن في ظل الصراعات الدائرة في داخل الوطن العربي تحديداً، وهذا حال التغيير الدراماتيكي المحموم، هناك اصطفافات جديدة، وهناك من يكتشف أنه أقرب للعدو منه إلى هذه الأمة بمنطلقاتها التاريخية والفكرية المعهودة.

والعدو يعتبره صديق حميم ويعتبره حليف، ويؤدي لهم خدمات عظيمة، هذا ليس مقصود أنه يثقوا به، لكن هو يخدمهم مرحلياً والواقع يثبت هذا الكلام، الحقيقة الآن في موضوع وحدة الأمة، القيادة السياسية بمقدار ما تكون كفؤة، عندها رؤى واضحة، عندها شورى واسعة، عندها آليات تستند إلى تجارب تاريخية ومعاصرة، بمقدار ما تكون الصعوبات أعلى، وبمقدار ما تستطيع تحقيق وحدة الأمة بشكل أكبر، بمعنى أوسع وأعمق، أكبر مثال على نجاح القيادة السياسية، والتي هي بذاتها قيادة دينية وقيادة فكرية واجتماعية.. الرسول عليه السلام في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لما توفّي، الكل يعرف أنه أسرّ لحذيفة ابن اليمان بأسماء ستة عشر منافقاً، يعني مجتمع إسلامي كامل بقي على الهامش منه ستة عشر شخصاً، القدرة على توحيد مجتمع ضارب الجذور في الخلافات والعصبيات والدماء والجاهلية الممتدة لآلاف السنين، القدرة على توحيد مجتمع فكرياً ودينياً وسلوكياً ورؤى وأهداف وانقياد وراء قيادة واحدة وبنية سياسية معلومة، وأهداف وقتية ومستقبلية مع بقاء هامش من ستة عشر شخص بين آلاف أفراد هذا المجتمع، هذه قدرة معجزة، هذا المثال يفيدنا في أمرين: أولاً الجهد الذي بذله الرسول صلى الله عليه وسلم في توحيد هذه الأمة في كل المجالات يجب أن نسير عليه، ثانياً أن الجهد الإنساني يظل ناقصاً، يعني حتى الرسول عليه السلام ومعه كل الصحابة بقي هناك هامش في المجتمع، ولذلك الاحتجاج بأنه إلى أن يتفق كل المسلمين على رؤية واحدة، إلى أن تتحد كل الحركات الإسلامية، هذا ليس في مكانه، سيظل هناك من يخالف على هامش المجتمع، النجاح أن تجمع غالبية هذه الأمة وكتلتها المركزية على رؤى محددة وواضحة.

المقدم : على نفس النقطة دكتور حافظ، يعني نور الدين الزنكي استطاع أن يحافظ على الهدف والبوصلة واضحة أمامه، كان هناك منغصات، كان بعض الناس من الأمراء مخالفين لرأيه، فكان هو يستميلهم بتروّي وبطريقة ذكية جداً، وكان عنده مقدرة وحنكة خاصة، نور الدين بالذات، في تآلف القلوب، الآن أنتم ربما في الغرب في أوروبا متقدمون علينا في الشرق في قضية التعامل مع المخالفين، يعني لديكم مفكرين وتيارات سياسية أخرى، كيف نتعامل مع هؤلاء المخالفين من أبناء أمتنا في إعدادنا السياسي؟

الدكتور حافظ الكرمي: أولاً يعني لا شك أنه لن يكون هناك أُناس أو دائماً وحدة كاملة متكاملة جميع الناس، هذا  الشيء.. لابد أن يختلف الناس، المهم.. أن يختلف الناس في رؤياهم، في طريقة نظرتهم للأمور، فرق كبير بين الخلاف و بين الاختلاف، الاختلاف محمود أما الخلاف فمذموم، هذا الأمر.. الخلاف لأنه الخلاف يؤدي إلى انشقاق ويؤدي إلى نزاع و يؤدي إلى تشاحن ويؤدي إلى بغضاء ويؤدي إلى تشرذم ويؤدي إلى ذهاب في الريح، وبالتالي نحن نختلف في أمور، لكن هذا الاختلاف ينبغي أن يكون جميعاً يصب في المصلحة، لكن في كل الأحوال الكتلة المستقرة الواحدة في المجتمع عندما تتوحد رؤيتها نحن نصل إلى الهدف، لا بأس أن يبقى كما بقي في زمن نور الدين، وأشخاص لهم مصالح، وهذا لا يمكن أن يخلو منها زمن من الأزمنة، هناك أشخاص لهم مصالح مختلفة، هناك أشخاص حتى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، الله سبحانه وتعالى أنزل وقال “منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة” يختلف من أجل مصلحته الشخصية، من أجل أن لا يريد أن يقاوم، لا يريد أن يجاهد، لا يريد أن يضحي لا يريد لا يريد لا يريد.. ثم يغلّفها كلها بمواقف سياسية، أو أن يكون بالفعل هو طابور خامس بالأمة، في آخر زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هناك عدد من المنافقين قليل، الأزمنة التي يغيب فيها القائد كما غاب موسى عن بني إسرائيل، ماذا حدث؟ ماذا حصل عندما غاب؟

المقدّم : عبدوا العجل.

الدكتور حافظ الكرمي: عبدوا العجل.. عندما يغيب القائد السياسي المحنّك ذو الرؤيا الصحيحة، الذي جمع حوله الناس، تتشرذم الناس، فنحن نحتاج أن نجمع الناس كما جمعهم نور الدين حول شخصه برؤاه وثقافته ومرونته وسماحته وكذا، كما جمعهم صلاح الدين، ثمّ سيبقى هناك ناس على الهامش لا يؤثرون كثيراً في حركة الأمة والمجتمع.

المقدم : طيب جميل، معنا دقيقة نختم هذا الموضوع، المدخل إلى المخرج، المدخل الديني إلى المخرج السياسي، كل شرائح الأمة مستفَزة ومطلوب منها دور، في زمن الأيوبيين والزنكيين كانت شرائح القضاة في العمل الاجتماعي، السياسيين بعض المتخصصين حتى في مواجهة الحكّام، كان هناك ناس مشهورين في القوة والحرب والجهاد كالعيسى الهكّاري وغيره، كل هؤلاء لهم دور، الآن أريد منك أستاذ صالح العاروري أن توجه رسالة لشرائح الأمة، تجار، إعلاميين، مثقفين، مهنيين، والمشاهدين.

الأستاذ صالح العاروري: بسم الله الرحمن الرحيم، ضروري ألّا تنتهي من الحلقة قبل أن نتكلم أيضاً في مسار الأحداث الذي سار فيه صلاح الدين الأيوبي ومن قبله، للخروج من الحالة التي وُجدت فيها فلسطين والأمّة، والتي تشبه هذا الحال الذي نحن فيه الآن.

المقدم : هذا السؤال لأنه انتهى وقت البرنامج تقريباً، سوف أبدأ معك في الحلقة الثانية، في الأسبوع المقبل لدينا حلقة معك أيضاً في هذا الموضوع نعطيك فيها الوقت.

الأستاذ صالح العاروري: الذي أقوله في دقيقة أو أقل من دقيقة، مطلوب من كل أفراد هذه الأمة كل اختصاصاتهم، أن يلتفّوا حول مشروع نهضة هذه الأمة، وحدة هذه الأمة من أجل نهضتها، لأن المصالح الذاتية للأفراد وللأمة مجتمعة لا تتحقق إلا بالتفاف جميع هذه الشرائح حول الهمّ العام لهذه الأمة، والانفصال عن الهموم الشخصية الأنانية التي تجعل الإنسان لا يشارك في مهمته.

المقدم : قصدي الشرائح بالذات كل واحد له شيء يقدّمه، تاجر، الإعلامي، المهني..

الأستاذ صالح العاروري: نعم.. هو كل واحد في مكانه، أنت على ثغرة من ثغور الإسلام، والمقصود ثغر الإسلام أنها كثيرة، أي غير متشابهة، مختلفة كل واحدة عن الأخرى، والذي يعمل في الإعلام غير الذي يقاتل، غير الذي يعمل في المال، غير الذي يعمل في السياسة غير الذي يعمل في العلوم الاجتماعية والإنسانية، المطلوب من كل واحد من الإسلاميين أولاً أن يكون على قدر الرسالة التي ينتمي إليها لأنها هي المخرج الوحيد والمخلّص الوحيد، ومن غير الإسلاميين أن يعتبر أن له رسالة عامة تجاه الأمة أكثر من أن تكون قضية شخصية.

المقدم : جميل.. على كلٍّ نحن بدأنا نحدد مسار.. نرى الشيء المضيء آخره حتى تكون هناك خطة واضحة في هذا البرنامج، وفي موضوع الإعداد السياسي مع الضيفين الدكتور حافظ الكرمي مسؤول الإعلام في علماء فلسطين في الخارج، والأستاذ صالح العاروري عضو المكتب السياسي لحركة حماس، نتابع هذا الحوار في حلقة أخرى إن شاء الله.

إذاً مشاهدينا نلتقيكم على خطى صلاح الدين وخطوة أخرى في الإعداد السياسي، هذه تحياتي للفريق العامل على خطى صلاح الدين مرة أخرى، السلام عليكم..

لمشاهدة جميع حلقات برنامج (على خطى صلاح الدين):

https://www.youtube.com/playlist?list=PLH5y7ZzK7PCBHWfVeDLcBGgcf0t5ou2de