إشراف الأستاذ المشارك الدكتور: محمد همام ملحم

إعداد الطالبة: سناء حسني جرار

مقدمة:
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وبتوفيقه تتحقق الغايات … اللهم انا نستهديك إذا أدجن ليل الشبهات، ونستعينك إذا وهنت القوى، ونسترشدك إذا اشتبهت وجوه السبل، والتبست مفارق الطريق.. فاسلك بنا من ذلك ما تحب وترضى، واهدنا اللهم صراطا مستقيما.. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وبعد:
ان حِقد اليَهودِ وعَداءهم لِلإسلامِ وأهلِه قائِمٌ مُنذُ ظُهورِ الإسلامِ، ومُستَمِرٌّ إلى أنْ تَقومَ الساعةُ، لكن من سنن اللهُ عَزَّ وجَلّ أنْه كتب لتَكونَ الغَلَبةُ لِأهلِ الحَقِّ، وإنْ طالَ بَغْيُ اليَهودِ وعَلَتْ دَولَتُهم، فبشر القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة على أن نهاية اليهود ستكون في بيت المقدس، حيث يكثر فيها زراعة شجر الغرقد، فهذه علامة كبرى على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق ما يبلغ عنه، وكدليل قطعي لا يقبل الشك من أن نهايتهم أوشكت قريبة بإذن الله.
ولأن فلسطين فيها مدار كثير من علامات الساعة الصغرى والكبرى وأحداث نهاية العالم، وما يتبع ذلك من أمور نؤمن نحن المسلمين يقين سيقع، فإن لتلك الأحداث والعلامات اشارات لنا نحن المسلمين فيما يجب علينا القيام به، لتحقيق وعد الله سبحانه وتعالى في هذه البقعة الطاهرة
وتكمن أهمية هذا البحث في أنه يتحدث عن استشراف المستقبل لما سيحدث من أحداث في فلسطين، وبيان لعدد من البشارات النبوية لفلسطين كتحريرها من دنس الصهاينة، ونزول الخلافة الاسلامية فيها في أخر الزمان وأنها عاصمة تلك الخلافة، وهذا فيه بث لروح الأمل في الأمة، ومحاولة استنهاض الهمم من أجل التغيير. (1)
أما بالنسبة للأدلة التي وردت في الأحاديث الصحيحة كثيرة، لذا سأتناول هذا الحديث، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال”: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ”
1) طزارة / اسلام / مجلة الاستيعاب / بحث استشراف المستقبل في فلسطين من خلال اشراط الساعة دراسة حديثة

وجاء هذا البحث يبين أن نهاية اليهود على يد المسلمين حتمية لا مجال للشك فيها بدليل ما جاء في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وسأتناول حديث صحيح يتحدث عن مراحل القتال بين المسلمين واليهود، مع التركيز على مستقبل بيت المقدس من خلال كتب شروح الحديث فكيف ستكون نهاية اليهود وفي أي مكان وزمان؟
ويشمل هذا البحث:
المبحث الأول: نهاية اليهود حتمية على يد المسلمين
المبحث الثاني: مراحل القتال بين المسلمين واليهود: (معركتنا مع اليهود ذات مرحلتين)
المبحث الثالث: مستقبل بيت المقدس مع نهاية اليهود


روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة: “أن رسول الله ﷺ قال: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ”
وفي رواية أخرى في صحيح مسلم: (٢٩٢١) حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عن ابي هريرة، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: ” لا تَقُومُ السّاعَةُ حتّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلّا الغَرْقَدَ، فإنّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ.. “. (1)
———–

المبحث الأول: نهاية اليهود حتمية على يد المسلمين
في هذين الحديثين بشارة عظيمة لهذه الأمة بالانتصار على اليهود، وهزيمتهم بعون الله تعالى، وهذا يكون في مرحلة الانتصار الأول على اليهود وهي مرحلة الهزيمة والإزالة دون الإبادة، وستكون الإبادة الشاملة أيام المسيح عليه السلام، وفي التعقيب على هذين الحديثين يقول الشيخ سعيد حوى رحمه الله: ( أن هذه النصوص فيها إشارات ضمنية من جملة إشارات كثيرة نجدها متفرقة في النصوص، تدل على أن اليهود الذين وفدوا إلى فلسطين، وقامت لهم دولة في عصرنا ليسوا هم اليهود الذين يقاتلهم المسلمون في نزول المسيح عليه السلام، إنما هم الذين يفدون مع المسيح الدجال، فعاصمة الخلافة وقت ذاك تكون القدس، وقبل ذلك ستكون دولة إسلامية عالمية، وكل ذلك يتنافى مع بقاء السلطان الحالي لليهود في فلسطين. (1)
وفي هذا الحَديثِ يخبر النبي الصّادِقُ محمد ﷺ بعَلامةٍ مِن عَلاماتِ قِيامِ السّاعةِ، وهي قِيامُ حَربٍ بيْن المُسلِمينَ واليَهودِ، فيَقولُ ﷺ:” لا تَقُومُ السّاعةُ حتى تُقاتِلوا اليَهودَ”، وذلك عِندَما يَنزِلُ عيسى ابنُ مَريمَ عليه السَّلامُ، ويَكونُ المُسلِمونَ معه، واليَهودُ مع الدَّجّالِ. وفي هذه الحَربِ يَتعاوَنُ كُلُّ شَيءٍ مع المُجاهِدينَ المُسلِمينَ، حتّى تَتكَلَّمُ الجَماداتُ مِنَ الحَجَرِ ونَحوِه، كُلَّما اختَبَأ يَهوديٌّ وَراءَ شَيءٍ منها تَكَلَّمتْ ونادَتْ على المُسلِمِ فقالَتْ: يا مسلمُ، هذا يَهوديٌّ وَرائي، تَعالَ فاقتُلْه. (1)
1) صحيح البخاري ومسلم
2) الدرر السنية – الموسوعة الحديثية – شروح الأحاديث (dorar.net)
وفي رِوايةِ مُسلمٍ: “إلّا الغرْقَدَ؛ فإنَّه مِن شَجَرِ اليهودِ”، والغرقَدُ: نَوعٌ مِن شجَرِ الشَّوكِ مَعروفٌ ببِلادِ بَيتِ المقدِسِ، وهناك يكونُ قتْلُ الدَّجّالِ واليَهودِ، والمعنى: أنَّ كلَّ شَيءٍ يَتعاوَنُ مع المسلمِ مِن النَّباتاتِ والجَماداتِ على قتْلِ اليهودِ، إلّا هذا النَّوعَ مِن الشَّجرِ؛ لذلك اليهود يكثرون من زراعته. (1)
وقال ابن الملقن: ” المراد بقوله (تقاتلون اليهود) إذا نزل عيسى، فإن المسلمين معه، واليهود مع الدجال”، وهو ما جزم به جمع من شراح الحديث، بل أخرج الإمام الترمذي (2236) حديث عبد الله بن عمر في باب ” علامة الدجال “.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اليهود إنما ينتظرون المسيح الدجال، فإنه الذي يتبعه اليهود، ويخرج معه سبعون ألف مطيلس من يهود أصبهان، ويقتلهم المسلمون معه، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله “
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله: إن عيسى عليه السلام يغزو الدجال ومعه المسلمون، فيقتله بباب اللد، باب في فلسطين، قرب القدس، يقتله بحربته كما جاء في الحديث الصحيح، والمسلمون معه يقتلون اليهود قتلة عظيمة، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يقاتلون اليهود، فيقتلونهم، ويسلطون عليهم، ينادي الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي تعال فاقتله، فيقتل عيسى الدجال وينتهي أمره.
ثم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى، يقرؤونها ويقولون: لم يظهر صاحبها بعد، وقد حذفها محرفو التوراة في سفر دانيال، وأخبرنا رسولنا أن الطائفة الظاهرة على الحق ستبقى تقاتل أهل الباطل حتى يقاتل آخرها الدجال، قال رسول
الله ﷺ: ” لا تَزالُ عِصابةٌ من أُمَّتي يقاتِلونَ على الحقِّ، لا يَضُرُّهم مَن خالفهم، حتى تأتيَهم الساعةُ، وهم على ذلك” الألباني في صحيح الجامع (٧٢٩٥) إلى مسلم. (2)
لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود هذا الحديث لربما قبل نحو سبعين سنة، يعني قبل قيام هذه الدويلة لهؤلاء الشذاذ من الآفاق، لربما يرد تساؤل: كيف يقاتل هؤلاء، وهم شذاذ في الآفاق أوزاع؟ (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا) كما قال الله تعالى ليس لهم كيان، وتجمع كبير، ودولة حتى يمكن قتالهم، أما الآن فذلك ظاهر، فهؤلاء قد تجمعوا من أنحاء الأرض في هذه البلاد المباركة، وهنا قال عليه الصلاة والسلام” لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، …. فيقول الحجر والشجر: يا مسلم:” هذا يدل على أنه يكون فيهم مقتلة عظيمة، تطهر الأرض من رجسهم، بحيث إن من يفر منهم يتبع، ولا يكون القتال لمن كان في أرض المعركة فحسب، بل يتتبع هؤلاء في كل ناحية، حتى من يختبئ منهم ينطق الحجر والشجر. (3)
1) الدرر السنية – الموسوعة الحديثية – شروح الأحاديث (dorar.net)
2) الإسلام سؤال وجواب / https://islamqa.info/ar/answers
3) السبت / خالد / https://khaledalsabt.com

———–
المبحث الثاني: مراحل القتال بين المسلمين واليهود: (معركتنا مع اليهود ذات مرحلتين)
في الحديث الشريف من أشراط الساعة، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك كائن قبل قيام الساعة لا محالة، لأن أشراط الساعة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم مما يجب اعتقادها تصديقًا له عليه الصلاة والسَّلام، وهي من دلائل نبوته، وقد ظهر كثير من أشراطها الصغار، والأشراط الكبار آتية ولا ريب. (1)
إن معركتنا الشرسة القادمة مع اليهود تقوم على مرحلتين:
المرحلة الأولى: التي تحدثت عنها آيات سورة الإسراء، والتي توجه الى كيان اليهود على أرض فلسطين لتدميره، وإلى إفسادهم الثاني لإزالته، والتي تنتهي بانتصار المسلمين المجاهدين على اليهود، ويتحقق فيها تدمير كيانهم وإزالة إفسادهم واسترداد فلسطين كلها منهم، وتحويل اليهود بعدها إلى قوم أذلاء مستضعفين ومجموعات مشتتة في مختلف أنحاء البقاع.
المرحلة الثانية: التي تتم فيها إبادة اليهود تماماً، وإفناؤهم نهائياً، وإراحة البشرية من وجودهم ، بحيث لا يبقى بعدها يهودي حياً، وهذه المرحلة متأخرة لعلها لا تأتي إلا في اللحظات الأخيرة من عمر الدنيا، حيث سيظهر الدجال وهو يهودي من جهة الشرق، وحيث سيتبعه من يهود أصفهان وحدها من إيران سبعون ألف يهودي كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:” يَتْبَعُ الدَّجّالَ مِن يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عليهمُ الطَّيالِسَةُ ” صحيح مسلم ٢٩٤٤ ، والآن لعله لا يوجد فيها خمسة أفراد يهود، ثم يحارب عيسى بن مريم عليه السلام الدجال ومن معه من اليهود، ويقتل الدجال بيده الشريفة عليه السلام، وفيها سيقضي المسلمون على كل يهودي، وفيها سيتحقق قول رسول الله صلى الله عليه سلم: “لن تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فتقتلوهم حتى ينطق الشجر والحجر فيقول : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله”، نرى أن هذا الحديث الصحيح، يتكلم عن الجولة الأخيرة من الجولات العديدة، للحرب الطويلة بيننا وبين اليهود، تلك الجولة التي يكون فيها المسلمون مجاهدين مع عيسى عليه السلام ويكون فيها اليهود جنوداً مع المسيح الدجال، والتي تنتهي بإفناء كل يهودي، والتي تقوم بعدها الساعة. أما قوله:” فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيراً”، فهو يتحدث عن إزالة الإفساد الثاني لليهود، ويكون قبل الجولة الأخيرة من المعركة بزمن طويل، وتحقيق هذا قريب بعون الله تعالى، فالحرب التي بيننا وبين اليهود طويلة مديدة ، بدأت منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وسوف تستمر حتى خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، والقضاء على آخر يهودي ، هذه المعركة الطويلة لها جولات وجولات وفيها كر وفر يغلبنا فيها اليهود مرة، ونغلبهم مرات، ويهزموننا مرة، ونهزمهم مرات. وإن أشد وأعتى وأعنف وأقسى جولات هذه المعركة، هي هذه الجولة، التي نعيش فيها في هذا الزمان والتي تحققت فيها غلبة اليهود علينا، وهزيمتهم، ولكنها جولة تتبعها، جولات لنا فيها الظفر والغلبة والنصر بإذن الله. (2)
1) الأشقر / عمر / كتاب أشراط الساعة في الكتب السماوية في ضوء الكتاب والسنة
2) الخالدي / صلاح / كتاب حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية

المعركة معركة الأقصى:
لقد بني المسجد الأقصى زمن آدم عليه السلام أعاد بنائه إبراهيم عليه السلام ليعبد فيه الله وحده، ثم جدده سليمان عليه السلام مسجداً إسلامياً، ليعبد فيه الله وحده، ثم عدت عليه عوادي الزمن بعد ذلك، وانتهى باستعمار الرومان النصارى الكافرين المسجد الأقصى وما حوله، فخرج المسلمون المجاهدون بعدما أزالوا إفساد اليهود الأول في المدينة إلى بلاد الشام، وحرروها من الرومان، ودخلوا المسجد الأقصى، وأعادوه لعبادة الله وحده.
وعند إفساد اليهود الثاني وإقامة كيانهم على أرض فلسطين: سلبوا المسلمين المسجد الأقصى وما حوله ولذلك عندما ينتصر عليهم المسلمون المجاهدون ويسوؤون وجوههم، ويتبرون ما علوا تتبيراً، سيتوجون انتصارهم بدخولهم المسجد الأقصى، وإعادته لعبادة الله وحده.
أي أن قوله تعالى:” وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة “يبين كيفية دخول المسلمين للمسجد الأقصى، عند إفساد اليهود الثاني، ويوضح كيفية الحرب مع اليهود، إنهم لن يدخلوا الأقصى المرة الثانية الآخرة، عن طريق السلم والصلح والمفاوضات مع اليهود، إنهم سيدخلون المسجد الأقصى ويحررونه من اليهود الكفار في المرة الثانية كما دخلوه وحرروه من الرومان الكفار في المرة الأولى، عند إفساد اليهود الأول، حيث دخلوه فاتحين غالبين منتصرين. وهذا يعطينا بشرى وأملاً بانتصارنا على اليهود وإزالتنا لإفسادهم الثاني، وتحريرنا لفلسطين بعون الله.
ثم إن المعركة عند الإفساد الثاني لليهود بين المسلمين وبين اليهود، هي معركة إسلامية إيمانية في الجانب الإسلامي، وليست معركة قومية، أو إقليمية، إنها ليست معركة فلسطينية أو عربية فقط، إنها معركة المسجد الأقصى، هذه هوية المعركة وطبيعتها، وينتج عنها تحرير البلاد، ورفع كلمة الله وتطبيق شرع الله على تلك البلاد المحررة. (1)

1) الخالدي / صلاح / كتاب حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية / ص 184-188

———–

المبحث الثالث: مستقبل بيت المقدس مع نهاية اليهود
عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم” رواه أبو داود وصححه الألباني.
وفي هذا الحديث إشارة واضحة إلى ارتباط أرض فلسطين بأبو الأنبياء وارتباط المؤمنين بها واتخاذها دار هجرة لهم إلى نهاية العالم.
وفي الحديث إشارة لزوال الاحتلال اليهودي كما زال من قبله الاحتلال الصليبي، والحديث يؤكد حقيقة تاريخية وواقعية وهي كون فلسطين وبيت المقدس مقصد لكثير من الهجرات، فقد استوطن فلسطين عدد من الصحابة والتابعين عند الفتح العمري لها، وكذلك استوطن بيت المقدس أقوام شتى في عهد الفتح الصلاحي لها، كما أن كثير من الحجاج والمعتمرين أقاموا وجاوروا فيها ولم يعودوا لأوطانهم رغبة في بركتها وفضلها.
بيت المقدس ستشهد عمرانا كبيرا في المستقبل: فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال، وخروج الدجال” رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني، والحديث ينص على مستقبل عمراني كبير لبيت المقدس في ظل الإسلام كما أن المدينة المنورة اليوم تشهد نهضة عمرانية ضخمة، وفي هذا بشارة أن حالة التضييق اليهودية على أهل بيت المقدس لن تستمر من منع صيانة وتوسعة المسجد الأقصى أو بيوت وأسواق المقدسيين، وكونها مقصد الهجرات للمؤمنين سيجعلها مقر للخلافة الإسلامية قال النبي صلى الله عليه وسلم:” يا ابنَ حَوالَةَ! إذا رأيتَ الخِلافةَ قد نَزَلَتِ الأرضَ المُقَدَّسَةَ، فقد دَنَتِ الزلازلُ، والبَلابلُ، والأمورُ العِظامُ، والساعةُ يَوْمَئِذٍ أقْرَبُ من الناسِ من يَدِي هذه مِن رأسِكَ ” رواه احمد وابو داود والحاكم وصححه الالباني، وهذا الحديث يؤكد الدور السياسي الكبير القادم في فلسطين وبيت المقدس حيث سيكون لها دور كبير وستكون مقر للخلافة النبوية الراشدة، و لن يتمكن الدجال من دخول المسجد الأقصى: أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنذرتكم فتنة الدجال…لا يأتي أربعة مساجد الكعبة ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطور”، وهذا يتسق مع كون بيت المقدس مقر الخلافة ومأوى الطائفة المنصورة، وفي الحديث ملمح بين أن بيت المقدس الذي ينجيه الله عز وجل وأهله من فتنة الدجال بالتأكيد سينجيه الله وأهله من بلاء اليهود (1)
يقول العلامة المرحوم الشيخ سعيد حوى: (الظاهر أن الحديث في خلافة تكون عاصمتها القدس وإلى القدس يذهب المسيح عليه السلام بعد نزوله في دمشق وهذا يشير إلى أن فلسطين بيد المسلمين، وأن دولة اليهود الحالية ذاهبة منتهية. فإذا كان المراد في الحديث خلافة المهدي، وهو الاتجاه الأقوى عند العلماء؛ فهذا يدل على أن بيننا وبين المهدي عليه السلام أمداً، وأن دولة اليهود الحالية غير مستمرة إلى وقت نزول المسيح كما يظن كثيرون، ومما يدل على ذلك أن الحديث الصحيح يبشر بفتح روما، ولم تفتح روما حتى الآن، مما يدل على أن دولة عالمية للإسلام ستقوم، وهذا لم يحدث، ووجودها يتنافى مع بقاء دولة اليهود الحالية في قلب أقطار الأمة الإسلامية، والأمر كله بيد الله تعالى، وإذا أراد الله شيئاً هيأ أسبابه، أما متى تكون هذه الأمور فغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل ). (2)
1) شحادة / أسامة / جريدة الغد/ مقال من مستقبل بيت المقدس في السنة النبوية https://alghad.com/
2) أبو صعيليك/ محمد / مقال أحاديث عودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان/ https://assabeel.net
وعلى الرغم من المكائد الدولية التي تحاك لها من أعدائها، وعلى الرغم من تخاذل المسلمين في هذه الأيام؛ إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الشريفة يبشر الأمة المسلمة بخلافة مسلمة راشدة؛ تكون في فلسطين قاعدتها والقدس عاصمتها، وهذا في الأيام القادمة، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، ووعده أمته صدق، هذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نتحدث عنه، وهذا وعد منه صلى الله عليه وسلم للأمة وهو وعد من الله تعالى ولن يخلف الله وعده، ولن تتخلف بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيحقق كل ما وعد الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الصحيحة.. هذا ما نقول لأمتنا، وهذا ما نؤمن به، ولا يتم لنا إيمان إلا بذلك، وهو من مقتضى الإيمان بالرسول وتصديقه، فمن صدق خبره فقد آمن به، ومن شكك في خبره فقد شكك في نبوته، والله أعلم. (1)

1) أبو صعيليك/ محمد / مقال أحاديث عودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان/ https://assabeel.net

نتائج البحث:

  1. في الحَديثِ: دَليلٌ على بَقاءِ دِينِ الإسلامِ إلى يَومِ القيامةِ، وظُهورِه على جَميعِ أعدائِه،
    كما فيه دليل على صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.
  2. المحافظة على الدين والتمسك بالعقيدة سبب انتصار المسلمين على اليهود وغيرهم من أعداء الإسلام، فذكر سيد قطب رحمه الله الآية: “ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ”، أي أن هذا كله وقع بعد نزول هذه الآية، فما كانت معركة بين المسلمين وأهل الكتاب إلاَّ كتب الله فيها للمسلمين النصر. فما داموا يحافظون على دينهم واستمسكوا بعقيدتهم، وأقاموا منهج الله في حياتهم.
  3. بشر الله عز وجل في القرآن الكريم أن القوة الغالبة التي ستقهر اليهود ستدخل المسجد، وسيكون دخولهم إليه كما دخلوه أول مرة، ومعلوم أن المسلمين دخلوا المسجد مرتين، الأولى في عهد عمر بن الخطاب وعلى يده والثانية على عهد صلاح الدين وهذا الدخول مماثلاً للدخول الأول، وسيكون هناك خلافة راشدة، تدخل المسجد كما وقع في دخول الخليفة عمر بن الخطاب. (1)
  4. بشر النبي عليه الصلاة والسلام بأن بيت المقدس سيكون مقر الخلافة الإسلامية، وأن فلسطين هي عاصمة هذه الخلافة، ولذلك رغب النبي عليه الصلاة والسلام بالهجرة إلى فلسطين والاقامة فيها. (2)
  5. ازدهار فلسطين بعد نزول الخلافة فيها بعد أن تتوحد الامة الإسلامية مرة أخرى يبدأ التطور الحضاري مرة أخرى.
  6. اليهود الذين سيقتلون في آخر الزمان ليسوا هم الصهاينة المحتلون لفلسطين في وقتنا الحاضر، بل أولئك سيكونون مع الدجال وهم ممن تبعه من يهود اصبهان كما أخبر النبي.
  7. أرض فلسطين وبيت المقدس أرض جهاد ورباط الى يوم الدين، فخيار أهل الأرض في أخر الزمان يكونون مع عيسى عليه السلام.
    1عمر سليمان الأشقر / كتاب أشراط الساعة في الكتب السماوية في ضوء الكتاب والسنة
    2) طزارة / اسلام / مجلة الاستيعاب / بحث استشراف المستقبل في فلسطين من خلال اشراط الساعة دراسة حديثة
    الخاتمة:
    بين لنا النبي عليه الصلاة والسلام التسلسل الزماني لحكم الأمة الإسلامية منذ تأسيس الدولة الإسلامية، وحتى قيام الساعة، فقال عليه الصلاة والسلام:” تكونُ النُّبُوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى ، ثم تكونُ خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى ، ثم تكونُ مُلْكًا عاضًّا، فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى ، ثم تكونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ. ثم سكت.. ” الألباني (ت ١٤٢٠) إسناده حسن، فالخلافة الراشدة التي على منهاج النبوة آتية لا محالة، وهذه الخلافة سيكون مركزها وعاصمتها فلسطين في بيت المقدس كما بين لنا النبي عليه الصلاة والسلام. (1)
    فيجب على كل مسلم أن يعلم مكانة فلسطين الدينية والعقدية وتعليم الأجيال المتلاحقة اهمية هذه البقعة الطاهرة، ومكانتها في شريعتنا الإسلامية، وخصوصا أنها ستكون مسرح الأحداث في آخر الزمان.

1) طزارة / اسلام / مجلة الاستيعاب / بحث استشراف المستقبل في فلسطين من خلال اشراط الساعة دراسة حديثة

المصادر والمراجع:

  1. القرآن الكريم
  2. صحيح البخاري ومسلم
  3. الدرر السنية – الموسوعة الحديثية
  4. الإسلام سؤال وجواب
  5. د. خالد بن عثمان السبت
  6. كتاب أشراط الساعة في الكتب السماوية في ضوء الكتاب والسنة / عمر سليمان الأشقر
  7. كتاب حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية / دكتور صلاح الخالدي
  8. جريدة الغد/ مقال من مستقبل بيت المقدس في السنة النبوية / أسامة شحادة
  9. مقال أحاديث عودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان/ د. محمد أبو صعيليك
  10. عمر سليمان الأشقر / كتاب أشراط الساعة في الكتب السماوية في ضوء الكتاب والسنة
  11. مجلة الاستيعاب / بحث استشراف المستقبل في فلسطين من خلال اشراط الساعة دراسة حديثة / اسلام حسن طزارة