قال الله تعالى: “لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ… ” (آل عمران 28)

وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” (المائدة 51)

وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: المسلمُ أخو المسلمِ، لا يَظْلِمُه ولا يُسْلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فرَّجَ عن مسلمٍ كربةً فرَّجَ اللهُ عنه كربةً مِن كُرُبَاتِ يومِ القيامةِ، ومَن ستَرَ مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ. رواه البخاري

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ، ولا يحقِرُهُ التَّقوَى ههُنا ويشيرُ إلى صدرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاهُ المُسلمَ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وَعِرْضُهُ. رواه مسلم

فواجب المسلم نصرة أخيه المسلم وعونه وموالاته، وتقديم الدعم المادي والمعنوي له، وقعود المسلم عن نصرة أخيه وتسليمه للعدو خذلان وخيانة له، والأشد إثماً والأعظم وزراً أن يصبح الأخ حرباً على أخيه، وعوناً لعدوه عليه.

وغزة اليوم تتعرض لأبشع أنواع الحصار والتجويع: حصار يشمل الغذاء والدواء والوقود وكل متطلبات الحياة، حصار هدفه تركيع المقاومة وكسر شوكتها والنيل من عزيمتها.

والمساهمة من أي مسلم في هذا الحصار إعانة للعدو وظلم للمسلمين، وهو موالاة للكافر على المؤمن “وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” (المائدة 51) أي: أصبح واحداً من الكفار داخل في عداده، خارجاً عن جماعة المسلمين، لأنه بهذا يسعى لتحقيق أهداف الأعداء، سواء بدافع محبته لهم أو بدافع تحقيق مصالحه وتقديمها على مصالح أبناء الأمة الإسلامية

وتأسيساً على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله تعالى أن يساهم بقتل إخوانه، بحصارهم وتجويعهم عبر هدم الأنفاق والتي هي شريان الحياة الوحيد لقرابة مليوني مسلم، مع رفض فتح معبر رفح للبشر والبضائع لدخول مستلزمات الحياة، واستمرار إغلاقه في وجه الناس حتى المرضى منهم مما يعد جريمة في حق الناس وقتلا لهم، ومن فعل هذا فإثمه عظيم ووزره جلل، وأي معصية أعظم _بعد الشرك بالله تعالى_ من معصية قتل المسلم لأخيه، عبر تجويعه ومنع الغذاء والدواء وأسباب الحياة عنه.

وعليه فيحرم على الجنود والموظفين والمهنيين والعمال المساهمة في هذا الحصار لغزة سواء بردم وإغلاق الأنفاق أو منع القوافل أو محاصرة واعتقال الصيادين أو إغلاق المعبر ومنع الناس من الخروج والدخول وغير ذلك من أشكال الحصار، ويجب عليهم عدم طاعة الأوامر الظالمة الصادرة من مسؤوليهم وقادتهم، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا طاعَةَ لمخلوقٍ في معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ” رواه أحمد.

وليعلموا أنهم مقبلون على الله، وأنه سيحاسبهم على أعمالهم فرادى ليس معهم مسؤول ولا قائد يدافع عنهم “وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا” (مريم 95)، وسيتخلى عنهم هؤلاء القادة والزعماء الظلمة وسيواجه الفرد نتائج عمله حيث لن تنفعه مبررات الدنيا من ضيق العيش وأنه عبد مأمور ينفذ الأوامر العسكرية “إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ” (البقرة 166-167).

     فخلاصة القول:

  1. يجب شرعاً على المسلم مساعدة إخوانه المسلمين مادياً ومعنوياً.
  2. لا يجوز لمسلم مشاركة العدو بحصار إخوانه المسلمين وتجويعهم، فهذا إثم عظيم ووزر خطير يخشى على مرتكبه من غضب الله
  3. لا يجوز لمسلم أن يحرض على إخوانه المسلمين ويفتري عليهم الكذب، ويلفق لهم التهم.
  4. طاعة أوامر القادة والرؤساء لا تسقط المسؤولية الفردية لكل شخص أمام الله تعالى.
  5. وليتذكر كل من يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر أننا مقبلون على الله في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا ولدٌ ولا رئيس ولا زعيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                                    قسم الفتوى في هيئة علماء فلسطين

                                                                                        15/1/1435هـ  الموافق: 18/11/2013م