مجلة المرقاة6 بحث2

تأليف: الدكتور بسام رضوان عليان

ملخص البحث:

هذا البحث بعنوان: “تحليل شبه الجملة المتقدمة في القرآن الكريم، وبيان أثرها على المعنى التفسيري دراسة تطبيقية على سورة النبأ”، حيث يهدف هذا البحث إلى تحليل شبه الجملة المتقدمة في سورة النبأ، وبيان أثره على المعنى التفسيري، وذلك من خلال تعريف التقديم لغة واصطلاحًا وبيان معناه البلاغي، وتعريف شبه الجملة المتقدمة وأنواعها، ثم الدراسة التطبيقية على ذلك متمثلة بسورة النبأ.

يهدف هذا البحث إلى:

1- بيان أهمية علم الإعراب والبلاغة في تفسير كتاب الله تعالى، والعلاقة الوثيقة بينها.

2- بيان أثر تحديد شبه الجملة المتقدمة في سورة النبأ وتحليلها على المعنى التفسيري.

وترجع أهمية البحث إلى أن هذا الموضوع جدير بالدراسة؛ لما له من أثر عظيم في فهم كتاب الله.

وقد اعتمد الباحث في هذا البحث على المنهج الاستقرائي التحليلي القائم على البحث والتدبر والتحليل في آيات سورة النبأ.

الكلمات المفتاحية: (تحليل- شبه الجملة- المتقدمة- القرآن- المعنى التفسيري).

Abstract:

This research is titled: “Analysis of the semi-sentence developed in the Noble Qur’an and its effect on the interpretive meaning An applied study on Surat al-Naba ‘. Its rhetorical meaning, the definition of the advanced semi-sentence and its types, then the applied study on that represented by Surat Al-Naba. ‘

This research aims to:

1-Explain the importance of the science of expression and rhetoric in the interpretation of the Book of God Almighty, and the close relationship between them.

2-Explain the effect of defining the semi-sentence mentioned in Surat Al-Naba ‘and analyzing it on the interpretive meaning.

The importance of the research is due to: This topic is worthy of study because it has a great impact on understanding the Book of God.

In this research the researcher relied on the inductive analytical approach based on research, reflection and analysis on the verses of Surat Al-Naba. ‘

Key words: (analysis – semi-sentence – advanced – Quran – interpretive meaning).

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وأصحابه والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن الاهتمام بعلوم القرآن، من أجل العلوم وأرفعها؛ لما في تعلمها والجد في تحصيلها من نزول البركات والرحمات في الدنيا، ومن الثواب العظيم في الآخرة.

ويعد علم النحو والبلاغة من ضمن العلوم التي تتعلق بالقرآن الكريم، وهما من أجلِّ علوم الكتاب الحكيم؛ لأنه يستعان بهما على فهم القرآن الكريم وتفسيره، والغوص في درره وكنوزه.

لذا قمت بفضل الله تعالى باختيار موضوعٍ يتعلقُ بالإعراب والبلاغة: “تحليل شبه الجملة المتقدمة في القرآن الكريم، وبيان أثرها على المعنى التفسيري دراسة تطبيقية على سورة النبأ “والكتابة فيه.

أسباب اختيار البحث:

1- خدمة كتاب الله تعالى من خلال هذا البحث.

2- هذا الموضوع جدير بالدراسة؛ لما له أثر عظيم في فهم كتاب الله.

3- جدة هذا الموضوع، إذ لا يوجد- فيما أعلم- من أفرده بالتصنيف، غير كلام مبثوث في كتب التفسير والإعراب والبلاغة.

أهداف البحث:

1-نيل الأجر والثواب من الله تعالى من خلال خدمة كتابه الكريم، والبحث فيه.

2- بيان أهمية علم الإعراب والبلاغة في تفسير كتاب الله تعالى، والعلاقة الوثيقة بينها.

3- بيان أثر تحديد شبه الجملة المتقدمة في سورة النبأ وتحليلها على المعنى التفسيري.

الدراسات السابقة:

          لم أعثر على بحث محكم تناول موضوع هذه الدراسة، وهي تحليل شبه الجملة المتقدمة في القرآن الكريم، وبيان أثرها على المعنى التفسيري دراسة تطبيقية على سورة النبأ.

مشكلة البحث:

تكمن مشكلة البحث في السؤال الرئيس الآتي:

ما أثر تحليل شبه الجملة المتقدمة في القرآن الكريم في سورة النبأ على المعنى التفسيري؟

أسئلة البحث:

يتفرع عن السؤال الرئيس السابق هذه الأسئلة الفرعية:

س: ما تعريف التقديم لغة واصطلاحًا؟

س: ما البلاغة المعنوية للتقديم؟

س: ما تعريف شبه الجملة؟

س: ما أثر تحليل شبه الجملة المتقدمة في القرآن الكريم في سورة النبأ على المعنى التفسيري؟

منهج البحث:

اعتمد الباحث في هذا البحث على المنهج الاستقرائي التحليلي القائم على البحث والتدبر والتحليل في آيات سورة النبأ.

وخطوات الباحث في البحث تقوم على النحو الآتي:

1- ذكر الآيةِ التي فيها شبه الجملة المتقدمة في سورة النبأ.

2- التزام رواية حفص عن عاصم عند إيراد الآيات القرآنية مدار البحث.

3- عزو الآيات إلى مواضعها من المصحف الشريف، مع ضبط الآية بالشكل، وذكر رقم الآية، واسم السورة، حسب المثبت في المصحف المطبوع في (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف).

4-استقراء شبه الجملة وتحليلها وبيان إعرابها، وذلك بالرجوع إلى كتب إعراب القرآن الكريم.

5-بيان الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية بناء على التحليل الإعرابي، وذلك بالرجوع إلى كتب التفسير.

خطة البحث:

يشتمل البحث على مقدمة، ومبحثين، وخاتمة على النحو الآتي:

المقدمة: وتشتمل على أهمية الموضوع، وسبب اختياره، والدراسات السابقة، ومشكلة البحث، وأسئلة البحث، ومنهج البحث، وخطة البحث.

المبحث الأول: التقديم وبلاغته المعنوية.

المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية.

الخاتمة: وتشتمل على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث، والتوصيات.

المبحث الأول: التقديم وبلاغته المعنوية

المطلب الأول: تعريف التفسير التحليلي.

التفسير التحليلي مركب من كلمتين: التفسير، والتحليلي.

التفسير في اللغة:

“الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه. من ذلك الفسر، يقال: فَسَرْتُ الشَّيْءَ وَفَسَّرْتُهُ. وَالْفَسْرُ وَالتَّفْسِرَةُ: نَظَرُ الطَّبِيبِ إِلَى الْمَاءِ وَحُكْمُهُ فِيهِ”([1]).

والتفسير “كَشف المُراد عن اللَّفْظِ المُشْكل”([2]).

التفسير في الاصطلاح:

“علم يعرف به فهم كتاب الله، المنزّل على نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف، وعلم البيان، وأصول الفقه، والقراءات، ويحتاج إلى معرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ “([3]).

التحليلي في اللغة:

التحليل: مصدر حلَّلَ. وحلل الْعقْدَة حلَّهَا وَالشَّيْء رجعه إِلَى عناصره، يُقَال: حلل الدَّم وحلل الْبَوْل، وَيُقَال: حلل نفسية فلَان درسها؛ لكشف خباياها([4]).

التحليلي في الاصطلاح:

التحليل هو: “عمليّة تقسيم الكلّ إلى أجزائه وردّ الشّيء إلى عناصره… وتحليل الجملة: بيان أجزائها ووظيفةِ كُلٍّ منها”([5]).

أما التفسير التحليلى فهو: “بيان الآيات القرآنية بيانًا مستفيضًا من جميع نواحيها، بحيث يسير المفسر في هذا البيان مع آيات السورة آية آية، شارحًا مفرداتها، وموجهًا إعرابها، وموضحًا معانى جملها، وما تهدف إليه تراكيبها من أسرار وأحكام، ومبينًا أوجه المناسبات بين الآيات والسور، مستعينًا في ذلك بالآيات القرآنية الأخرى ذات الصلة، وبأسباب النزول، وبالأحاديث النبوية، وبما صح عن الصحابة والتابعين، وبغير ذلك من العلوم التي تعينه على فهم النص القرآني وتوضيحه للقراء، مازجًا ذلك بما يستنبطه عقله، وتمليه عليه نزعته”([6]). ومن أمثلته: تفسير الطبري، وابن عطية، والزمخشري، والآلوسي، والشوكاني، وغيرهم.

المطلب الثاني: تعريف شبه الجملة وأقسامها:

أولًا: تعريف شبه الجملة:

تطلق هذه التسمية على الظرف بنوعيه الزماني والمكاني، وعلى الجار والمجرور لسببين:

1 – أنّ الظرف والجار والمجرور ينوبان عن الجملة وينتقل إليهما ضمير متعلقيهما، نحو: الكتاب على الطاولة، أو الكتاب عندك.

فالجار والمجرور والظرف ينوبان هنا عن الخبر المقدّر الذي هو الجملة الفعلية (استقر).

وهذا يعني أنهما شبيهان بالجملة في مثل هذا الموضع، كما أن الضمير المستتر في الفعل (استقر) قد انتقل مضمرًا في الظرف والجار والمجرور.

2 – أن الظرف والجار والمجرور سواء أكانا تامين أم غير تامين لا يؤديان معنى مستقلًا في الكلام، وإنما يؤديان معنى فرعيًا؛ فكأنهما جملة ناقصة أو شبه جملة([7]).

ثانيًا: أقسام شبه الجملة:

وشبه الجملة تنقسم إلى قسمين، هما:

1-الجار والمجرور، نحو: ذهب الطالب إلى الجامعة. ونحو: صلى زيد في المسجد.

2-الظرف بنوعيه الزماني والمكاني، نحو: ذهب الطالب إلى الرحلةِ يومَ الخميسِ. ونحو: وقف زيد أمامَ البيتِ.

تعريف الجار والمجرور:

حروف الجر تلك التي تقوم بربط الأسماء بالأسماء، نحو: الطالبُ في الكليةِ، أو ربط الأسماء بالأفعال، نحو: جئتُ إلى الكليةِ([8]).

وسُمّيت حروف الجرّ بهذا الاسم؛ لأنها تَجرُّ معنى الفعل قبلَها إلى الاسم بعدَها، أو لأنها تجرُّ ما بعدَها من الأسماءِ، أي تَخفِضُه. وتسمّى “حروفَ الخفض” أيضًا، لذلك. وتُسمّى أيضًا “حروف الإضافة”؛ لأنها تُضيفُ معانيَ الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها. وذلك أنَّ من الأفعال ما لا يَقوَى على الوصول إلى المفعول به، فَقوَّوه بهذه الحروف، نحو: عجبتُ من خالدٍ، ومررتُ بسعيدٍ. ولو قلتَ: عجبتُ خالدًا. ومررتُ سعيدًا، لم يَجُز؛ لضعف الفعل اللازم وقُصورهِ عن الوصول إلى المفعول به، إلا أن يستعين بحروف الإضافة([9]).

عدد حروف الجر:

حروف الجر عشرون حرفًا؛ هي:

من – إلى – حتى – خلا – عدا – حاشا – في – عن – على – مذ – منذ – رب – اللام – كي – الواو – التاء – الكاف – الباء – لعل – متى([10]).

أقسام هذه الحروف من ناحية الاسم الذي تجره:

تنقسم هذه الحروف من ناحية الاسم الذي تجره إلى قسمين، هما:

1-قسم لا يجر إلا الأسماء الظاهرة، وهو: عشرة حروف، هي: مُذْ – مُنذُ – حتى – الكاف – الواو – رب – التاء – كي – لعل – متى. نحو: قوله تعالى: ﱡﭐوَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَﱠ [الأنبياء: 57].

تالله: التاء: حرف جر وقسم مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، الله: لفظ الجلالة اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره (أقسم)([11]).

2-قسم يجر الأسماء الظاهرة ويجر الضمائر المتصلة؛ وهو: العشرة الأخرى، وهي: من – إلى – خلا – عدا – حاشا – في – عن – على – اللام – الباء([12]).

فالأسماء الظاهرة؛ نحو: قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123].

ببدر: الباء: حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، بدر: اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (نصر)([13]).

والضمائر المتصلة؛ نحو: قوله تعالى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً} [الإنسان: 6].

بها: الباء: حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب، والهاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بحرف الجر، والألف للتأنيث حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يشرب)([14]).

تعريف الظرف بنوعيه الزماني والمكاني([15]):

1-ظرف الزمان: وهو اسمٌ منصوبٌ يُذْكَرُ لبيان زَمَنِ وقوعِ الفعل. نحو: قوله تعالى: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 174]. حيث إن كلمة (يوم) ظرف زمان تتضمن معنى (في)، أي: في يوم القيامة.

يوم: ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف.

القيامة: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والظرف والمضاف إليه متعلقان بالفعل (يكلم)([16]).

2- ظرف المكان: هو اسمٌ منصوبٌ يُذْكَرُ لبيان مكان وقوعِ الفعل. نحو: قوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12].

 فوق: ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف.

الأعناق: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والظرف والمضاف إليه متعلقان بالفعل (اضربوا)([17]).

المطلب الثالث: تعريف التقديم لغة واصطلاحًا:

التقديم لغة: نقيض التأخير([18])، وهو كَوْن الشَّيْء أَولًا([19]).

التقديم اصطلاحًا: “تَقْدِيم أَمر كَانَ مُؤَخرًا مَعَ بَقَاء اسْمه ورسمه الَّذِي كَانَ قبل التَّقْدِيم؛ كتقديم الْخَبَر على الْمُبْتَدَأ وَتَقْدِيم الْمَفْعُول على الْفِعْل، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يبْقى لَهُ مَعَ التَّقْدِيم اسْمه ورسمه السَّابِق”([20]).

أو هو: “التّغيير في التّرتيب الطَّبيعيّ لأجزاء الجملة؛ لغرض بلاغيّ؛ كزيادة الاهتمام، أو القصر، أو التّشويق، أو لضرورة شعريّة”([21]).

المطلب الرابع: الأغراض البلاغية للتقديم:

الألفاظ قوالب المعاني، فيجب أن يكون ترتيبها الوضعي بحسب ترتيبها الطبيعي، ومن البين أن رتبة المسند إليه التقديم؛ لأنه المحكوم عليه، ورتبة المسند التأخير، إذ هو المحكوم به، وما عداهما فتوابع ومتعلقات تأتي تالية لهما في الرتبة.

ولكن قد يعرض لبعض الكلم من المزايا ما يدعو إلى تقديمه، وإن كان حقه التأخير، فيكون من الحسن تغيير هذا النظام؛ ليكون المقدم مشيرًا إلى الغرض الذي يراد، ومترجمًا عما يقصد به([22]).

ولا يخلو التقديم من أحوال أربع:

1- ما يفيد زيادة في المعنى مع تحسين في اللفظ، وذلك هو الغاية القصوى، وإليه المرجع في فنون البلاغة، والقرآن الكريم هو العمدة في هذا، انظر إلى قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23].

تجد أن تقديم الجار والمجرور (إلى ربها) في هذا المثال قد أفاد التخصيص، وأن النظر لا يكون إلا لله، مع جودة الصياغة وتناسق الفاصلة.

2- ما يفيد زيادة في المعنى فقط؛ نحو: قوله تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر: 66]. فتقديم المفعول به لفظ الجلالة (الله) في هذا المثال؛ لتخصيصه بالعبادة، وأنه ينبغي ألا تكون لغير الله تعالى، ولو أخره لما أفاد الكلام ذلك.

3- ما يتكافأ فيه التقديم والتأخير، وليس لهذا الضرب شيء من الحسن والجمال؛ كقول الشاعر:

وكانت يدي ملأى به ثم أصبحت

 بحمد إلهي وهي منه سليب([23])

فتقديره: ثم أصبحت وهي منه سليب بحمد إلهي.

4- ما يختل به المعنى ويضطرب، وذلك هو التعقيد اللفظي؛ كتقديم الصفة على الموصوف، والصلة على الموصول، أو نحو ذلك من الأنواع التي خرجت عن الفصاحة، ومنها قول الفرزدق:

إلى ملكٍ ما أمُّه من محاربٍ

 أبوه ولا كانت كليبٌ تصاهرهْ([24])

 فتقديره: إلى ملك أبوه ما أمه من محارب، أي ما أم أبيه منهم، فقدم خبر المبتدأ، وهو جملة.

ولا شك أن هذا لا يفهم من كلامه للنظرة الأولى، بل يحتاج إلى تأمل وتريث ورفق، حتى يفهم المراد منه([25]).

وفي كلّ الأحوال ترجع مزايا التقديم إلى أمرين رئيسين:

الأمر الأول: ما يفيد زيادةً في المعنى وزيادةً في جمال اللفظ، وهذا غاية ما يعتني به البلغاء في هذا المجال.

الأمر الثاني: ما يفيد زيادةً في أحدهما فقط، ويدخل هذا أيضًا ضمن مقاصد البلغاء.

أمّا ما يتكافأ فيه التقديم والتأخير فلا يهتم به البلغاء، وأمّا ما يختلُّ به المعنى أو يفقد عنصرًا من عناصر جمال اللّفظ فيتجافون عنه وينفرون منه([26]).

وتتلخص أغراض التقديم في:

1- تخصيص المسند بالمسند إليه، أي: قَصْرُ المسند على المسنَدِ إليه، فلا يكون لغيره؛ نحو: قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]. ونحو: قوله تعالى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4].

والجملتان اسميتان، والأصل فيهما تقديم المسنَدِ إليه، وقدم فيهما المسند؛ لإِفادة التخصيص بمعنى القصر([27]).

2-التنبيه من أوّل الأمر على أنه خبرٌ وليس نعتًا([28])؛ لأن النعت لا يتقدم على المنعوت, بخلاف الخبر مع المبتدأ([29])؛ نحو: قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36].

جاء في هذه الآية تقديم المسند وهو (لكم) على المسند إليه وهو (مستقر)؛ لئلا يسبق إلى التوهّم أن المسند قد سيق على سبيل النعت للمسند إليه، وأن الخبر لم يأتِ بَعْدُ، مع ما في هذا التقديم من مراعاة داعٍ جمالي في اللفظ، اقتضته رؤوس الآيات.

ونحو: قول الشاعر:

لَهُ هِمَمٌ لاَ مُنْتَهى لِكِبَارِهَا  

 وَهِمَّتُهُ الصُّغْرَى أَجَلُّ مِنَ الدَّهْرِ([30])

أصل الكلام: “هِمَمٌ لَهُ لاَ مُنْتَهَى لِكبَارِها” لكنّ هذه الصيغة توهم أنّ “لَهُ” صفة لهمم؛ لأنّ النكرة تستدعي النعت أكثر ممّا تستدعي الخبر، وهو يريد أن يُثبت لممدوحه هممًا لا منتهى لكبارها، ودفعًا للتوهم الذي كان يمكن أن يحدثَ، قدَّم المسند وهو “له” على المسند إليه وهو “هِمَمٌ” لا منتهى لكبارِها”([31]).

3-التفاؤل بسماع ما يسر المخاطب؛ نحو: قوله تعالى: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [البقرة: 36]. قدم المسند في هذه الآية على سبيل التفاؤل والطمع بكرم الله وفضله. فالمسند، وهو الفعل (يغفر)، قد قدم على المسند إليه (الله)؛ ليفيد التفاؤل بمغفرة الله تعالى.

ونحو: قول الشاعر:

سَعِدَتْ بغُرَّةِ وَجْهِكَ الأَيَّامُ

               وتَزَيَّنَتْ بِلقَائِكَ الأَعْوَامُ([32])  

قدم المسند في هذا المثل؛ لقصد إسماع المخاطب “من أول الأمر” ما يتفاءل به، ويغتبط له([33]).

فالمسند، وهو الفعل (سعدت)، قد قدم على المسند إليه (الأيام)؛ ليفيد التفاؤل؛ لأنه من جنس السرور والسعادة، وكذلك الفعل (تزينت)، قدم على المسند إليه (الأعوام)؛ لنفس الغرض([34]).

إن الفعل (سعدت) هنا يجوز تأخيره في تركيب آخر بأن يقال: الأيام سعدت بغرة وجهك على أنه من باب الإخبار بالجملة لا على أن يكون فعلًا فاعله تقدم عليه، فتقديم (سعدت) في هذا التركيب المؤدي إلى كون المسند إليه فاعلًا مع صحة تأخيره باعتبار تركيب آخر لأجل ما ذكر من التفاؤل، بخلاف ما لو أخر (سعدت) بالنظر للتركيب الآخر، فلا يكون فيه تفاؤل؛ لما علمته من معنى التفاؤل([35])، وكذلك الكلام بالنسبة للفعل (تزينت).

4-التشويق للمتأخر (المسند إليه)، إذا كان في المتقدِّم (المسند) ما يُشوِّق لذكره([36]).

بمعنى: أن يكون في المسند المتقدم طول يشوق النفس إلى ذكر المسند إليه المتأخر فيكون له وقع في النفس ومحل من القبول([37])؛ نحو: قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ} [آل عمران: 190].

جاء في هذه الآية تقديم المسند وهو (في خلق السموات) على المسند إليه وهو (لآيات)؛ فتقديم المسند في هذه الآية أفاد التشويق إلى معرفة المسند إليه، والإفصاح عنه.

5-الاهتمام بشأن المقدّم أو الإِشعار بالاهتمام به؛ نحو: قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24].

قوله تعالى: (بِآيَاتِنَا) معمولٌ مقدَّمٌ على عامله وهو (يُوقِنُونَ)، وَقُدِّمَ؛ لِلإِشْعَارِ بأَهَمّيَةِ آيَاتِ اللهِ في حيَاةِ البَشَر، وبقيمَتِها العظيمة في رحلة امتحانهم، فالإِيقانُ بها هو الذي يُصَحِّحُ مسيرتهم ويُقوّمُ سُلوكهم، وليس الغرض حصر الإِيقان بها، فأركان الإِيمان التي يجب الإِيقان بها لا تقتصر على آيَات الله. مع ما في تأخير (يُوقِنُونَ) من مراعاة عنصر جماليٍّ تستدعيه رؤوس الآيات([38]).

ونحو: قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1].

قوله تعالى: (للناس) جار ومجرور مقدم على الفاعل (حسابهم)؛ للعناية والاهتمام؛ “لأن المقصود الأهم الاقتراب إلى المشركين؛ ليورثهم رهبة وانزعاجًا من أول الأمر” ([39]).

6-التخلّص مما يُوهم معنىً غير مرادٍ في دلالات الكلام، ومن أمثلة ذلك قول الله تعالى: { وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر: 28].

قوله تعالى: (مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) نعت لـ (رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ).

وقوله تعالى: (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) نعت أيضًا لـ (رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ).

وهذان النعتان متكافئان في الرتبة، فليس أحدهما أولى بالتقديم من الآخر، لكن تقديم عبارة (يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) على عبارة (مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ) يوهم أنّ الجار والمجرور في هذه العبارة متعلقان بفعل (يكتم) مع أنهما متعلقان بمحذوف هو صفة لـ (رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ) تقديره (كائنٌ من آل فرعون)، فرفع تقديمها هذا الإِيهام، وجاء البيان سليمًا واضحًا([40]).

إلى غير ذلك من دواعٍ لا تخفى على الدارس المتتبِّع اللّبيب.

المبحث الثاني: الدراسة التطبيقية:

بعد استقراء المواضع التي اشتملت على شبه الجملة المتقدمة في سورة النبأ قام الباحث بتحليل هذه المواضع وبيان الأثر التفسيري المترتب عليها، وقد اشتملت سورة النبأ على اثني عشر موضعًا، متمثلة في اثنتي عشرة مسألة، وهي كما يأتي:

المسألة الأولى: قال الله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

عم: عن: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، ما: اسم استفهام، مبني على السكون، في محل جر بحرف الجر، وحذفت الألف رسمًا؛ لسقوطها وقفًا، وهي نهاية آية، ويجب حذف ألف (ما) الاستفهامية إذا جرّت بحرف جر، وإبقاء الفتحة دليلًا عليها([41])، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل بعدهما (يتساءلون)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره: (مستفهِمِين أو مستخبِرِين عن أيِّ شيء).

يتساءلون: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: استئنافية، لا محل لها من الإعراب.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

عن أي شيء يتساءل هؤلاء المشركون بالله ورسوله من قريش يا محمد، وقيل ذلك له صلى الله عليه وسلم، فقد روي أن قريشًا كانت تختصم وتتجادل في الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقرار بنبوته، والتصديق بما جاء به من عند الله، والإيمان بالبعث، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: عن أي شيء يتساءل هؤلاء القوم ويختصمون([42]).

أصله عن ما يتساءلون؟ فأدغمت النون في الميم؛ لأن الميم تشترك مع النون في الغنة في الأنف، والمعنى عن أي شيء يتساءلون، فاللفظ لفظ استفهام، ومعناه التفخيم والتعظيم([43])؛ أي: تفخيم شأن ما يتساءلون عنه، كأنه لفخامته خفي جنسه فيسأل عنه([44])، وحذفت الألف في الاستفهام؛ للتفريق بينه وبين الخبر([45]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (عن)، وأن المجرور جاء اسم استفهام مبنيًا على السكون في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على متعلقهما (يتساءلون)، وهو فعل مضارع؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بالذمّ، فهو ذمّ خاص لكفار قريش؛ لأنهم يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في يوم القيامة. فهذا التقديم أفاد أن الذم محصور ومقصور ومختص بكفار قريش.

المسألة الثانية: قال الله تعالى: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} [النبأ: 3].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

الذي: اسم موصول، مبني على السكون، في محل جر نعت ثانٍ لـ (النبأ)، أو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره (أعني)، وعليه: فالجملة ابتدائية، لا محل لها من الإعراب، أو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، تقديره (هو)، وعليه: فالجملة ابتدائية، لا محل لها من الإعراب.

هم: ضمير منفصل، مبني على السكون الظاهر على آخره، في محل رفع مبتدأ.

فيه: في: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الكسر، في محل جر بحرف الجر، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالخبر بعدهما (مختلفون) ([46]).

مختلفون: خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم، والجملة الاسمية: صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب، وضمير الصلة العائد: الضمير المجرور في (فيه).

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: الذي طال في الخبر العظيم نزاعهم، وانتشر فيه خلافهم على وجه التكذيب والاستبعاد، وهو النبأ الذي لا يقبل الشك ولا يدخله الريب، ولكنَّ المكذبين بلقاء ربهم لا يؤمنون، ولو جاءتهم كل

آية حتى يروا العذاب الأليم([47]).

وقد قيل: إن النبأ الذي اختلفوا فيه هو الرسول صلى الله عليه وسلم في بعثته لهم. وقيل: هو القرآن الذي أنزل عليه يدعوهم به. وقيل: هو البعث بعد الموت([48]).

والذي يظهر- والله تعالى أعلم -: أن أظهرها دليلًا هو يوم القيامة والبعث; لأنه جاء بعده بدلائل البعث وبراهينه كلها، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة([49]).

 “اختلافهم في النبأ اختلافهم فيما يصفونه به، كقول بعضهم: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنعام: 25] وقول بعضهم: هذا كلام مجنون، وقول بعضهم: هذا كذب، وبعضهم: هذا سحر، وهم أيضًا مختلفون في مراتب إنكاره. فمنهم من يقطع بإنكار البعث مثل الذين حكى الله عنهم بقوله: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبأ: 7- 8]، ومنهم من يشكون فيه كالذين حكى الله عنهم بقوله: ﴿قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾[الجاثية: 32]”([50]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (في)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الكسر في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على متعلقهما (مختلفون) وهو خبر المبتدأ؛ للاهتمام والعناية بالمجرور (النبأ)، وللإشعار بأن الاختلاف ما كان من حقه أن يَتعلق به، مع ما في التقديم من الرعاية على الفاصلة([51]).

المسألة الثالثة: قال الله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً}[النبأ: 12].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

وبنينا: الواو: حرف عطف، يفيد مطلق الجمع، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب، بنينا: فعل ماض، مبني على السكون الظاهر على الياء؛ لاتصاله بضمير الرفع، ونا العظمة: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: معطوفة على الجملة الاستئنافية، لا محل لها من الإعراب.

فوقكم: ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على القاف، وهو مضاف، والكاف: ضمير متصل، مبني على الضم، في محل جر مضاف إليه، والميم: للجمع المذكر، حرف مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، وشبه الجملة: الظرف والمضاف إليه: متعلقان بالفعل (بنينا)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (جاعِلين أو مُنشئِين فوقكم)، أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (سبعًا كائنةً فوقكم)، ولو تأخر الظرف والمضاف إليه عن المفعول به؛ لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

سبعًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

شدادًا: نعت لـ (سبعًا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: وبنينا وأوجدنا بقدرتنا التي لا يعجزها شيء، فوقكم- أيها الناس- سبع سموات محكمة قوية الخلق، وَثِيقَة الْبُنْيَانِ، لا يؤثر فيها مرور الزمان، لا شقوق فيها ولا فروج، ولا فطور([52]).

قال ابن كثير: “يعني: السموات السبع، في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها، وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات”([53]).

ويلحظ في هذه الآية أن شبه الجملة مكونة من ظرف المكان والمضاف إليه، وأن الظرف هو (فوق)، وأن المضاف إليه جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الضم في محل جر، وأن الظرف والمضاف إليه قدما على المفعول به (سبعًا)؛ لإفادة الحصر والقصر وللاهتمام بالناس؛ لينبههم تعالى على قدرته وسلطانه؛ فعرفوا أنه فعال لما يريد، قادر على ما يشاء([54])، وأن الله تعالى إنما خلق هذه السموات السبع فوقهم؛ ليفتح عليهم الأرزاق والبركات منها، وينفعهم بأنواع منافعها([55]). فتقديم الظرف والمضاف إليه على المفعول الصريح؛ للاعتناء بالمقدم وهو الناس، والتشويق إلى المؤخر وهو سبع سموات. يقول أبو السعود: “وتقديمُ الظرفِ على المفعولِ ليسَ لمراعاةِ الفواصلِ فقطْ بلْ للتشويقِ إليهِ، فإنَّ ما حقُّه التقديمُ إذا أُخِّر تبقى النفسُ مترقبةً له، فإذا وردَ عليها تمكّنَ عندَها فضلُ تمكنٍ”([56]).

المسألة الرابعة: قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} [النبأ: 14].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

وأنزلنا: الواو: حرف عطف، يفيد مطلق الجمع، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب، أنزلنا: فعل ماض، مبني على السكون الظاهر على اللام؛ لاتصاله بضمير الفاعل، ونا العظمة: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: معطوفة على الجملة الاستئنافية، لا محل لها من الإعراب.

من: حرف جر، مبني على السكون، وحرك بالفتح؛ لالتقاء الساكنين، لا محل له من الإعراب.

المعصرات: اسم مجرور بحرف الجر، وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (أنزلنا)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (رازِقِين أو باعثِين من المعصِرات) أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (ماءً مرزوقًا أو مبعوثًا من المعصِرات)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

ماء: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثجاجًا: نعت لـ (ماء) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: وأنزلنا من السحب والغيوم التي تنعصر بالماء ولم تُمطر بعد مطرًا منصبًا بكثرة ومتدفقًا بقوة، كثير ومتتابع السيلان([57]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (من)، وأن المجرور جاء اسمًا ظاهرًا مجرورًا بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (ماء)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص، بمعنى: وأنزلنا من السحاب لا من غيرها ماءً غزيرًا.

المسألة الخامسة: قال الله تعالى: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً} [النبأ: 15].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

لنخرج: اللام: لام التعليل، حرف مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، نخرج: فعل مضارع منصوب بأن المصدرية المضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، والفاعل: ضمير مستتر وجوبًا، تقديره (نحن)، عائد على الله تعالى المعظِّم نفسه، والجملة الفعلية: صلة الموصول الحرفي، لا محل لها من الإعراب، والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل بعدها (إخراج) في محل جر بحرف الجر، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (أنزلنا)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (أنزلنا ماءً مريدين لإخراج…).

به: الباء: حرف جر، يفيد السببية، مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الكسر، في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (نخرج)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (مُنبِتِين به) أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (حبًا نابتًا به)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

حبًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ونباتًا: الواو حرف عطف يفيد مطلق الجمع مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، نباتًا: اسم معطوف على (حبًا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: لنخرج بهذا الماء الكثير الطيب النافع المبارك الذي ننزله من المعصرات إلى الأرض حبًّا كالبر والشعير يُدَّخَرُ للناس والأنعام، ونَبَاتًا: أَي: الكلأ الذي يُرْعى، من الحشيش والزروع([58]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (الباء)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الكسر في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (حبًّا)؛ لإفادة العناية والاهتمام، فكأنه يقول بهذا الماء لا بغيره يخرج اللهُ الحبَّ والنبات([59]).

المسألة السادسة: قال الله تعالى: {لِلطَّاغِينَ مَآباً} [النبأ: 22].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

للطاغين: اللام: حرف جر، مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، الطاغين: اسم مجرور بحرف الجر، وعلامة جره الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بـ (مئابًا) بعدهما([60]).

مئابًا: بدل من خبر كان (مرصادًا)، أو خبر ثانٍ لكان، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره([61]).

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

إن جهنم مآب ومرجع ومنقلب ومصير ونزل للطاغين المكذبين، الذين لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر([62])، فهو وصف لمصير الكفار في ذلك اليوم الذين وصفوا بالطاغين؛ للتدليل على كفرهم وبغيهم: فقد أعدّت جهنّم لتكون مأوى لهم ومرصدهم المنتظر([63]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (اللام)، وأن المجرور جاء اسمًا ظاهرًا مجرورًا بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على متعلقهما (مئابًا)، وهو بدل من خبر كان (مرصادًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص المذموم.

أي: إن جهنم كانت للمتجاوزين الحد في الظلم والطغيان، هي المكان المهيأ لهم لا لغيرهم، والذي لا يستطيعون الهرب منه، بل هي مرجعهم الوحيد الذي يرجعون إليه([64]).

المسألة السابعة: قال الله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً} [النبأ: 24].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

لا: حرف نفي مهمل – إعرابًا لا معنىً-، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

يذوقون: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: استئنافية، بيانية، لا محل لها من الإعراب.

فيها: في: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الفتح، في محل جر بحرف الجر، والألف: للتأنيث، حرف مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (يذوقون)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (شاعرين أو طاعِمِين فيها) أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (بردًا محسوسًا أو موجودًا فيها)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

بردًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ولا شرابًا: الواو حرف عطف يفيد مطلق الجمع مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، لا: حرف نفي مهمل – إعرابًا لا معنىً- مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، شرابًا: اسم معطوف على (بردًا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: لا يجدون في جهنم بردًا لقلوبهم، ولا شرابًا طيبًا يتغذون به، ويغنيهم عن العطش على حال من الأحوال ([65]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (في)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الفتح في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (بردًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص، وكأنه أشار بتقديمه إلى أنهم يذوقون في دار أخرى الزمهرير([66]).

المسألة الثامنة: قال الله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} [النبأ: 31].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

إن: حرف توكيد ونصب ونسخ، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب.

للمتقين: اللام: حرف جر، مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، المتقين: اسم مجرور بحرف الجر، وعلامة جره الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إنّ مقدَّم، تقديره (إنَّ مفازًا كائنٌ للمتقين).

مفازًا: اسم إنّ مؤخر منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وجملة إنّ ومعموليها: ابتدائية، تقريرية، لا محل لها من الإعراب.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضي ربهم، وعملوا بأوامره، واجتنبوا نواهيه، فوزًا: أي نجاة من العذاب والهلاك، وقيل: فوزًا بما طلبوه من نعيم الجنة، ويحتمل أن يفسر الفوز بالأمرين جميعًا؛ لأنهم فازوا بمعنى نجوا من العذاب والهلاك، وفازوا بما حصل لهم من النّعيم([67]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (اللام)، وأن المجرور جاء اسمًا ظاهرًا مجرورًا بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على اسم إن (مفازًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص المحمود، وللاهتمام بالمتقين تنويهًا بهم([68]).

المسألة التاسعة: قال الله تعالى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً} [النبأ: 35].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

لا: حرف نفي مهمل – إعرابًا لا معنىً- مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

يسمعون: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: استئنافية، بيانية، لا محل لها من الإعراب.

فيها: في: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الفتح، في محل جر بحرف الجر، والألف: للتأنيث، حرف مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (يسمعون)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (واجِدِينَ أو حاسِّينَ فيها) أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (لغوًا محسوسًا أو موجودًا فيها)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

لغوًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ولا كذابًا: الواو حرف عطف يفيد مطلق الجمع مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، لا: حرف نفي مهمل – إعرابًا لا معنىً- مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، كذابًا: اسم معطوف على (لغوًا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

الضمير في قوله: (فيها) إما يعود على الكأس، أي لا يجري بينهم لغو في الكأس التي يشربونها، وذلك لأن أهل الشراب في الدنيا يتكلمون بالباطل، وأهل الجنة إذا شربوا لم يتغير عقلهم، ولم يتكلموا بلغو، وإما الضمير يعود إلى الجنة، أي لا يسمعون في الجنة شيئًا يكرهونه([69]).

وفي اللغو ها هنا أربعة أقوال: أحدها الباطل. الثاني: الحلف عند شربها. الثالث: الشتم. الرابع: المعصية. وفي (كِذّابًا) ثلاثة أقوال: أحدها: لا يكذب بعضهم بعضًا. الثاني: أنه الخصومة. الثالث: أنه المأثم([70]).

والمعنى أن هؤلاء المتقين لا يجري بينهم حين يشربون لغو الكلام، ولا يكذب بعضهم بعضًا كما يجري بين الشرب في الدنيا؛ لأنهم إذا شربوا لم تفتر أعصابهم، ولم تتغير عقولهم([71]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (في)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الفتح في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (لغوًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بالمدح.

المسألة العاشرة: قال الله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً} [النبأ: 37].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

لا: حرف نفي مهمل – إعرابًا لا معنىً- مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

يملكون: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو: ضمير متصل، مبني على السكون، في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، ويمكن أن تكون حالية من (الرحمن)، في محل نصب.

منه: من: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الضم، في محل جر بحرف الجر، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (يملكون)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (لا يملكون آخذين منه) أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (خطابًا مسموحًا أو مأخوذًا منه)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

خطابًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: هذا الجزاء العظيم للمتقين هو كائن من ربك، الذي هو رب أهل السموات وأهل الأرض، ورب ما بينهما من مخلوقات لا يعلمها إلا هو، وهو- سبحانه- صاحب الرحمة الواسعة العظيمة التي لا تقاربها رحمة، وأهل السموات والأرض وما بينهما، خاضعون ومربوبون لله- تعالى- الواحد القهار، الذي لا يقدر أحد منهم- كائنًا من كان- أن يخاطبه إلا بإذنه، ولا يملك أن يفعل ذلك إلا بمشيئته([72]).

والضمير في قوله: (لا يملكون) يرجع لأهل السموات والأرض، وهذا هو الصواب، فإن أحدًا من المخلوقين لا يملك مخاطبة الله ومكالمته، وقيل: يرجع للمشركين. وقيل: يرجع للمؤمنين([73]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (من)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الضم في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (خطابًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بهول الموقف. أي: هيبة من اللَّه تعالى، وتعظيمًا لحقه؛ فلا يملكون من هيبته الخطاب بالشفاعة أو بالخصومة أو بأي شيء كان([74]).

المسألة الحادية عشرة: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} [النبأ: 38].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

أذن: فعل ماض، مبني على الفتح الظاهر على آخره.

له: اللام: حرف جر، مبني على الفتح؛ لاتصاله بالضمير، لا محل له من الإعراب، والهاء: ضمير متصل، مبني على الضم، في محل جر بحرف الجر، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (أذن)، أو بمحذوف حال من الفاعل بعدهما، تقديره (الرحمنُ راضيًا له).

الرحمن: لفظ الجلالة، فاعل مرفوع -مع التعظيم- وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والجملة الفعلية: صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب، وضمير الصلة العائد: الضمير المجرور في (له).

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

المعنى: “إنّ الذين هم أفضل الخلائق وأشرفهم وأكثرهم طاعة وأقربهم منه وهم الروح والملائكة لا يملكون التكلم بين يديه، فما ظنك بمن عداهم من أهل السموات والأرض؟”([75]).

والمقصود من الآية الكريمة، بيان أن الخلائق جميعًا يكونون في هذا اليوم، في قبضة الرحمن وتحت

تصرفه، وأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا إلا بإذنه تعالى([76]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (اللام)، وأن المجرور جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الضم في محل جر بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على الفاعل (الرحمن)؛ لإفادة العناية والاهتمام بهذه الخلائق.

المسألة الثانية عشرة: قال الله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً} [النبأ: 39].

أولًا: تحليل شبه الجملة المتقدمة في الآية:

اتخذ: فعل ماض، مبني على الفتح الظاهر على آخره، في محل جزم جواب الشرط، والفاعل: ضمير مستتر جوازًا، تقديره (هو)، عائد على اسم الشرط (مَن)، وجملة (اتخذ) لا محل لها من الإعراب جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء، وجملتا فعل الشرط وجوابه: في محل رفع خبر المبتدأ (مَن)، وجملة الشرط بأركانها: ابتدائية، لا محل لها من الإعراب.

إلى: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.

ربه: اسم مجرور بحرف الجر-مع التعظيم-، وعلامة جره الكسرة الظاهرة على الباء، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل، مبني على الكسر، في محل جر مضاف إليه، وشبه الجملة: الجار والمجرور متعلقان بالفعل (اتخذ)، أو بمحذوف حال من ضمير الفاعل، تقديره (ذاهبًا إلى ربه)، أو بمحذوف حال من المفعول به بعدهما، تقديره (مئابًا موصِلًا إلى ربه)، ولو تأخر الجار والمجرور عن المفعول به، لتعلقا بنعت له؛ لكونه نكرة.

مئابًا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

ثانيًا: الأثر التفسيري لشبه الجملة المتقدمة في الآية:

أي: “فمن شاء في الدنيا اتخذ بالعمل الصالح والإيمان إلى ربه في ذلك اليوم مرجعًا ومنجى وسبيلًا وطريقًا إلى رحمته. وفي الكلام معنى التهدد والوعيد، أي: من لم يفعل ذلك فسيرى ما يحل به غدًا”([77]).

ويلحظ في هذه الآية أن حرف الجر هو (إلى)، وأن المجرور جاء اسمًا ظاهرًا مجرورًا بحرف الجر، وأن الجار والمجرور قدما على المفعول به (مئابًا)؛ للاهتمام والعناية به، ومراعاة للفواصل، “كأنَّه قيل وإذا كان الأمر كما ذُكرَ منْ تحققِ اليومِ المذكورِ لا محالةَ فمن شاءَ أن يتخذَ مرجعًا إلى ثوابِ ربِّه الذي ذُكِرَ شأنُه العظيمُ فعْلَ ذلكَ بالإيمانِ والطاعةِ” ([78]). وفيه وعد ووعيد وتحريض وتخويف الكفار من عقاب الله تعالى([79]).

الخاتمة

بعد أن منّ الله عليّ بالانتهاء من هذا البحث، فإنني أستخلص منه بعض النتائج الآتية:

1-هناك علاقة وطيدة بين الإعراب والبلاغة والتفسير التحليلي، فعلما النحو والبلاغة من العلوم المهمة التي لا بد للمفسر أن يتسلح بها، وهذا ظاهر في كثير من كتب التفسير.

2-ظهر في البحث تعريف التفسير التحليلي، وتعريف التقديم، وتعريف شبه الجملة، وبيان أقسامها.

3- تبين للباحث أن تحديد شبه الجملة المتقدمة في الآية، وتحليلها له عظيم الأثر في فهم الآية القرآنية وتدبرها.

4-جاءت شبه الجملة المتقدمة في اثني عشر موضعًا متمثلة في اثنتي عشرة مسألة في سورة النبأ.

5- جاءت شبه الجملة المتقدمة (الجار والمجرور) في أحد عشر موضعًا متمثلة في إحدى عشرة مسألة في سورة النبأ.

6- جاءت شبه الجملة المتقدمة (الظرف المكان والمضاف إليه) في موضع واحد متمثل في مسألة واحدة في سورة النبأ.

7-جاء حرف الجر (عن) مرة واحدة، وجاء مجروره اسم استفهام مبنيًا على السكون.

8- جاء حرف الجر (في) ثلاث مرات، وجاء مجرور أحدهما ضميرًا متصلًا مبنيًا على الكسر، وجاء الثاني والثالث ضميرًا متصلًا مبنيًا على الفتح.

9- جاء حرف الجر (من) مرتين، وجاء مجرور أحدهما اسمًا ظاهرًا مجرورًا، وعلامة جره الكسرة، والآخر جاء ضميرًا متصلًا مبنيًا على الضم.

10- جاء حرف الجر (الباء) مرة واحدة، وجاء مجروره ضميرًا متصلًا مبنيًا على الكسر.

11- جاء حرف الجر (اللام) ثلاث مرات، جاء مجرور الأول والثاني اسمًا ظاهرًا مجرورًا؛ وعلامة جره الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، والثالث جاء مجروره ضميرًا متصلًا مبنيًا على الضم.

12-جاء حرف الجر (إلى) مرة واحدة، وجاء مجروره اسمًا ظاهرًا مجرورًا، وعلامة جره الكسرة.

13-قدم الجار والمجرور على الفعل المضارع (يتساءلون) مرة واحدة؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بالذمّ.

14- قدم الجار والمجرور على متعلقهما (مختلفون) وهو خبر المبتدأ؛ للاهتمام والعناية بالمجرور (النبأ).

15- قدم الظرف والمضاف إليه على المفعول به (سبعًا)؛ للاعتناء بالمقدم وهو الناس، والتشويق إلى المؤخر وهو سبع سموات.

16- قدم الجار والمجرور على المفعول به (ماء)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص.

17- قدم الجار والمجرور على المفعول به (حبًّا)؛ لإفادة العناية والاهتمام.

18- قدم الجار والمجرور على متعلقهما (مئابًا) وهو بدل من خبر كان (مرصادًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص المذموم.

19- قدم الجار والمجرور على المفعول به (بردًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص.

20- قدم الجار والمجرور على اسم إن (مفازًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص المحمود، وللاهتمام بالمتقين تنويهًا بهم.

21- قدم الجار والمجرور على المفعول به (لغوًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بالمدح.

22- قدم الجار والمجرور على المفعول به (خطابًا)؛ لإفادة الحصر والقصر والاختصاص بهول الموقف.

23- قدم الجار والمجرور على الفاعل (الرحمن)؛ لإفادة العناية والاهتمام بالروح والملائكة.

24- قدم الجار والمجرور على المفعول به (مئابًا)؛ للاهتمام والعناية به، ومراعاة للفواصل.

التوصيات:

1-أوصي المؤسسات العلمية الإسلامية جامعات وكليات ومدارس وجمعيات ومراكز أن توجّه بعثاتها العلمية، ودراساتها العليا، وأبحاثها العلمية نحو الأبحاث التي تخدم القرآن الكريم، وخاصة الموضوعات التي لها علاقة بالنحو والبلاغة وتفسير القرآن الكريم.

2-أوصي طلبة العلم وخاصة طلبة العلوم الشرعية بالإقبال والإقدام على تعلم الإعراب والبلاغة وتلقيهما على أيدي مدرسين مختصين في هذا المجال.

ثبت المصادر والمراجع

1- أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

2- الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1415 هـ.

3- البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1418هـ.

4- جلال الدين القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل، بيروت، ط 3.

5- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه (ثم صوَّرته دار المعرفة، بيروت، لبنان)، ط 1، 1376 هـ.

6- الصعيدي، عبد المتعال، بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة، مكتبة الآداب، ط 17، 1426هـ.

7- حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية، دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت، ط1، 1416هـ.

8- مناهج جامعة المدينة العالمية، البلاغة 2 – المعاني، جامعة المدينة العالمية.

9- العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوي، عيسى البابي الحلبي وشركاه.

10- ابن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984 م.

11-المبرد، التعازي والمراثي والمواعظ والوصايا، تقديم وتحقيق: إبراهيم محمد حسن الجمل، مراجعة: محمود سالم، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع.

12- الأرمي، محمد الأمين بن عبد الله، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي، دار طوق النجاة، بيروت، لبنان، ط 1، 1421 هـ.

13- دروزة، محمد عزت، التفسير الحديث، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1383هـ.

14- ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط 2، 1420 هـ.

15- الخطيب، عبد الكريم يونس، التفسير القرآني للقرآن، دار الفكر العربي، القاهرة.

16- الرازي، التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، 1420هـ.

17- أبو منصور، الماتريدي، تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنة)، تحقيق: د. مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1426 هـ.

18- الزحيلي، د. وهبة بن مصطفى، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط2، 1418 هـ.

19- طنطاوي، د. محمد سيد، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة، القاهرة، ط1- 1997م، 1998م.

20- السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420 ه.

21- الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1420 هـ.

22- الغلايينى، مصطفى بن محمد سليم، جامع الدروس العربية، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، ط 28، 1414 هـ.

23- نكري، عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، عرب عباراته الفارسية: حسن هاني فحص، دار الكتب العلمية، لبنان، بيروت، ط 1، 1421 هـ.

24- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط2، 1384هـ.

25- محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم، دار الرشيد، دمشق، مؤسسة الإيمان، بيروت، ط 4، 1418 هـ.

26- الهاشمي، أحمد بن إبراهيم بن مصطفى، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، ضبط وتدقيق وتوثيق: د. يوسف الصميلي، المكتبة العصرية، بيروت.

27- الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، المكتبة العصرية، بيروت.

28- السمين الحلبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: د. أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق.

29- الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1415 هـ.

30- ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، القاهرة، دار مصر للطباعة، سعيد جودة السحار وشركاه، ط 20، 1400 هـ.

31- ابن هشام، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا.

32- الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، تحقيق: د حسين بن عبد الله العمري، مطهر بن علي الإرياني، د. يوسف محمد عبد الله، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1420هـ.

33- المراغي، أحمد بن مصطفى، علوم البلاغة “البيان، المعاني، البديع” .

34- دعكور، د. نديم حسين، القواعد التطبيقية في اللغة العربية، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط 2، 1998 م.

35- المبرد، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط3، 1417هـ.

36- أبو علي، الفارسي، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب، تحقيق وشرح: الدكتور محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط1، 1408هـ.

37- الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1407 هـ.

38- الكفوي: الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت.

39- الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، تحقيق: محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415 هـ.

40- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط 3، 1414 هـ.

41- ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1422هـ.

42- الزجاج، معاني القرآن وإعرابه، تحقيق: عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1408هـ.

43- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت، 1399هـ.

44- عمر، د. أحمد مختار عبد الحميد، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، ط1، 1429هـ.

45- إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، دار الدعوة، القاهرة.

46- عوني، حامد، المنهاج الواضح للبلاغة، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة.

47- مجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين، الموسوعة القرآنية المتخصصة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 1423 هـ.

48- عيد، محمد، النحو المصفى، مكتبة الشباب، القاهرة، 1971م.

49- حسن، عباس، النحو الوافي، دار المعارف، ط 15.

50- البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.

51- الماوردي، النكت والعيون، تحقيق: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

52- ابن أبي طالب، مكي، الهداية إلى بلوغ النهاية، تحقيق: مجموعة رسائل جامعية بكلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الشارقة، بإشراف أ. د: الشاهد البوشيخي، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الشارقة، ط 1، 1429 هـ.


([1]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت، 1399هـ، بَابُ الْفَاءِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا، مادة فسر (4/504).

([2]) ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط 3، 1414 هـ، فصل الفاء، مادة فسر(5/55).

([3]) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه (ثم صوَّرته دار المعرفة، بيروت، لبنان)، ط 1، 1376 هـ (1/13).

([4]) انظر: إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، دار الدعوة، القاهرة، باب الحاء، مادة حلل (1/ 194).

([5]) عمر، د. أحمد مختار عبد الحميد، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، ط1، 1429هـ، مادة حلل (1/550)، المعجم الوسيط، إبراهيم مصطفى وآخرون، باب الحاء، مادة حلل (1/ 194).

([6]) مجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين، الموسوعة القرآنية المتخصصة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 1423 هـ، ص 278.

([7]) انظر: دعكور، د. نديم حسين، القواعد التطبيقية في اللغة العربية، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط 2، 1998 م، ص 42.

([8]) انظر: عيد، محمد، النحو المصفى، مكتبة الشباب، القاهرة، 1971م، ص 531.

([9]) انظر: الغلايينى، مصطفى بن محمد سليم، جامع الدروس العربية، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، ط 28، 1414 هـ ( 3/ 168).

([10]) انظر: ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، القاهرة، دار مصر للطباعة، سعيد جودة السحار وشركاه، ط 20، 1400 هـ ( 3/ 3).

([11]) انظر: محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم، دار الرشيد، دمشق، مؤسسة الإيمان، بيروت، ط 4، 1418 هـ (17/42).

([12]) انظر: حسن، عباس، النحو الوافي، دار المعارف، ط 15 ( 2/ 433، 434).

([13]) انظر: محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم (4/298).

([14]) انظر: محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم (29/184).

([15]) انظر: ابن هشام، شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، سوريا، ص 299، والنحو الوافي (2/ 443).

([16]) انظر: محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم (2/346).

([17]) انظر: العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوي، عيسى البابي الحلبي وشركاه (2/619).

([18]) انظر: الحميري، نشوان بن سعيد، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، تحقيق: د حسين بن عبد الله العمري، مطهر بن علي الإرياني، د. يوسف محمد عبد الله، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1420هـ (8/5408).

([19]) انظر: نكري، عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، عرب عباراته الفارسية: حسن هاني فحص، دار الكتب العلمية، لبنان، بيروت، ط 1، 1421 هـ (1/227).

([20]) جامع العلوم في اصطلاحات الفنون (1/233).

([21]) عمر، د. أحمد مختار عبد الحميد، معجم اللغة العربية المعاصرة(1/71).

([22]) انظر: المراغي، أحمد بن مصطفى، علوم البلاغة “البيان، المعاني، البديع”، ص 100.

([23]) المبرد، التعازي والمراثي والمواعظ والوصايا، تقديم وتحقيق: إبراهيم محمد حسن الجمل، مراجعة: محمود سالم، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ص 173.

([24]) أبو علي، الفارسي، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، كتاب الشعر أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب، تحقيق وشرح: الدكتور محمود محمد الطناحي، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط1، 1408هـ، ص 109.

([25]) انظر: المراغي، أحمد بن مصطفى، علوم البلاغة “البيان، المعاني، البديع”، ص 100، 101.

([26]) انظر: حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية، دار القلم، دمشق، الدار الشامية، بيروت، ط1، 1416هـ (1/363).

([27]) انظر: الكفوي: الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، ص 258، الهاشمي، أحمد بن إبراهيم بن مصطفى، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، ضبط وتدقيق وتوثيق: د. يوسف الصميلي، المكتبة العصرية، بيروت، ص136، علوم البلاغة “البيان، المعاني، البديع”، ص 105، الصعيدي، عبد المتعال، بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة، مكتبة الآداب، ط 17، 1426هـ (1/192)، حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية (1/363).

([28]) انظر: جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، ص136.

([29]) انظر: بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة (1/192).

([30]) المبرد، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، القاهرة، ط3، 1417هـ (3/95).

([31]) انظر: حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية (1/379).

([32]) جلال الدين القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل، بيروت، ط 3 (2/198).

([33]) انظر: عوني، حامد، المنهاج الواضح للبلاغة، المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة (2/58).

([34]) انظر: مناهج جامعة المدينة العالمية، البلاغة 2 – المعاني، جامعة المدينة العالمية، ص 301.

([35]) انظر: الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، المكتبة العصرية، بيروت (2/149).

([36]) جلال الدين القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة (2/197)، الهاشمي، أحمد بن إبراهيم بن مصطفى، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، ص136.

([37]) انظر: الدسوقي، محمد بن عرفة، حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني (2/149).

([38]) انظر: حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية (1/385).

([39]) الكفوي: الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، ص 259.

([40]) انظر: المراغي، أحمد بن مصطفى، علوم البلاغة “البيان، المعاني، البديع”، ص 108، حَبَنَّكَة، عبد الرحمن، البلاغة العربية (1/394).

([41]) انظر: محمود بن عبد الرحيم، صافي، الجدول في إعراب القرآن الكريم (30/214).

([42]) انظر: الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1420 هـ (24/149).

([43]) انظر: الزجاج، معاني القرآن وإعرابه، تحقيق: عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1408هـ (5/271).

([44]) انظر: البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1418هـ (5/278).

([45]) انظر: ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1422هـ (5/423).

([46]) انظر: السمين الحلبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، تحقيق: د. أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق (10/648).

([47]) انظر: السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1420 ه، ص 906.

([48]) انظر: الماوردي، النكت والعيون، تحقيق: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان (6/182).

([49]) انظر: الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1415 هـ (8/406).

([50]) ابن عاشور، التحرير والتنوير، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984 م (30/10، 11).

([51]) انظر: أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، دار إحياء التراث العربي، بيروت (9/85)، ابن عاشور، التحرير والتنوير(30/11).

([52]) انظر: الرازي، التفسير الكبير، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3، 1420هـ (31/10)، القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني، وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية، القاهرة، ط2، 1384هـ (19/172).

([53]) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط 2، 1420 هـ (8/303).

([54]) انظر: أبو منصور، الماتريدي، تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنة)، تحقيق: د. مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، 1426 هـ (10/392).

([55]) انظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1407 هـ (3/179).

([56]) أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (9/87).

([57]) انظر: الزحيلي، د. وهبة بن مصطفى، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر، دمشق، ط2، 1418 هـ (30/11).

([58]) انظر: الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن (24/156)، ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (8/304).

([59]) انظر: الخطيب، عبد الكريم يونس، التفسير القرآني للقرآن، دار الفكر العربي، القاهرة (16/1418).

([60]) انظر: السمين الحلبي، الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (10/654).

([61]) انظر: الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1415 هـ (15/214).

([62]) انظر: الخطيب، عبد الكريم يونس، التفسير القرآني للقرآن (16/1420).

([63]) انظر: دروزة، محمد عزت، التفسير الحديث، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1383هـ (5/406).

([64]) انظر: طنطاوي، د. محمد سيد، التفسير الوسيط للقرآن الكريم، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، الفجالة، القاهرة، ط1- 1997م، 1998م (15/255).

([65]) انظر: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم (8/307)، البقاعي، إبراهيم بن عمر بن حسن، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة (21/205).

([66]) انظر: البقاعي، إبراهيم بن عمر بن حسن، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (21/205).

([67]) انظر: الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، تحقيق: محمد علي شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415 هـ (4/388).

([68]) انظر: أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (9/85)، ابن عاشور، التحرير والتنوير (30/44).

([69]) انظر: الرازي، التفسير الكبير (31/22).

([70]) انظر: الماوردي، النكت والعيون (6/189).

([71]) انظر: الأرمي، محمد الأمين بن عبد الله، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن، إشراف ومراجعة: الدكتور هاشم محمد علي بن حسين مهدي، دار طوق النجاة، بيروت، لبنان، ط 1، 1421 هـ (31/38).

([72]) انظر: طنطاوي، د. محمد سيد، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (15/258).

([73]) انظر: الرازي، التفسير الكبير (31/24).

([74]) انظر: أبو منصور الماتريدي، تفسير الماتريدي (10/400).

([75]) الزمخشري، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (4/691).

([76]) انظر: طنطاوي، د. محمد سيد، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (15/259).

([77]) ابن أبي طالب، مكي، الهداية إلى بلوغ النهاية، تحقيق: مجموعة رسائل جامعية بكلية الدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الشارقة، بإشراف أ. د: الشاهد البوشيخي، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الشارقة، ط 1، 1429 هـ (12/8014).

([78]) انظر: أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (9/94).

([79]) انظر: ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (5/429).