خاص هيئة علماء فلسطين

    
تحاول هذه الدراسة إيجاد مجموعة من الآليات التي يمكن من خلالها تفعيل دور المسجد في تحقيق التنمية المستدامة في أبعادها الثلاثة، واستثمار المكانة الرفيعة للمسجد في نفوس المسلمين؛ لإطلاق الدعوات, والنماذج التطبيقية مأخوذة من نصوص الوحي؛ لتقديم الصورة المشرقة للمسجد. فالمسجد يمكن أن يكون أقوى مؤثر في تحقيق الاستدامة، وللتأكيد على هذا تتطرق الدراسة إلى أنموذج تطبيقي للمسجد “صديق البيئة”، وهو “مسجد العرب” حيث يعد هذا المسجد أول مسجد في الأردن يُبنى وفق أسس التنمية المستدامة، وقد كان له صدى كبير في نفوس جميع الناس.  
This study attempts to find a set of mechanisms through which the role of the mosque can be activated in achieving sustainable development in its three dimensions and to invest the high status of the mosque in Muslims to launch the invitations and applied models taken from the texts of revelation to present the bright image of the mosque.   The mosque can be the most powerful in achieving sustainability. To emphasize this, the study deals with an applied model of the “friend of the environment” mosque, the “Mosque of the Arabs”, which is the first mosque in Jordan to be built on the foundations of sustainable development, It has resonated in all people’s hearts.


المقدمة:

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم النبيين, وعلى آله, وأصحابه, وأتباعه أجمعين، ومن سار على نهجه, واهتدى بهديه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

          تعد التنمية من العلوم المعاصرة التي نالت اهتمامًا كبيرًا من الباحثين والساسة والاقتصاديين بعد انتهاء الحرب العالمية, وظهور الدول النامية، إلى أن أصبحت لها أدبياتها المستقلة, وأصبحت فيما بعد تعرف بـ(علوم التنمية).

          وبعد ذلك برز أحد علومها, وهو التنمية المستدامة، وتم التركيز عليه بشكل خاص, ثم تحول إلى علم منفصل بعد عام 1987م؛ فعقدت الأمم المتحدة في هذا العام مؤتمرًا خاصًّا حول هذا الموضوع, وصدر عنه ما يعرف بتقرير (بروتلاند) حول التنمية المستدامة، والذي وضع تعريفها, وأبعادها, والتحديات التي تواجهها.

وفكرة الاستدامة تقوم على المحافظة على حقوق الأجيال الحالية، دون المساس بحقوق الأجيال القادمة، وتهدف إلى تنمية البيئة والاقتصاد والاجتماع بشكل متكامل, وعلى قدم المساواة، وهي فكرة ذات جذور إسلامية، وتشتمل الشريعة الإسلامية على عديد التطبيقات والنماذج, ومنها نظام الوقف، وأكثر صور الوقف انتشارًا في العالم الإسلامي هو المسجد.

          ومن هنا جاءت فكرة هذه الدراسة، حيث يسعى الباحث إلى إبراز إمكانية إسهام المسجد في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تفعيل جوانب متعددة، واستنادًا إلى مجموعة من المقوّمات التي تعزز انتشار فكرة المسجد المستدام، مع الإشارة إلى أحد النماذج التطبيقية وهو “مسجد العرب” في المملكة الأردنية الهاشمية.

مشكلة الدراسة:

يحتل المسجد مكانة مختلفة في نفوس جميع المسلمين، فهو المكان الأطهر والأكثر روحانية، ويرتبط به المسلم بشكل يومي، كما أن التنمية المستدامة أصبحت حديث الساعة في العالم أجمع على صعيد الحكومات الشعوب، ولأن الإسلام بجميع أطروحاته إيجابي, وعمليّ, ويحقق المصلحة, والمسجد جزء، وهو مؤهل؛ للتأثير في عمليّة التنمية المستدامة، يطرح الباحث الأسئلة الآتية:

  1. ما مقوّمات تأثير المسجد في عمليّة التنمية المستدامة؟
  2. ما الجوانب التي يجب تفعليها حتى يسهم المسجد في تحقيق التنمية المستدامة؟
  3. ما مظاهر التنمية المستدامة في مسجد العرب؟

أهداف الدراسة :

  1. بيان مقوّمات تأثير المسجد في عمليّة التنمية المستدامة.
  2. إبراز الجوانب التي يجب تفعيلها حتى يسهم المسجد في تحقيق التنمية المستدامة.
  3. معرفة مظاهر التنمية المستدامة في مسجد العرب.

أهمية الدراسة :

  1. محاولة؛ لتقديم تطبيق شرعي للتنمية المستدامة, والتي أصبحت من القضايا المعاصرة التي يحتاجها المجتمع الإنساني.
  2. إظهار أهمية المسجد, وقدرته على تحقيق التنمية المستدامة
  3. مساعدة القائمين على المساجد؛ لمواكبة التطورات العالمية.

الدراسات السابقة :

بعد البحث في فهارس الجامعات, والمجلات المحكمّة, والشبكة العنكبوتية، وسؤال أهل الاختصاص، لم يقف الباحث –في حدود إطلاعه- على دراسة تناولت العلاقة بين المسجد والتنمية المستدامة.

منهج البحث:

تقوم هذه الدراسة على المناهج الآتية:

  1. المنهج الاستقرائي: وذلك بتتبع بعض النصوص التي تظهر قيمة المسجد ومكانته.
  2. المنهج الوصفي: وذلك بوصف الجوانب التي يمكن للمسجد أن يسهم من خلالها في عملية التنمية المستدامة، مستعينًا بأدبيات التنمية المستدامة.

3. الزيارة الميدانية: حيث قام الباحث بزيارة مسجد العرب في الأردن، واطّلع على مظاهر التنمية المستدامة فيه.

التعريف بمصطلحات الدراسة:

– التنمية المستدامة: هي “التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون الإضرار بقدرة الأجيال المقبلة على تحقيق حاجاتها”([1])، وهي تشمل أبعادًا ثلاثة : البيئة, والاقتصاد, والمجتمع، وتسعى إلى ترقية هذه الأبعاد على قدم المساواة.

– المسجد: بمعناه العام: هو كل موضع من الأرض، لقوله r: “…جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا”([2])، ثم خصّصه عُرف الناس بـــ”المكان المهيّأ للصلوات الخمس”([3])

خطة الدراسة :

المبحث الأول: مقوّمات تأثير المسجد على التنمية المستدامة

المطلب الأول: مكانة المسجد

المطلب الثاني: مركز التوجيه الديني والدنيوي

المطلب الثالث: أحد صور الوقف

المبحث الثاني: جوانب تفعيل دور المسجد لتحقيق التنمية المستدامة

المطلب الأول: الجانب التعبّدي

المطلب الثاني: جانب الإدارة والتخطيط

المطلب الثالث: الجانب البيئي

المطلب الرابع: الجانب الاقتصادي

المطلب الخامس: الجانب الاجتماعي

المبحث الثالث: “مسجد العرب” في الأردن أنموذج تطبيقي لمتطلبات التنمية المستدامة.

المطلب الأول: نبذة عن المسجد.

المطلب الثاني: مظاهر التنمية المستدامة في المسجد.

الخاتمة: وتشتمل على النتائج والتوصيات

المبحث الأول : مقوّمات تأثير المسجد على التنمية المستدامة

المطلب الأول: مكانة المسجد .

          إن مكانة المسجد لدى المسلمين أفرادًا وجماعات، أوضح من أن يشار إليها بحديث، فهو ملتقى الأرض بالسماء، وفيه يشعر المسلم بحقيقته الإيمانية، ويكون في أحسن أحواله النفسية([4])، وله مكانة متعددة الأبعاد نفسيًّا وروحانيًّا واجتماعيًّا، فهو أحب البقاع إلى الله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله r قال: “أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا”([5]).

وهو مكان كسب الأجر والثواب عند بنائه، قال r: ” مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ  بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجَنَّةِ”([6])، وعند الذهاب إليه  قَالَ النَّبِيِّ r: “مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ”([7])، وعند المكوث فيه قال r: ” المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ “ ([8])، وفي المسجد يجتمع المسلمون يوميًّا وأسبوعيًّا وسنويًّا، وهو المكان الذي يَدَع فيه المسلمون فسادهم وشرورهم على الباب, ويدخلون إليه بقلب متفتح للإيمان، متطلع إلى السماء، وهو البرلمان الذي يتشاورون فيه بما يعرض لهم, وهو المدرسة, والمحكمة، فالمسجد في تاريخنا المشرّف يدخل في كل شأن من شؤون الأمة([9]).

 فهذه المكانة الرفيعة التي يتبوؤها المسجد في نفوس الجميع، تعد مقوّمًا أساسيًّا؛ لتأثير المسجد في عملية التنمية المستدامة، وحريّ بالحكومات والمؤسسات الدينية والعلماء إبراز ما يمكن للمسجد تقديمه في دفع عجلة التنمية الاقتصادية, والمحافظة على البيئة, وتحقيق التوادّ والتكاتف بين أفراد المجتمع، وعند النظر إلى وضع المسجد على امتداد التاريخ الإسلامي، تظهر جذور التنمية المستدامة الإسلامية، فالمسجد كان منطلقًا للعديد من النشاطات في الحياة الإسلامية إلى جانب العبادة والعلم، وهذا يشكل حافزًا للعمل بشكل جدّيٍّ للدمج بين الأصالة والمعاصرة، وإظهار الصورة الحقيقية والمشرقة للمسجد، ومدى قدرته على تحقيق التنمية المستدامة.

المطلب الثاني: مركز التوجيه الديني والدنيوي

إن طبيعة العلاقة القائمة بين المسلم والمسجد؛ تجعل المسجد مركزًا توجيهيًّا رائدًا في المجالات الدينية, والدنيوية على حد سواء([10])، فالمسلم يتردد على المسجد يوميًّا في الصلوات الخمس، وأسبوعيًّا بصلاة الجمعة، وسنويًّا بصلاة العيدين, وغير ذلك من المناسبات الطارئة؛ كالاستسقاء, والكسوف, والخسوف، لذلك وامتدادًا لمكانة المسجد، يكون للخطاب الوعظي التوجيهي الصادر عنه نكهة خاصة ورونق مختلف، تستمدّ من قوة بلاغة القرآن وقدسيته، ومن هيبة أحاديث النبيr  ومواقف سيرته، ومن التاريخ الإسلامي, وحياة سلف الأمة.

           وعلى ذلك يعد خطاب المسجد مقوّمًا أساسيًّا يؤثر في إدخال مفهوم الاستدامة إلى ذهنيّة المسلم، الذي ينقلها بدوره إلى بيته, ثم تنتشر في الشارع والحي والمدرسة وهكذا، حتى تصبح هدفًا يصبو إليه جميع المسلمين، ويرى الباحث أن هناك أمرين يسهمان في ذلك:

الأول: الجانب التوجيهي(التنظيري): وذلك باستثمار ثروة النصوص الصريحة, والدلالات المستنبطة حول موضوع الاستدامة بأبعادها الثلاثة، وبثّها للعامة من خلال الدروس, والخطب, وحلقات التعليم, وجميع قنوات الاتصال بين الإمام والمصلي، وعرضها بصورة طيّبة دون مبالغة, أو ليٍّ لأعناق النصوص، وهذا يؤدي إلى إدخال الخطاب إلى مجالات أرحب تلامس واقع الناس، ويواكب أيضًا مشكلات العصر.

الثاني: الجانب التطبيقي: وذلك بإدخال متطلبات التنمية المستدامة وشروطها إلى ذات المسجد، وتقديم صورة المسجد المستدام للعامة-كما سيأتي لاحقا-، وهذا إذا جمع إليه الجانب الوعظي والتوجيهي يكون له أثر بالغ في نفوس مرتادي المسجد.

إن فكرة الاستدامة التي تسعى إلى المحافظة على حقوق الأجيال القادمة, وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية, والنمو الاقتصادي دون إلحاق الضرر بالبيئة، وإن كانت غربية المنشأ, لكنها إسلامية الجذور([11])، وتتناثر النصوص الصريحة التي تدل عليها([12])، وهناك مفاهيم عامة تحقق مقصدها؛ كالوقف, والميراث, والزكاة، وبالتالي فإن أولى الناس في السعي إلى تحقيقها هم المسلمون، وأولى الأماكن لتطبيقها هو المسجد.

المطلب الثالث: أحد صور الوقف 

“إن بإمكان مؤسسة الوقف أن تقدم الكثير للتنمية المستدامة، سواء في مجال الاستثمار البشري أو المادي، أو في مجال حماية الموارد, وصيانتها عن الاستخدامات الجائرة”([13])، ويعد الوقف داخلًا في صميم عملية التنمية المستدامة؛ لما له من آثار تنموية كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية, والاجتماعية, وغيرها([14])، والكلام حول العلاقة بين الوقف والتنمية المستدامة مستفيض([15]).

          والمسجد هو أحد صور الوقف العديدة أو نماذجه التي طرحها الإسلام، ويتبوأ المكانة الأبرز في نفوس المسلمين، فعلاوة على أنه وقف؛ فقد خصّ القرآن الكريم والسنة النبوية بناءه, والعناية به بالأجر والثواب العظيم، وهذا أيضًا دافع آخر؛ لجعل المسجد مكان التنظير والتطبيق للتنمية المستدامة.

          يرى الباحث أن المسجد بما أحاطته الشريعة الإسلامية من الفضائل، وبأثره الكبير في التاريخ الإسلامي، قادر على أن يكون الأنموذج الأمثل والأكمل للتنمية المستدامة، بالاستناد إلى المقوّمات السابقة، التي تدفع الجميع رؤساء, ومرؤوسين, وأئمة, ومأمومين، إلى إعادة النظر في أحوال المساجد, وما يصدر عنها من توجيهات؛ حتى تواكب مستجدات العصر.

المبحث الثاني: جوانب تفعيل دور المسجد؛ لتحقيق التنمية المستدامة.

المطلب الأول: الجانب التعبّدي

يمكن التعبير عن هذا الجانب بالأجر والثواب, أو البعد الأخروي أو الروحاني، وهو أمر مختص بشريعة الإسلام، وعامل لا تجده في غالب أدبيات التنمية المستدامة، وهو في أصله استدامة للتنمية والخير، إذ يكون غطاءً دائمًا لأي فعل فيه منفعة في أي بعُد من أبعاد التنمية.

والإسلام حينما يربط في مفهوم التنمية بين الدنيا والآخرة؛ يجد المسلم الإغراء المشجعَ لإعمار الأرض, والحفاظ على الثروات, وتقديم الخير للناس؛ بدافع الأجر والثواب في الآخرة، وهذا يسهم في تخليص التنمية من السلبيات المعيقة المتمثلة بالأنانية, والعنصرية, والحقد، فيحيا الحياة الطيبة بعمله الصالح من زراعة, أو صناعة, أو تجارة، وبتحويل ثمرات هذا العمل لخيره وخير الناس([16])، فالعمل التنموي بصوره كافةً عبادة، وإذا كان مستدامًا فهو الأفضل؛ لأن أحب الأعمال إلى أدومها، وهذا يدفع المسلم نحو “تجويد مسعاه الدنيوي؛ لينال ثواب الآخرة، والمفهوم الإسلامي للسعي في الدنيا يجعل اهتمام الإنسان بترقية مجتمعه واهتمامه ببيئته أمرًا مهمًّا، وأيضًا لكسب الآخرة”([17]).

          والمسجد هو المكان الأفضل والأكثر أثراً, الذي يمكن من خلاله تحفيز هذا الجانب في نفوس المسلمين، وربط كل فعل تنموي مستدام بعامل الأجر والثواب، وخاصة أن المسجد قد ورد فيه عديد الآيات والأحاديث التي تحث على بنائه، قال تعالى ﱡإنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﱠ [التوبة: 18]، قال ابن رجب: ” عمارة المساجد تكون بمعنيين, أحدهما: عمارتها الحسية؛ ببنائها, وإصلاحها, وترميمها، وما أشبه ذلك، والثاني: عمارتها المعنوية؛ بالصلاة فيها، وذكر الله, وتلاوة كتابه، ونشر العلم الذي أنزله على رسوله r  ونحو ذلك”([18])، وكلا المعنيين مطلوب؛ لتحقيق التنمية المستدامة.

المطلب الثاني: جانب الإدارة والتخطيط.  

إن توسيع نشاط المسجد وتحفيز سيره نحو التنمية المستدامة “يجعله بحاجة إلى إدارة تستطيع أن تخطط, وتسهم في تنفيذ هذا النشاط؛ بحيث لا يستغرق إمام المسجد, ويشغله عن مهمته الأولى”، وتعد الإدارة والتخطيط أمرين متلازمين، فالتخطيط الناجح ذو النتائج المرجوّة هو نتاج إدارة قوية, والعكس صحيح، وبما أن المساجد أصبحت تتبع لإدارات ووزارات تكون هي المسؤولة عن شؤون المساجد كافة، فأول جانب يتم العمل عليه هو الإدارة التي تقدم الخطط اللازمة للإعمار, والرعاية, والمتابعة, والتفتيش, وغير ذلك.  

          وعليه فإن تحقيق التنمية المستدامة من خلال المسجد يحتاج إلى إدارة فعالة, وتخطيط سليم؛ حتى تعمم فكرة المسجد المستدام، ولتفعيل هذا الجانب يقترح الباحث الآليات الآتية:

أولًا- إعادة النظر في القوانين والتشريعات الناظمة للمساجد وشؤونها، وتعديلها, أو إنشاء قانون جديد، يتم فيه مراعاة متطلبات التنمية المستدامة من حيث تخطيط المسجد, ومرافقه.

ثانيًا- تعهّد لجان الإعمار بالتقيد بشروط التنمية المستدامة-في القانون الجديد-، على أن تتولى إدارات الأوقاف المتابعة الدائمة لهم، ثم محاسبتهم على أي قصور.

ثالثًا-  إجراء المسح الميداني على أي مكان يُقترح إقامة مسجد فيه([19])، وذلك؛ للتأكد من حاجة المنطقة له-وهذا معمول به أحيانًا-.

رابعًا- إتباع منهجية التخطيط العمراني والهندسي، وذلك؛ لتقدير المساحة التي يحتاجها المصلي في المسجد، ومساحة الخدمات الخارجية، وعدد الوحدات الصحية, وصنابير المياه, ومواقف السيارات, وغير ذلك([20])، وهذا يوفّر الجهد والمال, ويحد من البناء العشوائي للمساجد([21])

خامسًا: إلزام لجان إعمار المساجد التي يتم تشكيلها، بتقديم المخططات الهندسية وفق الشروط تبعًا لنوعية المسجد الذي قدّره المسح الميداني.

سادسًا: الاستقلالية الإدارية والمالية للجان رعاية المساجد، بحيث يكون للجنة جمع التبرعات المالية والعينية, واستثمارها للمسجد، بالإضافة إلى إنشاء عقارات, أو شراء أراض, يكون ريعها راجعًا إلى المسجد وحده([22])، على أن تتولى الوزارات والدوائر المهمة الإشرافية.

المطلب الثالث: الجانب البيئي

أدى دخول البيئة في مجال الاقتصاد إلى تغيّر مفهوم التنمية الاقتصادية من مجرد الزيادة في استغلال الموارد الاقتصادية النادرة؛ لغاية إشباع الحاجات الإنسانية المتجددة، إلى ظهور مفهوم  التنمية المستدامة، وهذا يُظهر أن البيئة هي السبب المباشر في انتقال التنمية إلى عهد جديد, وهي أيضًا الحجر الأساس في عملية الاستدامة([23]).

وبعد ظهور التنمية المستدامة تزايدت الدعوات التي تسعى إلى نشر مفهوم المباني الخضراء (الصديقة للبيئة)، واستخدام الطاقة البديلة, وغير ذلك؛ لتفادي حدوث مزيد من التلوث, والمشكلات البيئية، ويمكن للمسجد الإسهام في ذلك من خلال:

أولاً- مجال الطاقة:

– اشتراط وجود أنظمة الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء؛ لإنارة المصابيح, وتسخين المياه, واستخدام المكيّفات والمدافئ, وكل ما هو قائم على الكهرباء.

–  مراعاة اتجاه الشمس, ودخول أشعتها إلى المسجد أثناء تخطيطه؛ لتخفيف استخدام الإنارة في الصلوات النهارية.

– تقسيم كهرباء المسجد إلى أجزاء تتبع لغرفة تحكم يشرف عليها إمام المسجد؛ لتجنب إضاءة المسجد كاملًا دون حاجة([24]).

– استخدام الحساسات الكهربائية في إنارة الوحدات الصحية، بحيث يتم إضاءة المرحاض عند دخول الشخص إليه, وإطفاؤه عند الخروج منه تلقائيًّا؛ حتى لا يتم إنارة المواضئ والحمامات كافة, بمجرد دخول أي شخص.

ثانيًا- مجال المياه

– عزل أسطح المساجد؛ لغايات تجميع مياه الأمطار؛ للاستفادة منها في المسجد, أو للمجتمع المحلي.

– استخدام صنابير مياه حديثة، بحيث لا تخرج كمية كبيرة من المياه، وتشتمل على حسّاسات تعمل عند الحاجة.

– ربط جميع مصارف المياه في المسجد سواء المتوضأ أو مكان الشرب؛ لتصبّ في خزان أو بئر من أجل إعادة استخدامها في المراحيض, أو في عمليات التنظيف, أو العناية بحديقة المسجد، وهذه المياه تعرف بالرمادية.

ثالثًا- حديقة المسجد

لا يختلف اثنان في أهمية الأشجار في الحفاظ على التوازن البيئي, وكميّات الأكسجين، كما أنها تلطّف الأجواء, وتعطي منظرًا جماليًّا، وبالتالي يجب أن تدخل فكرة حديقة المسجد إلى جميع مخططات البناء؛ لاستكمال متطلبات التنمية المستدامة؛ للاستفادة من المياه الرمادية، وفي حال تعذّر وجود مكان لذلك نتيجة ضيق الأرض في المدن المكتظة، يمكن زراعة أطراف الشوارع المحيطة في المسجد، أو سقاية أحد الحدائق القريبة من المسجد؛ لتكون متنفّسًا للناس.

المطلب الرابع: الجانب الاقتصادي

يعدّ العنصر الاقتصادي ركيزة أساسية في عملية التنمية المستدامة، ويستند إلى المبدأ الذي يقضي بزيادة رفاه المجتمع, والقضاء على الفقر, والبطالة من خلال استثمار الموارد على نحو عقلاني ورشيد([25])، والتنمية المستدامة في أصل نشأتها هي نتاج التكامل بين علمي الاقتصاد والبيئة.

وأول أمر اقتصادي يجب العناية به هو “جعل المساجد بسيطة في بنائها وتجهيزها, دون إسراف في النقش, والزهو, والتزاويق؛ لأن ذلك علاوة على كونه منافيًا للطريقة الإسلامية الصحيحة، يحتاج إلى تكاليف مالية عظيمة، وتعداد المساجد البسيطة خير من هذه التزاويق”([26])، فالقيمة ليس بكمية الزينة, ونوعيّة الإنارة, وغير ذلك، بل القيمة بما يقدّمه المسجد من روحانية, وبُعد بيئي واجتماعي.

كما أن المسجد يعمل على تبصرة الناس بطرق الكسب والإنفاق الحلال، فيما يعود على الفرد والجماعة الإسلامية بالخير العميم، كما يقوم أيضًا بتوضيح علاقة العامل بصاحب العمل, وحقوق العمل، حتى تكون علاقتهما مبنيّة على أسس واضحة, ليس فيها ظالم أو مظلوم([27])، ويمكن للمسجد أن يعمم مفاهيم ترشيد الاستهلاك في المأكل والمشرب والملبس.

ولإدارة المسجد أن تقوم بإنشاء صندوق وقفي ناتج عن جمع التبرّعات، ويتم من خلاله منح قروض حسنة تدعم المشاريع الصغيرة؛ لإعالة الأسر الفقيرة، وتشكّل لجنة محليّة؛ لتقييم جدوى المشاريع المقدّمة, ومتابعتها في حال الموافقة عليها.

ويمكن في حال ارتفاع كميّة الطاقة الناجمة عن الألواح الشمسية وتحقيق فائض فيها، أن تقوم إدارة المسجد؛ إما بإنارة بعض البيوت المجاورة للمسجد مقابل مبلغ مالي يحدد وفق الحاجة، أو تقوم ببيعه لجهات حكومية أو خاصة، وكذلك الحال مع المياه.

المطلب الخامس: الجانب الاجتماعي

تبين سابقًا أن المسجد مكان لقاء وتعارف وتآلف بين المسلمين، لكن دور المسجد الاجتماعي لا يقتصر على هذا الأمر، بل يمكن أن يكون له أثر مباشر في تحقيق العدالة الاجتماعية, والرعاية الاجتماعية لذوي الظروف الخاصة، ويمكن تفعيل دور المسجد الاجتماعي بما يحقق التنمية الاجتماعية المستدامة تبعاً للآتي:

أولًا- المجال التعليمي

استعادة المسجد لدوره الرائد في مجال التعليم-كما كان سابقاً-, فدوره لا يقتصر على العلوم الدينية، وذلك بإنشاء أماكن مخصصة تلحق بالمسجد؛ لتعليم علوم الدين والدنيا ، ويمكن إعطاء دروس تقوية لطلبة المدارس، حتى يتمكن الطالب الفقير من رفع مستواه دون تكلفة، والطالب الضعيف من تحسين مستواه، وهذا يسهم في تخفيف الكلفة المادية على الأهالي, وضمان الأمانة في التدريس، والتعلّق النفسي بالمسجد من قبل الطلبة، فقد كان المسجد أول مدرسة وجامعة عرفها الإسلام.

ثانيًا- المجال الصحي

وذلك بإرفاق مركز طبي, أو عيادة تكون ضمن مخطط المسجد، تقدّر حسب حاجة المنطقة، ويكون العلاج فيها بسعر رمزي، ويتم تحفيز أهل الخير؛ لإصدار بطاقات تأمين صحية لدى عيادة المسجد، يدفعها المتبرع سلفًا, ولمدّة معينة تغطي حاجة المريض, ونفقات المركز.

ثالثًا- الرعاية الاجتماعية

والمقصود هنا ذوو الاحتياجات الخاصة؛ الصمّ, والبكم, وكبار السن, واللاجئون, وغيرهم، إما بمحاولة إنشاء أماكن خاصة؛ لرعايتهم ترفق بالمسجد، أو بتواجدهم في المسجد, ولو مرة في الأسبوع؛ لتعليمهم, ورفع معنوياتهم.

رابعًا- التثقيف والتوعية

تهدف التنمية المستدامة إلى زيادة الوعي بالمشاكل التي  تواجهها البشرية بشكل عام، عن طريق حملات توعوية وتثقيفية قد تحمل في طياتها أحيانًا بعض المخالفات الدينية, أو تكون غطاءً لدعوات هدامة، وبإمكان المسجد أن يقوم بهذا الجهد, ويكون تأثيره أكبر, مستندًا إلى المرجعيّة الإسلامية، التي لم تترك مشكلة إلا قدمت حلولًا لها؛ إما تصريحًا, أو استنباطًا.

خامسًا- تنظيم مظاهر الإنفاق الاجتماعي([28])

وذلك بوجود جداول بأسماء الأسر العفيفة ضمن منطقة المسجد، ويتمّ تفقدهم بشكل دوري سواء في مواسم الشتاء والأعياد، أو في الظروف العادية؛ لتلبية احتياجاتهم الضرورية, والتفريج عنهم، وهذا يضمن تحقق التنمية الاجتماعية المستدامة عن طريق المسجد بعيدًا عن العشوائية.

المبحث الثالث: “مسجد العرب” في الأردن أنموذج تطبيقي لمتطلبات التنمية المستدامة([29])

المطلب الأول: نبذة عن مسجد العرب

يقع مسجد العرب في محافظة الزرقاء التي تبعد عن العاصمة الأردنية عمان قرابة 20كم، وقد بُني في عام 1920م مع بدايات تكوّن المدينة، وهو رابع أقدم مسجد في المحافظة، وتمت توسعته في الأربعينات، ثم في آخر الخمسينات, حيث بلغت مساحة المسجد آنذاك 400 مترٍ، ومع توسع العمران وزيادة عدد السكان تم توسعة رقعة المسجد إلى 800 مترٍ في السبعينات، وبقيت مساحته وحاله -مع بعض عمليات الصيانة- كذلك حتى عام 2015م، حيث تم هدم المسجد, وإعادة بنائه بشكل جديد, مع مراعاة متطلبات التنمية المستدامة في أبعادها الثلاثة، وهو الأول من نوعه في الأردن.

المطلب الثاني: مظاهر التنمية المستدامة في المسجد

أولًا- التخطيط الهندسي

يقع المسجد على مساحة 800 مترٍ، ورُوعي في بنائه الجمع بين أصالة الماضي, وتطوّر الحاضر, ويتكون من:

طابق التسوية(تحت الأرض): الجهة اليسرى: المواضئ, والوحدات الصحية مع مراعاة أحوال كبار السن, وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تصميم المواضئ, ووجود 4 مصاعد يتسع كل واحد لـ1200كغ.

الجهة اليمنى مع مدخل خاص: مركز طبّي يحتوي على خمس عيادات, ومختبر بسيط, وصيدلة، ويعمل على مدار 24 ساعة.

الجهة الخلفية مع مدخل خاص: دار قران أنموذجية للنساء.

الطابق الأرضي: المصلى الرئيسي للصلوات العادية.

طابق الميزانين (السُدّة): مركز للصمّ, والبكم مع مدخل خاص، ومكتبة عامة، وبوفيه.

الطابق الأول: مركز ثقافي مع غرفتين صفّيتين, وقاعة محاضرات، وغرفة إدارة المسجد، ومصلى النساء مع مدخل خاص ومتوضأ.

الطابق الثاني: مصلى الجمعة وصلاة العيدين.

الطابق الثالث: مصلى صيفي بسقف مرتفع, وإطلالة جميلة على كامل المحافظة، وقد تم إيجاد هذا المصلى؛ نظرًا لطبيعة المدينة المكتظة بالسكان, ولأن المسجد يقع في وسط تجاري.

سطح المسجد: يشتمل على وحدات توليد الطاقة الشمسية، ومئذنة بارتفاع 60 مترًا, بالإضافة إلى جسم المسجد، وفي أعلاها أربعة شاشات (4×6م) من كل جهة لمواقيت الصلاة ودرجة الحرارة، ويوضع عليها في كل يوم حديث, أو آية, أو حكمة.

ثانيًا- البعد البيئي

– المسجد يعمل كاملاً على نظام الطاقة الشمسية، ويتم توريد جزء من الإنتاج لشركة الكهرباء الوطنية.

– لا تذهب قطرة ماء من المسجد دون فائدة، فالمواضئ, ومشارب المياه, ومياه التنظيف مربوطة بخزان رئيسي بحجم 30م، يقوم بإعادة تدوير المياه, واستخدامها في المراحيض, وريّ الأشجار, والتنظيف.

– سماكة زجاج المسجد 5سم، وتم حقنها بغاز الأرجون، الذي يمنع تسرب الحرارة, وهذا يوفّر الطاقة، كما أنه يعزل الصوت.

– جدران المسجد, وسطحه معزولة بشكل كامل، وهذا يمنع تسرّب الحرارة أيضًا.

– تم زراعة الشوارع المحيطة بالمسجد ب130 شجرة، تتم سقايتها من خلال الماء الخارج من المسجد، وقد أعطت بعدًا جماليًّا.

– تعمل الوحدات الصحية والمواضئ على الحساسات الكهربائية, بحيث لا تشغّل الإنارة إلا عند الحاجة.

– يوجد في المسجد غرفة تحكم كهربائية متكاملة تحت إشراف الإمام، ولا يوجد في المسجد أي مفتاح كهرباء آخر، وهذا يمنع الإسراف في تشغيل المكيّفات, أو المراوح, ويضبط المصلّين.

– تم إنشاء مصلى صيفي يعتمد في إنارته على أشعة الشمس، مما يعني عدم الحاجة إلى الإنارة في الصلوات النهارية.

ثالثاً- البعد الاقتصادي.

– تم استخدام بعض المواد, والأجهزة المتبقية من المسجد المتهدّم، ولم يتم إتلافها.

– قامت لجنة المسجد باستيراد غالب معدّات المسجد من الخارج؛ للاستفادة من السعر المنخفض، وعند الشراء المحلي، استفادت من الإعفاء الضريبي الذي تمنحه وزارة الأوقاف للمساجد، كما قامت بشراء المواد الخام, وتم تصنيعها؛ مما خفض كثيرًا من التكاليف.

– يقدم المركز الثقافي دورس تقوية مجانية للطلاب، ومكتبة عامة، ورعاية مجّانية للصم, والبكم, ويتقاضى المركز الصحي مبلغًا رمزيًّا لا يتجاوز الدولار الواحد.

– تنوي إدارة المسجد إنشاء بنك للطعام, وبنك للملابس؛ لمساعدة الأسر الفقيرة؛ إما عن طريق التبرع، أو البيع بأسعار مخفَّضة.

رابعًا- البعد الاجتماعي.

– يوجد في المسجد مرافق تسهم في التنمية الاجتماعية تشمل المجالات الآتية:

المجال العلمي: يوجد دار قرآن أنموذجية للنساء، تدرّس علوم الدين والدنيا، وغرفتين صفّيتين، وقاعة محاضرات, ومكتبة عامة.

المجال الصحي: يوجد مركز طبي متكامل, وعلى مدار 24ساعة.

الرعاية الاجتماعية: يوجد مركز متكامل؛ لرعاية الصم والبكم، ويتم من خلاله أيضًا ترجمة خطبة الجمعة لهم بلغة الإشارة, مع وجود شاشة للتفاعل مع الخطيب.

المجال الثقافي: في المسجد مركز ثقافي إسلامي يقوم بأنشطة دورية متعددة.

خامسًا- البعد النفسي.

– انتبهت إدارة المسجد إلى مناخ المحافظة, والاكتظاظ السكاني؛ فأنشأت مصلى صيفيًّا في أعلى المسجد، يشكل متنفسًا لأهالي الأحياء المجاورة.

–  مراعاة أحوال كبار السن والمرضى؛ بتخصيص مصاعد كهربائية لهم، كما تم الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة؛ بتخصيص مواضئ لهم, وأماكن لصعودهم, ونزولهم.

– تقوم فكرة المئذنة على ربط الناس نفسيّاً بالمسجد من خلال توفير شاشات إعلانية في أعلاها، تشتمل على محتويات دينية دعوية.

سادسًا- البعد السياحي.

– المسجد تحفة معمارية من ناحية التصميم والمظهر الخارجي، كما أن بناءه وفق متطلبات التنمية المستدامة يجعله وجهة للقاطنين في المحافظات, وربما الدول الأخرى؛ لاستنساخ الفكرة.

– ارتفاع المسجد منحه إطلالة جميلة تشرف على كامل المحافظة؛ مما دفع بعض السكان أن يطلق عليه “كرسي الزرقاء”.

          وختامًا فلا بد من التأكيد على أن مسجد العرب هو أنموذج قابل للتطوير والإضافة، وهو محاولة ناجحة؛ لإدخال مفهوم التنمية المستدامة إلى كل بيت، ويجدر بالقائمين على المساجد من دوائر ووزارات ولجان الاقتداء به, أو الاقتباس منه، حتى تعمم فكرة المسجد المستدام؛ لما فيها من الخير والفائدة للمسلمين.

النتائج:

توصّل الباحث بعد دراسته إلى النتائج الآتية:

  1. إن المسجد بإمكانه التأثير في دفع عملية التنمية المستدامة إلى الأمام، مستندًا في ذلك إلى مكانته في نفوس المسلمين.
  2.  إن المسجد يجمع بين الجانب التنظيري من خلال الخطب والمواعظ في الحث على الاستدامة، وبين الجانب التطبيقي عن طريق ظهور أدبيات التنمية في تخطيطه ومرافقه.
  3. إن جانب الإدارة والتخطيط هو أول الخطوات لوضع المسجد على سكة الاستدامة.
  4. إن المسجد يستطيع تنمية أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة (البيئة والاقتصاد المجتمع) في آن واحد.
  5. إن مسجد العرب في الأردن أنموذج مثاليّ، يصلح أن يكون مثالًا يحتذى به في إنشاء المساجد المستدامة.

التوصيات:

  1. إعادة النظر في شروط بناء المساجد، وتعديلها بما يتوافق مع متطلبات التنمية المستدامة.
  2. تعميم فكرة الاستدامة على الأئمة, والمشتغلين في المساجد؛ لنقلها إلى عامة المسلمين.
  3. طرح برامج تدريبية للأئمة؛ لتبصيرهم بمشكلات البيئة, ومعوقات التنمية؛ لإدماجهم في القضايا العامة.
  4. استثمار أموال التبرعات بما يخدم المسلمين ويقضي حاجاتهم، بدلًا من التزيين والتزويق, الذي لا طائل منه.

المصادر والمراجع

– البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422ه.

– البيومي، محمد رجب، المسجد في الإسلام: عبادة وثقافة، هدية مجلة الأزهر المجانية لشهر ذي القعدة 1430.

– جامعة الملك عبد العزيز، ، التنمية المستدامة في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، نحو مجتمع المعرفة، سلسلة يصدرها مركز الإنتاج الإعلامي، السعودية-جدة، الإصدار الحادي عشر، 2013م.

– الحمادي، أحمد خليفة، المسجد ودوره في المجتمع، البحث الفائز بالجائزة الأولى في مجال البحث الثقافي ضمن جائزة  راشد بن حميد في دورتها السابعة 1990م، ط1، 1993م.

– ابن رجب، عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي، روائع التفسير، جمع وترتب: طارق بن عوض الله، دار العاصمة-السعودية، ط1، 1422-2001.

– الطاهر، د.قادري محمد، التنمية المستدامة في البلدان العربية بين النظرية والتطبيق، مكتبة حسن العصرية، بيروت-لبنان.

– الطنطاوي، علي، الجامع الأموي في دمشق، مطبعة الحكومة بدمشق.

عمر, د.إبراهيم أحمد, فلسفة التنمية رؤية إسلامية , المعهد العالمي للفكر الإسلامي – مكتب الخرطوم, ط1 1989م.

– مسلم، مسلم بن الحجاج النبيسابوري، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

– وانلي، خير الدين، المسجد في الإسلام: أحكامه وآدابه وبدعه، المكتبة الإسلامية، ط3، 1414ه.

– أبو زنط وغنيم، التنمية المستديمة من منظور الثقافة العربية الإسلامية، مجلة دراسات العلوم الإدارية، عمان-الأردن، م36، ع1، 2009م.

– السبهاني، عبد الجبار، دور الوقف في التنمية المستدامة، مجلة الشريعة والقانون، الإمارات، العدد 44، 2010.

– ملاوي، د. أحمد إبراهيم، الوقف ودوره في التنمية المستدامة، مؤتمر الوقف الإسلامي”اقتصاد وإدارة وبناء حضارة، الجامعة الإسلامية، 2009.

– الذهبي، محمد حسين، المسجد محور للنشاط ومركز للتوجيه الروحي والفكري للأمة، مؤتمر رسالة المسجد، رابطة العالم الإسلامي، 20-25/9/1975م، مكة المكرمة.

-عثماني، عتيق الرحمن، المسجد مركز للتوجيه الديني والدنيوي، مؤتمر رسالة المسجد، رابطة العالم الإسلامي، 20-25/9/1975م، مكة المكرمة.

– الكيلاني، إبراهيم زيد، الأسس العقائدية والأخلاقية للتنمية في الإسلام، مؤتمر الإسلام والتنمية، جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، 28-29/أيلول/1985م، نشر جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، عمان-الأردن، 1992م.

تقرير مستقبلنا المشترك، الصادر عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية عام 1987م، من إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-الكويت، دار عالم الكتب.

لتحميل جميع أعداد (مجلة المرقاة المحكمة) بنسخة Word + pdf :

https://drive.google.com/drive/folders/1ZDoZNZFySzrdmILoMtn-pZ0no9Lbh7VU?usp=sharing

[1]. تقرير مستقبلنا المشترك، الصادر عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية عام 1987م، من إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-الكويت، دار عالم الكتب، ص69.

[2]. البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422ه، كتاب التيمم، حديث رقم335.

[3]. الحمادي، أحمد خليفة، المسجد ودوره في المجتمع، البحث الفائز بالجائزة الأولى في مجال البحث الثقافي ضمن جائزة  راشد بن حميد في دورتها السابعة 1990م، ط1، 1993م، ص25.

[4]. ينظر: البيومي، محمد رجب، المسجد في الإسلام: عبادة وثقافة، هدية مجلة الأزهر المجانية لشهر ذي القعدة 1430، (2/93).

[5] . مسلم، مسلم بن الحجاج النبيسابوري، صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجلوس في المسجد بعد الصبح، وفضل المساجد، حديث رقم 671.

.[6] البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب من بنى مسجدًا، حديث رقم450.

[7]. صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب فضل من غدا إلى المسجد أو راح، حديث رقم 662.

[8]. صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب الحدث في المسجد، حديث رقم 445.

[9]. ينظر: وانلي، خير الدين، المسجد في الإسلام: أحكامه وآدابه وبدعه، المكتبة الإسلامية، ط3، 1414ه، ص9 وما بعدها، و الطنطاوي، علي، الجامع الأموي في دمشق، مطبعة الحكومة بدمشق، ص4ومابعدها.

[10]. ينظر: الذهبي، محمد حسين، المسجد محور للنشاط ومركز للتوجيه الروحي والفكري للأمة، مؤتمر رسالة المسجد، رابطة العالم الإسلامي، 20-25/9/1975م، مكة المكرمة، ص469.

[11]. ينظر: أبو زنط وغنيم، التنمية المستديمة من منظور الثقافة العربية الإسلامية، مجلة دراسات العلوم الإدارية، عمان-الأردن، م36، ع1، 2009م، ص20 وما بعدها

[12]. ينظر: المصدر السابق، ص25

[13]. السبهاني، عبد الجبار، دور الوقف في التنمية المستدامة، مجلة الشريعة والقانون، الإمارات، العدد 44، 2010، ص65.

[14]. ينظر: ملاوي، د. أحمد إبراهيم، الوقف ودوره في التنمية المستدامة، مؤتمر الوقف الإسلامي”اقتصاد وإدارة وبناء حضارة، الجامعة الإسلامية، 2009، ص18

[15]. ينظر حول ذلك أوراق مؤتمر الوقف والتنمية المستدامة، لمركز البحث وتطوير الموارد البشرية-رماح- في الأردن بالتعاون مع جامعة الأمير عبد القادر في الجزائر في عام 2010، نشر مؤسسة الوراق.

[16]. ينظر: الكيلاني، إبراهيم زيد، الأسس العقائدية والأخلاقية للتنمية في الإسلام، مؤتمر الإسلام والتنمية، جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، 28-29/أيلول/1985م، نشر جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية، عمان-الأردن، 1992م، ص22  

[17]. عمر, د.إبراهيم أحمد, فلسفة التنمية رؤية إسلامية, المعهد العالمي للفكر الإسلامي – مكتب الخرطوم, ط1 1989م. ص34

[18]. ابن رجب، عبدالرحمن بن أحمد الحنبلي، روائع التفسير، جمع وترتب: طارق بن عوض الله، دار العاصمة-السعودية، ط1، 1422-2001، (1/490)

[19]. و يفضّل تصنيف المساجد إلى: مسجد جامع, ومسجد حيّ أو سكني، ومسجد قرية، ومسجد دائرة أو مؤسسة حكومية، ومسجد مسافرين أو استراحة, وهكذا، وكل ذلك وفق متطلبات التنمية المستدامة.  

[20]. ينظر حول ذلك: بحوث ندوة عمارة المساجد الذي نظمته كلية العمارة والتخطية في جامعة الملك سعود/السعودية في عام 1419ه، والمعايير التصميمية لأماكن الوضوء في المساجد وقاعات الصلاة، د.م أحمد حنفي مختار، المالكي، ثامر، 20/5/2016، هندسة المسجد باب للطمأنينة ولذة العبادة، صحيفة اليوم السعودية.

[21]. هناك موقع اسمه تصميم المسجد http://mosque-design.com/، يهدف إلى مساعدة المتبرعين والمسؤولين على إنشاء المسجد بشكل هندسي مع استثمار كامل المساحة.

[22]. ينظر: عثماني، عتيق الرحمن، المسجد مركز للتوجيه الديني والدنيوي، مؤتمر رسالة المسجد، رابطة العالم الإسلامي، 20-25/9/1975م، مكة المكرمة، ص365.

[23]. ينظر: جامعة الملك عبد العزيز، ، التنمية المستدامة في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، نحو مجتمع المعرفة، سلسلة يصدرها مركز الإنتاج الإعلامي، السعودية-جدة،  الإصدار الحادي عشر، 2013م، ص22

[24]. وللحد من الخلافات بين المصلين.

[25]. الطاهر، د.قادري محمد، التنمية المستدامة في البلدان العربية بين النظرية والتطبيق، مكتبة حسن العصرية، بيروت- لبنان، ص76 بتصرّف

[26]. عثماني، عتيق الرحمن، المسجد مركز للتوجيه الديني والدنيوي، مؤتمر رسالة المسجد، رابطة العالم الإسلامي، 20-25/9/1975م، مكة المكرمة، ص365

[27]. الحمادي، أحمد خليفة، المسجد ودوره في المجتمع، ص75

[28]. كالصدقات العامة والهبات والنذور والهدايا وغيرها.

[29]. قام الباحث بزيارة ميدانية للمسجد, والتقى بإمام المسجد ونائب رئيس اللجنة، وقام بإجراء مقابلة صوتية موثّقة، بتاريخ 19/2/2018م.