خاص هيئة علماء فلسطين

    

د. علاء أحمد القضاة

الملخص

 تهدف هذه الدراسة إلى بيان منهجية الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي, وأثره في معالجة ظاهرة الإرهاب.

 وتكمن مشكلة الدراسة في اتهام الشريعة الإسلامية بانغلاقها على ذاتها, وغياب لغة الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي، فجاءت الدراسة؛ لدحض هذه الشبهة بإبانة منهجية الإسلام في الحوار معهم, وأثره في معالجة ظاهرة الإرهاب.

وتتمثل أهمية الدراسة في عدم وجود دراسة مستقلة توضح أثر الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي في معالجة ظاهرة الإرهاب.

 وقد اعتمد الباحث في هذه الدراسة على المنهج الاستقرائي, والمنهج التحليلي: وذلك بتتبع الأحكام المتعلقة بموضوع الدراسة من مظانها من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والكتب الفقهية, وكتب السيرة والتاريخ ذات الصلة، ومحاولة فهم النصوص، ودراستها بشكل علمي، ومحاولة استنباط المقاصد الشرعية من النصوص، وبيان وجه الدليل فيها، والحلول المتعلقة بذلك.

وقد توصل الباحث إلى جملة من النتائج كان من أبرزها أصالة منهجية الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي, وأن لهذه المنهجية تأثير إيجابي في معالجة ظاهرة الإرهاب.

الكلمات الدلالية: الحوار، أهل الذِّمَّة ، الفكر، الإسلام، الإرهاب.

Abstract

The purpose of this study is to explain the methodology of dialogue with the covenanted non-Muslim people “Dhimmis”in Islamic thought and its impact in addressing the phenomenon of terrorism.

The problem of the study lies in the accusation of the Islamic Sharia of being closed to it، and that the language of dialogue with the Dhimmis is absent in Islamic thought. The study came to refute this suspicion by showing the Islamic methodology in dialogue with them and its impact in addressing the phenomenon of terrorism.

The significance of the study is the absence of an independent study that illustrates the impact of dialogue with the Dhimmis in Islamic thought in addressing the phenomenon of terrorism.

In this study، the researcher reliedon the inductive method and analytical method: by tracing the provisions related to the subject of the study from its sources، namely the Quran، the Sunnah of the Prophet، the books of Islamic law، the relevant books about the life and traditions of the Prophet and history books. Then، the researchersought to understand the texts and study them scientifically، in an attempt to derive the sharia’s purposes of the texts، and indicate the evidence in it and the solutions related thereto.

The researcher found a number of results، most notably the originality of the methodology of dialogue with the Dhimmis in Islamic thought، and that this methodology has a positive impact in addressing the phenomenon of terrorism.

Keywords: Dialogue، Dhimmisin ، thought، Islam، terrorism

المقدمة

 تُعد منهجية الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي، وأثره في معالجة ظاهرة الإرهاب، أحد القضايا  المهمة في وقتنا الحاضر، ومما دفع بظهورها بقوة في العالم الإسلامي اليوم واقع الأفكار والمفاهيم والممارسات التي تمارس على أرض الواقع عند بعض فئات المجتمع المسلم، والتي تفتقد في بعض الحالات إلى المنهجية الشرعية الصحيحة, والنظرة الواقعية الرصينة.

وقد أسهمت تلك الحالة إلى النزوع للعنف والإرهاب، كما تركت صورًا كثيرة من الإقصاء والإلغاء، الأمر الذي بات يشكل خطرًا على منظومة المبادئ الإنسانية برمتها, ويسهم إلى حدٍّ كبير في عرقلة قنوات التواصل والوئام بين الإسلام والحضارات الأخرى.

وقد تعددت وجهات النظر حول مسألة الحوار مع أهل الذِّمَّة في وقتنا الحاضر، وتباينت في جزئياتها وتفاصيلها ما بين مؤيد متفائل غالٍ لا يُقر بوجود حدود للحوار معهم, دون تفريق بين الأصول الثابتة للدين, والأحكام المتغيرة في الفقه، وبين رافض متشائم لا يرى جدوى من الحوار معهم, ولا الانفتاح عليهم؛ متوهمٍ أن السلامة تكمن في التقوقع والانغلاق على الذات، وبين هؤلاء وهؤلاء متحير متردد التبس عليه الأمر لا يقدر على التمييز بين الحق والباطل, ولا الغث والسمين، وهناك فريق رابع خيرٌ من أولئك الثلاثة، فهو يقف في الوسط يتعامل مع المسألة بحذر وموضوعية, لا يغفل عن الأبعاد الإيجابية, والجوانب السلبية للحوار معهم، وكل ذلك عنده يسير في ضوء ضوابط الدين ومقتضيات العقل، فهو يحاول الجمع بين الصحيح المنقول, والصريح المعقول.

وانطلاقًا من هذه المواقف المتباينة؛ فقد تعددت الكتابات حول موقف الإسلام من الحوار مع أهل الذِّمَّة, والقضايا المتصلة به، وفي تلك الكتابات – بطبيعة الحال- غث وسمين، وصحيح وسقيم، والباب مفتوح للمزيد.

 إنَّ تجدد الحديث بين الحين والحين حول الإسلام, والحوار مع أهل الذِّمَّة في وقتنا الحاضر، غالباً ما يكون؛ كردة فعل على سلوك, أو تصرف يحدث من بعض المسلمين هنا أو هناك، حيث نجد في عالمنا اليوم الكثير من المنابر الإعلامية, والساحات الفكرية التي تتحدث بصورة سلبية وسوداوية حول علاقة الإسلام بأهل الذِّمَّة، مستندين في ذلك على ما يصدر من بعض المسلمين من فتاوى متشددة, أو مواقف منغلقة لا تتوافق مع القيم الحضارية الإسلامية والإنسانية.

   مشكلة الدراسة وأسئلتها:

      تبرز مشكلة الدراسة في الإجابة عن السؤال الرئيس: ما أثر الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي في معالجة ظاهرة الإرهاب‏؟ ويتفرع منه الأسئلة الآتية:

  1. ما المقصود بأهل الذِّمَّة، والإرهاب؟
  2. ما هي ضوابط الحوار مع أهل الذِّمَّة؟
  3. ما هي حقوق الآخر في الشريعة الإسلامية؟

   أهمية الدراسة:

    تكمن أهمية موضوع هذه الدراسة في عدم وجود دراسة مستقلة في الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي, وأثره في معالجة ظاهرة الإرهاب، بالإضافة إلى ما يلي:

  1. توضيح منهجية الإسلام في الحوار مع أهل الذِّمَّة.
  2. بيان ضوابط الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.
  3. التعرف على بعض الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية لأهل الذِّمَّة في الدولة الإسلامية.
  4. إبراز أثر الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي في معالجة ظاهرة الإرهاب.

أسباب اختيار الموضوع:

  1. ظهور ثقافة الإقصاء, وعدم تقبل الآخر, وبالأخص بعد  ظهور ما يسمى بنظام العولمة.
  2. الرد على المزاعم التي يطلقها الغرب وبعض المستشرقين بأن الإسلام دين منغلق لا يقبل الآخر.
  3. الكشف عن مدى تأثير  الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي في معالجة ظاهرة الإرهاب.

 أهداف البحث:

  1. بيان منهجية الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.
  2. التصدي للدعوات التي تتهم الإسلام بالانغلاق, وعدم الاعتراف بأهل الذِّمَّة.
  3. بيان الضوابط الشرعية في الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.
  4. الرد على أطروحة الصدام بين الحضارات أو صراعها.
  5. توضيح مدى تأثير الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي في معالجة ظاهرة الإرهاب.

 الدراسات السابقة:

لم يقف الباحث – بحسب حدود علمه – على دراسة علمية تناولت الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي, وأثره في معالجة ظاهرة الإرهاب – إلا أن هناك دراسات عديدة تناولت أطرافًا من بحثنا هذا بصورة موجزة ومتفرقة؛ فجاءت هذه الدراسة؛ لتجمع أطراف هذا الموضوع في دراسة علمية مستقلة، ومن جملة تلك الدراسات ما يأتي:

  1. أسس التعايش السلمي في الإسلام ومرتكزاته: للشيخ المصلح، عبد الله بن عبد العزيز، مج 45، العدد الثالث والرابع،2013 ، صوت الأمة – الهند، تناول في الدراسة مفهوم التعايش السلمي، ثم بينت الدراسة مرتكزات التعايش وضوابطه.
  2. استثمار مقاصد الشريعة في الحوار مع الآخر، للدكتور هشام بن سعيد أزهر، جامعة الملك عبد العزيز، بحث مقدم لمؤتمر الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي في الفترة: 16 -18 / 2007م، تناول فيه الباحث مفهوم الحوار وأنواعه، وأهمية مقاصد الشريعة من الحوار، كما بين مقاصد الشريعة من الحوار نفسه، ثم تحدث عن استثمار مقاصد الشريعة العامة في الحوار مع الآخر؛ كالعدل, والمساواة, والسماحة, واليسر, والتدرج، وغيرها، كما تناول قواعد المقاصد في الحوار مع الآخر؛ كقاعدة النظر في المآلات, ومراعاة فقه الأولويات والموازنات، وأخيرًا تطرقت الدراسة إلى استثمار مقاصد الشريعة الخاصة والجزئية في الحوار مع الآخر؛ كدفع شبهة تعدد الزوجات, ودفع شبهة قطع يد السارق, وغيرها .
  3. المسئولية المدنية للجماعات الإرهابية تجاه المضرورين من جريمة الإرهاب, دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي: بحث مقدم في المؤتمر الدولي ( الإرهاب بيـن تطرف الفكر وفكر التطرف)، في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، للدكتور ممدوح محمد علي مبروك، تناول فيه الباحث: مفهوم الجريمة وأهمية التعويض عن أضرارها، ومن ثم بين مفهوم المسئولية المدنية للجماعات الإرهابية, وطبيعتها, وأسسها، ثم تناول أركان المسئولية المدنية للجماعات الإرهابية وشروطها.
  4. ضوابط الحوار مع الآخر: بحث منشور في مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإسلامية) المجلد السادس عشر، العدد الأول، ص81 -ص 133 يناير 2، للدكتور سعد عبد الله عاشور الأستاذ المشارك بقسم العقيدة – كلية أصول الدين الجامعة الإسلامية – غزة- فلسطين، تناول فيه الباحث ضوابط الحوار وآدابه وأخلاقياته التي إن رعيت كانت فرصة اتصال المسـلمين بغـير المسـلمين أكبر, وذلك؛ لإيصال الإسلام لغير المسلمين من جهة, وتضييق مساحة الخلاف بين العاملين للإسلام, ونشر ثقافة الأخوة, والتفاهم, والحب بينهم من جهة أخرى.
  5. رفض الآخر وأثره في واقع المسلمين: بحث مقدم في المؤتمر العلمي الخامس لكلية الشريعة بجامعة جرش ( حاضر العالم الإسلامي: عوامل التخلف والنهوض )، الأردن، عثمان، عبد الكريم، التاريخ الميلادي: 2002، تناول الباحث فيه بعض مصطلحات البحث, ومن ثم تطرق إلى الحديث عن الإنسان, ووظيفته؛ وفقاً لما جاء في القرآن والسنة النبوية، كما تطرق إلى أسباب رفض المسلم لأخيه المسلم وأثر ذلك، ثم تحدث عن أسباب رفض المسلم لغير المسلم, وأثر ذلك.

   منهج البحث:

  استخدم الباحث في هذا البحث المناهج الآتية:

     أولًا: المنهج الاستقرائي: وذلك بتتبع الأحكام المتعلقة بموضوع الدراسة من مظانها، من القرآن الكريم، والسنة المطهرة، والكتب الفقهية, وكتب السيرة والتاريخ ذات الصلة.

    ثانيًا: المنهج التحليلي: وذلك بمحاولة فهم النصوص، ودراستها بشكل علمي، ومحاولة استنباط المقاصد الشرعية من النصوص، وبيان وجه الدليل فيها، والحلول المتعلقة بذلك.

خطة البحث:

    قسم الباحث الدراسة إلى مقدمة، وخمسة مباحث, وخاتمة.

   أما المقدمة: فذكرت فيها نبذة موجزة عن أهمية الدراسة, ومشكلتها, وأهدافها, وأهميتها, والدراسات السابقة, والمنهج, وخطة البحث.

المبحث الأول: بيان معنى مفردات عنوان البحث.

المبحث الثاني: التأصيل الشرعي للحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.

المبحث الثالث: ضوابط الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.

المبحث الرابع: حقوق أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.

المبحث الخامس: أثر الحوار مع أهل الذِّمَّة في معالجة ظاهرة الإرهاب.

المبحث الأول

بيان معنى مفردات عنوان البحث

       إذا كان تحرير المصطلح وضبطه وتحديد معاني المفاهيم والمصطلحات، هو الطريق الآمن لأي نتيجة حقيقية ومثمرة, بل ولاكتشاف مساحات الاتفاق والاختلاف بين الفرقاء؛ فالواجب علينا أن نشرع في بيان تلك المفاهيم, والمصطلحات؛ لنتمكن من السير على هدى وبصيرة في موضوعنا هذا على النحو الآتي:

المطلب الأول: الحوار لغة واصطلاحًا، والألفاظ ذات الصلة.

الفرع الأول: الحوار لغة واصطلاحًا

          المسألة الأولى: الحوار لغة : من الحور، وهو الرجوع؛ أي مراجعة الكلام وتداوله، والمحاورة: المجادلة، والتحاور: التجاوب، وهم يتحاورون، بمعنى: يتراجعون الكلام، فمرجع الحوار للتخاطب والكلام المتبادل بين اثنين فأكثر([1])، نستطيع من خلال المعنى اللغوي للحوار استخلاص جملة من الأركان التي يقوم عليها الحوار وهي: وجود طرفين للحوار أو أكثر، قضية الحوار والأخذ والرد فيها.

المسألة الثانية : الحوار اصطلاحًا : للحوار عدة تعريفات في الاصطلاح، كلها تدور في فلك المعنى اللغوي السابق, فهو مراجعة الكلام بين طرفين مختلفين، مع تقديم الحجج والبراهين؛ لإقناع أحدهما برأي الآخر، أو لتقريب وجهات النظر([2]).

 وقد ورد لفظ ( الحوار) في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع: اثنان منها في صيغة الفعل؛ وهما: { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [ الكهف: 34]، وقوله تعالى: { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا } [الكهف: 37]، أما الموضع الثالث ففي صيغة المصدر في قوله تعالى: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير }  [المجادلة :1 ].

الفرع الثاني: الألفاظ ذات الصلة.

   تتردد عند ذكر مصطلح الحوار مصطلحات أخرى ذات وشائج قوية الصلة به؛ كالجدل والمناظرة, وبيانها كما يأتي:

   المسألة الأولى: الجدل لغة واصطلاحًا.

  1. الجدل في اللغة: من جَدَلَ, وجادله بمعنى خاصمه، ومجادلة، وجدالاً: اشتدت خصومته ونقاشه([3]).
  2. الجدل في الاصطلاح: عرفه الجويني بقوله: “إظهار المتنازعين مقتضى نظرتهما على التدافع والتنافي بالعبارة, أو ما يقوم مقامهما من الإشارة والدلالة”([4]).

 وقد اجتمع اللفظان في قوله تعالى: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }[المجادلة :1 ]، إلا أن هذا الاجتماع ليس بالضرورة معناه الاتفاق, فالعلاقة بين الجدل والحوار ليست علاقة اتفاق، فالجدل مظنة التعصب, والإصرار على نصرة الرأي بالحق وبالباطل, والتعسف في سوق الشبه والظنون حول الحق إذا برز من المناظر الآخر، فيما نجد أن الحوار عنوان من عناوين التقارب، وقناة من قنوات الالتقاء والتواصل المجتمعي، وركيزة من ركائز بناء الثقة، وتقريب وجهات النظر، فكلمة الحوار تتسع لكل أساليب التخاطب، سواء كانت منطلقة من وضع لا يوحي بالخلاف أو يوحي به, أما كلمة (الجدال) فإنها تختزن في داخلها معنى الخلاف والتنازع، وتحمل في ثناياها كذلك معنى التحدي والصراع([5]).

     المسألة الثانية: المناظرة لغة واصطلاحًا.

  1. المناظرة لغة: “ناظره مناظرة؛ أي جادله مجادلة”([6]).
  2. المناظرة اصطلاحًا: “إقامة الدليل على خلاف ما أقام عليه الخصم”([7])، وعرفها الجرجاني: “النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارًا للصواب” ([8])، والجدل ليس على وتيرة واحدة ولا مستوى واحد في الحكم؛ فقد يكون جدالًا محمودًا, وقد يكون مذمومًا، أما بالنسبة لعلاقة المناظرة بالحوار فإن الحوار أوسع مدلولًا من المناظرة؛ فهو – الحوار-يضم المناظرة وغيرها([9]).

المطلب الثاني: أهل الذِّمَّة لغة, واصطلاحًا.

    الفرع الأول: الذِّمَّة لغة.

     الذِّمَّة لغة: تعني العهد, والأمان, والضمان([10]).

الفرع الثاني: أهل الذِّمَّة اصطلاحًا.

الذِّمَّة اصطلاحا ً: ترد لفظة الذِّمَّة في الاصطلاح في كتب الفقه والتشريع الإسلامي على أكثر من مُصطلح، فمرة ترد مطلقة, ومرة ترد مقرونة بألفاظ أخرى تغير المقصود فيها، وفيما يأتي بيان المقصود بالذِّمَّة, وأهل الذِّمَّة كمركب.

أما الذِّمَّة اصطلاحًا بصورة عامة، فقد عرفها القرافي من القدامى بأنها: “معنى شرعي مقدر في المكلف قابل للالتزام واللزوم”([11])، وعرفها الزرقا من المعاصرين:”محل اعتباري في الشخص تشغله الحقوق التي تتحقق عليه”([12]).

أهل الذِّمَّة كمركب: “هم الذي يقيمون مع المسلمين على أن يكون لهم ما لهم, وعليهم ما عليهم، وهم يقيمون بين المسلمين بعقد يسمى عقد الذِّمَّة([13]) ويتولاه ولي الأمر؛ لأنه يفرض واجبات على الدولة يتولى ولي الأمر تنفيذها، ويفرض حقوقًا للشخص يجب على الدولة رعايتها”([14]).

المطلب الثالث: الفكر الإسلامي لغة, واصطلاحًا.

الفرع الأول : الفكر لغة, واصطلاحًا.

لغة:جاء في لسان العرب: “الفكر والفكر: إعمال الخاطر في الشيء”([15]).

واصطلاحًا : مجموعة من الآراء والمبادئ والأفكار السائدة لدى مجموعة بشرية معينة, وخلال مدة زمنية معينة([16]).

الفرع الثاني : الإسلامي لغة, واصطلاحًا.  

الإسلامي لغة: مأخوذ من الإسلام والإسلام : الانقياد والخضوع والذل، يقال : أسلم واستسلم، بمعنى: انقاد([17]).

الإسلام اصطلاحًا: يطلق على معنيين : الأول: معنى عام, وهو: الخضوع والاستسلام والانقياد الاختياري لله رب العالمين([18])، أما الثاني: فهو المعنى الخاص: “دين الله الذي أوصى بتعاليمه في أصوله وشرائعه إلى النبي محمد r، وكلفه بتبليغه للناس كافة, ودعوتهم إليه”([19])، وقيل:ما دلت عليه نصوص القرآن الكريم, والسنة الصحيحة من المعاني والأحكام، ومن المقاصد والقواعد؛ دلالة صريحة واضحة ([20])، وبالنظر في التعريفين فإن الباحث لا يجد بينهما فرق سوى في العبارات, فكلاهما يدل على أن الإسلام هو القانون العام, أو النظام العام الذي جاء به محمد r من عند ربه, وأمر بتبليغه للناس .

الفرع الثالث: الفكر الإسلامي باعتباره مركبًا: يقصد به جميع الاجتهادات والإنتاجات والإبداعات الفكرية التي تتخذ من الإسلام مصدراً, ومرجعاً أساسياً لها([21])، وقيل: هو الفكر الذي يسعى إلى إنتاج المعرفة بالنص الديني, وبالواقع الاجتماعي على قاعدة الارتباط بالمنظومة المرجعية الإسلامية الكبرى([22]). 

المطلب الرابع: الإرهاب لغة, واصطلاحاً.

لا يوجد كلمة أكثر إثارة للجدل واستخداما في مختلف وسائل الإعلام العالمية في السنوات الأخيرة مثل كلمة (إرهاب)، وفي سبيل الكشف عن مفهوم الإرهاب فإنه ينبغي لنا أن نبحث عن الأصل اللغوي لهذه الكلمة ومن ثم دلالاتها في المنظور الإسلامي مقارنة بالمفهوم الغربي.

الفرع الأول: الإرهاب لغة.

      أصله في اللغة من مادة ( ر هـ ب )، ولها أصلان في اللغة، أحدهما: يدل على خوف، والآخر: يدل على دقة وخفة ([23])، والأصل الأول هو مقصود بحثنا.

 الفرع الثاني: الإرهاب اصطلاحًا.

          تعريف الإرهاب: لكي نتمكن من الوصول إلى تعريف اصطلاحي للإرهاب فإنه يتحتم علينا العودة إلى دلالات كلمة الإرهاب في نصوص القرآن الكريم, وفي السنة النبوية المطهرة؛ وصولاً إلى مفهومها لدى الغرب، نجد ما يأتي: فبالعودة إلى المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم([24]) نلحظ أن كلمة الإرهاب وردت في القرآن الكريم باشتقاقات متنوعة دون أن تشتمل على تعريف للإرهاب، وأن القرآن الكريم لم يستعمل مصطلح (الإرهاب) بهذه الصيغة، وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من نفس المادة اللغوية، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع، والبعض الآخر يدل على الرهبنة والتعبد([25])، وإذا انتقلنا إلى رحاب السنة النبوية نجد أنه لم ترد كلمة الإرهاب في السنة النبوية كثيرًا، ولعل أشهر ما ورد هو لفظ (رهبة) في حديث البراء ابن عازب t الذي يرويه في الدعاء: “وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك”([26])، وقد جاء في فتح الباري: أي رغبة في رفدك وثوابك، (ورهبة)؛ أي خوفًا من غضبك وعقابك([27])، وقال صاحب النهاية، الرهبة: الخوف والفزع([28]).

وبعد هذا العرض لبعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريف التي ورد فيها لفظ الإرهاب، نقف مع بعض تعريفات الإرهاب عند المسلمين على النحو الآتي:

التعريف الأول: “هو فعل منظم من أفعال العنف أو التهديد به, يسبب فزعًا, أو رعبًا من خلال أعمال القتل, أو الاغتيال, أو حجز الرهائن, أو اختطاف الطائرات, أو تفجير المفرقعات وغيرها، مما يخلق حالة من الرعب, والفوضى, والاضطراب؛ بهدف تحقيق أهداف سياسية، وذلك سواء قامت به دولة, أو مجموعة من الأفراد ضد دولة أخرى, أو مجموعة أخرى من الأفراد، في غير حالات الكفاح المسلح الوطني المشروع من أجل التحرير والوصول إلى حق تقرير المصير في مواجهة جميع أشكال الهيمنة, أو قوات استعمارية, أو محتلة, أو عنصرية, أو غيرها، وبصفة خاصة حركات التحرير المعترف بها من الأمم المتحدة, ومن المجتمع الدولي, والمنظمات الإقليمية؛ بحيث تنحصر أعمالها في الأهداف العسكرية, أو الاقتصادية للمستعمر أو المحتل أو العدو، ولا تكون مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان”، وهذا التعريف هو تعريف لجنة الخبراء العرب في تونس، في الفترة من (22 إلى 24 آب 1989 م).

      وبإنعام النظر في هذا التعريف نجد أنه حاول التمييز بين الإرهاب الدولي, وبين نضال الشعوب؛ لغايات التحرر، حيث بيَّن التعريف أن نضال الحركات التحررية هو نضال مشروع إذا كان من أجل التحرير, والوصول إلى حق تقرير المصير في مواجهة جميع أشكال الهيمنة, أو قوات استعمارية, أو محتلة, أو عنصرية, أو غيرها, ولعل نضال الشعب الفلسطيني من أنصع الأمثلة على ذلك؛ فهو نضال مشروع يسعى إلى التخلص من نير الاحتلال الصهيوني.

   كما نجد أن التعريف قد اشترط في ذلك النضال أن يكون منسجمًا مع أغراض ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه, وسواه من قرارات أجهزتها ذات الصلة بالموضوع.

التعريف الثاني: “ظاهرة عالمية، لا ينسب لدين، ولا يختص بقوم، وهو ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة … وهو العدوان الذي يمارسه أفراد, أو جماعات, أو دول؛ بغيًا على الإنسان -دينه ودمه وعقله وماله وعرضه-, ويشمل صنوف التخويف, والأذى, والتهديد, والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس, أو ترويعهم بإيذائهم, أو تعريض حياتهم, أو حريتهم, أو أمنهم, أو أحوالهم للخطر, أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر” ([29])، وهو تعريف المجمع الفقهي.

      إذا أنعمنا النظر في هذا التعريف نجد أنه يؤكد بجلاء أن الإرهاب ليس من الإسلام, وأن الجهاد الشرعي لا يعدُّ إرهابًا، فالجهاد في الإسلام هو حرب عادلة؛ لا تستخدم فيها القوة إلاّ بالقدر اللازم لتحقيق الأهداف العليا التي يتوخاها القادة المسلمون من حربهم، والتي لا مكان فيها لإشباع رغبات شخصية، أو نزوات حيوانية، كما نرى ونسمع عن الحروب قديمًا وحديثًا.

ونستشف من  التعريف أيضًا أن الجهاد  في الإسلام إنما شُرع نُصرة للحق, ودفعًا للظلم, وإقرارًا للعدل والسلام والأمن، وأنه لا يوجد أيّ علاقة بين الجهاد, وبين ما يقع من تجاوزات في بعض الأحيان باسم الجهاد؛ كقتل من لا يستحق القتل, أو التخريب؛ فذلك لا يمثل هدي الإسلام في فريضة الجهاد، وإنما يمارسه بعض المفسدين أو الجاهلين باسم الإسلام، فيظن كثير ممن لا يتعمق في النظر إلى الأمور؛ ليعطيها حقها من الفهم أن ذلك من الإسلام, وهو لا يمت إليه بأدنى صلة.

          ويشير التعريف إلى أمر غاية في الأهمية أنه لا يمكن التسوية بين إرهاب الطغاة الذين يغتصبون الأوطان, ويهدرون كرامة الإنسان، ويدنسون المقدسات, وينهبون الثروات, وبين ممارسة حق الدفاع المشروع الذي يجاهد به المستضعفون؛ لاستخلاص حقوقهم المشروعة في تقرير المصير.

تعريف الإرهاب عند الغرب: تحمل كلمة الإرهاب عند الغرب مدلولات ومعاني مغايرة وبعيدة عن معانيه الواردة في معاجم اللغة العربية وفي نصوص الوحيَينِ؛ من أجل تسويق وتبرير جرائمهم، ومن جملة تعريفاتهم للإرهاب ما ورد في قاموس (المورد)([30]) أن كلمة (terror) تعني: “رعب، ذُعر، هول، كل ما يوقع الرعب في النفوس، إرهاب، عهد إرهاب”، ومن تعريفاتهم له أيضًا أنه: “القتل, والخطف, وإشعال الحرائق, وما شابهها من أعمال عنف جنائية؛ بغض النظر عن الأسباب والدوافع التي تقف وراء القائمين عليها” ([31])، هذا يعني أن أيًّا من أعمال العنف مهما كان أسبابها هي أعمال إرهابية؛ أي أن العمل ذاته, وليست دوافعه هي التي تضفي عليه صفة الإرهاب.

ويعرف توني بلير الإرهاب بأنه: “قتل المدنيين الأبرياء عمدًا حتى أن بعضًا من تلك الدول تمارس الإرهاب مثل حرب باكستان على كشمي”([32]).

         وهكذا فإننا نجد أن في معظم التعريفات الغربية خللًا أساسيًّا، وهو إغفالها للمعنى اللغوي الأصلي للكلمة، وهو معنى تتفق عليه الكلمتان الإنجليزية والعربية، إذ يشير أكثرها إلى أن الإرهاب قتل, أو خطف, أو تخريب،كما نلاحظ أن تعريفات الإرهاب الاصطلاحية عند الغرب تختلف باختلاف الغاية منها.

   ويعلق الدكتور أحمد نوفل على الموقف الأمريكي والموقف الغربي بقوله: إنّ بعض المعادين أو الأعداء أشد عداوة، يستنكف عن التمييز بين المسلم والإسلام والإرهاب، فيجعلها جميعًا حزمة واحدة، وبعضهم أشد دهاء, ولا أقول أكثر إنصافًا؛ هذا الأشد دهاء يجاملنا, أو يستغفلنا إذ يمتدح الإسلام بأنه دين إنساني، ولكن كثيرًا من المسلمين إرهابيون.

 وقد حسم القس (فالويل) الأمر, وقطع قول كل خطيب إذ قال: إن الإسلام بذاته دين إرهابي -لا أحسن من الصراحة دون لف أو دوران- وأن محمداً -عليه الصلاة والسلام وحاشاه- هو أول إرهابي, فمن الطبيعي– بناء عليه- أن يكون كل مسلم إرهابيًّا([33]).

 ومما يظهر كيدهم للإسلام وحقدهم عليه قول المبشر الأصولي (جيري فالويل) في برنامج 60 دقيقة الذي تبثه محطة (CBS) حيث قال: “إن النبيَّ محمدًا إرهابي”، وقول القس المتطرف (بات روبرتسون)-الذي يملك أكبر شبكة فضائية دينية- واصفاً الإسلام بأنه خدعة كبيرة, وأن النبي محمدًا كان مجرد متطرف، لقد كان سارقًا وقاطع طرق([34]), وحاشاه من ذلك r.

المبحث الثاني

التأصيل الشرعي للحوار مع  أهل الذِّمَّة, وضوابطه

المطلب الأول: التأصيل الشرعي للحوار مع  أهل الذِّمَّة.

الفرع الأول: التأصيل الشرعي للحوار مع الآخر في القرآن الكريم.

   بإنعام النظر في آيات القرآن الكريم، فإننا نجد أن هناك الكثير من الآيات القرآنية الكريمة تؤكد على مسألة الحوار مع أهل الذِّمَّة، منها – على سبيل الذكر لا الحصر-:

قوله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [ آل عمران: 64]، وقوله تعالى: { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }[ آل عمران: 71] ، وقوله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }[ المائدة: 68]، وقوله تعالى: { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } [الأنعام: 91]، وقوله تعالى:{وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } [ البقرة: 144]، وقوله تعالى: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [ البقرة: 145].        

      وهكذا نجد أن نصوص القرآن الكريم شاهدة بما حوت من آيات بالدعوة إلى الحوار مع أهل الذِّمَّة، وتؤكد أن الحوار معهم أمر ثابت وعقيدة راسخة في الفكر الإسلامي، وهو بذلك– الإسلام – يفتح الباب للمسلمين أن يبرُّوا غيرهم من المخالفين في العقيدة, والديانة, والإحسان إليهم, والعدل معهم, واستحثهم على معاملتهم معاملة طيبة بناءً على مبدأ الاحترام المتبادل, والمصالح المشتركة بين الناس جميعًا، إلا أن ذلك مرتهن بكونهم مسالمين غير محاربين للمسلمين.

الفرع الثاني: التأصيل الشرعي للحوار مع الآخر في السنة النبوية.

1- وثيقة المدينة المنورة أو الصحيفة: وهي الوثيقة التي أبرمها الرسول e، بينه وبين أهل المدينة من غير المسلمين غداة هجرته إلى المدينة المنورة, والتي تعتبر أول دستور قانوني مكتوب, بل إنها الأنموذج الأول الذي يصوغ المعنى الحقيقي لمفهوم التعددية, والتنوع, وقبول الآخر, ويحدد أسس المواطنة, ويؤكد معانيها، حيث نجد أن تلك الوثيقة قد بادرت إلى تنظيم العلاقات بين سكان المدينة المنورة، وأصَّلت, وأوضحت التزامات جميع الأطراف التي تعيش فيها، وفي هذا تأكيد على عالمية رسالة الإسلام وسماحته، في دعوته القائمة على مبدأ الوئام والتعايش بين المجتمعات, والاعتراف بخصوصيتها؛ بصرف النظر عن اختلاف أصولها العرقية, ومعتقداتها الدينية؛ مقرًّا لها بالحرية المطلقة في ممارسة معتقداتها, وفض نزاعاتها, وخلافاتها وفق شرائعها([35]).

     كما نجد هذه الوثيقة الدستورية تحدثت في موادِّها التي نافت على الخمسين مادة، عن التنوع الديني في إطار الأمة، وعن المساواة بين الأطراف المتنوعة عقديًّا وفكريًّا، متجاوزة الفروقات القبلية والدينية؛ لينصهر بذلك جميع الأطراف التي تقطن في المدينة في بوتقة واحدة داخل دولة المدينة؛ دعمًا للنسيج الوطني الواحد ووصولاً بالمدينة المنورة موطنه الجديد إلى وحدة سياسية ونظامية لم تكن معروفة من قبل في سائر أنحاء الحجاز([36]).

 ولتحقيق تلك الرؤى والأهداف التي كان الرسول e يطمح إلى تحقيقها نسوق طائفة من البنود التي اشتملت عليها وثيقة المدينة؛ لتؤكد على عمق النظرة الإسلامية, ورحابة الشريعة وسماحتها، حيث يقول الرسول e: “… وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود([37]) دينهم, وللمسلمين دينهم- مواليهم وأنفسهم- إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته … وأن على اليهود نفقتهم, وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم … وأن النصر للمظلوم … وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة …” ([38]).

 بهذا الوضوح إذن في التعامل مع أهل الذِّمَّة أقرت وثيقة المدينة التي وضعها الرسول e منذ أربعة عشر قرنًا حرية العقيدة، وحرية الرأي، كما نقلت أهل المدينة من أجواء الحقد, والكراهية, والعنصرية, والعصبية القبلية إلى أجواء الاحترام المتبادل، والتسامح الديني، والتعايش السلمي، والتعاون، والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، يقول الدكتور عبد الهادي بو طالب: “إن الإسلام وديانتي أهل الكتاب جاءت؛ لمناهضة الشرك والقضاء عليه، ولكن مع ذلك استثنى الإسلام من أهل الشرك من سالموه منهم، ومن بينه وبينهم عهد وميثاق للسلم والتعايش … وقد كان مشركو المدينة طرفًا أصيلًا في التعايش الذي ضبط مقتضياته (الدستور)، ومنهم تألفت جميعًا أمة يثرب نواة الإمبراطورية الإسلامية العظمى” ([39]).

 وإذا كانت وثيقة المدينة قد نصت على أن اليهود أمة مع المؤمنين, وليسوا أمة من المؤمنين([40])، بما يعني أنهم أمة مستقلة إلى جانب المسلمين، وإذا كان لكل فريق حق الاعتقاد, والحقوق المدنية كافة إلا ما يهدد سلامة الدولة أو يفرق وحدتها، وإذا كان الظالم في هذه الدولة معرضًا للعقاب أيًّا كان، سواء كان مسلمًا أم غير مسلم, وذلك من خلال أداة العموم (من) في قوله e: “إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه…”, فهل بعد ذلك يحق لأحد أن يتحدث عن نفي الإسلام للآخر, ورفضه التعايش معه؟

وفي رحاب هذا الإطار الراقي والعميق من الفهم, وتطبيق القيم الإسلامية الراقية من العدالة, والمساواة, والتسامح أسس رسول الله e في المدينة المنورة مبدأ التعايش، منطلقًا من ثوابت وأصول منهجية، من إيمان بوحدة الأصل والخلق الإنساني، والإيمان بوحدة الغاية والمصير المشترك، والإيمان بأن الناس كافة مستخلفون في هذه الأرض, ومؤتمنون على عمارتها، وإلا كان الإنسان ظلومًا جهولًا([41]).

2-وثيقة نصارى نجران التي وضعها الرسول e لوفود نصارى نجران الذين أتوا إلى النبي e في السنة التاسعة للهجرة؛ يحاجون في عيسى u, ويزعمون ألوهيته, فطلب منهم الرسول e (المباهلة)([42])، فحاورهم النبي e وجادلهم طويلًا، وأذن لهم بالصلاة في مسجده في صورة مشرقة من السماحة واليسر؛ لتنتهي هذه الواقعة بعهد وضعه لهم, ومن خلاله للنصارى في كل مكان.

         ومن جملة ما اشتملت عليه من النصوص قوله e: “وَلِنَجْرَانَ وَحَاشِيَتِهِمْ جِوَارُ اللهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَمِلَّتِهِمْ، وَأَرْضِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَغَائِبِهِمْ، وَشَاهِدِهِمْ، وَبِيَعِهِمْ، وَصَلَوَاتِهِمْ، لَا يُغَيِّرُوا أُسْقُفًا عَنْ أُسْقُفِيَّتِهِ، وَلَا رَاهِبًا عَنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، وَلَا وَاقِفًا عَنْ وَقْفَانِيَّتِهِ … إلى أن قال e: وَعَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ جِوَارُ اللَّهِ وَذِمَّةُ النَّبِيِّ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنْ نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُثْقَلِينَ بِظُلْمٍ”([43])، وهكذا فإننا نجد أن هذه الوثيقة تُعد أنموذجًا فريدًا آخر في التعامل مع أهل الذِّمَّة, والحوار معهم, والاعتراف بهم.

3-الكتب والرسائل التي بعثها رسول الله -صلى اله عليه وسلم- للآخر: فقد بعث النبي e زهاء خمسين كتابًا للملوك, والأمراء؛ ليحاول النبي e بذلك فتح قنوات, ومسارب لحوار جادٍّ وهادف معهم([44]).

الفرع الثالث: التأصيل الشرعي للحوار مع الآخر من فعل الصحابة.

       لقد سار الصحابة -رضوان الله عنهم أجمعين- وفقاً لما تقدم بيانه من النهج القرآني, والمنهج النبوي في الحوار مع أهل الذِّمَّة والاعتراف بهم، والأمثلة على ذلك كثيرة, منها:

1-العهدة العمرية: تعتبر العهدة العمرية تجسيدًا للرؤية والمنهجية الثابتة للحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي، فقد كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب tلأهل إيلياء عندما فتحها المسلمون سنة ( 638م) كتابًا أمنهم فيه على كنائسهم وممتلكاتهم، وقد اعتبرت هذه الوثيقة إحدى أهم الوثائق في تاريخ علاقة المسلمين بغيرهم، ومن نصوصها التي احتوتها: “هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان… أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم… وأنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها, ولا من حيزها، ولا من صليبهم, ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم…”([45])، فقد نص عمر t فيها على حماية حريتهم الدينية، وحرمة الاعتداء على معابدهم وشعائرهم.

    واعترافاً بهذه المنهجية الإسلامية في التعامل مع أهل الذِّمَّة، فقد شهد على بنود هذه الوثيقة كبار الصحابة من بينهم خالد بن الوليدy, وعبد الرحمن بن عوف y، على أن عمر بن الخطاب t حين قام بذلك فهو لم يفعله بحكم سياسته الرشيدة, وإدارته الحكيمة فحسب، بل كان في ذلك مطبقًا لتعاليم الإسلام, منفذًا لأحكامه التي استمدها من كتاب الله, وسنة رسوله e.

2-كتاب أبي بكرt وهو رأس الهرم في الدولة الإسلامية، إلى أهل نجران يجيرهم فيه بجوار الله, وذمة رسول الله e ([46])، حيث يُعد هذا الكتاب أنموذجًا من النماذج التي خطت آليات التعامل مع الآخر, والاعتراف به.

3- مكاتبة خالد بن الوليدt فكاتب أهل (عانات) بأن لهم أن يضربوا نواقيسهم في أي ساعة شاؤوا من ليل أو نهار، إلا في أوقات الصلاة، وعلى أن يخرجوا الصلبان في أيام أعيادهم([47]).

     وبعد هذا العرض الموجز لموقف القرآن الكريم والسنة النبوية وفعل الصحابة رضوان الله عليهم في الحوار مع أهل الذِّمَّة, والاعتراف بهم؛ يتبين لنا أصالة المنهجية الإسلامية في ترسيخ قيم الحوار, والتسامح, والانفتاح على أهل الذِّمَّة بضوابط سيأتي بيانها.

الفرع الرابع: التأصيل الشرعي للحوار مع الآخر في الفقه الإسلامي.

        على هذه الخطى السابقة كان موقف الفقه الإسلامي، -كما سيأتي تفصيله في المبحث الرابع- حيث حفلت كتبهم ومصنفاتهم على كثير من الأحكام الفقهية التي تتعلق بالحوار مع أهل الذِّمَّة, وقبولهم, وإعطائهم حقوقهم, واعتبار من يعيشون في الدولة الإسلامية مكوناً رئيساً من مكوناتها.

المطلب الثاني: ضوابط الحوار مع أهل الذِّمَّة.

      إن قضية الحوار مع أهل الذِّمَّة في الإسلام ليست متروكة على عواهنها, بل هي محكومة بجملة من الأسس والضوابط, ومن تلك الضوابط:

    أولًا- الاعتراف بأن الاختلاف بين البشر في الدين واقع بمشيئة الله I, وأن الله تعالى أعطى الإنسان الحرية في اختيار دينه، يقول I: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }[ الكهف: 29]، فمهمة المسلم وفقًا لذلك تنحصر في البلاغ المبين دون فرض عقيدة أو فكر لا بالقول ولا بالفعل، يقول تعالى: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﳩ} [البقرة: 256].

ثانيًا- وحدة الأصل الإنساني: وضع القرآن الكريم قاعدة واضحة للعائلة البشرية، تعلن أن الناس جميعًا خلقوا من نفس واحدة، وتشير الآية إلى ما نستطيع تسميته بـ (وحدة الأصل الإنساني) يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [ النساء: 1]، وبمقتضى هذه الوحدة كانت الضرورة ملحة؛ لتتعارف الفروع, وتتعاون وتتآخى في ظل وحدة إنسانية جامعة، تقوم على القبول بأهل الذِّمَّة, واحترام حدود العلاقة معهم, وتعزيز التعايش السلمي بين جميع مكونات المجتمع وأطيافه, مع عدم إغفال الخصوصيات بالنسبة إلى الأفراد, والجماعات على حد سواء([48]).

 ثالثًا- التعارف: فقد جعل الإسلام التنوع والتعدد آية من الآيات الدالة على عظيم قدرة الله باعتباره واحدة من السنن الكونية, والدلائل الربانية المرتبطة بالاختلاف والتعدد والتنوع بين الأمم والحضارات والثقافات والديانات، يقول I: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [سورة الروم: 22]، والتعدد بين بني البشر -شعوب، قبائل-، يفتح الباب على مصراعيه إلى التعارف والتآلف الذي يشمل التعاون بين الناس جميعًا، وفي مختلف المجالات، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير } [ الحجرات: 13]، فالخطاب الإلهي الشامل في هذه الآية يمكن أن يعتبر الفصل في العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين, سواء كانوا أهل كتاب أم غير ذلك ما لم يبادروا بظلم, أو عدوان, أو انتهاك لحقوق المسلمين ([49]).

رابعًا- التعايش: يقول تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [ الممتحنة: 8].

خامسًا- الانطلاق من كلمة سواء (مراعاة القيم الإنسانية المشتركة): فالحوار مع أهل الذِّمَّة يجب أن ينطلق من القواسم والقضايا المشتركة، فالإيمان بوحدة أصل الأديان السماوية يشكل قاعدة راسخة؛ لتكون أساسًا ومنطلقًا للحوار الجاد والهادف بين المسلمين وغيرهم، وقد بذل الإسلام جهودًا كبيرة في سبيل الانطلاق في الحوار معهم من قواسم مشتركة, وكلمة سواء بين المتحاورين، بحيث يقف الجميع أمام كلمة سواء على مستوى واحد فلا يعلو أحد على أحد، وهي كلمة عدل، ودليل ناصع على عمق مبدأ التعايش في قوله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﱺ}  [آل عمران: 64]([50]).

سادسًا- عدم استثارة مشاعر العداء عند الآخرين: فمن الضوابط الضرورية في أي حوار ناجح أن لا يكون ذلك الحوار قائمًا على استثارة مشاعر العداء لدى الطرف الآخر فلا يجوز  استثارة الآخرين بالتعرض لعقيدتهم، وطقوس عبادتهم، وقد دل على هذا أدلة كثيرة تبلغ حد الاستفاضة، فقد نهى الله I المؤمنين أن يسبوا آلهة المشركين؛ سدًّا للذريعة؛ لئلا يكون ذلك ذريعة لهم أن يسبوا الإسلام، يقول الله تعالى: { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﲶ} [الأنعام: 108] ، وجاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة  tـ قال: “بينما يهودي يعرض سلعته، أعطي بها شيئًا كرهه، فقال: لا، والذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار، فقام فلطم وجهه، وقال: تقول، والذي اصطفى موسى على البشر، والنبي e بين أظهرنا؟ فذهب إليه, فقال: أبا القاسم، إن لي ذمة وعهدًا، فما بال فلان لطم وجهي؟ فقال: لم لطمت وجهه؟ فذكره، فغضب النبي e حتى رؤي في وجهه، ثم قال: لا تفضلوا بين أولياء الله, فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات، ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث، فإذا موسى آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور، أم بعث قبلي”([51]).

وإذا نظرنا في الحديث الشريف فإننا نستشف من فعله e أنه أراد أن يقرر مجموعة من الآداب في التعامل مع أهل الذِّمَّة, فأراد أن يعلم أتباعه الأدب والتواضع ولين الجانب، وحسن التعامل مع الناس، حتى وإن تعلق التخاصم بأمر من أمور العقيدة، كما أراد e أن يبين عدم جواز التفضيل وانتقاص الآخرين؛ لأن مثل هذا التفضيل يؤدي إلى الجور والظلم، وقد يكون فيهم أصحاب فضل ودرجة، مثل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ولما في التفضيل والمقارنة من استثارة الآخرين، وإثارة عصبيتهم، وفي ذلك ما فيه من إثارة الفتن والقلاقل.

سابعًا- أن يكون حوارًا عقليًّا وعلميًّا متزنًا: فالقرآن الكريم يستحث المؤمنين إلى استعمال الحكمة, والموعظة الحسنة, والمجادلة بالتي هي أحسن في الحوار ودعوة الآخرين، ويلفت أنظار المسلمين إلى أهمية الاستناد إلى القواعد العقلية, والشواهد الكونية العلمية المحسوسة في تلك الدعوة، -وعلى سبيل التمثيل لا الحصر-فالقرآن الكريم في دعوته إلى توحيد الله استعمل الحجج العقلية والدلائل العلمية، فقال في سبيل إثبات ذلك – على سبيل الذكر لا الحصر-: { أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﲼ}  [الأنبياء: 21-22]، ومن ذلك أيضًا أننا نجد أن القرآن الكريم في كثير من آياته يدعو الناس إلى النظر في كتاب الكون المنظور؛ ليقفوا على ما في الكون من عجائب ودلائل علمية على وجود الله ووحدانيته، قال تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﱬ} [ البقرة: 164].

         ولم يقف القرآن الكريم عند هذا الحد, بل دعا الناس إلى الاستفادة من الدروس التاريخية للاعتبار بعاقبة الظالمين والمتكبرين، فضرب لهم أمثلة عملية من أصحاب السلطة؛ كفرعون, والنمرود, وغيرهما، ومن أصحاب المال والجاه؛ كقارون, والوليد بن المغيرة, وغيرهما؛ حتى تكون هذه الدروس موعظة وعبرة لهم على مر الأيام، يقول تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﲜ}  [ غافر: 82].

ثامنًا- التعاون في المتفق عليه, وعدم الإكراه في المختلف فيه: أما بالنسبة للتعاون في المتفق عليه، فيقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﱻ} [الحجرات: 13]، وهذا النص القرآني هو أساس العلاقات الدولية كما نظمها القرآن الكريم والسنة النبوية، وهذا النص يقيم العلاقة بين الناس على أساس التعاون، وينفي أن يكون التمايز في العرق, أو اللون دالاً على التباين في الحكم، فهم وإن اختلفوا في أعراقهم وألوانهم إلا أن الأصل الإنساني الواحد يجمعهم، ولذلك سعى النبي محمد e منذ أن شيد دولة الإسلام في المدينة المنورة إلى التعاون مع جميع مكونات المدينة من اليهود، فقد جاء في وثيقة المدينة المنورة: “إن اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم- مواليهم وأنفسهم- إلا من ظَلم وأثم فإنه لا يُوتِغ([52]) إلا نفسه وأهل بيته”([53]).

أما بالنسبة لعدم الإكراه على المختلف فيه: فالأدلة عليه كثيرة جداً, ومنها ما جاء في قوله تعالى: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [ البقرة: 256]، قال ابن عباس-y-: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو مسلمًا، فقال للنبي ـ e ـ : ألا استكرهما، فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله الآية.

جاء في بعض التفاسير أنه حاول إكراههما، فاختصموا إلى النبي e فقال: يا رسول الله، أيدخل بعضي النار، وأنا أنظر؟، وذكر ابن جرير في تفسيره روايات عدة في نذر النساء في الجاهلية تهويد أولادهن؛ ليعيشوا، وأن المسلمين بعد الإسلام أرادوا إكراه من لهم من الأولاد على دين أهل الكتاب على الإسلام، فنزلت الآية، فكانت فصل ما بينهم.

 يتبين لنا من هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم يسير في رسم علاقة المسلم مع أهل الذِّمَّة بترسيخه مبدأ الاعتراف بهم بصورة جلية, وأنه لا مجال للمساس أو التدخل بمعتقدات الآخرين, مع ملازمة احترام الرافضين لدعوة الإسلام, بل له حرية الاختيار, ويكفل له عدم إكراهه على شيء، يقول تعالى: { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﱧ}[ يونس: 99]([54])؛ إعمالاً لقوله تعالى:{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﱠ}[ الكافرون: 6]، فالآيتان تسقطان التسلط باسم الدين الذي كان ولا يزال أحد أبرز الأسباب الرئيسة في نشوء الإرهاب, وتهديد السلم العالمي على مر التاريخ، وهما بذلك تفتحان ميادين الحوار, وآفاق الالتقاء مع الآخر, ومراعاة خصوصياته, وعدم المساس بعقيدته.

ومما يؤكد تلك الحقيقة الدامغة في الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي ما جاء في قوله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [ الممتحنة: 8].

وقد اختلف أهل العلم في تفسيرها، فقال بعضهم المعني بها: الذين كانوا آمنوا بمكة, ولم يهاجروا فأذن الله للمؤمنين ببرهم والإحسان إليهم, وإلى هذا ذهب مجاهد، وقال آخرون: عني بها من غير أهل مكة من لم يهاجر، وقال آخرون: بل عني بها من مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم, ونسخ الله ذلك بعد بالأمر بقتالهم، ويروى هذا عن قتادة، وهناك من قال: أنهم أهل العهد الذين عاهدوا رسول الله e على ترك القتال، والمظاهرة في العداوة، وهم خزاعة كانوا عاهدوا الرسول على أن لا يقاتلوه ولا يخرجوه، فأمر الرسول u بالبر والوفاء إلى مدة أجلهم، وقال مجاهد: هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا، وقيل: يعني به النساء والصبيان؛ لأنهم ممن لا يقاتل، فأذن الله ببرهم, حكاه بعض المفسرين، وقال أكثر أهل التأويل: هي محكمة([55])، وجاء في تفسير الطبري بعد أن ساق اختلاف العلماء في تحديد المعني بالآية الكريمة: قال: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بذلك: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم؛ لأن الله عز وجل عم بقوله: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﱿ}، جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضًا دون بعض، ولا معنى لقول من قال: ذلك منسوخ؛ لأن بر المؤمن أحدًا من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب، أو ممن لا قرابة بينهما ولا نسب غير محرم، ولا منهي عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح([56]).

   تاسعًا- التمسك بالهوية الإسلامية: إن المسلم يتميز عن غيره عقديًّا وسلوكيًّا، وعدم التفريط بأصول العقيدة, ولا بأصول الإسلام ومبادئه, ولا بأمر من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، تحت مسمى الحوار أو التسامح والتعايش مع الآخر([57]).

  عاشرًا- أن لا يكون الحوار مع غير المسلمين وسيلة لعرض عقائدهم الباطلة، دون التنبيه إلى ما فيها من انحرافات تخالف العقيدة الإسلامية([58]).

المبحث الثالث

حقوق أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي

تزخر كتب الفقهاء ومصنفاتهم بكثير من الأحكام الفقهية التي تتعلق بحقوق أهل الذِّمَّة في كنف الدولة الإسلامية، ومن تلك الحقوق والأحكام– على سبيل الذكر لا الحصر-:

1- حرية الاعتقاد والعبادة: فقد كفلت الشريعة الإسلامية لأهل الذِّمَّة ممن يعيشون في رحاب الدولة الإسلامية الحرية المطلقة فيما يعتقدون, فإن شاء استنار بنور الإسلام، وإن شاء بقي على دينه؛ لأن الدين هو إذعان النفس، ويستحيل أن يكون الإذعان بالإلزام والإكراه والقسر، وإنما بالبيان والبرهان والحجة العقلية، كما كفلت لهم حرية أداء عباداتهم دون أن تلزمهم بعبادة ما، طالما أنهم لا يؤذون المسلمين ولا يظاهرون عليهم، وسواء أقروا برسالة محمد e أم لم يقروا([59])، قال ابن قدامة: “وإذا أُكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه؛ كالذمي والمستأمن فأسلم؛ لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعًا”([60]) فالإسلام لا يأمر الناس بالدخول فيه بالقوة أو تحت بريق السيف، بل يترك أمر الدخول فيه لإرادة الإنسان الحرة, ولقناعته المطلقة دون أن يتعرض لأي تأثير, أو ضغط, أو إرغام, فحرية الفرد في الاختيار تعتبر من أجلى صور الاعتراف به في الدولة الإسلامية([61]).

وقد بلور هذه المنهجية الراقية في الدعوة إلى الله صاحب الشريعة- محمد e- بطريقة تعامله مع أهل الذِّمَّة، بأن أقام معهم المعاهدات والمواثيق التي تكفل لهم حرية المعتقد، وممارسة طقوسهم الدينية، والمحافظة على أماكن عبادتهم، وضمان حرية الفكر والتعلم([62])، يقول أبو الوليد الباجي: “إن أهل الذِّمَّة يقرون على دينهم, ويكونون من دينهم على ما كانوا عليه، لا يمنعون من شيء منه في باطن أمرهم، وإنما يمنعون من إظهاره في المحافل والأسواق، وأن لا يحدثوا كنيسة في مدينة إسلامية لم يكن لهم فيها كنيسة من قبل, وذلك لما في الإظهار والإحداث من تحدي الشعور الإسلامي؛ مما قد يؤدي إلى فتنة واضطراب”([63]).

2-الحق في المساواة: وهذا مبدأ إسلامي أصيل، يقرر ذلك ما جاء في محكم التنزيل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﱟ} [ النساء: 1], وقد أكدت السنة النبوية المطهرة هذا المعنى، فيقول-e-: “أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ”([64])، فجعلت الشريعة أساس التمايز بين الناس التقوى، والشريعة الإسلامية إذ تقر بالمساواة بين الناس فإنها لا ترمي إلى إزالة مظاهر التفرقة على أساس الجنس, أو اللغة, أو العقيدة, أو اللون, أو غير ذلك من الاعتبارات والتمايزات، وإنما تطمح إلى تحقيق العدالة والمساواة التامة بين الأفراد في الحقوق والواجبات، وأمام القانون والقضاء، وفي المسؤوليات العامة، والحقوق السياسية، وإزالة مظاهر التمييز بين أفراد المجتمع، كما تهدف إلى إتاحة الفرصة في المشاركة الفاعلة في مؤسسات الحكم بصورة متساوية([65])، يقول وهبة الزحيلي: “إن مبدأ المساواة في الإسلام عام شامل دون قيود، ولا استثناءات، وأساس في نظام الحكم الإسلامي … فقررت الشريعة المساواة التامة في الحقوق، والواجبات، وأمام القانون والقضاء وفي المسؤوليات العامة، والحقوق السياسية بين الأفراد، والجماعات، والأجناس، وبين الحاكمين والمحكومين، لا فضل لرجل على آخر إلا بالتقوى، والعمل الصالح، ودون تفرقة بسبب الجنس، أو اللون، أو الطبقة؛ أي في الغنى والفقر، أو القوة والضعف، أو الحسب والنسب”([66])، وهكذا فإن المساواة بين الناس تعتبر واحدة من المرتكزات الجوهرية للحوار مع أهل الذِّمَّة ممن يقيمون على إقليمها، شريطة التزامهم بأحكام الإسلام التي تُطبق على المسلمين؛ لأنهم بمقتضى عقد الذِّمَّة صاروا يحملون جنسية الدولة الإسلامية, فعليهم أن يتقيدوا بقوانينها التي لا تمس عقائدهم وحريتهم الدينية دون أن يتعرض لهم في ذلك بإبطال ولا عتاب([67]).

          وتأكيدًا لهذا النهج فقد أعطت الشريعة الإسلامية أهل الذِّمَّة الحرية التامة في التقاضي في محاكمهم الخاصة، وفتحت السبيل أمامهم في اللجوء إلى القضاء الإسلامي متى رغبوا في ذلك طواعية؛ لعلمهم الأكيد بعدالة الشريعة, وعدالة تشريعاتها وأحكامها، وفي هذا يقول الزهري: مضت السُّنَّة أن يرد أهل الذِّمَّة في حقوقهم, ومعاملاتهم, ومواريثهم إلى أهل دينهم، إلا أن يأتوا راغبين في حكمنا، فيحكم بينهم بكتاب الله، وإن تحاكم أهل الذِّمَّة إلى حاكم المسلمين, ورضي الخصمان به جميعاً، فلا يحكم بينهما إلا برضا من أساقفهما، فإن كره ذلك أساقفهم فلا يحكم بينهم، وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرضَ الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهما([68])، وعلى هذا قد انعقد الإجماع، يقول ابن حزم: “واتفقوا على أنه-أي القاضي-إن حكم بين الذميين الراضيين بحكمه مع رضا حكام أهل دين ذينك الذميين أن ذلك له, وأنه يحكم بما أوجبه دين الإسلام”([69]).

3-الحق في العدالة، فإذا أجلنا النظر في نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة فإننا نجد أن هناك كثيرًا من الآيات القرآنية, والأحاديث النبوية التي جاءت؛ لتجسد معاني العدالة, ومقتضياتها, وتحذر من نقيضها، فمن نصوص القرآن الكريم، قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﱼ} [النحل: 90]، وقوله تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﲒ} [النحل: 90]، فقد أمر الله بالعدل والوفاء مع الجميع؛ أياً كانت أصنافهم وأشكالهم، فالعدالة هي الميزان المستقيم الذي يحدد العلاقات بين الناس في حال السلم والحرب على السواء, ففي السلم يكون حسن الجوار قائمًا على العدل، وفي الحرب يكون الباعث عليها العدل([70]).

 وقد استحثت السنة النبوية المسلمين على العدالة مع الخلق جميعًا، وفي هذا يقول الرسول e: “إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ U، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا”([71]).

وفي سبيل تحقيق هذا المبدأ العظيم، فقد أمر الله إقامة العدل بین الناّس بصرف النظّر عن أجناسهم، وأعراقهم، وأقوامهم، وألوانهم، ومعتقداتهم، ولغاتهم؛ لیتحقّق لهم بذلك الأمن، والاطمئنان([72])، وفي ذلك تجسيد لأرقى صور التعامل مع أهل الذِّمَّة والتعايش معهم، في حين أننا نرى كثيرًا من الدول غير الإسلامية لا تتعامل مع المسلمين الذين يعيشون على أراضيها بمقتضى العدالة, بل إنها تفرق وتمايز في كثير من الأحيان بين المواطن الأصلي الذي ينحدر من أصولهم, وبين المواطن (المسلم) الذي يحمل جنسية تلك الدول.

3-الحقوق السياسية: أعطت الشريعة الإسلامية أهل الذِّمَّة الحق في تولي الوظائف العامة([73])– على تفصيل عند العلماء، فهناك رسائل علمية تناولتها- واختلفوا في توليتهم ما ليس من قبيل الولايات العامة، ففريق يرى عدم جواز تولي غير المسلمين؛ لأي وظيفة في الدولة الإسلامية مطلقًا([74]).

وذهب فريق ثان إلى جواز تولي غير المسلمين جميع الوظائف, أو المناصب في الدولة الإسلامية, ما عدا المناصب الرئيسية التي تقدم اتفاق العلماء على حرمة توليهم إياها، وقد أخذ بهذا كوكبة كبيرة من الباحثين المعاصرين([75])،وهناك فريق ثالث، قالوا: بعدم جواز تولي غير المسلم لأي منصب, أو وظيفة في الدولة الإسلامية، إلا ما كان من الوظائف غير المهمة، وبشروط([76])،([77])، ومن جملة حقوقهم السياسية التي كفلتها لهم الشريعة الإسلامية في رحاب الدولة الإسلامية، الحق في الانتخاب([78]) والترشح([79])، حيث اتفق العلماء على جواز مشاركة غير المسلمين في انتخاب المجالس البلدية, وفي الأمور الدنيوية في رحاب الدولة الإسلامية، واختلفوا في مشاركتهم في انتخاب رئيس الدولة، والمجالس النيابية، فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز مشاركتهم في الانتخاب والترشح للمجالس النيابية([80])، في حين أن فريقًا ثانيًا قالوا: بعدم جواز ذلك([81]).

    وبإنعام النظر فيما تقدم نجد بما لا يدع مجالًا للشك أن الإسلام بلغ شأنًا بعيدًا في تحقيق التعايش السلمي مع أهل الذِّمَّة، واحترامهم, ومنحهم حقوقهم، وهذا دليل على أن المسلمين بطبيعة دينهم, وتعاليم شريعتهم أمة مبرَّأة من الضغائن الدينية، والتعصبات المذهبية([82]).

المبحث الخامس

أثر الحوار مع أهل الذِّمَّة في معالجة ظاهرة الإرهاب

        بعد أن فرغنا من الحديث حول مفهوم الحوار مع أهل الذِّمَّة, والتأصيل الشرعي له, وضوابط فتح قنوات الحوار معهم, وما يستحقونه من حقوق في رحاب الدولة الإسلامية؛ فإننا نستطيع الجزم بأن لهذه المنهجية الفريدة الأثر البالغ في معالجة ظاهرة الإرهاب, وتجفيف منابعه, وقطع كل السبل المؤدية إليه، من خلال تفنيد الشبهات التي تحوم حول الإسلام لديهم، فكثير منهم من يبلغه الإسلام, ويمنعهم منه شبهات تحول بينهم وبينه، فيحتاجون إلى إجابات شافية عليها([83]).

        وهذا يقودنا إلى الحديث عن ضرورة تفعيل لغة الحوار معهم؛ بغية الوصول إلى توافقات معهم, ومع العالم أجمع على صياغة تعريفات نهائية لبعض المصطلحات؛ حتى لا تبقى مائعة تتداخل الأهواء والأيدلوجيات في رسمها, مثل مصطلح الإرهاب, والتطرف, والأصولية؛ من أجل اتخاذ مواقف مشتركة إزاءها, ومحاولة التصدي للمتلاعبين بها؛ لتحقيق سياساتهم الخبيثة، بالتأكيد على أنه دين السلام والسماحة, وأنه جرم وحرم كل مظاهر الإرهاب, وأنواعه, وسماها باسم فريد, وهو الفساد في الأرض، فالإرهاب ليس من نتاج الدين، كما يحاول أن يلبس أو يصور الغرب، وإنما هو ناتج عن قصور في فهم حقيقة الدين, والممارسات الخطأ للتّدين.

        كما أن جعل الإسلام الحوار مع أهل الذِّمَّة غاية وهدفًا له أثر فعال في معالجة ظاهرة الإرهاب من خلال تحقيق التوازن في الحياة الإنسانية؛ للوصول إلى التعايش في سلام, وبمعزل عن الشقاق, والنزاع, والصراع, والحروب, والإرهاب، فدعوة الإسلام للحوار مع أهل الذِّمَّة تأتي في إطار حماية الإنسان لذاته, وتهيئته؛ ليقوم بوظيفته التي أناطها الله به بعمارة الأرض, وخلافة الله, وعبادته بالعلم النافع, والإيمان الصادق, والعمل الصالح, والتواصي بالحق والصبر بمعزل عن النزعات المادية والاستغلالية التي تدعو إليها كثير من الثقافات والحضارات الحديثة والقديمة, والتي جعلت الثروات المادية, ومظاهر القوة الاقتصادية, والعسكرية هي أساس عمارة الأرض والكون، وأن حتمية الصراع تكون على هذه الأسس.

وفي هذا الإطار الراقي من الفهم والنظرة الشمولية جاءت دعوة الإسلام إلى التفاهم حول العيش الواحد, الذي يعني مشاركة جميع أبناء الوطن بقطع النظر عن ديانتهم, وانتماءاتهم في حمل هموم الوطن,  والإسهام في تقدمه ونمائه, وتحقيق المصالح العليا للدولة, التي لا تتحقق إلا بالتحاور والتعاقد معهم عليها، كما فعل الرسول e مع يهود المدينة, ومع نصارى نجران، مما يؤكد إنسانية الإسلام وعالميته، وأن مقدار ما ينضوي في تعاليمه وأحكامه من قيم إنسانية راقية تؤكد على حضارية الدين الإسلامي، وتحضُّر الدولة الإسلامية من خلال كيفية تعاملها مع أهل الذِّمَّة ممن يشاركون المسلمين الحضارة والوطن، بحيث يصبحون من عِداد المواطنين, ويرتبطون بالدولة الإسلامية برباط الولاء والتبعية, ويتمتعون بالحقوق كافة ضمن مواثيق وعهود؛ لتنصهر بعد ذلك جميع أشكال التبعية الأخرى([84])، والشريعة الإسلامية بذلك تكون قد بلغت شأنًا بعيدًا في الحوار مع أهل الذِّمَّة, وهذا دليل على أن المسلمين “بطبيعة دينهم وبتعاليم كتابهم أمة منزهة من الأحقاد الدينية, والتعصبات المذهبية، أليس من المدهش أن نجد في تاريخ الأديان أمة شديدة البطش، قوية السلطان، متماسكة القوى، مغرمة بعقيدتها، تعامل الأمم التي تخالفها في الدين معاملة قصر عنها ورثة الكتب السماوية القديمة, وحفظة المدينة الإنسانية العتيقة”([85]).

يقول (آدم متز) -المستشرق الألماني- بعد أن ساق مقارنة بين الإمبراطورية الإسلامية وبين أوروبا: “بل كان وجود النصارى بين المسلمين سببًا؛ لظهور مبادئ التسامح عند المسيحيين، التي ينادي بها المصلحون المحدثون, وكانت الحاجة إلى المعيشة المشتركة، وما ينبغي أن يكون من وفاق، مما أوجد أول الأمر نوعًا من التسامح، الذي لم يكن معروفًا في أوروبا في العصور الوسطى، ومظهر هذا التسامح نشوء علم مقارنة الأديان؛ أي دراسة الملل والنحل على اختلافها، والإقبال على هذا العلم بشغف عظيم”([86])، وفي ترسيخ هذا الشعور سد لكل المسارب لمن تسول لهم أنفسهم القيام بأعمال إرهابية.

والشريعة الإسلامية إذ تقرر الكثير من الأحكام الخاصة بأهل الذِّمَّة, والتي تقدم أن بيَّنَّا  طرفًا منها؛ كالحق في حرية الاعتقاد, وحریّة ممارسة شعائرهم الدّینیّة، وعباداتهم، والمحافظة على أماكنها من التخريب أو الاعتداء، سواء في حالتي السّلم أو الحرب([87])؛ فإنها بذلك تشكل الحاضنة التي يتم من خلالها ترويض القلوب, وتوحيد المشاعر([88])، فحين يشعر أهل الذِّمَّة بأن لهم ما للمسلمين, وعليهم مثل الذي عليهم إلا في أشياء يسيرة استثنتها الشريعة، فالشريعة بما احتوت من أحكام, وتشريعات, وتوجيهات تحرم التعرض بأي شكل, أو صورة لهم في أنفسهم, وأموالهم, وأعراضهم، وفي هذا يقول الرسول e: “من قتل نفس معاهد لم يذق رائحة الجنة, وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا”([89])، ويقول أيضًا: “أَلا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”([90])، بل إن مجرد قذف أحدهم يعتبر كبيرة من الكبائر في عرف كثير من الفقهاء, ولا يقف سريان العمل بهذه التشريعات ومثيلاتها إلا أن يعلن أهل الذِّمَّة الحرب على المسلمين, أو يقاتلوهم, أو يبدر منهم ما يسيء للإسلام والمسلمين([91]), يقول القرافي: “إن عقد الذِّمَّة يوجب حقوقًا علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا, وفي خفارتنا, وذمة الله, وذمة رسوله e, ودين الإسلام, فمن اعتدى عليهم, ولو بكلمة سوء, أو غيبة في عرض أحدهم, أو نوع من أنواع الأذية, أو أعان على ذلك؛ فقد ضيع ذمة الله تعالى, وذمة رسولهe, وذمة ودين الإسلام”([92])، وهكذا فإن كل هذه الحقوق جعلت من أهل الذِّمَّة يندمجون في المجتمع الإسلامي، وينعمون بحياة كريمة، يحسون فيها بالعدل, والإنصاف في تواصل, وتراحم, وبر, وإحسان مبذول عادت آثاره الإيجابية على حياة الفرد, والأسرة, والمجتمع الذي دان لسلطان الدولة الإسلامية؛ مما سينعكس بصورة إيجابية على مفهوم الحوار, ويعزز من قيمته, ومعانيه, ويسهم بصورة كبيرة في معالجة ظاهرة الإرهاب.

وهكذا فإننا نستطيع الجزم بأن منهجية الإسلام في الحوار مع أهل الذِّمَّة تؤسس قاعدة متينة قائمة على احترام متبادل بين الأطراف المتحاورة، واحترام كل جانب لوجهة نظر الجانب الآخر, وإن لم يقبل به؛ لأن الهدف الرئيس من الحوار معهم هو السعي لربط العلاقات مع ذلك الآخر ترسيخًا لقيم التسامح واحترام إنسانية الإنسان، بالبحث الجاد عن القواسم المشتركة التي تشكل الركيزة الأساس للتعاون الفعال بين الأمم والشعوب([93]).

الخاتمة

 بعد أن استعرضنا منهجية الإسلام في التعامل مع الآخر, وأثر تلك المنهجية في محاربة ظاهرة الإرهاب، نستخلص جملة من النتائج، وهي على النحو الآتي:

  1. أصالة الحوار مع أهل الذِّمَّة في الفكر الإسلامي.
  2. الحوار مع أهل الذِّمَّة محكوم بجملة من الضوابط, فليس متروكًا على عواهنه.
  3. إن ما يكتنزه الفقه الإسلامي من أحكام مستمدة من القرآن الكريم, والسنة المطهرة, وفعل الصحابة يشكل درعًا واقيًا للدولة الإسلامية من صيحات الإرهاب، ويسهم في قطع دابره, وبالأخص ما قد يصدر عن أهل الذِّمَّة .
  4. دعوة الإسلام للحوار مع أهل الذِّمَّة تأتي في إطار حماية الإنسان لذاته, وتهيئته؛ ليقوم بوظيفته التي أناطها الله به بعمارة الأرض, وخلافته.


قائمة المصادر والمراجع

  1. الإبراهيم، موسى، حوار الحضارات وطبيعة الصراع بين الحق والباطل: دراسة تحليلية على ضوء مفهوم الولاء والبراء في الإسلام، الأردن، دار الإعلام، ط1، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م  .
  2. ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى محمود محمد الطناحي،  بيروت، المكتبة العلمية – 1399هـ – 1979م .
  3. ابن القطان، أبو الحسن علي ابن محمد بن عبد الملك، الإقناع في مسائل الإجماع، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، ط1، 1424هـ – 2004م  .
  4. ابن القيم، محمد بن أبي بكر ابن أيوب، أحكام أهل الذِّمَّة، تحقيق يوسف بن أحمد البكري وشاكر بن توفيق العاروري، الدمام، رمادي للنشر، ط1، 1418هـ – 1997م .
  5. ابن النقاش، أبو أمامة محمد بن علي، المذمة في استعمال أهل الذِّمَّة، تحقيق سيد كسروي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ- 2002م.
  6. ابن الهمام، محمد بن عبد الواحد السيواسي، فتح القدير،  دار الفكر .
  7. ابن تيمية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم (ت: 728هـ)، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، تحقيق: علي بن حسن – عبد العزيز بن إبراهيم – حمدان بن محمد، السعودية، دار العاصمة،  ط2 ، 1419هـ / 1999م.
  8. ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري،  دمشق، مكتبة دار الصحابة .
  9. ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد، مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، بيروت، دار الكتب العلمية .
  10. ابن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرون، إشراف عبد الله بن عبد المحسن التركي،  مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ- 2001م .
  11. ابن رشد (الحفيد)، أبو الوليد محمد بن أحمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، القاهرة، دار الحديث، 1425هـ-2004م.
  12. ابن سعد، أبو عبد الله محمد بن منيع، الطبقات الكبرى، تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار صادر، ط1، 1968م.
  13. ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل، المخصص، تحقيق: خليل إبراهيم جفال، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1417هـ 1996م .
  14. ابن صغير، محفوظ، العلاقة مع الآخر في ضوء تقرير حقوق الإنسان وتحقيق الوسطية في الإسلام،الجزائر: مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية – جامعة زيان عاشور بالجلفة، 2015م، العدد( 23).
  15. ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، رد المحتار على الدر المختار(حاشية ابن عابدين)، بيروت، دار الفكر، ط2، 1412هـ- 1992م.
  16. ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت،دار الجيل، ط2، 1420هـ – 1999م.
  17. ابن قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، المغني،مكتبة القاهرة، 1388هـ – 1968م.
  18. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 1396هـ -1971م.
  19. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم،بيروت،دار المعرفة،ط1، 1407هـ / 1987م.
  20. ابن مفلح، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن محمد، الآداب الشرعية والمنح المرعية، تحقيق شعيب الأرناؤوط وعمر القيام، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1417هـ-1996.
  21. ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب،  بيروت، دار صادر ، ط1.
  22. ابن هشام، أبو محمد جمال الدين عبد الملك بن أيوب، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط2، 1375هـ- 1955م .
  23. أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد،  دار الفكر.
  24. أبو دلال، أحمد باسم، الحقوق السياسية لغير المسلمين في الفقه الإسلامي، فلسطين، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، 2015م.
  25. أبو زهرة، محمد، العلاقات الدولية في الإسلام، دار الفكر العربي.
  26. أبو يعلى محمد بن الحسين، الأحكام السلطانية، بيروت، دار الكتب العلمية، 1983م.
  27. أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج،  بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر، 1399هـ – 1979م .
  28. الآلوسي، شهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: على عبد البارى عطية،   بيروت، دار الكتب العلمية، 1415 ه .
  29. الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد، المنتقى شرح الموطأ، مصر،مطبعة السعادة، ط1، 1332 هـ -1913م .
  30. البخاري، أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله e وسننه وأيامه = صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط1، 1422هـ.
  31. برقان، ابراهيم محمد خالد، حقوق الإنسان في الإسلام خصائصها ومجالاتها، ( الأردن: المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية – جامعة آل البيت، 2014م)، المجلد (10)، العدد( 4).
  32. البعلبكي، منير، المورد- قاموس إنكليزي عربي،  بيروت،دار العلم للملايين، ط7، 1995م .
  33. البهوتي، منصور ابن يونس بن صلاح الدين(ت1051هـ/1641م)، الروض المربع شرح زاد المستقنع، (خرج أحاديثه عبد القدوس محمد نذير)، دار المؤيد – مؤسسة الرسالة.
  34. البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت، دار الكتب العلمية.
  35. بوطالب، عبد الهادي، عالمية الإسلام ونداؤه للسلام، ( الإسلام اليوم، 2002م)، العدد (19).
  36. البوطي، محمد سعيد رمضان، الإسلام والغرب،  دار الفكر، 2007م.
  37. البيهقي، أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي، دلائل النبوة، تحقيق عبد المعطي قلعجي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1408هـ- 1988م.
  38. الجرجاني، علي بن محمد بن علي، التعريفات، تحقيق: إبراهيم الأبياري،بيروت،دار الكتاب العربي، ط1، 1405هـ.
  39. الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي، أحكام القرآن، تحقيق عبد السلام محمد علي شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ-1994م.
  40. الجويني، عبد الملك بن عبد الله، الكافية في الجدل، تحقيق: د. فوقية محمود،  القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي– 1300 هـ – 1979م.
  41. الحجاوي، شرف الدين، موسى بن أحمد بن موسى، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق عبد اللطيف محمد موسى السبكي، بيروت، دار المعرفة.
  42. الحسن، العلاقات الدولية في القرآن الكريم والسنة، الأردن،مكتبة النهضة الإسلامية- 1980م.
  43. الحسن، يوسف، حوار الإسلامي المسيحي الفرص والتحديات، أبو ظبي: الإمارات العربية المتحدة، منشورات المجمع الثقافي، ط1، ١٩٩٧م.
  44. الحطاب، أبو عبد الله محمد ابن محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل،  دار الفكر، ط3، 1412هـ-1992م.
  45. دجاني، نبيل، مجلة المستقبل العربي مركز دراسات الوحدة العربية،  لبنان، شهر5، 2003م، العدد: (291)، من مقال أجهزة الإعلام الغربية وموضوع الإرهاب.
  46. الرزاي، فخر الدين، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب، بيروت، دار إحياء التراث العربى.
  47. رشيد، الصادق، دعوة الإسلام إلى الحوار والتعايش والاعتراف بالآخر، تونس، مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان- جامعة الزيتونة، أعمال ندوة موقع الإسلام في القيم الكونية وحوار الحضارات، 2005م.
  48. رضا، محمد رشيد بن علي، تفسير القرآن الحكيم [تفسير المنار]، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م.
  49. الروياني، أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل، بحر المذهب في فروع المذهب الشافعي، تحقيق طارق فتحي السيد،  دار الكتب العلمية، ط1، 2009م.
  50. الريسوني ، أحمد ، الفكر الإسلامي وقضايانا السياسة ، المنصورة ، دار الكلمة للنشر للتوزيع ،ط1، 2013م.
  51. الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: مجموعة من المحققين،  دار الهداية.
  52. الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته: الشامل للأدلة الشرعية والآراء المذهبية وأهم النظريات الفقهية وتحقيق الأحاديث النبوية وتخريجها، دمشق، دار الفكر، ط12.
  53. الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط3، 1409هـ – 1989م.
  54. الزرقاء،مصطفى أحمد، المدخل إلى  نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي،دمشق، دار القلم،ط1، 1420 – 1999م.
  55. الزيات، مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط(1+2)، تحقيق: مجمع اللغة العربية،  دار الدعوة.
  56. زيادة، خليل عبد المجيد، الحوار والمناظرة في القرآن الكريم،  دار المنار.
  57. زيدان ، عبد الكريم ، أصول الدعوة ، بيروت ،مؤسسة الرسالة ناشرون ، ط1، 1426هـ – 2006م.
  58. زيدان، عبد الكريم، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام،  بيروت، مؤسسة الرسالة، 1982م.
  59. الزيلعي،أبو عمر عثمان بن علي،تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، القاهرة،المطبعة الكبرى الأميرية،ط1، 1313هـ.
  60. سعيد بن منصور ، سنن سعيد بن منصور، المحقق: حبيب الرحمن الأعظمي،  بيروت، دار الكتب العلمية.
  61. سعيد، عبد الله حسن عبد الله، مفهوم الوطن والمواطن”دراسة فقهية مقارنة،  السودان، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أم درمان الإسلامية، السودان، 2007م.
  62. الشربيني، محمد ابن أحمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج،دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ – 1994م.
  63. الشريف، عبد العزيز الحسين عثمان، أسس الوحدة الوطنية في نصوص صحيفة المدينة،  مصر، مجلة الثقافة والتنمية، جمعية الثقافة من أجل التنمية، 2015م، العدد (98).
  64. شلتوت ، محمود ، الإسلام عقيدة وشريعة ، مصر، دار الشروق ، ط18، 1421هـ – 2001م.
  65. الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير، تاريخ الطبري،  بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1407هـ.
  66. عباسي، سهام، ضمانات وآليات حماية حق الترشح في المواثيق الدولية والمنظومة التشريعية الجزائرية،  الجزائر، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2014م.
  67. عبد الباقي، محمد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن، بيروت، دار الأندلس.
  68. عبد الخالق، فريد، في الفقه السياسي الإسلامي-مبادئ دستورية: الشورى، العدل، المساواة،القاهرة، دار الشروق، ط1، 1998م.
  69. العربي، محمد ممدوح، دولة الرسول في المدينة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988م.
  70. عمارة، محمد، في المسألة القبطية: حقائق وأوهام، القاهرة، مكتبة الشروق، ط1، 2001م.
  71. العمري، محمد خير حسن محمد، والعمري، محمد علي محمد، الآخر من منظور إسلامي العلاقات الدولية نموذجاً دراسة تحليلية في ضوء المقاصد العامة لرسالة عمان،  الأردن، مجلة :هدي الإسلام، 2006م، المجلد( 50)، العدد( 9).
  72. العنبكي، طه حميد، حق الانتخاب،  العراق، الجامعة المستنصرية.
  73. العيني، أبو محمود بن أحمد بن موسى، عمدة القاري شرح صحيح البخاري،بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  74. الغزالي، أبو حامد محمد ابن محمد الطوسي (ت505هـ/1112م)، الوسيط في المذهب، تحقيق أحمد محمود إبراهيم ومحمد محمد تامر،  القاهرة، دار السلام، ط1، 1417هـ-1997م.
  75. الفاروقي، إسماعيل، حقوق غير المسلمين في الدولة الإسلامية:الأوجه الاجتماعية والثقافية،  مصر، مجلة المسلم المعاصر، 1981م، العدد (26).
  76. الفراء، القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين، الأحكام السلطانية، صححه وعلق عليه محمد حامد الفقي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، 1421هـ- 2000م.
  77. فضل الله، محمد حسين، في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي،  دار الملاك، ط1، 1414هـ 1994م.
  78. في أصول الحوار،  إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ط4، 1415 هـ، 1994م.
  79. قرارات المجمع الفقهي الإسلامي – رابطة العالم الإسلامي – المملكة العربية السعودية.
  80. القرافي، أبو العباس أحمد بن إدريس (ت: 684هـ)، الفروق، أنوار البروق في أنواء الفروق، عالم الكتب.
  81. القرضاوي، يوسف، غير المسلمين في المجتمع الإسلامي،  بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1983م.
  82. القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر (ت: 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية – القاهرة، ط2، 1384هـ – 1964م.
  83. الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد، الأحكام السلطانية، القاهرة، دار الحديث.
  84. الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد، الحاوي الكبير، تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ- 1999م.
  85. محسن عبد الحميد، الفكر الإسلامي تقويمه وتجديده، بغداد، مطبعة الخلود، ط1، 1987م.
  86. محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، دار المعرفة، 1971م.
  87. محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، دار المعرفة، 1979م.
  88. مسلم، مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله e، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي،  بيروت، دار إحياء التراث العربي.
  89. المطرودي، عبد الرحمن، نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام، ( السعودية: موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد علي الشبكة الدولية(www. al. aslam. com).
  90. المنجد، صلاح الدين، المجتمع الإسلامي في ظل العدالة، بيروت، دار الكتاب الجديد، ط3، 1976م.
  91. منصور، عبد الملك، الآخر وحقوقه من المنظور الإسلامي،  تونس: مجلة التنوير- المعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة، 2005 م.
  92. المودودي، أبو الأعلى، حقوق أهل الذِّمَّة، كتاب المختار: نحو طلائع إسلامية واعية.
  93. المودودي، أبو الأعلى، نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور، نقله إلى العربية جليل حسن الإصلاحي، راجع الترجمة وصححها مسعود الندوي و محمد عاصم الحداد،دمشق،دار الفكر،ط2، 1967م.
  94. نكري، عبد رب النبي بن عبد رب الرسول، دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 1421 هـ – 2000م.
  95. الهدبان، إبراهيم، المواطنة: بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، مصر، مجلة البحوث المالية والتجارية، جامعة بور سعيد، 2011م، العدد(1).
  96. هليل، أحمد محمد، الإرهاب إضاءات بحثية ومنارات علمية، (مكة المكرمة: المؤتمر الإسلامي العالمي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي، مكافحة الإرهاب، 2015م.
  97. هويدي، فهمي، مواطنون لا ذميون،  القاهرة، دار الشروق، ط3، 1999م.
  98. الهيتي، عبد الستار إبراهيم، الحوار… الذات والآخر،  قطر، منشورات وزارة الأوقاف، ط1، 2004م.
  99. هيكل، محمد حسين، حياة محمد e،  دار المعارف، 1981م.

المراجع الأجنبية.

http //www. Boswtol. com/religion/fatwas/12/March/13/109552

http: //www. ju. edu. jo/publication/cultural67/Islam4. htm

  http: //www. org/musings/blair_sept_2005. php.

  http: //www. rezgar. com/debat/show. art. asp?aid=24716

لتحميل جميع أعداد (مجلة المرقاة المحكمة) بنسخة Word + pdf :

https://drive.google.com/drive/folders/1ZDoZNZFySzrdmILoMtn-pZ0no9Lbh7VU?usp=sharing



   ([1]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط1، 4/ 217، ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل، المخصص، تحقيق: خليل إبراهيم جفال، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1417هـ 1996م، 1/217.

([2]) الهيتي، عبد الستار إبراهيم، الحوار… الذات والآخر، قطر: منشورات وزارة الأوقاف، ط1، 2004م، 40.

([3])  الزيات، وآخرون، المعجم الوسيط، 1/ 111.

([4]) الجويني، عبد الملك بن عبد الله، الكافية في الجدل، تحقيق:د. فوقية محمود، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي– 1300 هـ – 1979م، 20.

([5]) فضل الله، محمد حسين، في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي، دار الملاك، ط1، 1414هـ – 1994م، 8، في أصول الحوار، إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ط4، 1415 هـ، 1994م، 12.

([6]) الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، القاهرة، المطبعة الأميرية، ط4، 1921م، 2/841.

([7]) نكري، عبد رب النبي بن عبد رب الرسول، دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 1421 هـ – 2000م، 3/ 204.

([8]) الجرجاني، علي بن محمد بن علي، التعريفات، تحقيق: إبراهيم الأبياري، بيروت، دار الكتاب العربي، ط1، 1405هـ، 298.

([9]) زيادة، خليل عبد المجيد، الحوار والمناظرة في القرآن الكريم، دار المنار، 18 -19.

([10])  ابن منظور، لسان العرب، 3/311.

      ([11])  القرافي، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس (ت: 684هـ)، الفروق، أنوار البروق في أنواء الفروق، عالم الكتب، 3/33.

([12])  الزرقاء، مصطفى أحمد، المدخل إلى  نظرية الالتزام العامة في الفقة الإسلامي، دمشق، دار القلم، ط1،1420 – 1999م، 201.

([13]) وهو تعريف المالكية، وهو قول عند الشافعية. انظر: عليش، منح الجليل شرح مختصر خليل، ج3/213، الغزالي، أبو حامد محمد ابن محمد الطوسي (ت505هـ/1112م)، الوسيط في المذهب، (تحقيق أحمد محمود إبراهيم ومحمد محمد تامر)، القاهرة، دار السلام، ط1، 1417هـ-1997م، 7/55، وعرفة الشافعية: “أن يقر أهل الكتاب على المقام في دار الإسلام بجزية يؤدونها عن رقابهم في كل عام” الماوردي، أبو الحسن، علي بن محمد، الحاوي الكبير، تحقيق علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ- 1999م، 14/297، وعرفة الحنابلة: “إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة” البهوتي، منصور بن يونس بن صلاح الدين(ت1051هـ/1641م)، الروض المربع شرح زاد المستقنع، (خرج أحاديثه عبد القدوس محمد نذير)، دار المؤيد – مؤسسة الرسالة، 299، المَرْداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، 10/445، وعرفة الزحيلي من المعاصرين: “التزام تقرير الكفار في ديار الإسلام وحمايتهم والذب عنهم ببذل الجزية والاستسلام من جهتهم” الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط3، 1409هـ – 1989م، 6/442.

([14]) أبو زهرة، محمد، العلاقات الدولية في الإسلام، دار الفكر العربي، 61.

([15]) ابن منظور ، لسان العرب ، 5/65.

([16])  عامر حسن فياض وعمي عباس مراد، مدخل إلى الفكر السياسي القديم والوسيط، ص16.

([17]) ابن منظور، لسان العرب، 12/ 293 .

([18]) زيدان، عبد الكريم، أصول الدعوة، بيروت، مؤسسة الرسالة ناشرون ، ط1، 1426هـ – 2006م ،13.

([19]) شلتوت ، محمود، الإسلام عقيدة وشريعة، مصر، دار الشروق ، ط18، 1421هـ – 2001م، 7.

([20]) الريسوني، أحمد، الفكر الإسلامي وقضايانا السياسة، المنصورة  دار الكلمة للنشر للتوزيع ،ط1، 2013م، 9.

([21]) الريسوني، الفكر الإسلامي وقضايانا السياسة، 10.

([22]) محسن عبد الحميد، الفكر الإسلامي  تقويمه  وتجديده، بغداد، مطبعة الخلود، ط1، 1987م، 7 .

([23]) ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، بيروت، دار الجيل، ط2، 1420هـ – 1999م، 2/ 401.

([24]) عبد الباقي، محمد فؤاد، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن، بيروت، دار الأندلس، 325.

([25]) للاستزادة ينظر: هليل، أحمد محمد، الإرهاب إضاءات بحثية ومنارات علمية، المؤتمر الإسلامي العالمي: مكافحة الإرهاب، نظمته رابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة، 2015م، 9- 14.

([26]) البخاري، أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل، الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح البخاري، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط1، 1422هـ، كتاب: الوضوء، بَابُ: فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الوُضُوءِ، ج1/ 58، حديث رقم: 247، مسلم، مسلم بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المحقق:محمد فؤاد عبد الباقي،بيروت،دار إحياء التراث العربي، كتاب: الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، بَابُ: مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ وَأَخْذِ الْمَضْجَعِ، 4/ 2082، حديث رقم: 2710.

([27]) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، دمشق، مكتبة دار الصحابة، 11/111.

([28]) ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى محمود محمد الطناحي، بيروت، المكتبة العلمية – 1399هـ – 1979م، 2/280.

([29]) قرارات المجمع الفقهي الإسلامي– رابطة العالم الإسلامي– المملكة العربية السعودية، 356.

([30]) البعلبكي، منير، المورد- قاموس إنكليزي عربي، بيروت، دار العلم للملايين، ط7، 1995م، 77.

([31]) وهو تعريف حلف الناتو، http: //www. rezgar. com/debat/show. art. asp?aid=24716

([32]) http: //www. org/musings/blair_sept_2005. php.

([33]) http: //www. ju. edu. jo/publication/cultural67/Islam4. htm

([34]) دجاني، نبيل، مجلة المستقبل العربي مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، شهر5، 2003م، العدد: 291، من مقال: أجهزة الإعلام الغربية وموضوع الإرهاب، ص33.

([35]) الشريف، عبد العزيز الحسين عثمان، أسس الوحدة الوطنية في نصوص صحيفة المدينة، مصر، مجلة الثقافة والتنمية، جمعية الثقافة من أجل التنمية، 2015م، العدد: 98، 19-23.

([36]) هيكل، محمد حسين، حياة محمد صلى الله عليه وسلم، دار المعارف، 1981م، ص236.

([37]) كانت قلعة اليهود الأساسية هي يثرب (المدينة فيما بعد) وكانوا قد قدموا إلى الجزيرة العربية من الشام هربًا من ظلم الرومان والبيزنطيين، وكانت قبائلهم التي استقرت في يثرب, وشكلت نصف سكانها تقريبًا, هي بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة.

([38]) ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى عبد الواحد، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، 1396هـ -1971م، 2/ 322، ابن هشام، أبو محمد جمال الدين عبد الملك، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط2، 1375هـ- 1955م، 1/503.

([39]) بو طالب، عبد الهادي، عالمية الإسلام ونداؤه للسلام، الإسلام اليوم، 2002م، العدد: 19، 46-47، بتصرف يسير.

([40]) هناك من فسر بند (اليهود أمة مع المؤمنين) بأن سكان المدينة كلهم من مسلمين ويهود يشكلون أمة واحدة، ظنًّا منهم بأن ذلك أدعى لتقرير المساواة، إلا أن ذلك لا يحقق المساواة المقصودة في الوثيقة، فاعتبار اليهود جزءًا من المسلمين فيه تذويب لكيانهم داخل الأمة الإسلامية، في حين أن اعتبارهم أمة مستقلة داخل الدولة الإسلامية فيه إقرار لشخصيتهم المستقلة عن المسلمين، وفي ذلك تأكيد لمساواة المسلمين مع غيرهم في الواجبات والحقوق، ويتضح ذلك أكثر في البنود الأخرى من الوثيقة. انظر للمزيد من التفصيل، البوطي، محمد سعيد رمضان، الإسلام والغرب، دار الفكر، 2007م، 132-133.

([41]) منصور، عبد الملك، الآخر وحقوقه من المنظور الإسلامي، تونس، مجلة التنوير-المعهد العالي لأصول الدين بجامعة الزيتونة، 2005 م، 327.

([42]) قال تعالى: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾، [آل عمران: 61]، جاء في لسان العرب، 11/72، المباهلة: ( البهل: اللعن، وبهله الله بهلًا أي: لعنه، وباهل القوم بعضهم بعضًا وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا، والمباهلة: الملاعنة، يقال: باهلت فلانًا: أي لاعنته)، أما في الاصطلاح فهي: هي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء مصطحبين أبناءهم ونساءهم فيدعون الله تعالى أن يحل لعنته وعقوبته بالكاذب من الفريقين.

([43]) ابن سعد، أبو عبد الله محمد بن منيع، الطبقات الكبرى، تحقيق إحسان عباس، بيروت، دار صادر، ط1، 1968م، 1/288، البيهقي، أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي، دلائل النبوة، تحقيق عبد المعطي قلعجي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1408هـ- 1988م، 5/ 389.

([44]) سعيد بن منصور الخراساني، سنن سعيد بن منصور، المحقق: حبيب الرحمن الأعظمي، بيروت، دار الكتب العلمية، 2/178.

([45]) الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1407هـ، 4/436.

([46]) أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم، الخراج، بيروت، دار المعرفة للطباعة والنشر، 1399هـ – 1979م، 73.

([47]) المرجع السابق، 146.

([48]) منصور، الآخر وحقوقه من المنظور الإسلامي، ص3.

([49]) رشيد، الصادق، دعوة الإسلام إلى الحوار والتعايش والاعتراف بالآخر، أعمال ندوة موقع الإسلام في القيم الكونية وحوار الحضارات، تونس، مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان- جامعة الزيتونة، 2005م، ص187.

([50]) ومعنى الآية: أننا نحن وإياكم جميعًا نعتقد بأن العالم من صنع  إله واحد، والتصرف فيه لإله واحد، هو خالقه ومدبره، وهو الذي يدلنا – بواسطة أنبيائه – ما يرضيه من العمل وما لا يرضيه، فتعالوا بنا نتفق على إقامة هذه الأصول المتفق عليها وطرح الشبهات التي تعرض لها، حتى إذا سلمنا أن فيما جاءكم من نبأ المسيح شيئًا فيه لفظ ابن الله خرجناه جميعًا على وجه لا ينقض الأصل الثابت العام الذي اتفق عليه الأنبياء، وإن سلمنا أن المسيح قال إنه ابن الله، قلنا: هل فسر هذا القول بأنه إله يعبد؟ وهل دعا إلى عبادته وعبادة أمه أم كان يدعو إلى عبادة الله وحده؟ لا شك أنكم متفقون معنا على أنه كان يدعو إلى عبادة الله وحده والإخلاص له بالتصريح الذي لا يقبل التأويل. ينظر: رضا، محمد رشيد بن علي، تفسير القرآن الحكيم [تفسير المنار]، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990م، 6/21، الآلوسي، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق: على عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، 1415 هـ، 2/ 104.

([51]) البخاري، الجامع المسند الصحيح المختصر، كِتَابُ: أَحَادِيثِ الأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ} [الصافات: 139] ” 4/ 159، حديث رقم: (3414).

([52])  الوتغ لغة: مأخوذة من وتغ وتغًا: أي وجع، ويقال: وأوتغه، بمعنى أوجعه، وأوتغه الله أي أهلكه، ووتغ في حجته وتغًا: أخطأ، والاسم الوتيغة. والوتغ: الإثم وفساد الدين، وقد أوتغ دينه بالإثم، وقيل: الوتغ قلة العقل في الكلام. ابن منظور، لسان العرب، 8/458، أما في الاصطلاح فإنه  يتطابق المعنى الاصطلاحي مع المعنى اللغوي، والمعنى أن من ظلم فإنه لا يهلك  إلا نفسه وأهل بيته.

([53]) ابن كثير، السيرة النبوية، 2/  322، ابن هشام، السيرة النبوية، 1/503.

([54]) العمري، محمد خير حسن محمد، والعمري، محمد علي محمد، الآخر من منظور إسلامي العلاقات الدولية نموذجًا دراسة تحليلية في ضوء المقاصد العامة لرسالة عمان، الأردن، مجلة: هدي الإسلام، 2006م، المجلد( 50)، العدد: ( 9)، 69 – 70.

([55]) القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر (ت: 671هـ)، الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية – القاهرة، ط2، 1384هـ – 1964 م، ج18، ص 59.

([56]) الطبري، أبو جعفر، محمد بن جرير بن يزيد(ت: 310هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن، المحقق: أحمد محمد شاكر، ط1، مؤسسة الرسالة،1420 هـ – 2000 م، ج23، ص 321.

([57]) الإبراهيم، موسى، حوار الحضارات وطبيعة الصراع بين الحق والباطل: دراسة تحليلية على ضوء مفهوم الولاء والبراء في الإسلام، الأردن، دار الإعلام، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م، ( ط1)، ص246.

([58]) الحسن، يوسف، الحوار الإسلامي المسيحي الفرص والتحديات، أبو ظبي الإمارات العربية المتحدة: منشورات المجمع الثقافي، ط1، ١٩٩٧م، ٤٢٥.

([59]) الحسن، العلاقات الدولية في القرآن الكريم والسنة، الأردن، مكتبة النهضة الإسلامية- 1980م، 26.

([60]) ابن قدامة، أبو محمد عبد الله بن أحمد، المغني، مكتبة القاهرة، 1388هـ – 1968م، 9/23، البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت، دار الكتب العلمية، 6/180.

([61]) القرضاوي، يوسف، غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1983م، 20، الهدبان، إبراهيم، المواطنة: بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، مصر، مجلة البحوث المالية والتجارية،جامعة بور سعيد،2011م،العدد: (1)، 210.

([62]) العمري، الآخر من منظور إسلامي العلاقات الدولية، 72.

([63]) الباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف، المنتقى شرح الموطأ، مصر، مطبعة السعادة، ط1، 1332 هـ -1913م، 2/178.

([64]) تقدم تخريجه.

([65]) الهدبان، المواطنة: بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، 210، سعيد، عبد الله حسن عبد الله، مفهوم الوطن والمواطن”دراسة فقهية مقارنة، السودان، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة أم درمان الإسلامية، 2007م، 45-46.

([66]) الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته: الشامل للأدلة الشرعية والآراء المذهبية وأهم النظريات الفقهية وتحقيق الأحاديث النبوية وتخريجها، دمشق، دار الفكر، ط12، 8/6415.

([67]) القرضاوي، غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، 39.

([68]) العيني، أبو محمود بن أحمد بن موسى، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 23/294.

([69]) ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد، مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، بيروت، دار الكتب العلمية، 50، ابن القطان، أبو الحسن علي بن محمد، الإقناع في مسائل الإجماع، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، ط1، 1424هـ – 2004م، 2/145.

([70]) المطرودي، عبد الرحمن، نظرة في مفهوم الإرهاب والموقف منه في الإسلام-موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد علي الشبكة الدولية(www. al. aslam. com)، السعودية، 39.

([71]) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، 3/ 1458، حديث رقم: ( 1827).

([72]) المنجد، صلاح الدين، المجتمع الإسلامي في ظل العدالة، بيروت، دار الكتاب الجديد، ط3، 1976م، 15-21.

([73]) ماعدا الإمامة العظمى أو رئاسة الدولة الإسلامية  أو قيادة الجيوش الإسلامية (إمارة الجيش الإسلامي) أو ولاية الصدقات- شريطة أن يكون مسلمًا، عدلًا، عالماً بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض-  أو القضاء بين المسلمين بالإجماع ما عدا عند الحنفية في القضاء إذ أجازوا  تعيين الذمي قاضيًا على أهل الذِّمَّة، انظر: الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد، الأحكام السلطانية، القاهرة، دار الحديث، 15، و 111، الحطاب، أبو عبد الله محمد ابن محمد بن عبد الرحمن، مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل، دار الفكر، ط3، 1412هـ-1992م، 6/ 87، ابن رشد(الحفيد)، أبو الوليد محمد بن أحمد، بداية المجتهد و نهاية المقتصد، القاهرة، دار الحديث، 1425هـ-2004م، 4/243، الشربيني، محمد ابن أحمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ – 1994م، 6/262، البهوتي، كشاف القناع، 6/295، ابن قدامة، المغني، 10/36، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، رد المحتار على الدر المختار(حاشية ابن عابدين، بيروت، دار الفكر، ط2، 1412هـ- 1992م، 5/355، الزيلعي، أبو عمر عثمان بن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، القاهرة، المطبعة الكبرى الأميرية، ط1، 1313هـ، 4/224، الماوردي، الحاوي الكبير، 16/158، الروياني، أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل، بحر المذهب في فروع المذهب الشافعي، تحقيق طارق فتحي السيد، دار الكتب العلمية، ط1، 2009م، 11/157، الفراء، أبو يعلى محمد بن الحسين، الأحكام السلطانية، صححه وعلق عليه محمد حامد الفقي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط2، 1421هـ- 2000م، 115، إلا أن  بعض المعاصرين قد خالفوا هذا الإجماع  منهم: محمد العوا، وعلي جمعة. يُراجع التسجيل التليفزيوني لمحمد سليم العوا على موقع يوتيوب، عنوان الرابط: https: //www. youtube. com/watch?v=HL57DYJyD8k، ويظهر أن العوا عدل عن رأيه في كتابه (في النظام السياسي للدولة الإسلامية) حيث يقول فيه: (أما حق تولي رئاسة الدولة فهو مقيد بشرط الإسلام طبعًا). انظر: العوا، في النظام السياسي للدولة الإسلامية، 78-79، يُراجع أيضاً التسجيل التليفزيوني لعلي جمعة، عنوان الرابط: http //www. Boswtol. com/religion/fatwas/12/March/13/109552، وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة، منها:

  1. في زمننا المعاصر انتهى عقد الذِّمَّة بسقوط الخلافة الإسلامية، فلا تترتب عليه آثاره، بل تصبح كأن لم تكن ويتساوى غير المسلم مع المسلم في الدولة الإسلامية، وكما أن للمسلم الترشح للرئاسة فإن لغير المسلم ذلك؛ لتساويهم في المواطنة.
  2. 2-   قياسًا على دخول غير المسلمين الجيش, وتوليهم قيادته.
  3. 3-   قالوا: إن المعتبر فيمن يتولى رئاسة الدول الكفاءة، فلا فرق بين مسلم وغيره.

وقد أُجيب عن  تلك الأدلة: إن القول بأن عقد الذِّمَّة قد انتهى بسقوط الخلافة, فإن هذا الحكم مناقض لأحكام الشريعة, ويترتب عليه تبعات كثيرة, منها: انتفاء عصمتهم وإباحة دمائهم، أما القول بالقياس على قيادة الجيش؛ فإن في ذلك مخالفة لأحكام الشريعة كذلك باعتبار قيادة الجيش وظيفة دينية، وأما القول بأن المعيار الكفاءة فنحن نسلم لكم بضرورة تولي الكفء إلا أن هذا الشرط يدور بين المسلمين فيما بينهم أضف إلى ذلك أن الدين يُعد من أعلى معايير الكفاءة. انظر: أبو دلال، أحمد باسم، الحقوق السياسية لغير المسلمين في الفقه الإسلامي، فلسطين، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية، 2015م، 54.

([74]) وممن قال بهذا الجصاص من الحنفية. الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي، أحكام القرآن، تحقيق عبد السلام محمد علي شاهين، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ-1994م، 2/11-12، وأخذ بهذا كذلك القرطبي من المالكية، ينظر: القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 4/ 178، 180، وممن قال به أبو أُمامة بن النقاش من الشافعية. ابن النقاش، أبو أمامة محمد بن علي، المذمة في استعمال أهل الذِّمَّة، تحقيق سيد كسروي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ- 2002م، 256-327، وقال به كذلك ابن القيم من الحنابلة. ابن القيم، محمد بن أبي بكر ابن أيوب، أحكام أهل الذِّمَّة، تحقيق يوسف بن أحمد البكري وشاكر بن توفيق العاروري، الدمام، رمادي للنشر، ط1، 1418هـ – 1997م، 1/499. ابن مفلح، أبو عبد الله شمس الدين محمد بن محمد، الآداب الشرعية والمنح المرعية، تحقيق شعيب الأرناؤوط وعمر القيام، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، 1417هـ-1996، 2/444-451.

([75]) من هؤلاء: أبو الأعلى المودودي، وعبد الكريم زيدان، وإسماعيل الفاروقي، ويوسف القرضاوي. انظر -على الترتيب-: المودودي، أبو الأعلى، نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور، نقله إلى العربية جليل حسن الإصلاحي، راجع الترجمة وصححها مسعود الندوي ومحمد عاصم الحداد، دمشق، دار الفكر، ط2، 1967م، 362-363، زيدان، عبد الكريم، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1982م، 78-79، الفاروقي، إسماعيل، حقوق غير المسلمين في الدولة الإسلامية: الأوجه الاجتماعية والثقافية، مصر، مجلة المسلم المعاصر، 1981م، العدد: (26)، 35-36، القرضاوي، غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، 22.

([76]) وهي على النحو الآتي:

  • أن تكون هناك ضرورة حقيقة في المسلمين إلى ذلك.
  • أن لا يكون المنصب الذي يتولاه غير المسلم يجعله مقدرًا أو محترمًا عند المسلمين.
  • أن لا يكون المنصب فيه كشف لأمور المسلمين الداخلية التي يخشى أن يفشوها إلى الأعداء من أهل الحرب.

([77]) وممن قال به ابن الهمام، و ابن كثير من الشافعية، وأبو النجا من الحنابلة، انظر -على الترتيب: ابن الهمام، محمد بن عبد الواحد السيواسي، فتح القدير، دار الفكر، 6/60-62، ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1407هـ / 1987م، 2/ 92-93، الحجاوي، شرف الدين، موسى بن أحمد بن موسى، الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق عبد اللطيف محمد موسى السبكي، بيروت، دار المعرفة، 2/52-53، وقد تابعه البهوتي. انظر: البهوتي، كشاف القناع، 3 /139.

([78]) الانتخاب: لغة: انتخب الشيء: اختاره، ونخبة القوم ونخبتهم: خيارهم. ابن منظور، لسان العرب، 1/751-752، حرف الباء، فصل النون. أما الانتخاب اصطلاحًا فهو: عملية اختيار من قبل المواطنين الذين تتوافر فيهم شروط الانتخاب لمن ينوب عنهم في ممارسة السلطة. ينظر: العنبكي، طه حميد، حق الانتخاب، العراق، الجامعة المستنصرية، 11.

([79]) الترشح: لغة: التربية والتهيئة للشيء، ورشح للأمر: رُبِّي له وأُهِّل؛ ويقال: فلان يرشح للخلافة إذا جُعل ولي العهد. ينظر: ابن منظور، لسان العرب، 2/450، حرف الجيم، فصل الراء المهملة. أما الترشح اصطلاحًا فهو: إبداء الناخب لرغبته الصريحة في المشاركة في الحياة السياسية؛ لغرض تولي مناصب محلية, أو وطنية نيابية, أو رئاسية. ينظر: عباسي، سهام، ضمانات وآليات حماية حق الترشح في المواثيق الدولية والمنظومة التشريعية الجزائرية، الجزائر، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2014م، 6.

([80]) وممن قال بهذا عبد الكريم زيدان، فريد عبد الخالق، فهمي هويدي ومحمد العوا. انظر: زيدان، أحكام الذميين، 84، عبد الخالق، فريد، في الفقه السياسي الإسلامي-مبادئ دستورية: الشورى، العدل، المساواة-، القاهرة، دار الشروق، ط1، 1998م،170-172، هويدي، فهمي، مواطنون لا ذميون، القاهرة، دار الشروق، ط3، 1999م،123-124،العوا، في النظام السياسي للدولة الإسلامية، ص78-79.

([81]) وإليه ذهب أبو الأعلى المودودي. المودودي، أبو الأعلى، حقوق أهل الذِّمَّة، كتاب المختار: نحو طلائع إسلامية واعية، 32-33.

([82]) محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، دار المعرفة، 1971م، 1/288.

([83]) ابن تيمية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم (ت: 728هـ)، الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، تحقيق: علي بن حسن – عبد العزيز بن إبراهيم – حمدان بن محمد، السعودية: دار العاصمة، ط2، 1419هـ / 1999م، 1/98.

([84]) العربي، محمد ممدوح، دولة الرسول في المدينة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988م، 254.

([85]) محمد فريد وجدي، دائرة معارف القرن العشرين، دار المعرفة، 1979م، 1/288

([86]) القيم الحضارة الإسلامية، 1/75.

([87]) برقان، ابراهيم محمد خالد، حقوق الإنسان في الإسلام خصائصها ومجالاتها، الأردن، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية – جامعة آل البيت، 2014م، المجلد (10)، العدد: ( 4)، 17.

([88]) عمارة، محمد، في المسألة القبطية: حقائق وأوهام، القاهرة، مكتبة الشروق، ط1، 2001م، 9.

([89]) البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الجهاد والسير، باب إثم من قتل معاهدا بغير جرم، 3/ 1155، الحديث رقم: ( 2995).

([90]) أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، كِتَاب الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ، بَاب في تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّة إذا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَاتِ، 3/170، الحديث رقم: ( 3052).

([91]) برقان، حقوق الإنسان، 17.

([92]) القرافي، الفروق، 3/14.

([93]) ابن صغير، محفوظ، العلاقة مع الآخر في ضوء تقرير حقوق الإنسان وتحقيق الوسطية في الإسلام، الجزائر: مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية – جامعة زيان عاشور بالجلفة، 2015م، العدد: ( 23)، 142.