خاص هيئة علماء فلسطين

    

برنامج في رحاب القرآن الكريم أنموذجًا 1408ه-1433هـ

د. يحيى مقبل صالح الصباحي

yahyam1977@gmail. com

أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك بكلية التربية والآداب والعلوم بجامعة إقليم سبأ

مأرب – اليمن

ملخص:

يتناول البحث أثر البرامج القرآنية التلفزيونية في تعزيز تمسك المجتمع بالقرآن الكريم وتعلمه، من خلال برنامج في رحاب القرآن الكريم في التلفزيون اليمني، وتظهر أهمية البحث في توفير دراسة علمية عن تأثير البرامج القرآنية في الفضائيات، تسهم في تجويد البرامج الموجودة، وابتكار برامج نافعة تعزز الارتباط بالقرآن الكريم وعلومه، كما يقدم دراسة تقويمية لبرنامج في رحاب القرآن الكريم، وإظهار مدى تفاعل المجتمع معه، ويهدف من خلالها لرصد تجربة البرنامج وتحليل أثره.

واعتمد جمع المادة العلمية على المراجع النظرية الأساسية المتخصصة في تأثيرات الإعلام، وفي الجانب الميداني استمارة الاستبيان.

وخلص البحث إلى أن البرنامج شكل البناء الإدراكي لتعلم القرآن الكريم لدى المشاهدين، واكتسبوا من خلاله المعرفة بالقرآن الكريم، ومن أهم توصيات البحث للقائمين على إعداد البرامج القرآنية، السعي لابتكار برامج جديدة والاستفادة من التكنولوجيا لمواكبة المتغيرات.

الكلمات المفتاحية: أثر- برنامج -رحاب القرآن – تعلم – المجتمع.

Abstract:

 The research aims at studying the impact of TV Quranic Programs on enhancing society’s adherence to the Glorious Quran and learning it through the TV program called “with the Glorious Quran”، broadcast on Yemeni TV. The research is significant in a way that it produces a scientific study about the influence of Quranic programs that are broadcast in satellite channels، which in turn contribute to the improvement of the existing programs. It also creates useful programs that strengthen their link with the Glorious Quran and its sciences. Moreover، it produces an evaluative study of the program “with the Glorious Quran”، and shows the extent of the society interaction with it in order to study the program’s experience and analyze its impact. The collection of scientific materials is based on the basic theoretical references specialized in the effects of the media، and based also on the questionnaire. The research concludes that the program “with the Glorious Quran” forms conceptual construction among the viewers، and through it they gain knowledge of the Glorious Quran. One of the recommendations of the research for those who are on charge of preparing the Quranic programs is to create new programs and benefit from the technology and cope with the continuous changes.

Key words: impact، program، with the glorious Quran، learning، community

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

الاهتمام بوسائل الإعلام والاستفادة منها في تعزيز تمسك المجتمع بالقرآن الكريم وتعلمه، من الأمور المهمة في عصر بات التأثير الأبرز لهذه الوسائل فكرًا وسلوكًا وخلقًا وثقافةً في حياة الفرد والمجتمع، التي أصبح العالم من خلالها قرية واحدة تنشر أحداثه في ثوان، فتبلغ الآفاق بدون حواجز أو موانع.

فالاستفادة الإيجابية من هذه الوسائل لاسيما مع حجم التحديات الإعلامية الكبرى، ومغريات الانحراف والضياع التي يتعرض لها هذا الجيل، يُحتم على وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، والمؤسسات الإعلامية الهادفة إلى المحافظة على القيم الإسلامية، وصيانة المجتمعات من مزالق الانحرافات.

 فإنتاج البرامج الهادفة، خصوصًا المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، مع حسن العرض والإخراج والتنوع سيحقق نهضة مجتمعية واعية، تبني القيم الفاضلة وتعززها، وتقوم السلوك، وتهدي إلى أقوم السبل.

 ذلك أن القرآن الكريم أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، حجة قائمة إلى قيام الساعة، لا يغيره وقت ولا زمان ولا يحده مكان، ولا يقف عند جغرافيا معينة، ولا يستهدف قومًا دون آخرين، بل جعله الله نورًا وضياءً للعالمين، وهاديًا إلى صراط الله المستقيم، به تسعد البشرية يوم تتمسك به، وتصاب بالشقاء يوم تضل عن طريقه، ختم الله به الكتب واختصه بالحفظ على سائر كتبه، فبقيت حجته ناطقة شاهدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما تغيرت الوسائل، وتعددت الأساليب، سيظل القرآن الكريم بجدته الدائمة مؤثرًا في النفوس، وداعيًا إلى توحيد الله، ودالًّا على رضوانه.

والدراسة المقدمة ستتناول الموضوع وفقًا للهيكل الآتي:

المبحث الأول: المدخل المنهجي للدراسة، ويشمل ما يأتي:

المبحث الثاني: الإطار النظري للدراسة.

المبحث الثالث: الدراسة الميدانية.

النتائج والتوصيات.

المبحث الأول: المدخل المنهجي للدراسة:

مشكلة الدراسة:

قلة الدراسات الموجهة للبرامج القرآنية في الفضائيات، والمفترض من خلالها تقييم مدى تأثر المشاهد وتفاعله معها، ويمكن أن تلخص المشكلة في الأسئلة الآتية:

1- ما مدى مساهمة البرامج القرآنية التلفزيونية في تعزيز الاهتمام بالقرآن الكريم؟

2- كيف ساهم برنامج في رحاب القرآن الكريم في دفع المشاهد نحو تعلم القرآن الكريم وحفظه؟

3- ما أثر البرامج القرآنية في تعزيز السلوك الإيجابي في المجتمع؟

نوع الدراسة:

 تنتمى الدراسة المقدمة إلى الدراسات الوصفية التحليلية التي تهتم بوصف الظاهرة محل الدراسة ورصدها، وذلك عبر تحليل البيانات التي تم جمعها من المستهدفين بالاستبيان من خلال الاستبانات واستخلاص النتائج منها، والمقارنة بين متغيراتها.

أهمية الدراسة: تتمثل أهمية الدراسة المقدمة في الآتي:

1- ندرة الدراسات المقدمة عن البرامج القرآنية في الفضائيات، مما يجعل لهذه الدراسة أهمية في بابها.

2- توفير دراسة علمية عن تأثير البرامج القرآنية في الفضائيات، والتي بدورها تسهم في الدفع لتجويد البرامج الموجودة وتحسينها، وابتكار الجديد النافع في تنمية المجتمع روحيًّا وفكريًّا وسلوكيًّا، وتعزيز ارتباطه بالقرآن الكريم وعلومه.

3- دراسة تقويمية لبرنامج-في رحاب القرآن الكريم- استمر قرابة ربع قرن، وإظهار مدى تفاعل المجتمع معه.

أهداف الدراسة: تهدف إلى تحقيق الآتي:

1- توصيف أثر البرامج القرآنية في الفضائيات على المجتمع فكريًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا.

2- رصد تجربة برنامج في رحاب القرآن الكريم، ودراسة واقعه، وتحليل أثره.

3- الخروج بتوصيات تسهم في تنمية البرامج القرآنية في وسائل الإعلام وتجويدها خصوصًا في الفضائيات.

الدراسات السابقة:

اتضح للباحث من خلال بحثه، بعدم وجود دراسة حول برنامج في رحاب القرآن الكريم، وما وُجد من دراسات كان أغلبها حول البرامج الدينية بشكل عام، وهو ما يؤكد الحاجة إلى دراسة هذا الموضوع، ومن هذه الدراسات لأثر البرامج الدينية ما يأتي:

محيي الدين عبد الحليم([1]): الدور الذي يمكن أن يؤديه الإعلام الديني في الراديو والتلفزيون في حياة المجتمع المصري، والأثر الذي يتركه في الرأي العام المحلي، وذلك كدراسة ميدانية على الريف المصري.

عبد الستار عبدالإله عبدالرحمن([2]): اهتمَّ بدراسة القضايا التي تتناولها البرامج الدينية في الراديو والتلفزيون، وذلك للتعرف إلى نوعية القضايا التي تعرضها البرامج الدينية، واستخدمت الدراسة منهج المسح الإعلامي، وخلصت إلى أن برنامج تفسير القرآن احتل المركز الأول من بين مختلف البرامج، وأن البرامج الدينية تركز في معالجتها لقضايا التنمية على الجوانب الروحية والأخلاقية.

 الباحث محمد غريب ([3]): دور البرامج الدينية بالقنوات الفضائية العربية في التثقيف الديني لدى طلاب الجامعات، دراسة ميدانية على مجموعة من الطلاب من مختلف التخصصات في إطار نظرية الغرس الثقافي، وأظهرت الدراسة كثافة مشاهدة الطلاب للبرامج الدينية في الفضائيات العربية، فقد احتلت برامج الفقه والشريعة المرتبة الأولى.

تساؤلات الدراسة:

تسعى الدراسة من خلال وسائل البحث المتاحة في تحليل أثر برنامج في رحاب القرآن الكريم في التلفزيون اليمني، ومعرفة الدافع لمشاهدة البرنامج، وكذا عوامل التأثير فيه، ودور البرنامج من خلال التلفزيون اليمني بالاهتمام بدور القرآن الكريم، وإنشاء مدارس التحفيظ، واهتمام الآباء بأبنائهم، والدفع بهم إلى حلقات الحفظ وتعلم القرآن الكريم وعلومه.

كما تسعى الدراسة إلى الإجابة على التساؤلات الآتية:

  • هل لوسائل الإعلام من خلال البرامج القرآنية تأثير فكري وسلوكي وأخلاقي على الفرد والمجتمع؟
  • ما الدافع لمشاهدة البرامج القرآنية (في رحاب القرآن الكريم نموذجًا)؟
  • ما هي العوامل المؤثرة في إنتاج البرامج القرآنية من خلال برنامج في رحاب القرآن الكريم؟  
  • –        ما آثار البرامج القرآنية على سلوك الأفراد والمجتمع، وكيف تحولت إلى دافع لانتشار مدارس التحفيظ ودور القرآن الكريم؟

أدوات جمع المادة العلمية والبيانات:

المراجع الأساسية المتخصصة في تأثيرات الإعلام (كتب – بحوث – مقالات) كما هو موضح في موضعه، وفي الجانب الميداني استمارة الاستبيان والمقابلة والملاحظة، حيث تم إعداد الاستمارة وفقًا لمشكلة الدراسة وتساؤلاتها، وللأصول العلمية المتبعة، كما تم عرضها على مجموعة من المحكمين الذين أفادوا ببعض التعديلات والإضافات، وأمّا المقابلة والملاحظة، فقد قام الباحث بجمع البيانات من المستهدفين بالبحث والنقاش في مضمون الاستمارة، علمًا أن الباحث أشرف ثلاث سنوات على إعداد برنامج في رحاب القرآن الكريم وتنفيذه([4]).

مجتمع الدراسة وعينتها:

مجتمع هذه الدراسة في الجانب الميداني: هم عينة من الحفاظ أو من الذين التحقوا في مدراس التحفظ وبعضهم شارك في المسابقات القرآنية ممن عايشوا البرنامج منذ التسعينات، وكذا أولياء أمور عايشوا البرنامج منذ التسعينيات، تم استهداف 160مبحوثًا، عاد من الاستبيان 135 استمارة.

الصعوبات التي واجهت الباحث:

1- تعذر توثيق بعض ما يتعلق بالبرنامج نظرًا لاستيلاء مليشيا الحوثي على مقر التلفزيون اليمني في صنعاء.

2- أغلب من شاركوا في إعداد البرنامج وتنفيذه والإشراف عليه ممن يستهدفهم الحوثيون، فإمّا هاجروا أو اعتقلوا.

3- وفاة بعض المشاركين في الإشراف على البرنامج في بداياته الأولى.

4- المؤسسات التي أشرفت على البرنامج بالتنسيق مع التلفزيون اليمني غير موجودة؛ فالهيئة العامة للمعاهد العلمية([5]) المؤسس للبرنامج تم دمجها في وزارة التربية والتعليم عام 2001م، والجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم([6]) تم احتلال أماكنها في صنعاء ومصادرة أملاكها من قبل الحوثيين.

المبحث الثاني: الإطار النظري للدراسة

المطلب الأول: مصطلحات الدراسة:

أثر: الشيء: بقيته، والجمع آثار وأثور، وتأثرته: تتبعت أثره، والأثَر بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء، والتأثير: إبقاء الأثر في الشيء، وأثَّر في الشيء: ترك فيه أثرًا. والأثر: الخبر، والجمع آثار، وقوله عز وجل: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾] يس: 12[.؛ أي: نكتب ما أسلفوا من أعمالهم، ونكتب آثارهم؛ أي: مَن سنَّ سنَّة حسنة، كتب له ثوابها، ومن سنَّ سنَّة سيئة، كتب عليه عقابها، وسنن النَّبي: آثاره،. وأُثْر الجرح: أثَرُه يبقى بعدما يبرأ.([7](

وأثر الحديث: ذكره عن غيره، والأثر (بفتحتين): ما بقي من رسم الشيء([8]( والأثر: حصول ما يدل على وجود الشيء والنتيجة([9]).

والأثر له ثلاثة معانٍ: الأول: بمعنى النتيجة، وهو الحاصل من شيء، والثاني: بمعنى العلامة، والثالث: بمعنى الجزء([10](

من خلال المعاني اللغوية السابقة نجد أن الأثر يدلُّ على الآتي:

1- البقاء والاستمرار، فليس وجودًا وقتيًّا ينقضي بانقضاء الوقت أو الحادثة، بل بقاء الجانب العملي ظاهر، وواقع في الحياة، ولذا فإن أثر البرامج القرآنية يجب أن يكون واقعًا ملموسًا سواءً من الناحية العملية كإقامة أنشطة قرآنية بمختلف أنواعها، أو من الناحية النفسية أو الفردية في استقامة الفرد وتغير السلوك العام للمجتمع إيجابًا.

2- الأثر يدل على قوة المؤثر، فكلما كان البرنامج قويًّا في طرحه وإنتاجه وإخراجه، كان له أثره على الفرد والمجتمع.

3- الأثر هو نتيجة الحدث أو البرنامج، فإذا فُقد الأثر، فعند ذلك وجود البرنامج وعدمه على السواء، ونستطيع أن نقيس قوة الشيء من أثره.

إذًا: فالأثر المقصود من البرامج القرآنية هو: الخبر والنتيجة الحاصلة من البرامج القرآنية التلفزيونية على المجتمع بكل أصنافه النوعية والعمرية، ينعكس على عقيدة الناس وتصوراتهم، وكذا سلوكهم وأخلاقهم القولية والعملية.

البرامج: من خلال البحث في المعاجم اللغوية لم يجد الباحث حسب اطِّلاعه أصولًا لهذه الكلمة، بل هي كلمة محدثة. ولذا عرفها صاحب معجم اللغة العربية المعاصرة: منهج موضوع أو خطَّة مرسومة لغرضٍ ما، ومنه برنامج الحفل: قائمة بوقائع العرض، ومعلومات ذات صلة بالموضوع المعروض- وبرنامج تلقيم: مجموع المعلومات اللّازمة والمدوَّنة لتمكين عقل إلكتروني من تأدية عمله- برنامج منوّعات: بثّ إذاعيّ أو عرض تلفزيونيّ لموضوعات فنِّيَّة متفرقة([11]).

ومن الفهم العملي لاستعمال الكلمة: فالبرنامج عبارة عن مضامين تتمثل في المحتوى والأهداف والزمن.

وعلى هذا يقصد بالبرامج القرآنية: هي الفقرات المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه، المعدَّة في قالب تلفزيوني مسبقًا أو مباشرة، والمذاعة على الناس في وقت محدد، لتحقيق أهداف معينة.

تعزيز تمسك المجتمع بالقرآن الكريم وتعلمه:

تعزيز: مصدر عَزَّزَ، عزَّزَ يعزِّز، تعزيزًا، وعزَّز فلانًا أو غيرَه: قوَّاه، دعَّمه، شدَّده، جعله عزيزًا، أمدَّه، أيَّده.

عَزَّزَ الماءُ الأَرضَ: لَبَّدَها وشدَّدَها فلا تَسُوخ فيها الأَرْجُلُ، وتعزز: تشرف، وعز علي يعز عزًّا وعزة وعزازة: كرم، وأعززته: أكرمته وأحببته، والعزة: الشدة والقوة. يقال: عز يعز، بالفتح إذا اشتد. وعززت القوم وأعززتهم وعززتهم: قويتهم وشددتهم. وفي التنزيل العزيز: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾] يس: 14 [. أي قوينا وشددنا([12]).

من خلال المعاني اللغوية السابقة: نستخلص: أن التعزيز هو تدعيم السلوك الموجود وتقويته بإضافة ما يقويه ويشد بنيانه، وإزالة أسباب الضعف، كما أنه ذو أثر إيجابي من الناحية الانفعالية، حيث يؤدي إلى تحسين واستثارة الدافعية الذاتية والمجتمعية.

وكل تعريفات التعزيز تدور حول معنى واحد هو الدعم لفعل الخير والعمل الإيجابي النافع.

التمسك بالقرآن وتعلمه:

تمسك بالشيء أخذ به وتعلق واعتصم وتشبث به([13]). والمقصود التزام القرآن فكرًا وسلوكًا ومنهجًا في الحياة.

وعلى هذا فإن المقصود، بأثر البرامج القرآنية التلفزيونية في تعزيز تمسك المجتمع بالقرآن وتعلمه: النتيجة التي تنعكس على سلوكات المجتمع وتعاملاته إيجابيًّا بسبب البرامج القرآنية التلفزيونية.

المطلب الثاني: مظاهر تأثير البرامج التلفزيونية

لا يمكن إغفال دور وسائل الإعلام، وأثرها في مجال البناء الفكري والثقافي والاجتماعي والأخلاقي، ومجالات الحياة كافة على الفرد والمجتمع، ويمكن أن نرى ذلك من خلال أطفالنا في البيوت، وشبابنا في النوادي والجامعات والمؤسسات المختلفة.

إذ إن الفرد يتعلم ويكتسب الخبرات من البيئة المحيطة به، ومن بينها وسائل الإعلام، وهذا التعلم يؤثر على سلوك الأفراد وآرائهم وعاداتهم، واتجاهاتهم ومعتقداتهم، وصفات شخصياتهم وغيرها، مع الأخذ في الاعتبار العوامل الشخصية والثقافية والاجتماعية التي تتداخل مع هذا التأثير.

والأثر في التعليم الاجتماعي من وسائل الإعلام يتم من خلال الملاحظة، ونيل الثواب أو التعرض للعقاب([14])، وبعض الصفات التي اكتسبها الشباب في عصرنا، كانت محض تقليد للاعب أو مغنٍّ في قصات شعره أو طريقة لبسه.

ولذا فإن وسائل الإعلام وعلى رأسها التلفزيون يقوم بدور المعلم، الذي قد يحسن التصرف والتعامل مع من يعلِّمهم، وقد لا يحسن ذلك، حتى وإن وجدنا منهاجًا جيدًا.

وعلى هذا تؤكد الدراسات أن برامج التلفاز لها دور بارز في ثقافة الطفل، والتأثير على قدراته واتجاهاته(([15].
ومما لا ريب فيه أنَّ الإعلام اليوم من أخطر وسائل التأثير في الأفراد فكريًا وسلوكيًا واجتماعيًا، نظرًا لتطور وسائله وارتباط الإنسان به، بل أصبح جزءًا من حياته اليومية.

فالتأثير الذي بلغته وسائل الإعلام كما يشير إليه بعض الباحثين(([16] وصل إلى حد أن المحتوى الافتتاحي في وسائل الإعلام الرائدة، أثبت قدرته على التأثير في أسعار البورصة، وإفلاس الشركات، وتدهور المبيعات، واستقالة المسؤولين، وحتى إسقاط الرؤساء، و قدرتها على كسب الحرب.

ومن هنا يجب أن يدرك منتجو البرامج القرآنية أهمية استخدام وسائل الإعلام وتأثيرها في المجتمع، ويعلنوها دعوة بالحسنى، ووسيلة نافعة أتيحت لهم، فيجعلوا حياتهم وحياة المشاهدين في عبادة دائمة مستمرة.

قال تعالي: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ ] الأنعام: 162- 163 [.

فمهمة البرامج القرآنية بناء قواعد صلبة من المبادئ القويمة، بحيث يزن المشاهد والمستمع البرامج المختلفة بشكل دقيق، فلا يقبَل إلا ما يتواءم مع عقيدته ومبادئه في الدين والأخلاق والحياة.

ولعل أبرز تأثير هذه البرامج فيما يأتي:

1- التأثير الفكري والعقلي: لوسائل الإعلام خصوصًا التلفزيون تأثير كبير في تشكيل البناء المعرفي والإدراكي للمشاهد، ويساهم هذا في بناء التصور، وتشكيل رؤية الفرد والمجتمع تجاه القضايا الفكرية والعقدية، إذ إنَّها تجذب المشاهد من أغلب حواسه، خصوصًا إذا لامست هذه الحواس برغبة في النفس أو حاجة تشبع من خلالها، ولذا فهي تسعى إلى تشكيل العقل وتحويل الفكر في اتجاه ما.

“والواقع أن الإعلام وعلى رأسه التلفزيون والقنوات الفضائية تشارك مشاركة كبيرة في تكوين اعتقادات الأفراد والجماعات من خلال تقديم المعلومات الوفيرة، مما جعل مخزون العقل لدى الفرد من هذه المعلومات يؤثر في قراراته وأحكامه عن الأفراد والأشياء، وعلاقات الأفراد وتقييمهم والحكم عليهم من خلال تلك المعلومات”(([17].

ويختلف قدر التأثير باختلاف إنتاج هذه البرامج وإعدادها. ووضع النماذج والقدوات أمام أعين المشاهد خصوصًا الشباب لتوجيه الفكر نحو الهدف المعين من البرنامج.

 ومن التأثير الفكري السلبي لوسائل الإعلام تقديم مفاهيم عقدية مخالفة للإسلام، كالتذمر من القدر، والاعتراض على تدبير الله وقضائه([18]).

والبرامج القرآنية يمكنها أن تنافس بقوة في هذه المجالات، لوجود المجال الخصب من المادة الإعلامية للإعداد، والقواعد المتينة التي تقوم عليها.

فالغايات التي تسعى إليها البرامج القرآنية موجودة بعمق في ميدانها، فالكون ناطق شاهد بقدرة الله، وإذا وجدت الرؤية الواضحة، والسير الجاد، سيتم إنتاج برامج مفيدة، تهدف إلى غرس معاني الإيمان، والعقيدة الصحيحة في نفوس الناس، والدعوة إلى الله بأسلوب شيق، وعرض مثير من خلال عرض آيات الله المقروءة بآيات الله المشاهدة المحسوسة.

ولتبني هذا الموضوع بشكل هادف تحتاج هذه البرامج إلى الآتي:

أ- أن يدرك القائمون على وسائل الإعلام -خصوصًا الإسلامية منها- الصراع الدائر، فنحن نعيش في عصر تتماوج فيه الأفكار، ويحتدم النزاع بين التصورات، وتحمل وسائل الإعلام الغث والسمين، ومحاور البرمجة للبرامج تذهب بالأفراد خصوصًا الشباب إلى وجهات نظر التطرف، والفسوق، والمادية الطاغية التي تسود الفكر العالمي، بعيدًا عن منهج الإسلام، ومبادئه المعتدلة المتوازنة.

ب- مع إعداد البرامج لا بد من التركيز على تأصيل العقيدة في النفوس، وتربية النشء عليها، وحماية أفكارهم من المذاهب الهدّامة، والآراء الضالة، والمناهج البعيدة عن الهدي النبوي، سواء كانت مناهج إفراط أو تفريط.

ج- ميدان البرامج القرآنية ميدان واسع، يميزه مخاطبة العقل، وتوجيه التصوُّر، مع الاستدلال المنطقي العقلي المحسوس الجاذب للمستمع والمشاهد، إذ في كل شيء له آية، وفي كل نظرة على قدرة الله دلالة، ولذا حُسن العرض والإعداد للبرنامج، سيُخرج منتجًا يؤثر على العقل والفكر، ويقود إلى التصور الصحيح والحق البين.

إن تأثير القرآن الكريم العقلي والفكري والنفسي لا يضاهيه أي تأثير، سواء كان هذا التأثير ناتجًا عن سماعه أو تلاوته، أو تدبر معانيه قال تعالى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] الحشر: 21[..

فالتأثير الفكري والعقدي ناتج عن وسيلة أحسنت العرض، وخاطبت الفكر والعقل بالدليل والبرهان، وراعت الزمان والمكان، مستوعبة للتحديات، مدركة لشبهات الخصم وكيده ومكره، وطرق غوايته للناس بالبرامج الهابطة والرؤى التي تقود الإنسان بهواه وشهوته، وتحوله من خليفة الله في أرضه إلى بهيمة بل أضل.

 فدور البرامج القرآنية الإثارة والتأثير والجذب في المجالات المختلفة، وعلى رأسها الإيمانية والعقدية والفكرية لما يترتب على ذلك من ضبط التصور، وحُسن توجيه المشاهد إلى عمل الخيرات، وترك المنكرات، وإدراك دوره في الحياة ليكون لبنة صالحة تبني ولا تهدم، تبحث عن المعروف وتسعى في نشره.

2- التأثير السلوكي والأخلاقي: الأخلاق يكتسبها الفرد منذ نشأته، ويتأثر بمن يصاحب سلبًا وإيجابًا، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا مَثَلُ الجليسِ الصالحِ والجليسِ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحًا خبيثَة”([19]).

لقد أصبحت وسائل الإعلام بمختلف أنواعها قرينًا ملازمًا للإنسان، يتأثر بما يشاهد ويسمع، فيكتسب السلوك والأخلاق سلبًا وإيجابًا، ولعل الكثير من البرامج، خصوصًا الموجهة نحو الشباب والأطفال، وما تروجه الأفلام من فساد أخلاقي وسلوك غير سويٍّ في كثير من برامجها، ناهيك عن توجيه بعضها سلوك المشاهد إلى اكتساب البطولة بالعنف، والجريمة، والاستخفاف بدماء الآخرين وحقوقهم، وزعزعة روح انتماء الإنسان وولائه لأمته، بحيث يرتبط فكره وسلوكه وحبه وولاؤه ونصرته بما تبنيه وترسخه هذه البرامج من قيم وثقافات مناقضة لثقافة أمته المستندة إلى الكتاب والسنة.

“فالفرد الذي يتعرض لمضمون الوسيلة الإعلامية لا يدور في فراغ، بل هو جزء من بيئته الاجتماعية زودته بخلفية ثقافية معينة، وهو عندما يتعرض لبرامج إعلامية معينة لا يكون بمعزل عن خلفيته تلك، والذي يحدث هو تفاعل الفرد بخلفيته الخاصة مع مضمون الوسيلة الإعلامية، لذلك يتفق أغلب علماء النفس والاجتماع على أن مضمون أي برنامج إعلامي لا يؤثر بالطريقة نفسها على كل الناس، فالشخص المتلقي لا يقف سلبيًّا أمام ما يتعرض له من مضامين في الوسائل الإعلامية([20]).

فكثيرٌ مما يُعرض من منتج لا يمت إلى عقيدتنا وقيمنا وأخلاقنا بصلة، بل يحرف ويبدل ويغير، وذلك يرجع إلى “أن محطات التلفزة العربية تستورد نصف ما تبثه من المصادر الغربية”([21]).

وكان أثر هذه البرامج المستوردة؛ تبديلَ الأخلاق، وتغيير السلوك، وصناعة قدوات من خيال، فأحلت الأبطال الأسطوريين والخرافيين بدل الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين([22]).

ومع امتلاك الأمة الإسلامية لمخزون هائل من التراث والثقافة والعلم والمعرفة، إلا أنها لا زالت في مؤخرة الأمم في إنتاج البرامج والتأثير على غيرها من خلالها، ولا عجب أن تفرض علينا بدون أن نشعر أخلاقيات الآخرين وسلوكاتهم، بل وعاداتهم وتقاليدهم، فالمحاكاة والتقليد لما يُشاهد من برامج واضح ظاهر للعيان، ويكمن الحل في الرجوع إلى ما نملكه من كنوز إلهية، وأنوار ربانية مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية، وسنجد بابًا واسعًا مفتوحًا للإبداع والابتكار في إنتاج برامج مؤثرة تقيم الأخلاق وتضبط السلوك.

ولتفعيل البرامج القرآنية في تقويم السلوك وبناء الأخلاق، فلا بد من مراعاة الآتي:

1- أن تقوم البرامج القرآنية في وسائل الإعلام، وخصوصًا في الفضائيات في إنتاج برامجها على إعادة ترتيب القيم، والسلوك للجمهور، عن طريق بناء قيم ومعايير تنبه العقل، وتنور الفكر، وتحث على التحلي بالقيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة، وتعمل على نشرها وتنميتها في أذهان الناس.

2- أن تكون من مهمة البرامج القرآنية نشر الوعي لدى المشاهدين بأهمية ما تقدمه، ودوره في تحقيق الاستقرار الذهني والنفسي والأسري والاجتماعي، فالفرد المستقبِل ليس مجرد وعاء يُفرِغ فيه المرسِلُ أفكارَه ومعلوماتِه، لكنه إنسان إيجابي، يُدرِك ويَفهم ويُفسِّر ويُقارِن، ويزن المعلومات التي تَصله بميزان العقيدة التي يؤمن بها، ومِن ثمَّ يَحكُم عليها، فقد يَقبَلُها أو يُهملها.

3- أن يدرك القائمون على البرامج القرآنية أهمية إشباع مدارك الناس، وإفساح المجال لخيالهم وضبط سلوكهم، وتشكيل القيم التي تحافظ على بناء المجتمع من خلالها، إذ إن الطبيعة البشرية تبحث عن ما يشبع رغبتها، والله الذي خلق جعل في الحلال ما يغني عن الحرام ويشبع ويكفي، فإذا غاب الحلال أو غُيِّب بسوء الإخراج والإنتاج والعرض لجأ الناس إلى الحرام. “إذ تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بعملية تكوين الصور (معاني، مفاهيم، تعاليم) من أجل خلق قيم معينة لدى الفرد، وهي في حالة اشتباك دائم مع ذاتها ومصادرها وواقعها ومتلقيها ومنافسيها من أجل هذه المهمة الصعبة، والوصول إلى تشكيل القيم التي تريدها ([23]).

فالمستقبِل للرسالة الإعلامية إذا كان فارغ الذهن من المفاهيم الإسلامية، قليل الإدراك لمخاطر التفسخ الأخلاقي والانحلال السلوكي، فسيسير وراء كل ناعق، ويُقلِّد كلَّ غريب، ويؤثِّر فيه كلُّ إعلام يسمعه أو يراه أو يقرؤه، دون الرجوع إلى مبادئ دينه وعقيدته، وهذا هو ما يُخشى من تأثير البرامج السيئة عليه.

ولذا يقع على عاتق البرامج القرآنية وغيرها من البرامج الدينية مهمة كبيرة في مجال توضيح معالم الإسلام وقيمه، وترسيخ معطياته في النفوس، وتمثله سلوكًا وخلقًا عمليًّا، كما قالت عائشة رضي الله عنها يوم سُئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم: “كان خلقه القرآن”([24]) وتتمثل هذه المهمة في إسهام هذه البرامج- ووسائل الإعلام بصفة عامة-  في تنشئة أفراد المجتمع، وخصوصًا الأطفال والشباب على القيم والسلوكات التي أقام الإسلام عليها حضارته الأولى، لاسيما أن البرامج القرآنية والدينية تحظى بجمهور واسع.

المبحث الثالث: الدراسة الميدانية

المطلب الأول: التعريف بالبرنامج وفقراته

برنامج في رحاب القرآن الكريم:

في رحاب القرآن الكريم: برنامج قرآني اعتنى بدرجة أساسية بالمسابقات القرآنية يبث حلقاته في شهر رمضان، عبر التلفزيون اليمني الرسمي، ثم قناة اليمن الفضائية بعد ذلك، لمدة ساعة يبدأ الساعة التاسعة مساء إلى العاشرة مساءً، بدأت أولى حلقاته عام 1408هـ -1988م.

أشرفت الهيئة العامة للمعاهد العلمية على إنتاج البرنامج بالتنسيق مع التلفزيون اليمني إلى عام 1416هـ-1996م، ثم انتقل الإشراف إلى الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم، توقف البرنامج بعد أن سيطر الحوثيون على صنعاء عام 2015م.

فقرات البرنامج:

1- المسابقة القرآنية: تشمل مسابقة بين طالبين في أحد فئات المصحف كالآتي:

فئة العشرة الأجزاء(خمس حلقات) فئة العشرين (خمس حلقات) فئة المصحف: (عشر حلقات).

فئة القراءات السبع: (خمس حلقات) فئة القراءات العشر: (خمس حلقات).

آلية اختيار الطلاب للمسابقة: يتم اختيار الطلاب من حلقات التحفيظ في المساجد أو دور القرآن الكريم. بعد إجراء التصفيات في المركز القرآني أو دار القرآن.

2- الأناشيد: الفقرة التالية للمسابقة القرآنية الأنشودة المعبرة، والتي لا زال صداها يتردد عند كثير من الشباب، من خلال حسن اختيار الكلمات، وجودة الأداء للمنشدين. وارتباطها بالقرآن الكريم من حيث دلالات الألفاظ والكلمات، فهي إمّا تحث على حفظ القرآن الكريم وتعلُّمه، أو تدعو إلى التدبُّر والتأمُّل والنظر في ملكوت الله الواسع، أو تُمَجِّد خلقًا من الأخلاق الفاضلة وتدعو إلى الامتثال به([25]).

وفي أغلب الحلقات نجد موافقة هدف الأنشودة مع مدلول الفقرات الأخرى (المشهد التمثيلي، ووقفة مع آية). مما كان له أثر في ترابط أفكار المشاهد، وتعزيز القيمة المستهدفة من الحلقة القرآنية لديه.

3- مشهد تمثيلي: الفقرة الثالثة للبرنامج، وكان أيضًا يستهدف خلقًا من الأخلاق، إما التحلي بفضيلة أو التخلي عن رذيلة، كما كان يسهم في الدفع بالأبناء نحو حلقات القرآن الكريم والدعوة إلى حفظه، مبينًا سلوك حافظ القرآن الكريم، وتميزَه على غيره بسلوكه وخلقه، ودوره الإيجابي في المجتمع.

4- وقفة مع آية: الفقرة الرابعة لا تزيد عن خمس دقائق كان يتخللها العرض الجيِّد لفقرة وقفة مع آية بصورة مركزة تجذب الانتباه، وتغرس معاني الإيمان والتوحيد في العقول والنفوس، وتلهم اللسان التسبيح والتحميد والتعظيم، والقلب الرقة والخشوع.

5- سؤال الجمهور: الفقرة الخامسة والأخيرة في البرنامج، ربط الجمهور بالبحث عن مدلول الآيات من خلال سؤال المسابقة العام، الذي كان يعرض بصورة مقطوعة شعرية رائعة مشوقة للبحث عن الإجابة، تُجمع الإجابات لثلاثين يومًا وترسل إلى التلفاز.

المطلب الثاني: تحليل الاستبيان

ركز الاستبيان على ثلاثة محاور رئيسة ستتناولها الدراسة بالتحليل وفقاً للآتي:

المحور الأول: الدافع لمشاهدة البرنامج:

يعد الدافع من أكثر الألفاظ التي نالت اهتمامًا كبيرًا من علماء النفس والباحثين، ذلك بأنه الأساس المهم لدراسة سلوك الإنسان وتصرفاته تجاه أي شيء، إذ لا تتم دارسة سلوك ما أو تغييره أو تعديله وتوجيهه الوجهة الصحيحة دون معرفة الدوافع التي تكمن وراءه، والتي كانت سببًا في تبني تصرف ما.

ولأن موضوع البحث محصور في قضايا محددة سيتم التركيز على المعاني التي تخدم الموضوع:

فالدافع يُعرَّف: على أنَّه مثير داخلي يحرك سلوك الفرد ويوجهه للوصول إلى هدف معين([26]).

ويُعرَّف كذلك بأنَّه: القوة التي تدفع الفرد لأن يقوم بسلوك من أجل إشباع حاجة أو تحقيق هدف، ويعدُّ الدافع شكلاً من أشكال الاستثارة الملحة التي تخلق نوعًا من النشاط والفعالية([27]).

ويُعرَّف كذلك بأنَّه” اصطلاح عامٌّ شامل يحتوي على ألفاظ كثيرة تحمل معنى الدافع، كالحافز والباعث والرغبة والميل والحاجة والنزعة والعاطفة والغرض والقصد والنية والغاية والإرادة([28]).

 وعلى هذا فيُقصد بالدافع هنا: القوة المحرِّكة التي توجِّه المشاهد نحو متابعة البرنامج.

من خلال الاستبيان الذي أُجري على عينة عشوائية من المشاهدين، تم وضع عدة دوافع للمشاهدة وهي كالآتي:

مالبنددرجات التقييم
غير موافقمحايدموافق إلى حدٍّ ماموافق جدًّا
الدافع لمشاهدة البرنامج:     
1الدافع الديني لمشاهدة البرنامج510120
0%4%7%89%
2جودة انتاج البرنامج6105069
4%7%37%51%
3تنوع فقرات البرنامج.582597
4%6%19%72%
4سبب المشاهدة المرتفعة سابقًا عدم وجود فضائيات أخرى57123
4%0%5%91%
5انخفضت نسبة المشاهدة مع وجود الفضائيات الأخرى13123575
10%9%26%56%
6وقت البرنامج كان مناسبًا لجميع الفئات العمرية20182275
15%13%16%56%
7عدم تجديد فقرات البرنامج أفقده الكثير من المشاهدين1391873
10%7%13%54%

نلحظ من إجمالي الاستبيان أعلاه لدوافع المشاهدة للبرنامج التالي:

 1- تبين بأن الدافع لمشاهدة البرنامج عند 90% التديُّن وسماع القرآن الكريم خصوصًا في شهر رمضان.

2- كما أن جودة إنتاج البرنامج عند قرابة51% موافق جدًّا وموافق إلى حدٍّ ما قرابة 37%.

3- تنوع الفقرات قرابة 72% يرون بأنها مناسبة جدًّا ولها دافع في استمرار المشاهدة، بينما يرى قرابة 19% موافقة إلى حدٍّ ما في دور تنوع الفقرات كانت دافعًا للمشاهدة.

4- ومن ضمن الدوافع أيضًا لكثرة المشاهدة التي نالها البرنامج في نهاية الثمانينات والنصف الأول من التسعينات، رأى 91% عدم وجود فضائيات أخرى، مما ركز نسبة المشاهدة حول برنامج واحد، وضيَّق الخيارات أمام المشاهد، بدليل انخفاض نسبة المشاهدة في رأي 56% موافق جدًّا عدم المشاهدة بسبب وجود أكثر من خيار لدى المشاهد، وعند 26% موافق إلى حدٍّ ما.

5- يرى 56% بأن وقت البرنامج كان مناسبًا جدًّا لجميع الفئات العمرية، ويرى 16% بأنه مناسب إلى حدٍّ ما ويقف 13% على الحياد و15% غير موافق، إذ يرون أن الوقت لم يكن دافعًا مهمًّا بقدر ما هو محتوى البرنامج وجودة إخراجه وإنتاجه، بدليل أن بعض البرامج تجذب المشاهد في أي وقت بل يسعى إليها هو سعيًا.

6- كما يرى 54% من المستهدفين بالاستبيان بأن عدم التجديد في الفقرات لأكثر من عشر سنوات أفقد البرنامج كثيرًا من المشاهدين لصالح برامج أخرى بعضها دينية وأخرى ثقافية، ويتفق معهم إلى حد ما قرابة 13%، بينما رأى 21% بأن البرنامج حقق أهدافه، ولم يخسر بعض جمهوره بسبب عدم تجديد فقراته، وبأن الفقرات كما هي أدت دورها، وكان لها الأثر الكبير في نفوسهم وأسرهم.

من خلال التحليل السابق يجب على منتجي البرامج القرآنية مراعاة الآتي:

1- استغلال الدافع الديني لدى المشاهدين وتنميته، وكذا محاولة ملأ الفراغ الروحي لدى آخرين، لاسيما مع تركيز البرامج الأخرى على المادِّيّات.

2- تنوُّع الفقرات في البرنامج الواحد، ينشِّط الذهن، ويبعد الملل، ويركِّز البرنامج نحو الهدف والغاية التي من أجلها أُعد البرنامج.

 3- الإدراك الدائم بأنَّ الفضاء ليس مفتوحًا لمنتجي البرامج القرآنية وحدهم، بل مليء بالأفكار والرؤى، فالصراع والمنافسة في استقطاب أكبر نسبة مشاهدة على أشدِّها، وهذا يستلزم جودة الإنتاج وحسن العرض.

مالبنددرجات التقييم
غير موافقمحايدموافق إلى حدٍّ ماموافق جدًّا
العوامل المؤثرة في انتاج البرنامج:
1تعدد الفقرات8517105
6%4%13%78%
2التنوع في فئات المسابقة القرآنية047124
0%3%5%92%
3شخصيات المحكمين للمسابقة القرآنية2510118
1%4%7%87%
4أسلوب تقديم البرنامج5714109
4%5%10%81%
5إشراك الجمهور في البرنامج5451858
40%4%13%43%
6شمولية الحلقات لجميع محافظات اليمن026127
0%1%4%94%
7تنوع أماكن إقامة المسابقة029124
0%1%7%92%
8ديكور الاستديو وملاءمته للبرنامج32172957
24%13%21%42%

4- بقاء البرامج بنفس الأداء والديكور والإخراج، تورث التطبع على نمط معين يصل إلى حد التشبُّع، لذا لا بدَّ من التجديد في البرنامج الواحد وعرضه بأكثر من طريقة، ومراعاة المتغيرات المتسارعة في عالم التكنولوجيا والاستفادة منها بقدر الإمكان.

المحور الثاني: العوامل المؤثرة في إنتاج البرنامج:

من إجمالي الاستبيان أعلاه العوامل المؤثرة في إنتاج البرنامج من خلال التحليل الآتي:  

1- تعدد الفقرات: يرى قرابة 78% بأنَّ تعدُّد الفقرات مؤثِّر جدًّا في إنتاج البرنامج وعامل جذب كبير ويبعد عن الملل، وميدان استفادة واسع، نظرًا لتعدُّد الفقرات، ويرى 13% إلى حدٍّ ما، بينما يرى 6% بأنها غير مؤثرة و4% محايد.

2- تنوع الفئات في المسابقة القرآنية: يرى قرابة 92% بأنَّ تنوُّع الفئات في المسابقة القرآنية عامل مؤثر، وعند الاستفسار منهم كانت الإجابات: بأنَّ الفرصة أُتيحت لأكثر من فئة عمرية، وتنوُّع الفئات عملت على تحفيز مختلف الأعمار للمشاركة في المسابقة، وكذا أتاحت اكتشاف المواهب الصوتية، وحفَّزت لإتقان القراءة لأكثر من فئة عمرية.

3- شخصيات المحكمين: يرى 87% بأن شخصيات المحكمين في المسابقة القرآنية([29]) كان لها دور كبير في جذب المشاهدين، فهم رموز في القراءة بأصواتهم وإتقانهم يعرفهم عموم المجتمع، ولهم دور كبير في تعليم القرآن الكريم.

4- أسلوب تقديم البرنامج: يرى 81% من المبحوثين بأن أسلوب تقديم البرنامج كان له أثر كبير في جذب انتباه المشاهدين وانتقالهم في فقرات البرنامج فأصوات المقدمين([30]) لاسيما الأوائل منهم ما زالت ترن في أسماعهم.

 5- إشراك الجمهور في البرنامج: فالفقرة الأخيرة في البرنامج كانت موجهة للمشاهدين في البيوت يرى قرابة 43% بأنها كانت من المؤثرات القوية في إنتاج البرنامج، وجذب الجمهور كونها تجعل المشاهدين شركاء متفاعلين فيبحثون الإجابات ويسألون عنها، ومن خلاها تنمو معارفهم بالقرآن وعلومه إذ إنها كانت تدور حول سور القرآن وآياته. يعضدهم 13% إلى حدٍّ ما، بينما يرى 40% بأن الفقرة لم تكن عاملًا مهمًّا أو مؤثِّرًا في إنتاج البرنامج، بسبب أن البرنامج مسجَّل مسبقًا، وليس برنامجًا تفاعليًّا مع الجمهور([31]).

6- شمولية الحلقات لجميع محافظات اليمن: يرى 94% بأنَّ ما جعل البرنامج ينتشر ويكثر مشاهدوه هو تنوُّع المشاركين في البرنامج جغرافيًّا، ما جعل كل منطقة تهتم به، وتلمس آثاره لوجود ممثل لها.

7- تنوع أماكن إقامة المسابقة: في السنوات الأخيرة للبرنامج بدأ البرنامج يخرج من الإعداد والتنفيذ داخل مبنى التلفاز، فانتقل فريق البرنامج والمحكمين والمتسابقين إلى أماكن عدة؛ فقد أقيمت المسابقة في مدينة تريم حضرموت، والعام التالي أقيمت في مدينة زبيد الحديدة، وكان لاختيار الأماكن مدلولها فتريم مدينة أربطة العلم والمآذن والمساجد، وزبيد مدينة العلم والعلماء، وكلها كانت أماكن هجرة لطلاب العلم، ولذا يرى 92% ممن أجري معهم الاستبيان بأن تنوُّع أماكن المسابقة أضاف تأثيرًا جديدًا، وعاملًا مهمًّا في إنتاجه.

8- ديكور الاستديو وملاءمته للبرنامج: يرى 42% بأن الديكور كان ملائمًا جدًّا، بينما رأى 21% بأنَّه كان ملائمًا إلى حدٍّ ما، بينما في نظر 24% بأنه لم يكن ملائمًا و13% لم يجيبوا.

من خلال تحليل الاستبيان سنجد أن أقل العوامل تأثيرًا في إنتاج البرنامج كان الديكور وملاءمته للبرنامج، وهذا يعني عدم إغفال هذا الجانب، بل لا بدَّ من المواكبة العصرية لكل جديد، ومع تطور الوسائل وتوافر الإمكانات تصبح أكثر ضرورة.

أما بقية العوامل سنجدها متقاربة في التأثير والملاءمة، وهذا يستدعي تدعيمها وتنميتها وتجديدها باستمرار.

من خلال التحليل أعلاه للبنود المذكورة نستنبط الآتي:

آثار البرنامج: غير موافقمحايدموافق إلى حد ماموافق جداً
1دفع الآباء والأبناء للاهتمام بتعلم القرآن الكريم.0320112
0%2%15%83%
2إيجاد جوٍّ عامٍّ للاهتمام بحفظ القرآن الكريم وتعلُّمه463968
3%4%29%50%
3إنتاج أكثر من برنامج في الفضائيات المحلية تأسِّيًا به.28384826
21%28%36%19%
4ساهم البرنامج في تعزيز القيم والسلوكات الإيجابية.1685648
12%6%41%36%

1- التعدُّد والتنوُّع والأسلوب في البرنامج الواحد مع حسن الربط بينها والتمحور حول غاية واضحة محددة، تؤدي إلى استجابة المشاهد وتفاعله مع هذه البرامج، بل وتوسيع دائرة المشاهدة إلى آخرين.

2- الاهتمام بمظهر البرنامج كديكور الاستديو، وكذا مقدمي البرامج مظهرًا وأسلوبًا، وقدرة في الطرح، وعمقًا في الفهم، رسالة قوية لمضمونه إذ إنَّ السيف ليس بحدِّه بل بضاربه. وهكذا كم من مضمون جيد ضيعه مقدم فاشل.

المحور الثالث: آثار البرنامج على المجتمع: من خلال الاستبيان تم وضع عدة آثار يقاس مدى التأثير من خلالها وهي كالآتي:

من نتائج الاستبيان أعلاه سنجد الآتي:

1- دفع الآباء والأبناء للاهتمام بتعلم القرآن الكريم: من خلال إيجاد ميدان للتنافس على حفظ القرآن الكريم يرى 83% بأن البرنامج كان له دور كبير بدفع الآباء والأبناء للاهتمام بتعلم القرآن الكريم، إذ أصبح محط فخر لمن يرى ابنه يشترك في المسابقة، ليس للابن فقط، بل على مستوى القرية والقبيلة.

2- إيجاد جوٍّ عامٍّ للاهتمام بحفظ القرآن الكريم وتعلُّمه: والمقصود بأنَّ البرنامج حفز المجتمع نحو تعلُّم القرآن الكريم، ودفعه ليكون عاملًا مساهمًا ومشجعًا في فتح دور القرآن الكريم والمساهمة في دعمها، إذ إنَّ المسابقة أوجدت مناخًا إيجابيًّا في المجتمع دفعت إلى الاحترام والتقدير لحفظة القرآن الكريم، وتقديرًا لشيوخ القرآن الكريم ومعلميه.

 يرى قرابة 50% بأنَّه أوجد جوًّا عامًّا للاهتمام، بينما يرى قرابة 29% بأنَّه أوجد إلى حدٍّ ما، بينما يرى 11% بأنَّه لم يوجِد، وإنما أثره في أوساط المتدينين ومن يعتنون بحفظ القرآن الكريم وفي أسر محدودة.

3- إنتاج أكثر من برنامج في الفضائيات المحلية تأسِّيًا به: بعد بروز الفضائيات وانتشارها، أُنتجت برامج مسابقات كثيرة، فعلى المستوى المحلي خصوصًا بعد عام 2002م أنتجت قناة السعيد برنامج الشفيع مع مؤسسة التواصل، وكذا أنتجت قناة سهيل برنامج مسابقة الشيخ عبدالله الأحمر بالتعاون مع الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم، وكذا أنتجت قناة اليمن اليوم برنامج مسابقة القرآن الكريم كل هذه البرنامج في شهر رمضان، فهل كان لبرنامج في رحاب القرآن الكريم دور في تحفيز هذه القنوات على جعل برنامج قرآني ضمن سلسلة برامجها الرمضانية([32])؟.

 من خلال الاستبيان: يرى 19% بأن البرنامج كان له تأثير كبير في التحفيز لإنتاج برامج أخرى، ويرى 32% موافقًا إلى حدٍّ ما، وعند النقاش معهم تبين لو لم يكن برنامج في رحاب القرآن الكريم ناجحًا لما كُرِّرت التجربة في أكثر من قناة بمسميات مختلفة، وتغيير بعض الفقرات، لكن المؤدى في النهاية واحد. بينما يرى 21% غير موافق بأن البرامج أنتجت متأثرة أو متأسية ببرنامج في رحاب القرآن الكريم، ويرى هذا الفريق عند النقاش معه بأن الميدان واسع، وإنتاج برنامج قرآني ليس حكرًا على أحد، بينما يرى 28% الحياد.

4- ساهم البرنامج في تعزيز القيم والسلوكات الإيجابية: يوافق بشدة 42% وإلى حد ما 40%بينما 12% لا يرون ذلك، وعلى هذا فقرابة 82% يقرون بدور البرنامج من خلال فقراته المتنوعة في تعزيز القيم الإيجابية والسلوكات في المجتمع، وله دور بارز في التثقيف الديني، والأخلاقي والاجتماعي.

أخيراً: هذا ما أتيح من خلال الاستبيان نتيجة للأوضاع الحاصلة في اليمن بشكل عام، لكن الدراسة تؤكد على اهتمام المجتمع بشكل عام بالبرامج القرآنية رغم محدوديتها كمًّا ونوعًا، وضعف إخراجها وإنتاجها.

نتائج الدراسة وتوصياتها

وختامًا: نحمد الله أوَّلًا وآخرًا، على تيسيره وعونه على إتمام هذه الدراسة، فهو صاحب الفضل والجود والكرم، كما تُلخص أهم النتائج والتوصيات فيما يأتي:

أوَّلًا: النتائج:

  1. ساهمت البرامج القرآنية في تنمية ثقافة المسلم، وزيادة وعيه بدينه وكتاب ربه، وهي بذلك تقوم بدور اجتماعي مهمٍّ، لا سيما في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات الإسلامية.
  2. ما يميز البرامج القرآنية والدينية عبر القنوات التلفزيونية اشتمالها على قوالب متعددة ومضامين متنوعة، تسهم في نقل المعرفة وبناء السلوك وغرس القيم.
  3. تأثير البرامج القرآنية يستند إلى مقدار تأثر الآخرين بها من خلال اكتساب السلوك الحسن والتخلي عن القبيح، وكذا السعي نحو تعلم القرآن الكريم والتأدب بآدابه.
  4. شكَّل برنامج في رحاب القرآن الكريم البناء الإدراكي لأهمية حفظ القرآن الكريم وتعلُّمه لدى الآباء والأبناء، كما ساهم في البناء المعرفيِّ لدى الكثير من المشاهدين، واكتسبوا من خلاله المعرفة بالقرآن الكريم تلاوة وتجويدًا ومعنىً.
  5.  إن خدمة الإعلام للقرآن وعلومه رسالة يؤديها القائمون بجدٍّ وإخلاص، فالإسلام رسالة عالمية، وهي مواجهة لقوى الشر والتطرف على أسس علمية صحيحة، ووسائل تحقق هدفها بأقل وقت وجهد.
  6. من العوامل التي ساهمت في تقبل البرامج القرآنية وازدياد مشاهديها، نموُّ التديُّن بشكل عامٍّ في المجتمعات، كما ساهمت البرامج في تعزيز هذا التدين وترسيخ قيمه.
  7. من خلال الاستبيان حول برنامج في رحاب القرآن تبين الدور الإيجابي في تعزيز التمسك بالقرآن الكريم وتعلُّمه، وسعي المجتمع نحو الاهتمام بالقرآن وعلومه من خلال الدفع بأبنائه لحفظ القرآن الكريم، وتبني إنشاء الحلقات القرآنية والمساهمة المجتمعية الفاعلة في دعمها.

ثانيًا: التوصيات:

في ضوء مضامين البحث ونتائجه يوصي الباحث بالآتي:

  1. التركيز في إعداد البرامج القرآنية على برامج الأطفال، وخاصة برامج الرسوم المتحركة؛ لأنَّها أكثر برامج الأطفال شيوعًا وأقلّها تكلفة وأيسرها إعدادًا وإخراجًا خاصة مع وجود البرامج الحاسوبية.
  2.  تأهيل الكوادر الإعلامية في القنوات الفضائية الإسلامية أو البرامج القرآنية والدينية، بما يمكنها من فهم حاجة المسلم المتجددة، ومواجهة المنافسة القوية لعروض البرامج المختلفة، بالإضافة إلى القدرة على مواجهة التحديات لتشويه الإسلام والإساءة إليه.
  3.  نوصي القائمين على إعداد البرامج القرآنية، بالسعي لابتكار برامج جديدة تشكل ذهنية المشاهد، وتنافس غيرها، والاستفادة القصوى من تكنولوجيا العصر، خصوصًا بأن المتاح الآخر موجود وبقوة، فإما تكون البرامج القرآنية مؤثرة لها مردود إيجابي، وإلا ستكون مملَّة منفِّرة.
  4.  تأتي البرامج القرآنية والدينية وبرامج الإفتاء الشرعي في قائمة أولويات كثير من القنوات الفضائية، لكنَّها تظلُّ مسحة دينية فقط أو للبركة، فلا وقت كاف ولا إبداع جاذب لأغلب هذه البرامج. ولذا نوصي بإعادة النظر في خارطة البرامج القرآنية نوعًا وكمًّا وكيفًا.
  5. المساهمة في تمويل البرامج القرآنية إذ ما يبذل في إنتاجها ودعمها لا يكاد يذكر أمام بقية البرامج.
  6. ضرورة إنتاج برامج قرآنية باللغات الحية، والعمل على تطوير البرامج الإعلامية القرآنية المخصصة للجاليات المسلمة، وكذلك لغير المسلمين؛ لتعريفهم بحقيقة الإسلام، ومواجهة الافتراءات المستمرة ضد الإسلام وأهله.

نموذج الاستبيان

الأخ الكريم هذا الاستبيان يستخدم لغرض البحث العلمي حول برنامج في رحاب القرآن الكريم في التلفزيون اليمني للفترة: (1408ه-1433ه)

 مالبنددرجات التقييم
غير موافقمحايدموافق إلى حدٍّ ماموافق جدًّا
الدافع لمشاهدة البرنامج:     
1الدافع الديني لمشاهدة البرنامج كان هو الغالب    
2جودة إنتاج البرنامج    
3تنوع فقرات البرنامج.     
4سبب المشاهدة المرتفعة سابقًا عدم وجود فضائيات أخرى    
5انخفضت نسبة المشاهدة مع وجود الفضائيات الأخرى    
6وقت البرنامج كان مناسبًا لجميع الفئات العمرية    
7عدم تجديد فقرات البرنامج أفقده كثيرًا من المشاهدين    
  العوامل المؤثرة في إنتاج البرنامج:       
 1 تعدد الفقرات     
 2التنوع في فئات المسابقة القرآنية    
3 شخصيات المحكِّمين للمسابقة القرآنية    
4أسلوب تقديم البرنامج    
5إشراك الجمهور في البرنامج    
6شمولية الحلقات لجميع محافظات اليمن    
7تنوع أماكن إقامة المسابقة    
8ديكور الاستديو وملاءمته للبرنامج    
آثار البرنامج:     
1دفع الآباء والأبناء للاهتمام بتعلُّم القرآن الكريم.     
2إيجاد جوٍّ عامٍّ للاهتمام بحفظ القرآن الكريم وتعلُّمه    
3إنتاج أكثر من برنامج في الفضائيات المحلية تأسِّيًا به    
4ساهم البرنامج في تعزيز القيم والسلوكات الإيجابية    

المصادر والمراجع

  1. أحمد زايد المصري: مقاربة نظرية وإمبيريقية لبعض أبعاد الشخصية القومية، القاهرة، القراءة للجميع، مكتبة الأسرة 2005م.
  2. أحمد عزت راجح: أصول علم النفس، دار القلم، بيروت بدون د. ت.
  3. البخاري؛ محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي، صحيح البخاري، الجامع الصحيح المختصر، تحقيق، محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)الطبعة: الأولى، 1422هـ.
  4. ابن منظور، محمد بن مكرم جمال الدين بن منظور لسان العرب. دار النشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1414 هـ.
  5. 5-   الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي، سنن الترمذي، دار النشر: دار إحياء التراث العربي بيروت، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون.
  6. الجرجاني: علي بن محمد بن علي، التعريفات”، ط/ دار الكتاب العربي، بيروت، ط/ أولى، 1405هـ، تحقيق: إبراهيم الإبياري.
  7. ذوقان عبدالله عبيدات، الفضائيات والإنترنت معالجة السلبيات لدى الناشئة تعزيزًا للإيجابيات، ضمن ندوة التربية الوقائية، مكتب التربية العربي لدول الخليج المنفذة في جده، 8-9/4/1424ه.
  8. الرازي: محمد بن أبي بكر عبدالقادر الرازي، مختار الصحاح، تحقيق: محمود خاطر، ط/ مكتبة لبنان، ناشرون، بيروت، طبعة/ 1415هـ – 1995م.
  9. آل زعير، سعيد بن مبارك (1996)، التلفزيون والتغير الاجتماعي في الدول النامية، جدة دار الشروق.
  10. السعيد بومعيزة، التضليل الإعلامي وأفول السلطة الرابعة، المجلة الجزائرية للاتصال، العدد(18)، 2004م.
  11. الشنتوت، خالد أحمد، دور البيت في تربيـة الطفل المسلم، دار المطبوعات الحديثة، جدة، الطبعة الرابعة، 1990م.
  12. عبدالستار عبدالإله عبدالرحمن، القضايا التي تتناولها البرامج الدينية في الراديو والتلفزيون، رسالة ماجستير، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، ١٩٩٥ م.
  13. العمري، عبدالله بن سعد، ومطاوع، ضياء الدين بن محمد(1423هـ)، تقنيات الاتصال والإعلام وآثارها في النشء السعودي، مجلة البحوث الأمنية 224، شعبان. بتصرف
  14. عنان إبراهيم أحمد، محمد المهدي الشافعي، علم الاجتماع التربوي الأنساق الاجتماعية التربوية، ليبيا: جامعة سبها، 2001.
  15. قطامي، يوسف وعدس، عبدالرحمن (2000)، علم النفس العام، دار الفكر للطباعة والنشر، عمان.
  16. 16-  محمد غريب، دور البرامج الدينية بالقنوات الفضائية العربية في التثقيف الديني لدى طلاب الجامعات، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام، العدد السادس، العدد الثاني، يونيه – ديسمبر ٢٠٠٥ م.
  17. محيي الدين عبد الحليم، الإعلام الديني وأثره في الرأي العام، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، ١٩٧٨م.
  18. مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
  19. المناوي: محمد عبدالرؤوف المناوي، “التوقيف على مهمات التعاريف”، “باب الهمزة فصل الثاء” طبعة/ دار الفكر المعاصر، بيروت، ط/ أولى، 1410هـ، تحقيق: د/ محمد رضوان الداية.

والحمد لله رب العالمين.


[1]– محيي الدين عبد الحليم، الإعلام الديني وأثره في الرأي العام، رسالة دكتوراه منشورة، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، ١٩٧٨م.

[2] – عبدالستار عبدالإله عبدالرحمن، القضايا التي تتناولها البرامج الدينية في الراديو والتلفزيون، رسالة ماجستير، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، ١٩٩٥ م.

[3]– محمد غريب، دور البرامج الدينية بالقنوات الفضائية العربية في التثقيف الديني لدى طلاب الجامعات، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام، العدد السادس، العدد الثاني، يونيه – ديسمبر ٢٠٠٥ م، ص ٣٩٥- ٤٤٨.

[4]– عمل الباحث مديرًا عامًّا للجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم باليمن من عام 2010- 2012م.

[5]-تأسس أول معهد بمسور خولان عام 1972م، وتميزت المعاهد بتكثيف منهج القرآن وعلومه والعلوم الشرعية الأخرى واللغة العربية، مع تدريس بقية المقررات كالمدراس. وصل عدد المعاهد 450معهداً، كما أشرفت الهيئة على مدراس تحفيظ القرآن الكريم، تم دمجها في وزارة التربية والتعليم عام 2001م.

[6]– تأسست 1994م على يد مجموعة من الحفاظ والوجهاء وأساتذة الجامعات، الهدف منها الاهتمام بتعليم القرآن الكريم وعلومه، بلغت عدد الحلقات النموذجية المشرفة عليها 450 حلقة في عموم الجمهورية، تخرج قرابة ألف حافظ سنويًّا، كما أسست الكلية العليا للقرآن الكريم 1995م، ومنحت ترخيص جامعة عام 2012م باسم جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، كما أنشأت بالتعاون مع الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم العديد من مراكز الإقراء والإجازة بالسند في أكثر محافظات اليمن.

[7] – ابن منظور: محمد بن مكرم جمال الدين بن منظور، لسان العرب، بيروت، ط1، دار صادر، بدون تاريخ، 4/ 5، 6، 9.

[8] – الرازي: محمد بن أبي بكر عبدالقادر الرازي، مختار الصحاح، تحقيق: محمود خاطر، بيروت، ط مكتبة لبنان، 1415هـ – 1995م، 1/ 2.

-[9] المناوي: محمد عبدالرؤوف المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق: د/ محمد رضوان الداية، بيروت، ط1، دار الفكر المعاصر، 1410هـ، باب الهمزة فصل الثاء، 1/ 33.

-[10] الجرجاني: علي بن محمد بن علي، التعريفات، تحقيق: إبراهيم الإبياري،، بيروت ط1، دار الكتاب العربي، 1405هـ، 1/ 23.

-[11] أحمد مختار عمر: معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب 2008م، 1/196.

[12]– ينظر: ابن منظور، لسان العرب، 10/134.

[13] -المرجع نفسه، باب مسك 10/486.

[14]– ينظر: أحمد زايد المصري: مقاربة نظرية وإمبيريقية لبعض أبعاد الشخصية القومية، القاهرة، القراءة للجميع، مكتبة الأسرة 2005م ص 4-5 بتصرف كبير.

[15] – خالد أحمد الشنتوت، دور البيت في تربيـة الطفل المسلم، جدة، الطبعة الرابعة، دار المطبوعات الحديثة، 1990م، ص 110.

[16] – السعيد بومعيزة، التضليل الإعلامي وأفول السلطة الرابعة، المجلة الجزائرية للاتصال، العدد(18)، 2004م، ص87-115.

[17] – آل زعير، سعيد بن مبارك، التلفزيون والتغير الاجتماعي في الدول النامية،، دار الشروق، 1996م، ص 188 بتصرف.

[18] – كثير من برامج الأطفال على وجه الخصوص تظهر البطل الخارق من ينزل الأمطار ويتعامل مع الخوارق وكأنه إله.

[19]– أخرجه البخاري، باب المسك (7/96)، رقم: (5534)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء (4/2026)، رقم: (2628)

[20]– العمري، عبدالله بن سعد، ومطاوع، ضياء الدين بن محمد، تقنيات الاتصال والإعلام وآثارها في النشء السعودي، مجلة البحوث الأمنية، شعبان1423هـ، 224 بتصرف.

[21]– ذوقان عبدالله عبيدات، الفضائيات والإنترنت معالجة السلبيات لدى الناشئة تعزيزاً للإيجابيات، ضمن ندوة التربية الوقائية، مكتب التربية العربي لدول الخليج المنفذة في جده، 8-9/4/1424ه، ص15.

[22] – وعلى سبيل المثال تجد الرجل الخارق Super man، والرجل الوطواط Bat man، والرجل العنكبوت Spider man، وغيرهم من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها بحيث تضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من أي بعد إيماني.

[23]– عنان إبراهيم أحمد، محمد المهدي الشافعي، علم الاجتماع التربوي الأنساق الاجتماعية التربوية، ليبيا: جامعة سبها، 2001، ص 271.

[24]– أخرجه مسلم، كتائب الفضائل، باب كان رسول الله أحسن الناس خلقًا، رقم الحديث 231، 3 /1805.

-[25] هناك بعض الأناشيد على اليوتيوب.

[26]– قطامي، يوسف وعدس، عبدالرحمن، علم النفس العام، عمان، دار الفكر للطباعة والنشر، 2000م، ص10.

[27]-المرجع نفسه.

[28]– أحمد عزت راجح: أصول علم النفس، بيروت، دار القلم، بدون د. ت، ص111.

[29]– أبرزهم: الشيخ المرحوم محمد حسين عامر، والشيخ المرحوم إسماعيل عبدالعال، والشيخ يحيى الحليلي، والدكتور زيد الغيلي، والشيخ محمد حسن الريمي، والقاضي على الشوكاني.

[30]– أبرزهم: مفضل إسماعيل غالب عضو مجلس النواب حاليًّا. وهو شاعر وأديب لامع. ورئيس فرع الجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم بمحافظة الحديدة. عبدالله إسماعيل إعلامي بارز، ومحمد العريفي، إعلامي في التلفزيون اليمني. و خالد عليان إعلامي بارز.

[31]– لكن في السنوات الأخيرة من بعد 2010م حاول المنتجون يحضرون جمهورًا في قاعة المسابقات القرآنية، وإن كان محصورًا بعدد معين يناسب المكان المعدَّ للبرنامج.

[32]– حاول الباحث التواصل مع منتجي هذه البرامج في القنوات السالفة الذكر، لكن للأسف لم يتم التمكن من الوصول إليهم نظرًا لحالة الوضع العام الحالي في اليمن، فالكثير منهم غادروا اليمن أو غيروا أرقام هواتفهم.