مقابلة د. صلاح الخالدي

    

حاوره عضو الهيئة د. منذر زيتون

تاريخ المحاورة 21/3/2021

الدكتور صلاح الخالدي في سطور:

ولد في جنين سنة 47 ودرس البكالوريوس في الأزهر والدكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود.

  • عمل مدرساً جامعياً لمدة 35 سنة وهو الآن متفرغ للتأليف،
  • صدر له حتى الآن 57 كتاباً.
  • من أقواله:
  • فلسطين في أنفاسي ونبضات قلبي مذ ولدت وحتى الآن وكلي أمل أن أرى تحررها قبل أن ألقى الله تعالى.
  • يجب أن تبقى فلسطين القضية الأولى للعالم كله لأن اليهود يعادون كل الناس ويريدون نشر الفساد بينهم.
  • الله تعالى اختار الشعب الفلسطيني ليقاتل اليهود لأنه يعلم أنهم هم الذين يقوون على ذلك.
  • يجب أن يتقن العالم والداعية استعمال تقنيات التعليم عن بعد ويستغلها في صنع رأي عالمي لقضيته.
  • تولي الدعاة والعلماء وزارات في بلادهم خطير ومشاركتهم في البرلمانات لا جدوى منه.
  • تحرير فلسطين أمر حتمي لا أشك فيه كما لا أشك في وجودي لأنها سنة الله تعالى وقدره.

رابط كتب الدكتور صلاح الخالدي:

https://drive.google.com/drive/folders/16byh4uxHbOzyvVMY_jzVARMIZyTsTBG7?usp=sharing

صورة المرحوم صلاح الخالدي رحمه الله

حياكم الله شيخنا وأخانا الدكتور صلاح، ونود بداية لو تعرفنا والقراء بشخصكم الكريم، وتطلعنا عن بعض جوانب سيرتكم الذاتية لطفاً؟

اسمي صلاح عبد الفتاح الخالدي، أنا أستاذ جامعي مشارك، وأحمل درجة الدكتوراه في التفسير وعلوم القرآن، وقد عملت أستاذاً جامعياً لمدة 35 عاماً.

أنا أصلاً من مدينة جنين شمال الضفة الغربية بفلسطين، وأقيم الآن في مدينة صويلح بعمان، الأردن.

أما عن سيرتي الذاتية:

فأنا ولدت في مدينة جنين بتاريخ 1/ 12/ 1947 الموافق 18 محرم عام 1367، درست الإعدادية فيها، ثم درست الثالث الإعدادي والأول الثانوي في المعهد العلمي الإسلامي بنابلس، ثم أُرسلت في بعثة إلى الأزهر للحصول على التوجيهي والشهادة الأزهرية، وفعلاً سافرت إلى الأزهر عام 1965 وحصلت على التوجيهي الأزهري في العام التالي 1966، وأكملت بكالوريوس الشريعة عام 1970، ثم عدت إلى الأردن وأقمت فيها.

حصلت على الماجستير عام 1980 وكانت رسالتي بعنوان “سيد قطب والتصوير الفني في القرآن” وحصلت على الدكتوراه سنة 1984 من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وكانت الرسالة بعنوان “في ظلال القران، دراسة وتقويم”.

في الأردن عملت بوزارة الأوقاف من 1971 حتى تقاعدت سنة 1990، وقد عملت خلال تلك الأعوام في الأوقاف واعظاً ثم مديراً لأوقاف الطفيلة ثم مساعد مدير لأوقاف السلط ثم مدرساً في كلية العلوم الإسلامية بعمان العبدلي، وهي كلية تمنح شهادة الدبلوم، ثم أصبحت عميداً للكلية في آخر سنتين من عملي في الأوقاف، وقد تقاعدت عام 1991.

عملت بعد ذلك مدرساً في كلية الدعوة وأصول الدين من سنة 1991 وحتى 1998، ثم بعد أن ضُمت الكلية إلى جامعة البلقاء التطبيقية عملت فيها أستاذا حتى 2008، ثم أُنشئت جامعة العلوم الإسلامية العالمية سنة 2008 وأصبحت مدرساً فيها بكلية أصول الدين حتى عام 2015 حيث لم يجددوا لي عقدي، وبعد ذلك كنت أعطي محاضرات بشكل غير متفرغ في جامعات متعددة وهي الجامعة الأردنية وجامعة آل البيت وجامعة اليرموك، وفي الجملة كانت حصيلة عملي كأستاذ جامعي 35 سنة والحمد لله.

إلى جانب المحاضرات والدروس التي كنت أعطيها كنت أيضاً إماماً وخطيباً في مسجد عبد الرحمن بن عوف بمدينة صويلح ولمدة 15 سنة تقريباً، وفي مسيرتي العملية عملت أيضاً مديراً لجمعية المحافظة على القرآن الكريم بعمان فترة من الزمن ثم استقلت منها لأسباب شخصية، ثم فتح الله عليَّ باب تأليف الكتب والحمد لله.

ألَّفت كتباً عديدة ولله الحمد والشكر معظمها حول القرآن “قرآنيات”، والكتب المطبوعة حتى الآن بفضل الله 54 كتاباً، وما زلت أقوم بالكتابة والتأليف والحمد لله.

أنا الآن متفرغ ووقتي كله في البيت أقضيه في الكتابة والتأليف وإعداد الأبحاث وإعطاء المحاضرات والدروس في المراكز القرآنية والنوادي والمؤسسات وغيرها، والحمد لله أن فتح الله لي باب خدمة القران الكريم وهو شرف عظيم، وأسأل الله تعالى أن يختم لي بخاتمة الإيمان وأن يتوفني مسلماً صالحاً ثابتاً.

هل لك من ذكريات في فلسطين؟

نعم، أنا خرجت من فلسطين سنة 1965 وكان عمري آنذاك 18 سنة، أي كنت شاباً كبيراً، وأتذكر عن فلسطين كل شيء.. جنين وما حولها، وجنين مدينة كنعانية، وسميت بهذا الاسم قبل ولادة أول إسرائيلي في التاريخ وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.

بعد شهر من مولدي عام 1947 احتل اليهود مدينة جنين كما قال لي والداي، وجاء الجيش العراقي وقاتل اليهود وحرر المدينة ووصل العراقيون إلى مشارف مدينة حيفا وكانوا يريدون أن يحرروا حيفا لكن الملك عبد الله الأول وعبد الإله في بغداد أوقفوا الجيش العراقي عن التقدم وتحرير فلسطين، فذكرياتي عن فلسطين أن الشعب الفلسطيني شعب مجاهد ورجالها مجاهدون.. لقد رضعنا ونحن أطفالاً وشباباً ألبان الوطنية والثورية منذ صغرنا.. مدرستنا التي درست فيها في جنين أسمها مدرسة حطين وكنت عندما أدخل المدرسة وأنا طالب في الابتدائي والإعدادي أتذكر حطين ومعركة حطين وتحرير صلاح الدين للأقصى وفلسطين، فعشنا وأنفاسنا كانت تتحدث عن فلسطين وعن تحريرها، حتى عندما كنا نذهب -وكانت حدود هدنة سنة 48 عند جنين في منطقة الجلمة- كنا نذهب هناك ونقف عند البوابة وننظر إلى فلسطين المحتلة ونتذكر وجوب تحريرها.. كان بيتنا في جنين على قمة جبل مرتفع اسمه جبل “أبو ظهير، وعندما كنت تقف على ذلك الجبل كنت ترى أمامك “مرج ابن عامر” السهل الفلسطيني العجيب الرائع العظيم، وكنت يومياً أقف على قمة الجبل أنظر إلى مرج ابن عامر صيفاً وشتاءً وأتملى جماله وروعته واليهود كانوا يحتلونه، عشنا أنفاس كره اليهود ووجوب الرباط ووجوب الجهاد لتحرير فلسطين، فنشأنا على هذا الأمر وعلى هذه النية وتعرفنا على سادتنا علمائنا المجاهدين المرابطين، وما زلنا على هذه النية نية الرباط والجهاد ووجوب العمل على تحرير كل فلسطين كامل فلسطين، أسأل الله تعالى أن يرينا تحريرها في أيامنا قبل أن نلقاه وأن يتوفانا ثابتين عير مبدلين ولا مغيرين لهذا الاعتبار.

إن فلسطين مبرمجة على أنفاسي ونبضات قلبي منذ أن فتحت عيني على الحياة وحتى هذه اللحظة، وأسال الله أن يتوفاني وأنا من أهل الوفاء لقضيتنا ولمقدساتنا ولأرضنا المباركة.

نود أن نتعرف على بعض جهودكم ونشاطكم تجاه الأقصى والقدس وفلسطين ومن هو جمهوركم المستهدف من تلك الأعمال؟

كما قلت، فإن الأقصى والقدس وفلسطين ووجوب الجهاد لتحرير كامل التراب الفلسطيني هو جزء من حياتي، فأنفاسي ونبضات قلبي منظمة عليه والحمد لله رب العالمين، ومهما فعلنا تجاه ذلك فنحن مقصرون، وقضيتنا هذه هي قضية المسلمين الأولى وقضية كل مسلم والتي لا يجوز أن يقدم عليها أية قضية أخرى.. الأقصى والقدس وفلسطين قضيتنا الأولى جميعاً وعلينا أن نتذكر هذا باستمرار، وأنا رغم أنني بعيد عن فلسطين من سنوات عديدة من أكثر من 60 سنة لكنها لا تغادر خيالي ولا ذاكرتي ولا تفكيري ولا تطلعاتي.

جهودي كلها -وهي حقيقةً مشاركات متواضعة أسأل الله القبول- من دروس ومحاضرات وندوات وفي مختلف المراكز والمساجد والمدارس والجامعات وكليات المجتمع أتكلم فيها دائماً عن الأقصى والقدس ووجوب تحرير فلسطين، ووجوب كره اليهود المحتلين وبيان فسادهم وجرائمهم ووجوب تحرير فلسطين منهم، وكل نشاط كنت أقوم به كان حديثي الأول فيه عن ذلك.

وأعانني الله على تأليف كتباً تتعلق بفلسطين منها: كتاب “الشخصية اليهودية من خلال القرآن” في سنة 1987 تقريباً أحد كتب في “كنوز القرآن”، وكتاب “حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية” وصدر منه طبعات متعددة وترجم إلى عدة لغات أيضاً، وكانت أصوله فصول ومقالات في مجلة فلسطين المسلمة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وأيضاً كنت أكتب مقالات في المجلات عن الأقصى والقدس ووجوب التحرير، والآن لي مشاركات متواصلة في وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب عن ذلك وهذا ديدن حديثي، بل إن صفحتي على الفيسبوك أغلقت أكثر من مرة من قبل إدارة الفيس المتصهينة لأنني كنت أتكلم عن الجهاد وجرائم اليهود وقد تم إغلاقها نهائياً ومنعوا فتحها مرة أخرى وما زال كلامي عن ذلك وخصوصاً عن وجوب تحرير فلسطين وعن حرمة التطبيع مع اليهود وأنه جريمة وخيانة يحرمها دين الله سبحانه وتعالى.

وأنا أستهدف بكلامي كل الأمة بكل شرائحها، أخاطب جمهور المساجد من خلال الدروس وخطب الجمعة بكل روادها رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً مع العلم أنني منعت من الخطابة من عام 1993 زمن اتفاقية وادي عربة، وفي الجامعات أخاطب كافة الطلاب والطالبات والشاب عنصر التغير، وفي كافة ما أقوم به من الأعمال من المحاضرات الندوات والمؤتمرات والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعي فالمستهدف عندي يكون كل المسلمين شباباً وشيباً ليعرفوا واجبهم نحو تحرير فلسطين ووجوب الجهاد والرباط وحرمة التطبيع مع اليهود والتنازل عن أي شبر منها، وما زال كلامي عن ذلك مستمراً وأنا لا أمل من هذا الحديث حتى لا ينسى الناس هذه المسألة إلى أن يحين وقت التحرير في قادم الأيام بإذن الله تعالى.

العالم الآن يعيش مشكلات ومصائب مختلفة مثل كورونا وغيرها، فأين تقع القضية الفلسطينية في اهتمام العالم بين هذه الكوارث، وما هو دور العلماء في إبقاء هذه القضية في واقع الناس واهتمامهم؟

صحيح، فإن عصرنا العجيب هو عصر المشكلات، والله تعالى ابتلى الناس بكورونا، وهذا الوباء العالمي إنما هو آية من آيات الله، والجميع يعيش اليوم في تحديات صعبة على مستوى الدول والشعوب والجماعات والأحزاب والأسر وأغلبها مستعص على الحل.

لكن علينا أن نعلم أن القضية الفلسطينية يجب أن تبقى القضية الأولى لكل مسلم ومسلمة في أي مكان في العالم، بل قضية كل إنسان على ظهر هذه الأرض، وذلك لأمرين، الأول: قداسة هذه القضية، فهي الأرض المباركة وهي أطهر أرض بعد مكة والمدينة، والخير موجود فيها وتاريخها الماضي تاريخ بركات وخير وتاريخها القادم تاريخ حسم وينتهي بمقتل الدجال فيها في فلسطين وهلاك يأجوج ومأجوج في فلسطين، وهي مهد المسيح عند النصارى وهي مسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام عند المسلمين.

الجانب الآخر، هو خطر الصهاينة على العالم كله، فهم سرطان يريد أن يسيطر على كل العالم، ويريدون أن ينطلقوا من فلسطين في إفساد العالم وتخريبه، ولذلك يجب أن نخاطب كل الناس ونحذرهم من الخطر اليهودي الفسيولوجي، فالشخصية اليهودية في حقيقتها تقوم على التخريب والإفساد، فهم الذين يلوثون العالم بالفساد الفكري من ناحية والتعري والدعارة والمخدرات والظلم والطغيان وسرقة الشعوب والنهب، كل هذا سببه اليهود في المقام الأول.

وهنا يأتي دورنا وخاصة أصحاب العلم والفكر، أن ندعو الآخرين إلى ضرورة ترتيب الأولويات في مواجهة المشكلات، ووضع قضية فلسطين كقضية أولى، وأن نفتح عيونهم على أن هذا هو الخطر المباشر الأول ضدهم وضد الإنسانية، وإذا قطعنا أصابع اليهود وأوقفنا خطرهم عن العالم فسوف يشكرنا العالم في المستقبل.

الله يعلم القوة التي نحن عليها وخاصة أهل فلسطين، والله يعلم أن الذين يقدرون على تخليص الناس من الخطر اليهودي هم المسلمون على أرض فلسطين، والعالم حقيقة عاجز عن مواجهة الخطر اليهودي، وذلك أتانا الله تعالى باليهود إلى فلسطين لنواجههم، والحقيقة أن الشعب الفلسطيني أكثر الشعوب عناداً فهو لا يستسلم بسهوله، ولا شك أن هناك ضعاف بل وأذناب للعدو، ولكن لا اعتبار لهؤلاء.

علينا أن نقنع العالم بأن القضاء على خطر اليهود سيؤدي إلى إضعاف المشكلات الأخرى، وعلينا أن نقنع العالم وخاصة العرب بأنكم في خطر إذا لم تفكروا في فلسطين والأقصى والخطر اليهود، بل وإيمانكم أيها المسلمون ليس صحيحاً ما دمتم لا تفكروا بمواجهة ذلك الخطر.

لكن في ظل شيوع الأزمات وخاصة في دول العالم الإسلامي، فما هي الأولويات بالنسبة لأهل تلك البلاد، أهي قضايا بلادهم أم قضايا فلسطين؟

كما قلت فإن القضية الأولى هي قضية فلسطين، وعلينا أن نركز على هذه القضية لتصبح هي البدهية عند العالم أجمع، وكما نعلم فإن كثيراً من البلاد الإسلامية ترفع شعار نحن أولاً، وهذه شعارات عنصرية خطيرة، والأصل أن يقولوا: الأقصى والقدس أولاً، وهذا ليس تعصباً، لأن الخطر اليهودي خطر على بلادهم وعلى حكوماتهم وعروشهم، لأن اليهود طامعون بهم وبعروشهم وبلادهم.

ولا أرى تعارضاً بين نصرة قضايا المسلمين في بلادهم وبين نصرة قضية فلسطين، بل يجب علينا أن ننصر المسلمين في كل مكان، والمسلمون هم الذين يبتلون بكل الابتلاءات، والدم الإسلامي هو أرخص الدماء، لأن المسلمين لا يجدون خلافة تظللهم وتدافع عنهم وتحميهم، بل إن زعماءهم ضدهم يتآمرون مع اليهود والأمريكان عليهم، والراعي هو عدو الغنم كما قال الشاعر عمر أبو ريشه، قال: لا يلام الذئب في عدوانه …. إن يكن الراعي عدو الغنم… زعماؤنا في العالم الإسلامي هم الرعاة الخائنون الذين سلموا الشعوب لليهود والأمريكان والصليبيين، ولهذا عاش المسلمون هذه الماسي.

ولذلك يجب علينا نحن العلماء والدعاة أن نسعف المسلمين وننقذهم ونعمل على إغاثتهم وحمايتهم، وأن نتبنى قضاياهم، وهذا لا يمنع أن القضية الأولى هي قضية فلسطين، لأن المسلمين لما يروا منا التأييد والنصرة فإنهم ينضمون إلينا في نصرة قضيتنا الفلسطينية ببعدها الإسلامي والإيماني.

التعليم عن بعد في ظلال وباء كورونا في العالم، كيف نوظفه لنصرة القضية الفلسطينية ونستثمره الاستثمار الأمثل؟

أنا عملت أكثر من 35 سنة في الجامعات وعندي خبرة في التعليم الجامعي، وأعلم أن التعليم الوجاهي مباشرة مع الطلاب صعب وبالكاد يجتذب الطلبة وينجح في مخاطبتهم والتأثير فيهم فكيف هو التعليم عن بعد؟! أستطيع أن أقول إنه مأساة، فهو تخريب للتعليم في العالم أجمع، ليس في الأردن ولا في العالم العربي فقط.

ومع ذلك، يجب الاستفادة من تقنيات التعليم عن بعد ومن وسائله في نصرة القضية الفلسطينية، وهنا أشير إلى أننا يجب أن نستخدم أرفع وسائل الإعلان والإعلام والدعاية لنصرة هذه القضية، ونحن نعلم أن الإعلام والإعلان من أهم وسائل نشر الأفكار، ومن أهم وسائل الترويج للسلع المختلفة بإعلانات جذابة فتتحول السلع التالفة بواسطة الإعلانات الجذابة إلى نافقة ورائجة عند المستهلك على مستوى كبير، والأعداء يعلمون أهميه الإعلان والإعلام في محاربة الحق ونصرة الباطل، واليهود كما هو معلوم يسيطرون على مختلف تلك الوسائل في العالم واستغلالها في محاربة الحق والدين والمسلمين ونشر الأكاذيب والإسرائيليات المعاصرة، وهذا يعني أننا نحن العلماء لا بد أن نستخدم هذه الوسائل والتقنيات بكل صورها وألوانها ومنها التعليم عن بعد، وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن موجودة سابقاً، والآن منتشرة والرقابة عليها صعبة، وما يسمى الواتس والفيسبوك والتويتر واليوتيوب وغيرها أصبحت منتشرة ومتداولة في كل مكان وعند الجميع، فعلينا أن ندخل هذه الوسائل وأن نحسن استخدامها ونتقنها على أرفع الصور الفنية، وأن نقدم الحق الذي معنا بصورة جذابة، لأن الناس ينجذبون للصورة والصوت، علينا أن نتحول إلى تجار يستخدمون فن الإعلان لصالح القضية الفلسطينية لنسوقها.

بعض الناس يتكلم في محاضرة أو خطبة جمعة أمام عشرات أو مئات من الناس فهذا جيد وطيب، ولكن الناجح إعلامياً هو الذي يحسن تقديم قضيته في ثوب دعائي إعلاني جذاب لآلاف آخرين في أماكن كثيرة من العالم، وبعض علمائنا وإعلاميينا لهم وجود مؤثر على تلك الوسائل ويستطيع أن يوصل صوته إلى جميع أنحاء العالم مثل الدكتور العزيز أحمد نوفل والمحلل الرائع ياسر زعاترة، ونحن نريد أن يكون الجميع مثل هؤلاء وجودهم مؤثر وناجح ومقنع للعالم في خطابه.

فاستخدام هذه الوسائل هو واجب على كل عالم وداعية ومصلح، وعلى كل فلسطيني يتبنى الحل الجهادي لقضية فلسطين أن يعمل رأي عام في العالم العربي والعالم أجمع وأن يستخدم مختلف اللغات وليس العربية فقط حتى يؤدي واجبه في نصرة القضية والدين، والأجر فيه مضاعف عند الله تعالى ولعل هذا هذه صوره من صور العبادة لله تعالى، فالقيام بالعبادات النافلة عليها أجر ولا شك ولكن من يقوم بنشر الوعي والحق على تلك الوسائل فإنه يفيد ليس نفسه فقط وإنما يفيد الملايين من الناس.

هل يمكن وضع خطة عملية لإنقاذ الأمة مما هي فيها من مشكلات وتحديات؟

نعم يمكن، ولا يوجد مشكلة غير قابلة للحل، المهم أن يتفق المصلحون على وضع الخطة العملية، وللأسف أن مشكلات الأمة وقضاياها عديدة لا تكاد تحصى، وأصحاب القرار والحكم عاجزون عن حل تلك المشكلات، بل إنهم سبب من أسباب مضاعفة تلك المشكلات، نوقن أنه لا حل إلا بتطبيق الإسلام، والحركة الإسلامية رفعت شعار سابق هو “الإسلام هو الحل”، ولذلك يجب أن توجه جهود العاملين والدعاة والمصلحين كلها إلى العمل على تطبيق الإسلام في الواقع، وحينها ستحل جميع مشكلات الأمة، وهو ما يتطلب العمل في الميدان وليس الكلام النظري، مع أن الأعداء لا يسمحون بهذا، لا يسمحون بعمل جاد يطبق الإسلام، وتجربة مصر ود. محمد مرسي رحمه الله في مصر ليست عنا ببعيدة، عندما أراد الإسلاميون في مصر تطبيق تجربتهم عملياً تآمر عليهم العالم كله وأسقطهم، ولكن المطلوب الصدق مع الله والدعوة إليه إلى جانب تنظيم العمل واستفراغ الجهد لإعادة حكم الإسلام إلى الواقع رغم أن الطريق ستكون طويلة وشاقة ومليئة بالأشواك والدماء والأشلاء، ولكن يقيننا أن الإسلام في النهاية سيسود ويحكم بضمان الله تعالى.

هناك انقسامات كثيرة بين المسلمين وأصعبها الانقسامات بين العلماء والحركات الإسلامية، فما طريق الخلاص؟

صحيح، هناك انقسامات شديدة، وهذا يصعب العمل ومواجهة ما تعاني منه الأمة من تحديات ومشكلات، والحقيقة أنك لا تكاد تجد العلماء مجتمعين على شيء، وكذلك الحركات الإسلامية والعاملين للإسلام والداعين إليه وهذا من أصعب ما يواجهه المسلمون اليوم.. رغم أن الاختلاف شيء طبيعي بين المسلمين وبين العلماء وكذلك بين الدعاة والعاملين ومن المستحيل أن تجمع الجميع على خط واحد وفكر واحد، ولكن لا بد أن يبقى الخلاف في دائرته الفكرية فقط ولا يصل إلى القلوب ولا أن يؤدي إلى الشحناء والبغضاء والانقسام ومعاداة بعضنا بعضاً.

إن من آثار هذا الخلاف وهذه العداوة غياب التعاون والتنسيق اللازم من أجل العمل للإسلام، ولذلك على قادة الحركات الإسلامية ومبرمجيها ومربيها أن يربوا الشباب في حركاتهم المختلفة على تعاليم الإسلام وأخلاقه وعلى ضرورة التعاون فيما بينهم وتبادل المحبة والمودة.

حتى الحركة الواحدة صرت تجد فيها اختلافات عميقة وشديدة والأمثلة على ذلك كثيرة، وهذه بحد ذاتها مأساة، وما يجب أن يعرفه الجميع أن تلك الانقسامات والعداوات تفرح الأعداء وتسعدهم ولذلك نجدهم يحرصون على استمرار الخلافات وزيادة شقتها، وللأسف أن بعض العاملين في تلك الحركات إما بغباء وإما بجهل يشاركون بكولسة وسلبية في تعميق حدة تلك الخلافات مع أنهم جميعاً يعلمون ما يحيق بهم وبالأمة كلها من الخطر الصهيوني والصليبي الذي يستهدف الجميع ولا يستثنى أحداً.

هل هناك جدوى من مشاركة العلماء والدعاة في مؤسسات بلادهم التشريعية والتنفيذية والقضائية، وعلى أي مستوى يمكن أن تكون المشاركة فاعلة ومنتجة؟

الحقيقة أن تلك الأنظمة وحكامها لهم برامج ومناهج يريدون تطبيقها على شعوبهم وهي تختلف عن برامج الدعاة والحركات الإسلامية والمصلحين، ولهذا فإن المشاركة القيادية لا جدوى منها والمقصود بالقيادية المشاركة على مستوى الوزارة بأن يكون العالم أو الداعية وزيراً في هذه الأنظمة، فهو إن أصبح وزيراً مثلاً فإنه سيشارك في تنفيذ منهاج النظام ومخططه ويتحمل مسؤولية النظام كاملاً، والنظام لن يسمح له أن يطبق برنامجه الإصلاحي إن أراد تطبيقه لأنه سيكون كمسمار في عجلة، وما موضوع مشاركة حزب التنمية في المغرب في الحكم عنا ببعيد حيث سلمهم الملك الحكومة، وهذا الحزب نكهته إسلامية فقط نكهته، فتورط في كل المفاسد حتى صار يدعو للتطبيع مع اليهود، فكانت هذه نتيجة المشاركة مع النظام الذي لا يطبق الشرع، هم يريدون فقط أن يكون العالم أو الداعية عبداً وليس صاحب منهج، ولذلك فإن مثل تلك المشاركة أساءت لهم ولن يجنوا منها خيراً أبداً.

أما المشاركة في غير ذلك كالمشاركة على المستوى التشريعي والقضائي كأن يكون الداعية نائباً في البرلمان وأن يكون للحركات الإسلامية حضور في البرلمان من خلال انتخاب الشعب وأن يكون لها برنامجها، فهذا لا مانع منه ولا محظور فيه طالما أن الحركة ملتزمة ببرنامجها ومنهاجها، ولكن أنا لا أرى جدوى من ذلك ولا إيجابية فاعلة ولذا لا داعي لمشاركة واسعة من الحركات الإسلامية في البرلمانات، ولا داعي لزيادة أعداد نوابها وإنما يكفي أن يكون العدد قليلاً كمشاركة رمزية من أجل إثبات الوجود وليس كطريق للتغير، الغاية من المشاركة فقط من أجل يكون البرلمان منبراً للدعوة يعرف الناس ببرنامج الحركة ومواقفها وليقوم نوابها بواجب الأمر بالحق وإنكار الباطل، فيكفي نائبان أو ثلاثة فقط وليس ثلاثين، أما أن البرلمان يمكن أن يغير النظام فهذا غير ممكن ولقد شاركت الحركة الإسلامية بالأردن في تجربة البرلمان في سنة 1989 من خلال 29 نائباً ولكنهم لم يستطيعوا أن يغيروا في برنامج النظام شيئاً، وكذلك تجربة الحركة الإسلامية في مصر والتي تمكنت من تحصيل الأغلبية في البرلمان بل ووصلت إلى مستوى الرئاسة والحكم، ولكنها فشلت بعد أن تآمر كل العالم عليها.

ما زال البعض يتساءل هل يمكن تحرير فلسطين وما هي مبشرات ذلك؟

هو ليس ممكناً فقط بل هو حتمي، وهو قادم حقاً ولا أشك في ذلك كما لا أشك في وجودي، فتحرير فلسطين أمر حتمي لأنها سنة الله تعالى، وكل ما أفكر فيه أن يكون التحرير في حياتنا قبل أن نلقى الله، والشيخ المفسر بسام جرار يقول إن التحرير سيكون بعد سنتين، هو متفائل، وأنا لست مثله ولكن أؤكد بأن ذلك سيكون حتماً لأن الله تعالى سينصر المجاهدين لأنهم ربانيون، والمجاهدون والمرابطون موجودون في فلسطين في غزة وفي الضفة وفي مناطق 48.

الوجود اليهودي على أرض فلسطين وجود قصير، وقد ناقشت ذلك الأمر في كتابي “حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية” وقلت إن القرآن يصرح بأن العمر اليهودي على أرض فلسطين عمر قصير من خلال آيات سور البقرة وآل عمران والإسراء والأعراف وغيرها، وهو قريب الزوال، والنتنياهو رئيس الحكومة الصهيونية قال للخامات قبل مدة في مؤتمر أنا لا أضمن أن تعيش إسرائيل مئة سنة.

لكن للأسف أن الذين يطيلون عمر الوجود اليهودي في فلسطين هم العملاء والخائنون العرب الذين يطبعون ويوالون الصهاينة من بداية الاحتلال، ويلعبون دور الحراسة لأمن إسرائيل، وخصوصاً الدول الأربعة المحيطة بإسرائيل وللعجب أن أول حرف من اسم كل دولة تشكل كلمة “سلام”، فهم الذين يحققون السلام لليهود والحماية والتأييد، فهم عبارة عن شرطة لهم.

بشائر التحرير موجودة وكثيرة ومن أشهرها الآن أن الله تعالى أذن أن تكون غزة منارة جهادية ومنارة تحرير بشبابها وحفاظ القرآن فيها والمرابطين في أنفاقها والشعب الفلسطيني المؤيد لبرنامج الجهاد، وهذا أكبر مبشر في ذلك والله تعالى لن يخذلهم، وكذلك وجود حركة إسلامية قوية في أرض 48 بقيادة الشيخ المرابط رائد صلاح وإخوانه المتعمقون المتجذرون هناك، ووجود مصاطب الأقصى والقدس وطلاب العلم والمجاهدون، فهذه كلها مبشرات عملية للتحرير بإذن الله.

جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ الدكتور صلاح الخالدي وبارك الله فيكم.

قد يعجبك أيضاً