خاص هيئة علماء فلسطين

         

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله إمام المجاهدين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين،اما بعد :

فإننا في هذه الأيام التي نعيش فيها الذكرى الخامسة والستين لإعلان قيام كيان الغصب على أرض فلسطين المقدسة، لنؤكد للأمة جمعاء أننا في هيئة علماء فلسطين في الخارج ماضون بإذن الله تعالى على درب العلماء المجاهدين الذين قادوا قوافل الجهاد والمقاومة في وجه المحتل الغاصب.

ومن هذا المنطلق فإن الهيئة في إطار ما يجري من تطورات وأحداث متلاحقة في شأن الثورة السورية وقضية الأمة في فلسطين ترى أنه واجبٌ على علماء الأمة عامة وعلماء فلسطين خاصة التحرك وإعلان الموقف الشرعي فيما يجري من أحداث جسام.

ففي شأن قضية الأمة في فلسطين فإن الهيئة تنظر بخطورة بالغة إلى ما يقوم به الصهاينة المغتصبون من اعتداءات متكررة ومكثفة على المقدسات الإسلامية في القدس وخاصة المسجد الأقصى المبارك ومحاولاتهم المتكررة اقتحامه والصلاة فيه، بل والأخطر من ذلك محاولة تقنيين تقسيمه بين المسلمين واليهود من خلال ما يُسمى بالكنيست بطريقة مخالفة لكل الأديان والأعراف والقيم والقوانين ، وعليه فإن الهيئة تؤكد على ما يلي :

أولاً: إن القدسَ والأقصى وكلَّ فلسطين – سواءً التي احتُلت عام 1948م أو التي احتلت عام 1967م والأراضي العربيةَ كلَّها أرضٌ إسلاميةٌ لا يجوز لأحدٍ التنازلُ عن ذرة ترابٍ منها مهما كانت صفته و أياً كان موقعه، وقد اتفقت كلمة العلماء قديماً وحديثاً على تحريم التنازل عن أي جزء من أرض المسلمين، فيكيف إذا كانت هذه الأرض هي أرض البركة والقداسة – المسجدُ الأقصى وما حوله (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ).

ثانياً: أن الهيئة تعتبر فكرة تبادل الأراضي التي طالعتنا بها اللجنة الوزارية العربية – والتي جاءت متزامنةً مع الهجمات والاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى- منقوضةً من أصلها لما فيها من التفريط والتنازل، وتدينها بأقوى العبارات وتجزم بِحُرمتها، وتؤكد أن أي شخص أو فئة أو جهة تتنازل عن الحقوق والأراضي المحتلة لا تُمَثل الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.

ثالثاً: تجدد الهيئة في هذا الإطار تأكيدها على أن طريق الجهاد والتضحية هو السبيل إلى تحرير فلسطين وجميع الأراضي المغتصبة وبناءً عليه فإنها تدعو الفصائل الفلسطينية في كل مواقع وجودها وكل أبناء الأمة لأخذ مواقعهم في المقاومة والجهاد في مواجهة العدو الغاصب، وتدعو أبناء شعبنا الفلسطيني المرابط في داخل فلسطين إلى انتفاضة ثالثة في وجه المحتل وفي وجه كل صور التفريط والتنازل قال تعالى :( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) وتدعو الجميعإلى إعلان موقف واضح وحاسم رافضٍ لأي اتفاق أو موقف يفرط بأرض فلسطين المباركة.

رابعاً: تذكر الهيئة بما هو معلوم من أن أرض فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم بل هي للأمة الإسلامية جمعاء وتقع على عاتقهم مسؤولية الحفاظ عليها والدفاع عنها والوقوف في وجه مشاريع التفريط بها والتنازل عنها، وبهذا الصدد فإن الهيئة تُثَمِن دعوة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي للأمة بأخذ دورها ومواقعها وتحمل مسؤولياتها للانطلاق بمشروع الجهاد لتحرير كل فلسطين الذي نرى أنه أضحى وشيكاً بإذن الله تعالى وفي هذا الإطار فإن الهيئة تدعو علماء الأمة إلى تبني مشروع الجهاد والمقاومة بل وقيادته لتحرير كل أرض فلسطين.

خامساً: تُحَيِّي الهيئة تركيا حكومةً وشعباً على مواقفها الداعمة لقضية فلسطين وتُشِيدُ بإصرار السيد رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة على مواجهة الغطرسة الصهيونية وعلى عزمه على زيارة غزة إسهاماً في كسر الحصار الظالم عنها، ونستذكر في هذه الأيام ذكرى سفينة مرمرة التي كانت عنواناً واضحاً للموقف التركي الرسمي والشعبي تجاه قضية فلسطين، وتحيي شهداءها وأسرهم الصابرة المحتسبة.

وأما في الشأن السوري فقد استشرى القتل والإجرام في أرض الشام المباركة ضد الشعب السوري والفلسطينيين المقيمين في سوريا دون أن يحرك العالم ساكناً إلا ما يقع من دعم للقتلة والمجرمين ضد هذا الشعب ، وبناءً عليه فإننا في هيئة علماء فلسطين في الخارج نؤكد على ما يلي:

أولاً: تُحَيّي الهيئة صمود أبناء شعبنا السوري البطل على أرض سورية في وجه آلة القتل والتدمير التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في فظاعتها وبشاعتها حتى فاقت النازية والصهيونية ومحاكم التفتيش والتتار.

ثانياً: إنَّ هيئة علماء فلسطين في الخارج تدين العدوان الذي تتعرض له مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية, وتدين المجازر البشعة التي ارتكبت بحق أبناء فلسطين في سورية بالقدر ذاته الذي تدين فيه المجازر التي يتعرض لها أبناء الشعب السوري المجاهد الصابر، والقتل المغمس بالحقد الطائفي وترى أن ذلك يؤول إلى خدمةِ المشروع الصهيوني الذي يريد تفتيت الأمة وهدم أواصر الصلة فيها، كما وتدين أيضاً ما وقع من تفجيرات في مدينة الريحانية التركية ذهب ضحيتها العشرات من أبناء الشعبين التركي والسوري، قال الله تعالى:﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾

ثالثاً: تؤكد الهيئة أن المقاومة والدفاع عن النفس وعن الكرامة والحرية حق مشروع كالدفاع عن الأرض في مواجهة كل سفاح قاتل أو معتد مغتصب دون اعتبار لدينه ومذهبه وقوميته، قال تعالى:(وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ) فالقتل والإجرام، والعدوان على الأراضي والحرمات يُقاوم بغض النظر عن هوية ممارسه ودينه، ونرى بذلك أن الشعب السوري مقاوم للظلم والعدوان وليس مقاوماً لمشروع المقاومة، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ) – حديث صحيح أخرجه أبو داوود.

رابعاً: تندد الهيئة بمواقف روسيا وإيران وحزب الله في دعم النظام السوري ضد شعبه وما تؤدي إليه هذه المواقف من إقحام الأمة في صراعٍ طائفي محموم وتدعوهم إلى التراجع عن هذا الدعم الآثم، وتطالب المرجعيات الشيعية إلى بإعلان موقف واضح من جرائم النظام السوري والمجازر التي يتعرض لها الشعب السوريون، بل وممارسة الضغط على إيران وحزب الله للتوقف عن قتل السوريين، ونشيد هنا بموقف فضيلة الشيخ صبحي الطفيلي الرافض لأعمال الإجرام في سورية.

خامساً: تدين الهيئة الغطرسة الصهيونية والعدوان الصهيوني السافر على مواقع في الأراضي السورية، وترى أن دافع ذلك خشية هذا الكيان من حرية الشعب السوري الذي تعيش فلسطين والقدس في قلبه.

سادساً: يعاني الفلسطينيون الخارجون من سورية إضافة لما يشاركون فيه إخوانهم السوريين أن كثيراً من البلاد المجاورة التي يؤوون إليها لا تعاملهم معاملة إخوانهم السوريين لذا فإن الهيئة تدعو الدول المجاورة لسورية بل ترجوها ضرورة معاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة اخوانهم السوريين من حيث الدخول دون تأشيرة، ومساواتهم في الطبابة والتعليم، سواء قدموا من سورية مباشرة أم من غيرها من الدول, حيث أنهم سواء مع إخوانهم من أبناء سورية في المعاناة من القتل والتهجير والتدمير الواقع عليهم، قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ🙁 مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيامَة … ) رواه مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ.

سابعاً: تدعو الهيئة المنظمات الدولية ومفوضية اللاجئين للتعامل مع الفلسطينيين الخارجين من سورية على الأساس ذاته.

ثامناً: لا يفوتنا أن نحيي جهود علماء العراق الذين يبذلون كل إمكاناتهم لرفع الضيم ودفع الظلم عن شعب العراق المظلوم ويبذلون كل جهد للحفاظ على وحدة أرض العراق وشعبه، نصر الله شعب العراق وجمع كلمته.

ختاماً: تؤكد الهيئة على واجب دعم صمود الشعب السوري، ومن جهة أخرى نرى أن فلسطين تقترب من الخلاص بإذن الله تعالى، وإن كيان الغصب والعدوان قد بدأ الانحدار وهو إلى زوال، ذلك أن ظلمه وعدوانه قد بلغ الذروة، وأن انطلاقة شعوب الأمة في وجه الظلم والطغيان وتولي زمام المبادرة سيعجل زواله بإذن الله تعالى.

“وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا “

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

7 رجب 1434 هـ

2013/05/17

هيئة علماء فلسطين في الخارج

بيان رسمي