خاص هيئة علماء فلسطين

         

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين؛ وبعد:

ففي هذا اليوم الثلاثاء الحادي والعشرين من شهر صفر من عام 1443هـ الموافق للثّامن والعشرين من شهر أيلول “سبتمبر” من عام 2021م وهو ذكرى دحر السّفاح إرئيل شارون من ساحات المسجد الأقصى المبارك واشتعال انتفاضة الأقصى البطوليّة؛ وفي ظلال عمليّة أسرى نفق سجن جلبوع البطوليّة؛ التقى العشرات من علماء الأمّة من مختلف البلدان والمؤسّسات في العالم الإسلاميّ في “ملتقى العلماء لأجل المسرى والأسرى”، وفي ختام أعمال الملتقى يؤكّد علماء الأمّة المشاركين فيه على الآتي:

أولًا: إنّ المسجد الأقصى المبارك هو أطول الأسرى مكوثًا في القيد والأسر والقهر وهو أولى الأسرى في الأمّة الإسلاميّة بالتحرير، فهو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأولى القبلتين وهو قضيّة كلّ مسلمٍ على وجه الأرض، ولن يقرّ للأمّة الإسلاميّة قرار حتّى ترفرفَ راياتُ النّصر على أسواره ومآذنه وقبابه.

قال تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” الإسراء: 1

ثانيًا: يدين العلماء كلّ أشكال الانتهاكات الصّهيونيّة التي يتعرّض لها المسجد الأقصى المبارك، ويرفضون كلّ المخططات الرّامية إلى تقسيمه زمانيًا ومكانيًا ويدعون إلى مواجهة هذه المخططات مؤكّدين على أنّ المسجد الأقصى المبارك بكلّ أجزائه وجدرانه وما كان منه فوق الأرض وما هو تحت الأرض حقّ إسلاميّ خالص ليس لغير المسلمين حقّ في ذرّة منه على مرّ الزّمان إلى قيام السّاعة.

ثالثًا: يحيّي العلماء المرابطات والمرابطين في باحات الأقصى المبارك؛ رأس الحربة في الدّفاع عنه ويطالبون الأمّة الإسلاميّة قاطبةً بمدّ يد الدّعم والبذل لهؤلاء المرابطين، وإنّ أيّ خذلانٍ لهذه الثّلة من الأبطال هو خذلان للأقصى المبارك ومقدّسات الأمّة الإسلاميّة.

قال تعالى: “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” التوبة: 41

رابعًا: يدعو العلماء منظمة التعاون الإسلاميّ التي كان إنشاؤها وتأسيسها لأجل نصرة الأقصى المبارك إثرَ إحراقه من الصهاينة عام 1969م إلى أن تعيد المسجد الأقصى المبارك ليكون على رأس أولوياتها، وأن يكون حاضرًا في أجندة لقاءاتها واجتماعاتها وتحرّكاتها، ويذكّرُ العلماء قادة الأمّة الإسلاميّة وحكّامها أنّ الله تعالى سيسألهم عن مسرى نبيّه نصروه أم خذلوه، وحفظوه أم ضيّعوه؛ فهل أعدّوا للسؤال جوابًا؟

قال تعالى: “إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ” الغاشية: 25 ــ 26

خامسًا: يحيّي العلماء الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الصّهيونيّ كافّة، ويخصّون بالتحيّة الأسرى الستّة الذين حرّروا أنفسهم بعمليّة النفق البطوليّة من سجن جلبوع، ويؤكّدون أنّ هذه العمليّة البطوليّة قد حقّقت نصرًا حقيقيًّا على العدوّ الصّهيونيّ المتغطرس على الرّغم من إعادة اعتقال الأسرى الأبطال؛ فقد حقّقت النكاية بهذا العدوّ ومرّغت استكباره في وحل المهانة وبيّنت هشاشة منظومته الأمنيّة والعسكريّة أمام إرادة الأبطال؛ فألف تحيّة للرّابضين كالأسود خلف قيود العدوّ الجبان.

قال تعالى: “مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” التوبة: 120

سادسًا: يدين العلماء بأشد العبارات الاعتداءات الصّهيونيّة على الأسرى الأبطال والإجراءات العقابيّة المتخذة ضدّهم لا سيما عقب عمليّة نفق جلبوع البطوليّة، ويؤكّدون أنّ هذه الإجراءات لن تنال من عزيمة الأسرى الأبطال لكنّها تحمّل الأمّة مسؤوليّة التحرّك لإيقاف الإجرام الصّهيونيّ بحقّ أسيراتنا وأسرانا الأبطال.

سابعًا: يؤكّد العلماء على وجوب تحرير الأسرى الأبطال بكلّ الوسائل المشروعة المتاحة، وأنّ تحريرهم يمثّل أولويّة من أولويات المسلمين على الدوام، وفي هذا الصّدد يوجّه العلماء التحيّة إلى فصائل المقاومة التي تعمل على تحرير الأسرى بلا كلل ولا ملل وتحتفظ بالأسرى الصّهاينة لأجل مبادلتهم بالأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الصّهيونيّ.

ثامنًا: يدعو العلماء الأمّة الإسلاميّة إلى تفعيل قضيّة الأسرى في المحافل المختلفة السياسيّة والإعلاميّة والفكريّة وإبراز قضيّتهم وحشد الرّأي العام وإطلاق حملات التضامن معهم، فهذا من ضروب الجهاد المبرور

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ” أخرجه البخاري

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين