خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:” لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” النساء:114

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد تابع الموقعون على البيان من علماء الأمة الاسلامية باستهجان واستغرابٍ كبيرين خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي تضمن توجيه اتهاماتٍ متعجّلة وتحميل مسؤولية التفجير الإجرامي الذي استهدف موكب رئيس الوزراء لفصيلٍ بعينه قبل انتهاء التحقيقات، لا سيما وقد تمّ إلقاء القبض على منفذي التفجير وغدت التحقيقات في طورها الأخير، وأعلن فيه بناء على ذلك الاتهام اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية المالية والسياسية وغيرها بحق قطاع غزة المحاصر وأهله المرابطين الصامدين في وجه الكيان الصهيوني وحلفائه، وانطوى على لغةٍ مستفزّة في الأسلوب والعبارات والمضمون.

وإنَّ الموقعين على البيان من علماء الأمة الإسلامية مؤسساتٍ وأفراداً يؤكدون في تعليقهم على ما ورد في الخطاب بالآتي:

أولاً: يعلنُ العلماءُ رفضهم لأيّة إجراءات عقابيّةٍ يعتزمُ رئيس السّلطة محمود عباس إيقاعها على قطاع غزة المحاصر، ويطالبونه بالتراجع الفوري عنها، ويحذّرونه من الإصرار عليها لما في ذلك من إيذاءٍ للمسلمينَ والمجاهدين المرابطين، وما تتضمّن من معانيَ مساندة الكيان الصهيونيّ والانسجام مع مشروع الرئيس الأمريكي في صفقة القرن الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية الإجراءات، قال تعالى في بيان حال من يحبّون إيقاع الشرّ بالمؤمنين: ” إن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ * قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ” التوبة: 50-52

وإذ يعبّرُ العلماء عن بالغ استغرابهم من هذه القرارات فإنَّهم يفترضون برئيس السلطة أن يكون أوّل الساعين إلى رفع الحصار عن أبناء الشعب الفلسطيني الذين يفترض به أن يكون صوتهم الهادر وحامل همهم ومسؤولياتهم.

ثانياً: يؤكد العلماء على رفضهم الاتهامات المرسلة التي وجهها رئيس السلطة إلى حركة حماس وتحميلها مسؤولية التفجير الذي استهدف موكب رئيس الوزراء دون أي دليلٍ وقبل الانتهاء من التحقيقات التي تجريها الجهات ذات الاختصاص، ويتابعون بتقديرٍ بالغ ما بذلته السلطات في غزة ومعها حركة حماس من جهودٍ أسفرت عن إلقاء القبض على منفذي التفجير، كما يؤكّدونَ بأنَّ هذه الاتهامات لن تسفر إلا عن مزيدٍ من تسميم الأجواء الدّاخليّة الفلسطينيّة وتعميق الهوّة بين مكوّنات الشعب الفلسطيني، ويرى العلماء أنَّ المرتجى في رئيس السلطة أن يكون صمام الأمان المانع من التشرذم والعامل المؤثّرَ في جمع الكلمة وتوحيد الصفّ، ويطالبون الجميعَ بالتوقف عن توجيه الاتهامات المتبادلة وانتظار نتائج التحقيق التي غدت في طورها الأخير، والايعاز إلى المسؤولين ووسائل الاعلام في السلطة الفلسطينية وفي الفصائل كلّها إلى التوقف عن التحريض الإعلاميّ الذي لا يعود إلا بالضرر على واقع القضيّة الفلسطينيّة برمّتها؛ قال تعالى: ” وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” الأحزاب:33

ثالثاً: يؤكد العلماء على أنَّ ما تضمنه خطاب رئيس السلطة من قراراتٍ وإجراءاتٍ واتهاماتٍ لا تصبّ إلَّا في خدمة صفقة القرن التي يعتزم الرئيس الأمريكي من خلالها تصفية القضية الفلسطينية، ويبيّنون بأنَّ واجب مواجهة مشروع الرئيس الأمريكي يكون عن طريق تمتين الجبهة الداخلية ونبذ الخلافات وتحييد الصراعات الجانبية ويجددون دعوتهم إلى تفعيل اتفاق المصالحة الوطنية الذي ينهي الانقسام الفلسطيني من أجل الوقوف جبهةً واحدةً في وجه المؤامرة التي تستهدف الجميع في فلسطين وتستهدف القضية الفلسطينية بل الأمة في كيانها ووجودها.

رابعاً: تفاجأ العلماء من السّباب والشّتائم والكلام غير اللائق الذي تضمنّه الخطاب بحق فصائل مجاهدة من أبناء الشّعب الفلسطيني، ويؤكدون بأنَّ هذا الاسلوب في الخطاب لا يليق بمن يمثل شعباً من أعظم الشعوب الاسلامية جهاداً وربطاً وثباتاً ينافخ عن قضية الأمة ومسراها ومسجدها الأقصى، وأنَّ الواجب هو القول الحسن الذي تطيب به النفوس ويزيل غشاوة الفرقة؛ قال تعالى: ” وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا ” 53/ الاسراء.

خامساً: يدعو العلماء فصائل المقاومة في الشعب الفلسطيني اتخاذ مواقف عمليّة عاجلة ليراجع رئيس السلطة موقفه ويتراجع عن قراراته ويؤكدون أن هذا من أهم صور التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” 2/المائدة.

سادساً: يدعو العلماء الموقعون على البيان علماء الأمة ودعاتها إلى تحمل مسؤولياتهم في التدخل لرأب الصّدع في الواقع الفلسطيني، وانهاء الانقسام، وبيان الواجب على جميع الأطراف، وتبيين خطورة ما تنطوي عليه الإجراءات العقابيّة بحقّ غزّة وأهلها، والحكم الشرعيّ في كلّ ذلك، قال تعالى: ” وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ” 137/آل عمران

سابعاً: يدعو العلماء أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف توجهاته وانتماءاته وتياراته في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللجوء في البلدان المختلفة إلى الخروج إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم للانقسام الفلسطيني، والإجراءات العقابيّة بحقّ غزّة وأهلها، ومطالبة الجميع بوحدة الصفّ في مواجهة مشروع الرئيس الأمريكيّ والعدوان الصهيوني والحصار المفروض على قطاع غزّة،

ثامناً: يطالب العلماءُ الحكّامَ الصادقين في الأمّة الإسلاميّة، وجميع قواها الحيّة إلى التدخّل من أجل الإصلاح بين مكوّنات الشّعب الفلسطينيّ، وتفعيل اتفاق المصالحة، والتدخّل العاجل لإيقاف تنفيذ الإجراءات التي أعلن عنها رئيس السلطة في خطابه، ورفع الحصار عن قطاع غزة، ومجابهة مشروع الرئيس الأمريكي، كما يطالبون شعوب الأمة الاسلامية إلى التحرّك من أجل ذلك كلّه من خلال الانشطة المختلفة من مظاهرات واعتصامات وحملات الكترونية وبرامج اعلامية وغير ذلك من الوسائل، قال تعالى:” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” التوبة: 71

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:” الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ”

الموقعون على البيان :
– جمعية اتحاد علماء الهند
– الهيئة الدائمة لنصرة اﻻقصى وفلسطين في لبنان 
– هيئة العلماء المسلمين في العراق
– هيئة علماء فلسطين في الخارج –
 – رابطة أئمة وخطباء ودعاة العراق
-المؤسسة الدولية للدعوة والعلوم الإسلامية في اندونيسيا 
– رابطة المدارس والمعاهد الإسلامية في اندونيسيا

‏5/رجب/1439هـ 
‏22/3/2018م