قال تعالى: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” الحج: 39

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فقد تابعت هيئة علماء فلسطين ومعها شعبنا الفلسطيني وأمتنا في كل مكان لحظة بلحظة قصة الفداء والدم الذي يعبق في نابلس جبل النار  ورام الله الصمود وجنين القسام تشكو إلى الله ظلم العدو  وتقاعس القريب وتآمر البعيد حيث خاض شبابنا معركة البطولة والفخر  والعز  فارتقى ستة من أقمار فلسطين الشهداء الأبرار  فالتحفت جثامينهم الطاهرة تراب فلسطين الغالي ، وانسابت  دماؤهم كالجداول ، حيث اعلنها شعبنا المرابط في فلسطين بشكل عام ونابلس وجنين وشعفاط بشكل خاص صريحة مدوية ، فلتبقَ الرماح مشرعة ، والسيوف بارقة ، والدماء مهراقة حتى ينتصر حق شعبنا في التحرر والانعتاق من هذا المحتل الغاشم ، وتعود الأرض حرة ، والقدس عزيزة ، والأقصى طاهراً من دنس الاحتلال، فها نحن نرى كيف استَحَرَّ القتل بعشاق الجنان والفراديس العلا ، ومضت القافلة تضم إليها كل يوم فرساناً على صهوات خيولهم مرابطين.

يا أبناء شعبنا العظيم :

إننا ونحن نتابع هذه البطولة في التصدي للإجرام الصهيوني الذي لم يعد يردعه إلا أن نقاومه بكل ما نملك من أدوات ووسائل حتى نثخن فيه حيث يقول الله تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ﴾  التوبة 14

فإننا نعلم أن رفع اللواء من قبل كل واحد منا ليس منة يمنها على أحد بل هو واجب يتشرف به حامله ، فلقد رفع شباب نابلس وجنين ورام الله وكل فلسطين اللواء …. وسقط من حوله شهداء أبرار .. اللواء الذي لا ينحني أبد الآبدين… اللواء الخالد لواء الحق المبين .

شعبنا المرابط :

إننا في هيئة علماء فلسطين ونحن نعيش هذه المعركة البطولية نرسل بتحية العز والفخار إلى أهالي الشهداء الأبطال الستة الذين خاضوا هذه المعركة البطولية، وندعو الله ان يربط على قلوبهم، وأن يتقبل شهداءهم في عليين، قال تعالى:  (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) (الآية 69)، سورة النساء،  وكذا ندعو للجرحى الأبطال بالشفاء العاجل بإذن الله تعالى .

كما إننا ندعو إلى ما يلي:

أولاً : ندعو ابناء شعبنا في كل المدن والقرى والمخيمات أن يهبوا هبة رجل واحد يقاومون هذا المحتل ويثخنون فيه ويدافعون عن المقاومين بكل ما يملكون ويحتضنونهم ويؤونهم ويفدونهم بالغالي والنفيس دفاعاً عن أبطال العرين وكتائب العز  في جنين وكل المقاومين الأبطال في كل أنحاء فلسطين .

ثانياً: نبرق بالتحية إلى الكرام الأنقياء  الأحرار من أبناء الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة الذين انحازوا إلى شعبهم ومقاومته الباسلة ووجهوا أسلحتهم إلى حيث ينبغي إلى العدو الصّهيوني وقواته، وندعو من بقي من أبناء الأجهزة الفلسطينية الأمنية أن يعودوا إلى حضن شعبهم, وأن يستخدموا ما معهم من أسلحة للدفاع عن أبناء الشعب وعن المقاومين  وألا يجبنوا في هذه المعركة البطولية حتى يُكتب لهم الشرف والعز ، وأن يمزقوا هذه الاتفاقيات المذلة والتي لم يلتزم الاحتلال منها بشيء بل جعلت من أبناء هذه الأجهزة شهود زور على قتل أبناء شعبهم ومقاوميه .

ثالثاً : ندعو أبناء أمتنا جميعاً وبخاصة النخب والعلماء منهم على وجه الخصوص إلى أن يبقوا على العهد في نصرة فلسطين وقضيتها،  وأن تكون قصص الشهداء وبطولاتهم حاضرة في ملتقياتهم وخطبهم وندواتهم ومقابلاتهم حتى تبقى هذه المقاومة البطولية حية في نفوس شباب الأمة حتّى يأذن الله تعالى بالنصر والتحرير واندحار العدوّ ، قال تعالى: “وَلَٰكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الأنفال 42، وقال تعالى: “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج: 40

رابعاً : ندعو السلطة الفلسطينية إلى أن تنحاز إلى شعبها، وان تعلن الانسحاب من كافة الاتفاقيات المذلة والتي تجعل منها سلطة وظيفية عند الاحتلال يستخدمها ضد أبناء شعبها، وأن توقف العمالة الأمنية لهذا الاحتلال وأجهزته والمسماة زوراً وبهتاناً  ” التنسيق الأمني ” ، وأن تعود إلى جذورها المقاومة قبل أن تُلفظ من شعبها ، فعند ذلك لا ينفع الندم قال الله تعالى: (كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلَاتَ حِينَ مَنَاص) ص آية 3

خامساً : نبرق بالتحية تحية الإجلال والإكبار إلى أهالي الشهداء الأبطال أمهاتهم وآبائهم وذويهم الذين ضربوا أروع الأمثلة في الصبر والاحتساب وفي التضحية والفداء وقد أعطوا الدرس للأمة كلها أن أبناءنا وفلذات أكبادنا فداء للقدس والأقصى والأرض المباركة؛ فالمسجد الأقصى أغلى والقدس أغلى وفلسطين تستحق أن نبذل لأجلها الأبناء والأرواح.

وأخيراً : فإننا  نقول لهؤلاء الفتية الذين  يقدمون لدين الله دماءهم  رخيصةً إعلاء لكلمة الله تعالى، والذين مضوا في الدنيا وهم يحملون هموم أمة وأمل شعب مشرد … اللهم إنَّ  أجرهم قد وقع عليك وحدك يا من خلقت الأرض والسماء   …. لقد وعدتهم فأسرعوا إلى عهدك ومن أوفى بالعهد منك …

 فلله دركم أيها الشهداء أنتم وحدكم كتبتم تاريخنا وعزتنا بالدماء .. ورسمتم لنا طريق الحرية الحمراء بالمهج والأرواح … ولكن الذي يعزينا أننا نترسم خطاكم وننقش في أذهان الأجيال القادمة قصصكم ….. قصص البطولة والتضحية والفداء .

والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون

هيئة علماء فلسطين

29/ربيع الأول/1444 

25/أكتوبر/2022