خاص هيئة علماء فلسطين

         

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ ‏أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ‏لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن ‏يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” الحج: 39_40‏

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن ‏‏تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين؛ وبعد:‏

وأخيرًا أعلن رئيس الإدارة الامريكيّة عن مؤامرته الكبرى المسماة صفقة القرن، وكم كان ‏المؤتمر الذي أعلن فيه مع نتنياهو عن هذه المؤامرة الكبرى مشحونًا بمعاني ‏الإفساد في ‏الأرض والعلوّ الكبير والإهانة للأمة جمعاء.

إنَّ إعلان رئيس الإدارة الأمريكيّة عن المؤامرة ‏الكبرى على فلسطين والأمّة الإسلاميّة ‏المسماة “صفقة القرن”، هذه المؤامرة التي ‏تهدف إلى تصفية قضيّة فلسطين وإعادة ‏تشكيل المنطقة بما ينسجم مع مصالح ‏العدوّ الصّهيونيّ وهيمنته؛ فرضت على هذه الثلة ‏من مؤسسات العلماء الاجتماع العاجل لبيان موقفها وواجب الأمة تجاه هذا المنعطف ‏الخطير الذي نمر به جميعًا.

وإنّنا _الموقعين على هذا البيان من علماء الأمة ودعاتهم_ أمام هذه المؤامرة الخطيرة نؤكّد ‏على الآتي:‏

أولًا: يؤكّدُ العلماء بأنّ هذه المؤامرة المسمّاة صفقة القرن حلقةٌ من الحرب المعلنة على ‏الأمة منذ أكثر ‏من مئة عام، ‏فهي حرب صريحة على الإسلام والمسلمين الذين ‏وصمهم ترامب بالإرهاب في افتتاح كلمته، فمن حقّ ترامب ونتنياهو استحضار المعاني ‏الدينيّة من التوراة والإنجيل كما فعلا في مؤتمر المؤامرة، ولكنّ المسلمين إن استحضروا ‏كتاب ربهم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وصموا بالإرهاب وكان ‏الإرهاب إسلاميّا!!‏

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا ‏عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن ‏كُنتُمْ تَعْقِلُونَ” آل عمران:118‏

ثانيًا: يؤكّدُ العلماء على أنَّ قضيّة فلسطين والقدس ليست قضية ‏الفلسطينيين وحدهم، ‏بل هي ميراث محمّد صلى الله عليه وسلّم للأمّة جمعاء، ‏وهذه المؤامرة تستهدف الأمّة ‏جمعاء، وهي عدوان على كلّ المسلمين في العالم، بل ‏على كلّ الأحرار الواقفين مع ‏العدل في مواجهة الظلم والعدوان، وهذا يحمّل ‏الأمة كلها المسؤوليّة الشرعيّة لإسقاط ‏هذه المؤامرة.‏ قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ‏اثَّاقَلْتُمْ ‏إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ ‏إِلَّا ‏قَلِيلٌ” التوبة: 38‏

ثالثًا: يثمن العلماء الدعوات التي صدرت عن السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة، والتي تدعو إلى لقاءات جامعة لكل القوى الفلسطينية ونبذ الخلافات وتجاوز الانقسام، ويؤكد العلماء على ضرورة الاستجابة لها، كما ويطالبُ العلماء السّلطةَ الفلسطينية والسيد الرئيس محمود عباس ‏‏بالالتحام الفوريّ مع الشّعب وجميع الفصائل في خندق المقاومة لمواجهة هذه ‏الصفقة ‏المؤامرة، والإيقاف الفعليّ لأيّ نوع من أنواع التواصل مع الكيان ‏الصّهيونيّ والإدارة ‏الأمريكيّة، وإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية؛ فهي رأس الحربة ‏في إفشال هذه المؤامرة الخطيرة، وهذا ينسجم مع خطاب الرّئيس محمود عبّاس عقب ‏إعلان الصّفقة. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم ‏بِالْمَوَدَّةِ ‏وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ‏رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ ‏خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ ‏وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ ‏وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ”. ‏الممتحنة: 1‏

رابعًا: يعلن العلماء بكلّ وضوح بأنَّ أيّ شخصٍ أو كيانٍ أو نظام سياسيّ يوافق ‏على ‏صفقة القرن فإنّه خائن لله ورسوله وعامّة المسلمين، ومفرّط بمقدّسات ‏المسلمين، وعلى ‏شعوب الأمّة أن تفضحه وتعرّيه، ويؤكّدون على أنَّ حضور سفراء بعض الدول ‏الإسلاميّة للمؤتمر ومباركته خيانةٌ عظمى لله ورسوله ومسرى النبي صلى الله عليه ‏وسلّم؛ تحتاج إلى تراجع من كل مقترف لهذه الجريمة. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ ‏‏بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى ‏الَّذِينَ فِي ‏قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ ‏أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ‏أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ” ‏المائدة: 51_52‏

خامسًا: يدعو العلماء أبناء شعبنا الفلسطيني لا سيما في القدس والضفة الغربيّة ‏إلى ‏النفير العام والنزول في مظاهرات حاشدة رفضًا لهذه المؤامرة والاعتصام في ‏باحات ‏المسجد الأقصى المبارك.‏ وأن ينطلقوا بكل صور جهادهم ومقاومتهم، وإن الأمة وعلماؤها معكم في جهادكم، والله تعالى معكم ولن يتركم أعمالكم.

سادسًا: يدعو العلماء مؤسّسات علماء الأمّة إلى الاجتماع العاجل من أجل ‏البحث ‏في آليّات عمليّة لمواجهة هذه المؤامرة، وتدعو العلماء على مستوى ‏الأفراد والمؤسسات ‏إلى التحرّك بكلّ طاقتهم على مستوى الشّعوب والمؤسسات ‏الرسمية دون خوف ولا ‏وجل؛ فإنّ القدس والأقصى أغلى من الأرواح.  وتدعوهم إلى تقدم الصفوف وتحريك جماهير الأمة لمواجهة هذا العدوان. قال تعالى: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ‏وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ ‏بِاللَّهِ حَسِيبًا” الأحزاب:39‏

سابعًا: يعلنُ العلماء أن يوم الجمعة القادم هو جمعة الغضب، ويدعون الخطباء في ‏‏عموم العالم الإسلاميّ إلى أن تهتزّ منابرهم غضبًا لأجل القدس والأقصى ‏وفلسطين ‏وفضحًا لهذه المؤامرة الكبيرة التي تستهدف الأمة في وجودها.‏

ثامنًا: يدعو العلماء شعوب أمتنا الإسلاميّة للنزول إلى الساحات والميادين في ‏جمعة ‏الغضب غضبًا للقدس والأقصى، ورفضًا لهذه المؤامرة، والاعتصام أمام ‏السفارات ‏الأمريكيّة في العواصم التي يتاح فيها ذلك.‏ قال تعالى: “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا ‏بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ ‏خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” التوبة:41‏

تاسعًا: يؤكّد العلماء على أنَّ الدّعوات إلى نزع سلاح المقاومة هي دعوات عدوانيّة ‏تجب مواجهتها والوقوف في وجهها، وعلى الأمة أن تحافظ على هذا السلاح ‏الذي هو رمز عزّتها وكرامتها والنكاية بالعدو الصّهيوني، ويؤكّد العلماء حرمة التعاطي ‏مع هذا المطلب بالاستجابة أو التأييد. قال تعالى: ” وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً ‏وَاحِدَةً ” النساء: 102‏

ستفشل هذه الصفقة المؤامرة، وسيسقط مشروع ترامب، وسترفرف رايات النصر المبين ‏فوق قرى فلسطين وعلى قباب المسجد الأقصى بإذن الله تعالى ثم بسواعد المجاهدين ‏وشعوب أمتنا الإسلامية جمعاء، وما ذلك على الله بعزيز.‏

الأربعاء 29/1/2020م ‏ الساعة الخامسة مساء، المكان: فندق ريتاج/ إسطنبول